لذلك امتنع معظم الضباط في جيش هتلر عن الاعتراف بجرائمهم، بحجة أنهم كانوا يتلقون أوامراً من القيادة وينفذونها.. ألم يحررهم انخراطهم في الحركة النازية من مسئولياتهم الشخصية؟!
وهذا عين ما يفعله البعض، عندما ينضمون إلى جماعات تنخرط في النصوص الدينية، وتذوب في حشد من الآيات التي تجابه الآخر وتستقصيه، فتحررهم هذه النصوص إلى حد ما من حريتهم الشخصية، وبالتالي من مسئولياتهم الشخصية، ويخفف ذلك من حدة إحساسهم بالذنب حيال تصرفاتهم!
أنظروا لذلك الثائر الذي يهتف"الله أكبر"، قبل أن يذبح، أو يحرق، أو يدمر، وكأنه ينفذ أمراً إلهياً يعفيه من أي تبعات إن لم يكن يمنحه تطويباته، وثوابياته!
وأنظروا إلى بعض القضاة، الذين يبرّأون المذنب ويذنّبون البرئ، ويضيعون الحق على ولي الدم؛ لأنه يؤمن بأن الشرع يصطف معه ضد كل من هو يدين بغير معتقده!
وأنظروا إلى بعض المتظاهرين، الذين حملوا أعلام إحدى الدول العربية، وكأنهم يريدون التحرر من وطنيتهم، والتزاماتهم الاخلاقية من نحوها!
،...،...،...
ولكن هل يمكننا تصور أن مثل هؤلاء لا يشعرون برعشة قلوبهم لمعاناة غيرهم؟!..
وهل يمكننا تصور أن مثل هؤلاء لا يعرفون أن هناك نصوصاً اخرجت عن جهل، أو عن عمد من سياقها التاريخي والموقفي، وأخرى تأمرهم بعكس ما يفعلون، ولماذا ينتقون النصوص الخشنة، مادامت هناك نصوص أخرى تفيض بالود تجاه الآخر؟!
وهل يمكننا تصور أن مثل هؤلاء لم يسألوا أنفسهم: هل يمكن أن تكون النصوص الإلهية أقل سمواً من المشاعر الإنسانية، التي تدين التعصب والكراهية والتمييز والتدمير؟!
،...،...،...
ان كل المهدئات والمسكنات لا يمكن أن تزيل تماماً آلاماً طبيعية في الكيان الإنساني، كما أن خداع النفس لا يمكن أن يمحو حقيقة أنه لا أحد يمكن أن يتحرر تماماً من حريته!...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق