ضحايا الصلاة/ عـادل عطيـة

اقرأ معي بعض من العناوين الصادمة..
"صيدلاني، يرفض صرف دواء عاجل لطفل في حال خطرة؛ حتى لا تفوته الصلاة"!
"ممرض مسئول، يمتنع عن انقاذ حياة عجوز، ويتركها تنزف بحجة أنه كان يصلي"!
ان أبكتك هذه العناوين، أطلقوا عليك القول القمري ـ أي المضيء من الخارج، والمظلم في الحقيقة ـ: "ان أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم: الصلاة."!
لا أعرف كيف يذهب هؤلاء إلى حيث مكان الصلاة، ويبكون من سيرة عذاب النار، بينما يتركون غيرهم يعانون من نار عذاب المرض، وكأن كلمة رحمة لا تزال اجنبية عن لغتهم!
لا أعرف كيف يقول أحدهم للأب المكلوم على ابنه الذي يحتضر: "اني أشفق عليك من كل قلبي، وأعطف على ألمك الذي أنت فيه"، دون أن يمنحه دقائق قليلة ؛ ليعطيه الدواء!
لنصغٍ لكلمات "بورشيا" في مطلع دفاعها المجيد، في رواية "تاجر البندقية" لشكسبير؛ لنخجل من إيماننا الصارم الجاف، العنيف:
"ان عاطفة الرحمة دافقة لا يمكن أن تقيد، فهي تنزل كندى السماء المنعش الهادي؛ لتروي ما تحتها من وهاد، حاملة بركة مزدوجة: فهي تبارك المعطي، وتبارك الآخذ على السواء. فهي عزيزة مقتدرة في الاعزاء المقتدرين، وترفع رأس الملك المتوج إلى ما فوق مستوى تاجه الرفيع. ان لها قوة فوق قوة الصولجان؛ لأنها تتربع فوق عروش قلوب الملوك؛ لأنها صفة أختص بها الله".
،...،...،...
نحن لا ندعوك إلى ترك الصلاة، ولكن ندعوك إلى ممارسة الرحمة، التي هي من اسماء الله الحسنى، مؤمنين بأن الله لا يتركنا بعد فوات مواقيت الصلاة، ويذهب عنا بعيداً، بل هو حاضر في كل مكان، وفي كل وقت: يسمع، ويصغي، ويستجيب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق