المطران بو جودة يترأس رتبة دفن المسيح


الغربة ـ فريد بو فرنسيس
ترأس راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، رتبة دفن المسيح، في كنيسة مار مارون في مدينة طرابلس، عاونه خادم الرعية المونسنيور نبيه معوض، الخوري جوزيف نفاع، والخوري جوزيف فرح، بحضور حشد من المؤمنين.
والقى المطران بو جوده عظة قال فيها :"نتوافد إلى الكنيسة اليوم بأعداد كبيرة لنشارك في رتبة السجدة، رتبة دفن المسيح، وكأنّنا جئنا لنقوم بواجب التعزية ثمّ نعود إلى بيوتنا لنمارس من جديد حياتنا العاديّة دون أن نتوقّف بما فيه الكفاية عند أهميّة الحدث الذي شاركنا فيه. فالمسيح قد دفن في قبر جديد لم يوضع فيه أحد بعد، ودحرج حجر كبير على باب القبر، وكانت هذه بحسب التقليد الكنسي المرحلة الرابعة عشرة من مراحل درب الصليب. موقفنا في هذا الظرف هو غالباً مجرّد موقف بشري، نشارك مريم في حزنها ونندب إبنها نبكيه معها ثمّ نعود إلى روتينيّة حياتنا اليوميّة. الكثيرون منّا لا يأتون إلى الكنيسة إلاّ في مثل هذا اليوم من كل سنة لأنّهم لم يفهموا بعد أنّ المرحلة الرابعة عشرة ليست المرحلة الأخيرة بل هناك المرحلة الأهم وهي مرحلة القيامة وإنتصار المسيح على الموت، عربوناً عن إنتصارنا نحن أيضاً معه".
اضاف بو جوده :"يوم الجمعة العظيمة، أيها الأحباء، هو يوم المحبّة لا بل إنّه عيد المحبّة. فالمسيح الذي رفع على الصليب هو إبن الله الذي جاء ليُخلّص الإنسان من العبوديّة الأساسيّة وهي عبوديّة الخطيئة ويعيده إلى الفردوس. ذلك أنّ الإنسان، الذي خلقه الله على صورته ومثاله ونفخ فيه روحه قد تمرّد على الله وإستسلم لإرادة الشيطان معتقداً أنّه بذلك يصبح إلهاً لنفسه ويصبح بإمكانه أن يحقّق ذاته بدون الله وضدّه. لكنّ الذي حدث كان العكس تماماً إذ إنّه لم يلبث أن إكتشف عُريه ومحدوديّته وأن يسمع صوت الرب يذكّره بأنّه من التراب أُخذ وإلى التراب يعود. يسوع المسيح، كما قال عنه بولس الرسول في رسالته إلى أهل فيليبي:" هو في صورة الله، لكنّه ما إعتبر مساواته لله غنيمة له، بل أخلى ذاته وإتّخذ صورة العبد، فصار شبيهاً بالبشر وظهر في صورة إنسان. فتواضع حتى الموت، والموت على الصليب".
وتابع بو جوده يقول :"فعل التجسّد كما فعل الفداء هما في الواقع فعل محبة من الله الآب ومن الإبن يسوع المسيح. فإنّ الله هكذا أحبّ العالم حتى أنّه بذل إبنه الوحيد في سبيل فداء العالم، فلا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبديّة، والله أرسل إبنه إلى العالم لا ليدين العالم، بل ليُخلّص به العالم. أمّا الإبن فقد عبّر عن هذه المحبة التي أحبّ بها العالم عندما قال: ما من حبّ أعظم من هذا، أن يضحّي الإنسان بنفسه في سبيل أحبّائه. بفعل المحبة هذا، وبموته على الصليب، غيّر المسيح معنى الموت فحوّله من سبب لليأس والإحباط والخوف، إلى سبب للرجاء لأنّه هو بنفسه لم يبقَ فريسة الموت، بل إنتصر على الموت بالحياة فكان إنتصاره إنتصاراً لكل إنسان. وقد أعطى عن ذلك مثل حبّة الحنطة التي قال عنها إنّها إن لم تقع في الأرض وتمت تبقَ واحدة، أمّا إذا ماتت فإنّها تعطي حبّات كثيرة".
وختم بو جوده عظته:" في موت المسيح وقيامته أمثولة لنا، أيها الأحباء، في هذه الأيام الصعبة التي نعيشها في هذه البلاد منذ سنوات طويلة والتي تعيشها بلدان كثيرة في محيطنا العربي والشرق أوسطي والكثير من بلدان العالم التي وضعت رجاءها على أمور الأرض، فتسلّم الحكم فيها أشخاص لا يسعون إلاّ لمصالحهم الشخصيّة فإستغلّوا الآخرين وإستأثروا بالسلطة وبخيرات الأرض جاعلين من أنفسهم المرجع الوحيد تاركين الله جانباً ومستسلمين لقوّة الشّر على مثال أبوينا الأوّلين آدم وحواء. فإنّهم بتصرّفهم هذا يتشبّهون بقايين الذي قتل أخاه هابيل لأنّ ذبيحة هذا الأخير قد قُبلَت بينما رُفِضَت ذبيحته وتقدمته لأنّها لم تكن فعل محبة بل فعل أنانيّة وحب للذات. لنحاول أن نبني حياتنا على المحبة، فلا نكتفي بوضع يسوع في القبر وندحرج الحجر الكبير، ولا نتوقّف عند المرحلة الرابعة عشرة من درب الصليب، بل نتخطّاها إلى المرحلة الأخيرة مرحلة القيامة، وهي الأساس ونعلن مع بولس الرسول: أين شوكتك يا موت وأين سلطانك يا جحيم. فالحمد لله الذي يمنحنا النصر بربنا يسوع المسيح، ونبقى راسخين ثابتين، مجتهدين في عمل البر كل حين، عالمين أنّ جهدنا في الرب لا يضيع".
في الختام اقيم زياح في الباحة الخارجية للكنيسة، وطاف المشاركون على الطريق العام في شارع المطران، وشارع عزمي، وصولا الى كنيسة مار مارون، وسط تراتيل دينية للمناسبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق