يَجوزُ للحَاكِم تأجيل الحج لمَنعِ الضرر/ الشيخ د مصطفى راشد

وصلنا على موقعنا الإلكترونى عبر الإنترنت سؤال من السيدة \ إيمان احمد  ----  تقول فيه :  هل يجوز للحاكم  أن يأمر بوقف الحج لأى سبب من الأسباب  ؟   ------
نشكر ابنتنا  صاحبة السؤال وللإجابة علية نقول :-
بداية بتوفيقً من الله وإرشاده وسعيا للحق ورضوانه وطلباً للدعم من رسله وأحبائه ، نصلى ونسلم على كليم الله موسى عليه السلام ، وكل المحبة لكلمة الله المسيح له المجد فى الأعالى ، وكل السلام والتسليم على نبى الإسلام محمد ابن عبد الله --، ايضا نصلى ونسلم على سائر أنبياء الله لانفرق بين أحدً منهم ------------------------------ اما بعد  
فللحاكم تأجيل الحج لعام أو لأعوام آخرى ، لسببين شرعاً :-  هما وجود فقر وإحتياج  شديد لأهل البلد لمال الحج  -- والثانى الخوف من هلاك النفس  ---  إستنادا إلى قوله تعالى فى الآية 177 من سورة البقرة (وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ) وفى الآية 195 من سورة البقرة  (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) ومن نفس السورة الآية 215 قوله تعالى  (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ )  ومن نفس السورة الآية 286 قوله تعالى  (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا  ) ص ق ----  وقول الرسول  ( ع ) ( لا ضرر ولا ضرار ) وقوله ايضا( إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه ").رواه البخاري ( 1867 ) أما بالنسبة للسبب الأول 
فعندما شَرَع الله الحج كان الهدف الرئيسى تجميع المسلمين لذكر الله وقضاء مصالح لهم ، ولم يُلزم الشارع الإلهى غير الغنى المقتدر بالحج ، لأن قصد الشارع الإلهى الرئيسى هو العدالة والكفالة الإجتماعية ، لذا قدم الشارع الإلهى فرض الزكاة على فرض الحج لأن هدف الشارع هو صالح الخليقة ، و لأن الله غير محتاج وفى غنى عن كل المخلوقات ،والشارع الإلهى عندما جعل فرض الزكاة مقدم على الحج لم يكن هباء، ولأن حق العبد على العبد يُقدم على حق الرب لأن الرب ليس فى احتياج للعبد ولاٌن الكفالة الاجتماعية هى من اولى مقاصد الشارع الإلهى---- وايضا لنا أسوة فى مافعلهُ الصحابى الجليل عبدالله ابن المُبارك عندما كان يتجه من المدينة الى مكة للحج ورأى طفلة يتيمة تبحث فى الزبالة عن طعام فأعطاها مال الحج وقال هذا حجنا ،فأرسل الله ملائكته تحج عنه ، لأن الحج معنى روحى والله موجود فى كل مكان--- ومَن مِن حجاجنا ومعتمرينا لايرى أطفال الشوارع ومن يأكلون من الزبالة ، وطوابير الخبز ، وعنوسة الشباب ،والأطفال الذين يموتون لعجز أهاليهم عن توفير الغذاء والعلاج ،ومن يموتون فى مراكب الهجرة غير الشرعية هرباً من الفقر والموت ، بخلاف المحتاجين من أسرته وأقاربه وجيرانه وأهل بلده -- لذلك نرى ان اللة لن يقبل حجة مواطنى الدول الفقيرة وعمرتهم لمخالفتهم قصد الشارع الاٌلهى الذى جعل أكثر من 80 % من رسالته لتعاون الناس وتكافلهم ، ويجوزُ للحاكم تأجيل الحج لدعم الفقراء بمال الحج .  
أما بالنسبة للسبب الثانى    وهو الخوف على النفس من الهلاك ، كما يحدث الأن من تفشى لمرض فيروس كورونا بالسعودية ، مما يعطى الحاكم الحق فى وقف الحج لحماية الناس من الهلاك وإنتشار المرض بين الناس بطريق الإنتقال من الحجاج ، لأن دفع الضرر مقدم على جلب المنفعة ، حتى لو عطلنا أو أوقفنا ركن أوفرض كما فعل الخليفة عمر عندما أوقف حد السرقة فى عام الرمادة  لأن الضرورة تبيح المحظور.
وعلى الله قصد السبيل وإبتغاء رضاه   
الشيخ د\ مصطفى راشد   عالم أزهرى وأستاذ للشريعة الإسلامية وسفير السلام العالمى للأمم المتحدة 
ورئيس جمعية الضمير العالمى لحقوق الإنسان وعضو إتحاد الكتاب الأفريقى الأسيوى ونقابة المحامين المصرية والدولية والمنظمة  العالمية  لحقوق الإنسان    
E -  rashed_orbit@yahoo.com
http:||www.ahewar.org|m.asp?i=3699  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق