ذبح العائلة المسيحية من تاريخ الاسلام/ لطيف شاكر

    الخدعة الكبرى الذي يرددها كثير من المسلمين حتى صدقوها من كثرة تردديها أن الإسلام دين سلام. بل أنهم يقولون إن أصل كلمة " إسلام " هو " سلام " وليس تسليم.
    والواقع أن الإرهاب مطلب شرعي إسلامي لا بد منه.
نجد في سورة الأنفال قوله تعالى: " واعِدُوا لهُم ما استطعتم من قوةٍ ومن رباط الخيل ترهبُون به عدو اللهِ وعدُوكم". قال القرطبي: ترهبون به عدو الله وعدوكم من اليهود والكفار ومشركي العرب. فالله جل وعلا يأمر هذه الأمة أن تعد العدة لتخويف هذه الطوائف من الناس، ليشعروا بالرعب والهلع من المسلمين.
وحين نتأمل في حياة النبي (ص) نجد أنه طبق الإرهاب في عدد من المرات فنذكر جملة منها:
تخويف أهل مكة وبيان أنه أرسل إرهابهم فقد قال النبي  " يا معشر قريش أما والذي نفس مُحمد بيدهِ لقد جئتكم بالذبح" ـ أخرجه أحمد ـ وكان يشير الى عنقه كما في بعض الروايات فهو إرهاب لهم وبيان أنه أرسل ليذبحهم.
الأمر بإغتيالات ونذكر منها: خبر اغتيال عبد الله بن أنيس لخالد بن سفيان بن نبيح الهذلي. وخبر اغتيال خمسة رجال من بني سلمة من الخزرج يقودهم عبد الله بن عتيك لسلام بن أبي الحقيق. وخبر ارسال النبي لعمرو بن امية الضمري وسلمة بن اسلم لقتل أبي سفيان بن حرب ولم يقدرا عليه فقتلا عثمان بن مالك بن عبيد الله التيمي. وقد قال النبي لبياميين بن عمير بن كعب لقد آذانا ابن عمك يريد عمرو بن جحاش فجعل جعلا لرجل فقتله وقد أذن له النبي.
كتاب السيرة النبوية لإبن إسحاق يذخر بوقائع أمر محمد بقتل العديد من الناس  ستذكرماتيسر منها في مقال آخر .و كتاب دلائل النبوة للبيهقي فيه من دلالات واضحة عن فكر نبي الإسلام كما افصح عنه اثناء بيعة العقبة الثانية:
الدم الدم والهدم الهدم:
ويخبرنا البيهقي أن هذا الوفد العظيم الذي يتكون من سبعين رجلا؛ ممثلين لأهل المدينة؛ لم يكن بينهم سوى ثلاثة نقباء من الأوس، وهم: أسيد بن حضير، وسعد بن خيتمة، وأبو الهيثم ابن التيهان، وأنه عندما انتهى النبي من كلامه، ووصل الى القول:" أبايعكم على أن تمنعوني مما منعتم منه أبناءكم ونساءكم"؛ تناول البراء ابن معرور ـ كبير القوم ـ يده وقال:" نعم والذي بعثك بالحق، نمنعك مما نمنع منه أرزنا؛ فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أهل الحرب والحلقة، ورثناها كابرا عن كابر"، وهنا اعترض أبو الهيثم ابن التيهان الأوسي الأمر؛ قائلا:" يا رسول الله إن بيننا وبين أقوام حبالا، وإنا قاطعوها؛ فهل عسيت إن أظهرك الله، أن ترجع الى قومك وتدعنا؛ فقال رسول الله " بل الدم الدم، والهدم الهدم، أنا منكم وأنتم مني، أسالم من سالمتم، وأحارب من حاربتم ... فأخذ البراء بن معرور بيد رسول الله فضرب عليها، وكان أول من بايع، وتتابع الناس فبايعوا"، ثم " أخذ عليهم العباس بن عبد المطلب المواثيق لرسول الله بالوفاء، وعظم العباس الذي بينهم وبين رسول الله وذكر أن أم عبد المطلب،  سلمى بنت عمر بن زيد بن عدي بن النجار". وقبل أن ينصرفوا، أراد أهل الحرب والحلقة استعراض قدراتهم القتالية وفنونهم الحربية للنبي؛ فقال له ابن عبادة:" إن شئت لنميلن غدا على أهل منى بأسيافنا"، فأجّل النبي الإمالة بالسيف الى ما بعد الخروج من مكة بقوله:" لم نؤمر بعد". تاريخ الطبري ج2، ص365.
محمد يبغي ضرب عنق عبد الله بن سعد بن أبي سرح:

وإنما أمر رسول الله  بقتله أنه قد كان أسلم، وكان يكتب لرسول الله الوحي، فإرتد مشركا راجعا الى قريش، ففر الى عثمان بن عفان، وكان أخاه للرضاعة، فغيبه حتى أتى به رسول الله بعد أن إطمأن الناس، وأهل مكة، فاستأمن له: فزعموا أن رسول الله صمت طويلا، ثم قال: نعم؛ فلما انصرف عنه الأنصار: فهلا أو مات الى يا رسول الله؟ قال: إن النبي لا يقتل بالإشارة. (السيرة النبوية)
قتل ابنة مروان نصر لله ورسوله:  (بغرس سيف في صدرها وإخراجه من ظهرها وهي نائمة ورضيعها في  حضنها  , تماما كما حدث مع عائلة الطبيب قتلوا الاب والام في حضور ثلاث اطفال ثم هموا بقتل الكبيرة)
فقال رسول الله حبن بلغه ذلك، ألا أخذ لي من ابنة مروان؟  فسمع ذلك من قول رسول الله   عمير بن عدي الخطمي، وهو عنده؛ فلما أمسى من تلك الليلة سرى عليها في بيتها فقتلها، ثم أصبح مع رسول الله، فقال: يا رسول الله، إني قد قتلتها. فقال نصرت الله ورسوله يا عمير، فقال: هلى على شيء من شأنها يا رسول الله؟ فقال: لا ينتطح فيها عنزان. (السيرة النبوية)
نصرت بالرعب:
قال ابن إسحق: ثم عاتبه الله تعالى في الأساري، وأخذ المغانم، ولم يكن أحد قبله من الأنبياء يأكل مغنما من عدو له قال ابن إسحق: حدثني محمد أبو جعفر بن علي بن الحسين، قال: قال رسول الله: نصرت بالرعب، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأعطيت جوامع الكلم، وأحلت لي المغانم ولم تحلل لنبي كان قبلي، وأعطيت الشفاعة، خمس لم يؤتهن نبي قبلي.(السيرة النبوية)
الخير كله في السيف:
عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عمر بن أبان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله : الخير كله في السيف وتحت ظل السيف. ولا يقيم الناس إلا السيف. والسيف مقاليد الجنة والنار. (صحيح الكافي للشيخ محمد الباقر البهبوي ـ الجزء الأول ـ الدار الإسلامية).
باب: قتل كعب بن الأشرف:
عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص):" من لكعب بن الأشرف، فإنه قد أذى الله ورسوله"؟ فقال محمد بن مسلمة رضي الله عنه: يا رسول الله، أتحب أن أقتله؟ قال: " نعم".(صحيح مسلم 1170)
محمد يُجبر البشر على الإيمان بالإسلام:
قال البخاري ومسلم وغيرهما: إن النبي (ص) قال إن الله أمره أن يُقاتل الناس حنى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإن فعلوا فقد عصموا دمائهم وأموالهم إلا بحق الشهادتين، أن بما يستحق بناءا على هاتين الشهادتين من تكاليف. والنص كالتالي :
" أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدُوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويُؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا  ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابُهُم على الله"!.
هذه مجرد عينة لإثبات أن الإرهاب ضارب في جذور الإسلام منذ نشأته.  

سيوف النبي صلى الله عليه وسلم
فقد جاء عنه : معه قضيب من حديد يقاتل به وذكرت صفته في التوراة. فيما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أنه يركب البعير ويلبس الشملة ويجتزئ بالكسرة وسيفه على عاتقه.
وكان النبي   قدوة العرب في الإعتزاز بالسيف شهامة وجهادا وأداة للقتال في سبيل الحق. وتجمع كتب ا (سيوف الرسول وعدة حربه) أن الرسول كانت له عدة سلاح وآلة حرب. فكانت له تسعة سيوف هي: المأثور والعضب وذو الفقار والبتار ورسوب والمخذم وقلعي وقضيب وحتف.
وهناك من الرماح المثنى والمثوى من الثوى وهو الإقامة لأن المطعون به يقيم في موضعه.

إني عبد الله آتاني الكتاب/ عبدالله بدر اسكندر


يشتمل الأمر الخارق للعادة على عدة عناوين، كالمعجزة والكرامة والسحر وقد تتفرع على هذا الأمر مجموعة من الأحداث لا يمكن ان تظهر علائقها عند المشاهدة وذلك لبعدها عن الأسباب المألوفة، أو ربما ترتبط بها من وجه خفي يصعب الوصول إلى معرفة حقيقته بالطرق التقليدية على أقل تقدير. ولهذا أصبح استقرار العَلمية لا يتعدى لغير المفهوم العام، كالصلاة التي لا تعرف إلا بالحركات العبادية المتعارف عليها، علماً أن هذا اللفظ لا يراد منه إلا الدعاء كما في أصل الوضع، وقد ذكر القرآن هذا المعنى في قوله تعالى: (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصدية) الأنفال 35. وبهذا يتحصل أن المعجزة لا تظهر إلا على أيدي الأنبياء مصحوبة بالتحدي الذي يكون حجة لله تعالى على الأقوام المرسل إليهم بغض النظر عن إيمانهم أو عدمه، وأمثلة ذلك كثيرة في القرآن الكريم، كإبطال خاصية النار وانشقاق القمر وصولاً إلى المعجزة المعنوية المتمثلة في القرآن الكريم.

أما الكرامة فهي لا تختلف عن الفاعلية التي جعلها الله تعالى في المعجزة، إلا أنها تفترق عنها في المشتركات العرضية، على الرغم من مجيئها بقانون آخر دون التحدي، كإتيان مريم (عليها السلام) فاكهة الصيف بالشتاء أو العكس. ومن غرائب التفسير ما ذهب إليه بعض الذين أرادوا نفي حقيقة السحر بقولهم إن السحرة الذين جاء بهم فرعون قد استعملوا طلاء الزئبق مما جعل الحبال تتحرك كأنها حيّات تسعى، ولو أن الأمر كما يقولون لكان السحرة من المقربين لفرعون، إلا أن متفرقات القرآن الكريم تظهر أنهم ليسوا كذلك، كما في قوله تعالى: (قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين***يأتوك بكل ساحر عليم) الأعراف 111-112. وبعد مجيء السحرة كانت لهم مجموعة من المطالب أهمها الأجر حين الغلبة، كما صور القرآن الكريم ذلك في قوله تعالى: (وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين***قال نعم وإنكم لمن المقربين) الأعراف 113-114. وهذا يدل على عدم قربهم من فرعون لما لذلك العمل من انتشار لا يتناسب مع شريعته، ولا أريد الإطناب في هذا الموضوع لأنه يجعلنا نخرج عن البحث المخصص لهذا المقال، وعسى أن نوفق إليه في مقال آخر.

من هنا يظهر أن السحر لا يختلف عن المعجزة والكرامة من جهة إبطاله للقوانين الطبيعية، إلا أنه يجانب الأسس الشرعية، وهذا ظاهر من اعتماد أصحابه على التخيلات التي يصدقها من لا يحيط بأسرار هذا العمل، وربما يستند السحر إلى تعاليم شيطانية قد تخفى على كثير من الناس، كما ورد ذلك في قوله تعالى: (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون) البقرة 102.

وبناءً على ما تقدم يظهر أن للمعجزة سمواً وبعداً لا يمكن تواجدهما في الكرامة والسحر، حتى ذهب بعض المفسرين إلى أن ما حصل من ولادة النبي عيسى (عليه السلام) لا يمكن حمله على الكرامة التي ظهرت لمريم (عليها السلام) وإنما يصنف من المعجزات التي دلت على براءة ساحتها على الرغم من أنها ليست من الأنبياء، واعتبر آخرون أن هذه الولادة العجيبة يمكن أن تكون كرامة لمريم ومعجزة لعيسى، وفي كلتا الحالتين فإن الكلمات الأولى التي نطق بها عيسى (عليه السلام) تؤكد الإعجاز بكل تفرعاته التي لا يمكن أن تظهر لمولود آخر إلا بإذن الله، وهذا ظاهر في قوله تعالى: (إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً) مريم 30. وفي الآية مبحثان:

المبحث الأول: ذهب جمع من المفسرين إلى أن الكتاب الذي آتاه الله تعالى لعيسى هو الإنجيل، وقال آخرون إن الكتاب هو التوراة باعتبار أن الإنجيل لم ينزل بعد، وقال بعضهم إنه كتاب القضاء، كما سيمر عليك في المبحث الثاني المخصص لآراء المفسرين، والحقيقة: إن الكتاب الذي ذكره عيسى (عليه السلام) لا يراد منه الإنجيل أو التوراة لأن نزول الكتب التشريعية لا يتحقق إلا في فترة الرسالة التي تأتي بعد النبوة التي أشار إليها أو التي ولدت معه كما في ظاهر الآية.

وعند التأمل في متفرقات القرآن الكريم يظهر أن الكتاب يحمل العمومية التي لا تختص بها الكتب الحاملة للمنهج كالتوراة والإنجيل ولا حتى القرآن، وهذا العموم يشتمل على المعارف الإيمانية والحقائق التكاملية، إضافة إلى الأسرار والحكم الربانية التي تكون خارج الأطر التشريعية، التي تتفرع عليها الكتب المنهجية التي تحمل الهداية العامة، فتأمل الفرق.

وبالإضافة إلى ما مر فإن هذا الكتاب الذي أشرنا إليه لا يختص به نبي دون آخر بل هو من المشتركات التي يتوارثها الأنبياء، وقد يكون للصالحين والأوصياء نصيب منها، كما سيمر عليك في هذا المقال، فإن قيل: إذا كان هذا الكتاب مما يتوارثه الأنبياء فما تفضيل عيسى إذن؟ أقول: الفرق إن هذا الكتاب ولد مع عيسى دون سائر الأنبياء الذين حصلوا عليه لاحقاً كما في قوله تعالى: (أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة) الأنعام 89. ولا يمكن القول إن المراد هنا هو أحد الكتب المعهودة كالتوراة والإنجيل، لأن الكلام فيه إشارة إلى مجموع الأنبياء، فإن قيل: وماذا عن الزبور؟ أقول: الزبور لا يحتوي على الأحكام والكتاب الذي حكم به داود هو التوراة التي توارثها جمع من أنبياء بني إسرائيل.

ولأجل التوصل إلى بيان أكثر تفصيلاً علينا أن نشير إلى قوله تعالى: (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) البقرة 213. ومن هنا تظهر النكتة في خطابه تعالى للنبي (صلى الله عليه وسلم) بقوله: (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله) المائدة 48. وقد يظهر الأمر جلياً عندما أشار تعالى إلى عيسى بقوله: (ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل) آل عمران 48. وبهذا يظهر أن الكتاب أعم من الكتب التي تحمل المنهج، وبعبارة أخرى فإن هذا الكتاب هو العلم اللدني الذي يخص به الله تعالى بعض من عباده المخلصين، كما في قوله: (فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علماً) الكهف 65. وكما هو ظاهر فإن الآية تشير إلى العلم الحضوري الذي يهبه الله تعالى لعباده المخلصين، دون العلم الذي يحصل عن طريق الاكتساب، ومن هنا يظهر معنى قوله: (من لدنا) وعند التأمل في الآيات التي تبين هذا النوع من العلم نجده لا يخضع للقوانين الطبيعية، أو الطرق المعتادة لدى عامة الناس.

ومن الأمثلة على هذا العلم ما ذكره تعالى بقوله: (كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم) يوسف 76. وبالإضافة إلى هذا فإن ما بينه تعالى من أمر يعقوب يجعلنا أمام دليل آخر، كما في قوله: (ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون) يوسف 68. وبهذا يظهر ما خفي على البعض من قوله تعالى: (قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك) النمل 40. وعند التأمل في هذا الأمر يتبين أن هذا العلم هو جزء من علم الكتاب الذي أفاضه الله تعالى على وصي سليمان الذي قيل إنه آصف بن برخيا، أما علم الكتاب كاملاً فقد أشار إليه تعالى بقوله: (ويقول الذين كفروا لست مرسلاً قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) الرعد 43.

المبحث الثاني: اختلف المفسرون في قوله: (آتاني الكتاب) حيث قال ابن الجوزي في زاد المسير: نقلاً عن ابن عباس: إنه آتاه الكتاب وهو في بطن أمه وقيل علم التوراة والإنجيل، ثم خلص إلى القول إن في الكتاب قولان: أحدهما التوراة والثاني الإنجيل، أما النسفي في مدارك التنزيل: فقد ذهب إلى أن الكتاب هو الإنجيل دون أن يضيف شيئاً آخر. وقال البغوي في معالم التنزيل: إن هذا إخبار عما كتب له في اللوح المحفوظ، ثم نقل عن أكثر المفسرين: إنه أوتي الإنجيل وهو صغير وأضاف عن طريق الحسن البصري إن الله تعالى ألهمه التوراة وهو في بطن أمه.

وللصوفية رأي آخر حيث يقول مكي بن أبي طالب في تفسير الهداية إلى بلوغ النهاية: نقلاً عن عكرمة: إن الكتاب يعني القضاء، ومن أغرب الأقوال ما نقله ابن كثير عن ابن أبي حاتم: من أن عيسى قد درس التوراة وأحكمها وهو في بطن أمه، ويقول الشوكاني في فتح القدير: (آتاني الكتاب) الإنجيل: أي حكم لي بإيتائي الكتاب والنبوة في الأزل وإن لم يكن قد نزل عليه في تلك الحال ولا قد صار نبياً، وقيل إنه آتاه الكتاب وجعله نبياً في تلك الحال وهو بعيد، على حد قول الشوكاني.

وللإمامية رأي حيث يقول الطبرسي في مجمع البيان: أي حكم لي بإتيان الكتاب والنبوة، ثم نسب إلى قيل: إن معناه إني عبد الله سيؤتيني الكتاب وسيجعلني نبياً، وكان ذلك معجزة لمريم (عليها السلام) على براءة ساحتها، ويقول الجنابذي في بيان السعادة: أتى بالماضي لتحقق وقوعه أو لتحقق استعداده، والمراد بالكتاب الإنجيل أو كتاب النبوة. انتهى ماذهب إليه جمع من المفسرين. وآخر الآراء هو الأقرب لما قدمنا وهو ما ذهب إليه الجنابذي من أن الكتاب هو كتاب النبوة على الرغم من عدم تفصيله لما ذهب إليه.

فإن قيل: السؤال الذي وجّه إلى مريم يراد منه نفي التهمة عنها، كما يظهر من قوله تعالى: (يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوءٍ وما كانت أمك بغياً) مريم 28. ولكن عيسى لم ينف تلك التهمة، بل ذهب إلى أبعد من هذا الأمر كما يظهر من قوله تعالى: (قال إني عبد الله آتاني الكتاب...... إلى قوله...... والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً) مريم 30-33. وهذا السياق لا يظهر فيه نفي التهمة عن مريم؟ أقول: الكلام الذي صدر منه وهو في المهد يعد من الآيات التي لا يمكن عدم تصديقها من قبل القوم، فإذا ثبت هذا فمن باب أولى يثبت تصديقهم بنبوته التي أشار إليها علماً أن النبوة لا يمكن أن تأتي إلا بالطرق الشرعية، وهذا ما يعلم بالفطرة كما بين النبي ذلك بقوله: لم يزل ينقلني من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهرات حتى أخرجني في عالمكم هذا. وقد يؤيد هذا الحديث بقوله تعالى: (الذي يراك حين تقوم***وتقلبك في الساجدين) الشعراء 218-219. 

 abdullahhenrico@outlook.com  

المطران بو جوده في قداس العيد: نصلي كي نصل الى السلام الحقيقي



ترأس راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، قداس عيد الميلاد منتصف الليل، في كنيسة مار مارون في طرابلس، عاونه فيه خادم الرعية المونسنيور نبيه معوض، والخوري جوزيف فرح، في حضور المقدم بهاء الصمد ممثلا المدير العام لقوى الامن الداخلي، وحشد من المؤمنيين.
بعد تلاوة الانجيل المقدس القى المطران بو جودة كلمة قال فيها:" إذا كان السلام لم يستتب بعد على الأرض، فلأن الإنسان ما زال يتصرف على مثال آدم الأول وحواء الأولى، ويريد أن يجعل من نفسه إلها لنفسه، وكل المواقف التي يتخذها اليوم، مستندا إلى تقدمه في المعرفة والعلم والتقنية والإختراعات والإكتشافات، هي مواقف رافضة لله ولتعاليمه ووصاياه.  فالقوانين تسن والشرائع توضع اليوم في الكثير من البلدان، لسوء الحظ خاصة في البلدان التي كانت بلدانا ذات حضارة مسيحية، وكأن الله غير موجود، لا بل أكثر من ذلك، فإن بعض النظريات الفلسفية السائدة تقول أنه، ولو كان الله موجودا فلكي يحقق الإنسان ذاته، عليه أن يقتل الله".
اضاف بو جوده:" فلننظر إلى المواقف التي تتخذها البشرية اليوم، أليس السماح بقتل الأجنة بواسطة الإجهاض أو برميهم في سلة المهملات بعد تخصيبهم في المختبرات، متناقضا مع الحق الأول للانسان، وهو الحق في الحياة? أليس السماح وتشريع زواج مثليي الجنس متناقضا ليس فقط مع الشريعة بل أيضا مع الطبيعة البشرية... أليس التساكن الحر دون أي رباط لا مدني ولا ديني، عودة الإنسان إلى الحياة البدائية التي لا تعرف لا شريعة ولا قانون".
وختم المطران بو جوده عظته: نصلي كي نصل الى السلام الحقيقي الذي نتمناه لانفسنا والى بلدنا العزيز لبنان، في هذه الظروف الصعبة والقاسية التي يعيشها. ليت المسؤولين السياسيين عندنا، إلى أية فئة أو جماعة انتموا، يتذكرون انهم مدعوون لخدمة الشعب وتأمين مصالحه الحيوية، وليس لإستعباده وتفقيره وإيصاله إلى شفير الهاوية، بفعل أنانيتهم وحبهم المفرط للذات وسعيهم الدؤوب لتأمين مصالحهم الشخصية وليس مصالح الشعب، وليتهم لا يستسلمون لإرادة الشيطان المجرب ويصنعون إرادته، لأنهم في النهاية سوف يكتشفون عريهم ومحدوديتهم وعقم تصرفاتهم، فيوصلون البلاد إلى الهلاك. صلاتنا نرفعها إلى المسيح إله السلام كي يضع سلامه في عقولنا وقلوبنا جميعا، ويغرس محبته فينا وروح المسامحة والغفران".

ريسيتال ميلادي في رعية مار شربل حرف ارده زغرتا


نظمت رعية مار شربل في بلدة حرف ارده في قضاء زغرتا، ريسيتالا ميلاديا، احياه التينور جوزيف دحدح، في كنيسة مار شربل في الرعية، بحضور كاهن الرعية الخوري يوسف جنيد، مختار البلدة نخول شديد، المحامي شادي سعد، ورجل الاعمال اللبناني ـ الاوسترالي باخوس ناصيف، وحشد من ابناء البلدة والجوار.
بداية الحفل تحدث المحامي شادي سعد فاشار الى ان زمن الميلاد هو زمن المحبة وولادة الانسان من جديد، وان المحبة هي اسمى شيء في الحياة لانها عطاء وتضحية". وشكر سعد رجل الاعمال باخوس ناصيف على رعايته هذا الحفل، وعلى ما يقوم به تجاه الرعية وابناءها".
ثم تحدث كاهن الرهن الخوري يوسف جنيد فتوجه الى الحاضرين في كلمته متمنيا "اعيادا سعيدة مليئة بالحب والسعاده". 
وعلى مدى ساعة ونصف من الوقت ادى التينور دحدح باقة من الاغاني الميلادية التي ادهشت الجمهور من خلال ادائه وصوته الرائع". 

العلامة الحسيني: ولادة السيد المسيح (ع) كانت الخلاص والفرج للمستضعفين يجب الحفاظ على التعايش الاسلامي اليهودي المسيحي

أيها الأحبة: إننا نتوجه بالتهنئة والتبريك إلى المستضعفين عموما والمسيحيين خصوصا بمناسبة ميلاد السيد المسيح {ع} وهي مناسبة للانسانية جمعاء لإحقاق الحق، وبسط العدالة والمساواة والتسامح‌ والإنصاف في العالم؛ فالنبي عيسى بن مريم{ع} رسول الله، ورابع أنبياء أولي العزم. 
ومن أعظم معجزاته ولادته، فقد اصطفاه الله على العالمين- كما اصطفى والدته - في أن يكون أوحديا في ولادته من دون أب مع وجود ام.

حمل السيد المسيح (ع) رسالة التوحيد والمحبة والسلام والخلاص للعالم، وللمستضعفين الذين أوذوا وعذِّبوا بسبب إيمانهم ونصرتهم له، فكانت الشريعة المسيحية مشعل المبادئ الإنسانية، ولَبِنَة أخرى في البنيان الأخلاقي الإيماني، تدعو إلى طاعة الله والى المحبة بين الناس وثقافة السلام والتسامح واللاعنف، إلى أن جاء النبي المصطفى محمد(ص) ليكمل ما بناه أسلافه من الأنبياء قائلا: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق". وهكذا كان المسيح (ع) والمسيحية صراط نور إلى الشريعة المحمدية، فالسلام على روح الله وكلمته يوم ولد، ويوم يموت، ويوم يبعث حيًّا.

أيها الأحبة: ان لذكرى ميلاد سيدنا عيسى ( ع ) في منطقتنا ، ارض الرسالات السماوية معنى خاص حيث يتعايش المسلمون واليهود والمسيحيون منذ قرون في بيئة واحدة ، يقدمون للعالم انموذجا من التعايش وحوار الأديان والحضارات .
ولكن التدخلات الخارجية السياسية أوقعت الفرقة بين أبناء البلد الواحد والوطن والواحد ، فنشبت صراعات وحروب بين اتباع الاديان السماوية من دون وجه حق ، ومن دون اي مبرر . 
لقد أمرنا الرسول الاعظم بالحفاظ على ابناء الديانات التوحيدية في مجتمعنا الاسلامي ورعايتهم وحمايتهم .
وما يفعله اليوم اصحاب الفكر التكفيري من اعمال قتل عشوائي بحق المسيحيين في العراق ومصر وسوريا وغيرها ، لايمت الى الاسلام بصلة ، فديننا دين التسامح والانفتاح والتعايش والمحبة والسلام.

 ومن هنا دعوتنا ، من موقعنا الإسلامي إلى أبنائنا في مختلف ارجاء الامة الحفاظ على التعايش الاسلامي اليهودي المسيحي ، كما أمرنا رسولنا الكريم ، وكما تقتضيه طاعة الله عز وجل الدعوة إلى كلمة سواء.
العلامة السيد محمد علي الحسيني.
الامين العام للمجلس الاسلامي العربي

البابا: إدارة الفاتيكان مريضة بحب السلطة والجشع

توقع كبار أعضاء الإدارة المركزية في الكنيسة الكاثوليكية في الفاتيكان أمس، تبادل عبارات المجاملة مع البابا فرنسيس خلال اجتماعهم السنوي بمناسبة عيد الميلاد، غير أن الحبر الأعظم استغل المناسبة كي يوجه لهم انتقادات لاذعة.

وقال البابا للكهنة والأساقفة والكرادلة الذين يعملون في الإدارة المركزية للكنيسة الكاثوليكية، إن الوصولية، وتدبير المكائد والجشع أصابهم «بمرض الزهايمر الروحي«.

ورفض فرنسيس، أول بابا غير أوروبي منذ 1300 عام، الانغماس في أي من زخارف منصبه، وأعلن بوضوح عزمه على جعل الهيكل الكهنوتي الكاثوليكي أقرب إلى أتباعه الذين يبلغ عددهم 1,2 مليار نسمة حول العالم.

وأضاف البابا في خطاب متجهم «تحتاج الإدارة المركزية للكنيسة الكاثوليكية إلى أن تتغير وتتحسن .. إن الإدارة المركزية التي لا تنتقد ذاتها، ولا تعمل على تحديث نفسها، ولا تحاول أن تتحسن، هي جسد مريض«.

وعدد البابا ما لا يقل عن 15 من صفات المرض والإغراءات بدءا من «الزهايمر الروحي» الذي أصاب رجال الدين الذين أسرت ألبابهم السلع الدنيوية والسلطة، ووصولا إلى «انفصام الشخصية الوجودي» لأولئك الذين استسلموا لعقلية كئيبة قاسية.

وأشار البابا إلى إن البعض ممن هم في الإدارة المركزية يتصرفون وكأنهم «يتمتعون بالحصانة والخلود أو حتى انهم لا يمكن الاستغناء عنهم« في إشارة واضحة إلى الكرادلة المتقاعدين الذين يبقون في الفاتيكان ويستمرون في ممارسة نفوذهم.

الا ان البابا اختتم خطابه بملاحظة سارة.. إذ قبل أن يتمنى للحضور ميلادا مجيدا، حث مسؤولي الفاتيكان على أن يكونوا أكثر بهجة، مشددا على الخير الذي يمكن أن تنشره «جرعة من الدعابة«.
(رويترز) 

برنامج إحتفال عيد الميلاد المجيد في مطرانية طرابلس المارونية

وزّعت أمانة سرّ مطرانية طرابلس المارونية برنامج إحتفال عيد الميلاد المجيد لهذا العام
وهي على الشكل الاتي:


الاربعاء 24 كانون الأوّل 2014:
الساعة 9:00: لقاء المعايدة مع كهنة الأبرشيّة والرهبان والراهبات في مار مارون – طرابلس.
الساعة 10:00: الإنطلاق إلى بكركي لمعايدة البطريرك وإلى حريصا لمعايدة السفير البابوي.

الاربعاء 24 كانون الأوّل2014:
قداس منتصف الليل الساعة 12 ليلاً في كنيسة مار مارون – طرابلس
يحتفل به راعي الأبرشية المطران جورج بو جوده السامي الإحترام.

الخميس 25 كانون الأوّل 2014:
الساعة  10:00: قدّاس في كاتدرائيّة الملاك ميخائيل يحتفل به راعي الأبرشية المطران جورج بو جوده السامي الإحترام.   (إستقبال المهنئين مباشرةً بعد القدّاس في صالون الرعيّة)


مواعيد إستقبال المهنّئين

الخميس 25 كانون الأوّل2014:
من الساعة 3:00 ب.ظ. حتى 7:00 م. في دار المطرانية في طرابلس

الجمعة  26 كانون الأوّل2014:
من الساعة 10:00 ص. حتى 12:30 ظ. في دار المطرانية في طرابلس
من الساعة 3:00 ب.ظ. حتى 7:00 م.

ملاحظة: يعتذر صاحب السيادة عن استقبال المهنّئين يوم عيد رأس السنة

معايدة حميد عوّاد بثلاث لغات

« Gloire à Dieu au plus haut des cieux et paix sur la terre aux hommes qu’il aime!» 
Chaque Noël nous saisit par une prise de conscience qui attise l'amour, galvanise nos capacités, tout en nous exhortant à confluer nos efforts comme artisans de paix, semeurs d'espoir et partisans fougeux de la justice sociale . 
Que Jésus Christ dissipe toute inquiétude et appaise toute douleur en impregnant les âmes de ceux qui souffrent par une panacée divine. 
 Que la réjouissance, cher(e)s ami(e)s, règne sur et anime vos festivités à Noël, espérant que Jésus demeure votre compagnon à travers le Nouvel An, pour récompenser votre dévouement et assurer la croissance et la prospérité de vos entreprises. 
Que Notre Sauveur nous conduise à bien concorder nos efforts pour préserver notre pays natal et apporter le soutien et l'assistance nécessaires pour soulager les besoins de nos concitoyens Libanais. 
Que le Dessein Divin, qui a surgi luisant à l'aube de Noël, s'entrelace tendrement avec les rayons de votre foi ardente pour tisser vos rêves désirés en une toile de formidables réalités! 
Que vos voeux soient exaucés! 
**
JOYEUX NOËL et  MERVEILLEUSE ANNÉE 2015
While blissfully intoning the hymn of praise:
"Glory to God in the highest and on earth peace to men on whom his favour rests." 
Every Christmas stirs the flow of love  and galvanizes our capabilities, while urging us to converge our efforts as peacemakers, sowers of hope and impetuous advocates of social justice.
May Jesus Christ dispel any worry and soothe any pain by impregnating the souls of those who suffer by divine panacea.
  May the joy, dear Friends, prevail and animate your festivities at Christmas, hoping that Jesus remains your companion through the New Year, to reward your dedication and ensure the growth and prosperity of your endevors. 
MayOur Savior lead us to co-ordinate our efforts to protect our homeland and provide support and assistance to cater to the needs of our Lebanese citizens. 
May the Divine Design, that emerged shining at the dawn of Christmas , lovingly intertwine with the rays of your strong faith, to weave your most desirable  dreams into a web of thrilling realities!    
May your wishes be fulfilled!
HAVE A MARVELOUS CHRISTMAS And A PROSPEROUS NEW YEAR 2014
**
 "المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام والرجاء الصالح لبني البشر"
مع حلول عيد الميلاد المجيد فيض من المحبّة يتدفّق في ذواتنا وتتّقد هممنا لتترافد وتصبّ جهودنا كصانعي سلام وباذري أمل ومناصرين توّاقين للعدالة الإجتماعيّة. 
نتضرع إلى الربّ يسوع المسيح في ذكرى تجسّده أن يبدّد القلق ويخفّف الآلام ويبلسم الجراح في النفوس المعذّبة بمسحة إلهيّة شافية.  
كما نأمل أن يعيننا المخلّص على التآزر لدعم ومساعدة أهلنا ورفع الضيق عنهم والنهوض ببلدنا من المآزق التي 
يُدفع إليها. 
طالما بهجة العيد لا تنحبس وهي الطاغية، أضمّ فرحتي، أيّها الأحبّة، إلى فرحكم متمنّياً أن يسدّد الله المتجسّد، يسوع المسيح، خطاكم نحو نجاح أكيد وازدهار مضطرد.
أتمنّى أن يشتبك التدبير الخلاصي، المنبلج مشعّاً مع فجر الميلاد، مع نور إيمانكم المتين ليحيك بحنان أحلامكم المشتهاة نسيجاً من الوقائع المدهشة. 
ميلاد مجيد وعام سعيد
**
Compassionate empathy, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights.
 http://hamidaouad.blogspot.com/

عظيم هو سر التقوى/ نسيم عبيد عوض

عندما جاءت البشارة من فم جبرائيل  الملاك - الواقف قدام الله – لزكريا الكاهن ‘ بميلاد يوحنا المعمدان الذى عرفه " بأنه " يرد كثيرين من بنى إسرائيل الى الرب إلههم . ويتقدم امامه بروح إيليا وقوته ليرد قلوب الآباء الى الأبناء والعصاة الى فكر الابرار – لكى يهيئ للرب شعبا مستعدا – "مو1: 16و17. وهنا قد دقت الأجراس فى السماء ورفرفت إعلام البدأ ليتقدم موكب خلاص البشرية المنتظر حدوثة منذ آلاف السنين ‘ من وقت سقوط البشر فى أحضان إبليس‘ فالرب الذى قال عنه الملاك المبشر بيوحنا أنه يهيئ له شعبا مستعدا ‘ هو المسيا المنتظر ‘ والذى قال عنه زكريا الكاهن فى نبوته وقت ميلاد يوحنا " مبارك الرب إله اسرائيل لانه افتقد وصنع فداء لشعبه. واقام لنا قرن خلاص فى بيت داود فتاه. ..وأنت أيها الصبى نبى العلي تدعى لانك تتقدم امام وجه الرب لتعد طرقه. لتعطى شعبه معرفة الخلاص بمغفرة خطاياهم .باحشاء رحمة الهنا التى بها افتقدنا المشرق من العلاء. ليضيئ على الجالسين فى الظلمه وظلال الموت لكي يهدى اقدامنا فى طريق السلام."لو1: 68-80.

عظيم هو سر التقوى

لخص معلمنا بولس الرسول الإجابة على سؤال البشرية كيف خلص الله العالم من عبودية ومملكة إبليس ؟ بهذه الآية المثالية عن تقوانا الحقيقى بتجسد الله الكلمة ‘ وجاءت الآية شاملة جامعة" وبالإجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد تبرر فى الروح تراءي لملائكة كرز به بين الأمم أؤمن به فى العالم رفع فى مجد." 1تيمو3: 16. كقول القديس يوحنا ذهبى الفم فى تفسيرة لهذه الآية الكريمة" حقا عظيم هذا السر!! الله صار إنسانا والإنسان إلها‘ صار الانسان يرى بلا خطية ‘ وصار الإله المتأنس مقبولا فى العالم ‘ ومكروز به يراه الملائكة معنا ‘ هذا بحق هو سرا ليتنا لا نحتقره بل نحيا كما يليق بهذا السر."

فبالتجسد الإلهى صارت لنا الحياة الإيمانية التقوية ‘ لأن ذبيحة السيد المسيح على الصليب المقبولة لدى الآب رائحة رضا ‘ قد تحققت خلال تجسد الله الكلمة‘ وصار بابا مفتوحا لنا لدخول الحياة والتقوى الإيمانية الجديدة‘ بإتحادنا مع الله فى إبنه يسوع المسيح. لقد حل بيننا وحمل طبيعتنا حتى نوجد فيه ‘ وننعم بحياته وسماته وشركة أمجادة. التجسد الإلهى ليس عقيدة  فلسفية تعتنقها الكنيسة وإنما هى سر تقوانا وأمجادها الروحية داخلنا .

وبقوله -  تبرر فى الروح -  حقيقة حدثت وقت ميلادنا من الروح القدس ‘نحمل بر المسيح فينا كقول الكتاب" لكن اغتسلتم بل تقدستم بل تبررتم ‘باسم الرب يسوع وبروح إلهنا." 1كو 6: 11.  وبقوله - تراءي لملائكة-  بمعنى بتجسد الله الكلمة رآه الملائكة وفهموا كيفية التدبيرات الإلهية لخلاص البشر‘ظهر الله فى كمال حبه لخلاص الانسان خلال الصليب و وتقوانا بالتجسد الإلهى يحملنا الى الحياة السماوية حيث الملائكة تتهلل لرؤيتنا ‘ فقد وهب لنا بكل بركة روحية فى السماويات وأصبحنا قديسين أشبه بالملائكة. وتقوانا بالتجسد الإلهى ‘ ومن ثم الصليب والقيامة إنطلقت الكرازة بين أمم العالم ‘ لتبشر بالخلاص الأبدى.

من هو الذى تجسد؟

هو اللوجس (الكلمة) الذى تجسد ‘ وكما يفسرها لنا القديس الأنبا شنودة الثالث فى كتابه لاهوت المسيح ‘ الكلمة (باليونانية اللوجس) تعنى عقل الله الناطق أو نطق الله العاقل. فهى تعنى العقل والنطق معا. وهذا هو وضع الابن فى الثالوث القدوس‘ ودعى السيد المسيح بالكلمة فى مواضع ثابتة فى الكتاب المقدس ثلاثة:

1- " فى البدأ كان الكلمة والكلمة كان عند الله . وكان الكلمة الله."يو1: 1 وهنا يحدد ان الكلمة هو الله.

2- " الذين يشهدون فى السماء هم ثلاثة: الآب والكلمة والروح القدس. وهؤلاء الثلاثة هم واحد." 1يو5:  7. وهنا تحديدا ان الكلمة هو الابن. كما قال الرب نفسه  لتلاميذه فى مت 28: 19" فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس."

3- " ثم رأيت السماء مفتوحة واذا فرس ابيض والجالس عليه يدعى أمينا وصادقا وبالعدل يحكم ويحارب. وهو متسربل بثوب مغموس بدم ويدعى اسمه كلمة الله."رؤ19: 11و 13.

ومادام المسيح هو عقل الله الناطق ‘إذن هو الله‘ لأن عقل الله كائن فى الله منذ الأزل. وإذن هو غير مخلوق لأن المخلوق لم يكن موجودا منذ خلقه. ولذلك عندما نفهم الثالوث نعرف أزلية الأقانيم الثلاثة. وأن اقنوم الكلمة من طبيعة الله ذاته‘ وكائن فيه منذ الأزل. كقول معلمنا بولس الرسول" الله بعد ما كلم الآباء بالأنبياء قديما بانواع وطرق كثيرة . كلمنا فى هذه الأيام الاخيرة فى ابنه الذى جعله وارثا لكل شئ الذى به عمل العالمين.الذى وهو بهاء مجدة ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته بعد ما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا جلس فى يمين العظمة فى الأعالى. "عب1: 1- 4.  

وبتجسد الله الكلمة رأينا الله فيه (الذى رآنى فقد رأى الآب. . .يو14: 9. وكما يقول الكتاب " الله لم يره أحد قط ( لاهوت الله) الابن الوحيد الكائن فى حضن الآب هو خبر."يو1: 18‘ (الله ظهر فى الجسد.1تيمو3:  16(المتجسد) أى هو الذى عرفنا به الله. وقول الكتاب " والكلمة صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا."يو1: 14.

كيفية التجسد

جاءت بشارة التجسد الإلهى من جبرائيل الملاك المرسل من الله كقول الكتاب(لو1: 26)" لعذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف.واسم العذراء مريم. وجاءت بشارته لها محددة" وها أنت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع. هذا يكون عظيما وابن العلى يدعى ويعطيه الرب الالع كرسى داود ابيه. ويملك على بيت يعقوب الى الابد ولا يكون لملكه نهاية. "لو1: 31- 33. وقد تساءلت مريم كما يسأل جميع البشر كيف يكون ذلك؟ أى كيف سيتم تجسد ابن العلى ؟ وبدون زرع بشر " فأجاب الملاك وقال لها .الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله. "لو1: 35. الروح القدس هو صانع الحبل والتجسد فى أحشاء العذراء وتأنس (انسان) وهذا بكل قدرة الله تم التجسد الالهى ‘ والمولود الخارج من بطن العذراء هو طبيعة السيد المسيح( إلله المتحد بالجسد ) الطبيعة اللاهوتية متحدة بالطبيعة الناسوتية إتحادا كلملا ولم ينفصلا لحظة واحدة ولا طرفة عين كقول الكتاب (  فإنه فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديا." كو2: 9.   

السيد المسيح وبعض النبوات عن تجسده وميلاده:

تجسد الله الكلمة (اللوجس) أقنوم الابن كان فى فكر الله وتدبيراته لخلاص البشر منذ أعطى وعدا بالخلاص " أن نسل المرأة يسحق رأس الحية.تك3: 15" وقد علمنا السيد المسيح عن شخصيته فى العهد القديم منذ وعد الله فى مواقف ومواضع كثيرة:

1- قوله للكتبة والفريسيين"فتشوا الكتب لانكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية وهى تشهد لى." يو5: 39.

2- فى حديثه لتلميذى عمواس(لو24: 25 – 27)" أيها الغبيان والبطيئا القلوب فى الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء أما كان ينبغى أن المسيح يتألم بهذا ويدخل الى مجده. ثم ابتدأ من موسي ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به فى جميع الكتب."

3- بعد لقائه مع التلاميذ جميعا قال لهم " لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عنى فى ناموس موسى والأنبياء والمزامير.حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب."لو24: 44.

ومن أمثلة هذه النبوات التى يمتلئ بها الكتاب عن الله الكلمة (يسوع المسيح):

أ- خلق العالم بالمسيح الكلمة:

كقول المرتل " بكلمة الرب صنعت السموات‘ وبنسمة فيه كل جنودها."مز33: 6. وكلمة الرب تعنى المسيح ابن الله ‘ كما جاءت فى مقدمة انجيل يوحنا" فى البدء كان الكلمة ‘ والكلمة كان عند الله ‘ وكان الكلمة الله ‘ هذا كان فى البدء عند الله. كل شئ به كان . وبغيره لم يكن شئ مما كان."يو1: 1-3‘ ويوضح لنا القديس بولس الرسول" بالإيمان نفهم أن العالمين اتقنت بكلمة الله ."عب11: 3‘ وأيضا يقول" فإن فيه خلق الكل‘ ما فى السموات وما على الأرض ‘مايرى وما لا يرى سواءكان عروشا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خلق." كو1: 16.

ب – نبوءة عن تجسد الله الكلمة: 

وهذه النبوة وعد بها الله البشرية بالخلاص من الحية التى قال لها" وأضع عداوة بينك وبين المرأة‘ وبين نسلك ونسلها‘ هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه." تك3: 15. وقد تمت هذه النبوة وقالها القديس بولس الرسول" ولما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من إمرأة."غل4: 4.

ج – نبوءات عن مجيئه الأول وميلاده:

1- مجيئه من نسل ابراهيم: بقول الله لإبراهيم" أباركك مباركة وأكثر نسلك تكثيرا كنجوم السماء . وكالرمل على شاطئ البحر...ويتبارك فى نسلك جميع امم الأرض."تك22: 17و18‘ وتحققت النبوة بقول فاتحة انجيل متى" كتاب ميلاديسوع المسيح ابن داود بن ابراهيم."مت1: 10.

2- عن مجيئه من نسل يهوذا: بقول يعقوب أب الآباء وهو يبارك ابنه يهوذا" لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتى شيلون وله يكون خضوع شعوب."تك 49: 10‘ومعنى شيلون صانع السلام وهى تنطبق على الرب يسوع ملك السلام ‘ الذى صنع السلام بين السماء والأرض ‘      ويؤكدها القديس بولس" فإنه واضح أن ربنا قد طلع من سبط يهوذا." عب7: 14‘ ويكررها سفر الرؤيا" هوذا قد غلب الأسد الذى من سبط يهوذا أصل داود."رؤ5: 5.           وعن مجيئه من نسل داود كما بشر بها الملاك السيدة العذراء يقول إشعياء النبى" ويخرج قضيب من جزع يسى – أب داود – وينبت غصن من أصوله."اش11: 1.

3- نبوة عن ميلاده من عذراء: 

وقبل ميلاد الرب يسوع المسيح ب 750 سنة قالها إشعياء" يعطيكم السيد نفسه آية.ها العذراء تحبل وتلد إبنا وتدعو إسمه عمانوئيل ."اش 7: 14 وأيضا فى أش 9: 6و7" لأنه يولد لنا ولد ونعطى إبنا وتكون الرياسة على كتفيه . ويعى إسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام." وقد أكد القديس متى إتمام هذه النبوة فى شخص المسيح " لكى يتم ما قيل من الرب النبى القائل. هوذا العضراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عما نوئيل الذى تفسيره الله معنا."مت1: 22.

د – موعد مجيئه:

قالها دانيال النبى" سبعون إسبوعا قضيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة لتكميل المعصية وتتميم الخطايا ولكفارة الإثم. وليؤتى بإله الأبدى ولختم الرؤيا والنبوءة ولمسح قدوس القديسين."دا 9 : 24‘(70 اسبوع سنين =490 سنة)وأيضا تنبأ دانيال" كنت أرى فى رؤى الليل واذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه فأعطى سلطانا ومجدا وملكوتا لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة .سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقض." دا7: 13و14.

هه- نبوة عن مكان ميلاده:

" أما أنت يا بيت لحم إفراته وأنت صغيرة أن تكونى بين ألوف يهوذا‘ فمنك يخرج لى الذى يكون متسلطا على إسرائيل‘ ومخارجه منذ قديم أيام الأزل. " ميخا5: 2. وعن مجئ المجوس وسجودهم له " ملوك ترشيش والجزائر يرسلون تقدمة .ملوك شبا وسبأ يقمون هدية ويسجد له كل الملوك ." مز68: 29.

ويمتلء الكتاب المقدس فى العهد القديم بتدبيرات الله بالآيات والنبوءات عن شخص السيد المسيح ولن يسعنا ذكرها هنا لعلنا نخصص لها مقال قادم ‘ وللجميع أقدم تهنئتى لهم بعيد الميلاد المجيد وبمرور عام وقدوم عام 2015 يجعله الرب لنا نعمة وبركة للجميع.أمين.

وزاده بسطة في العلم والجسم/ عبدالله بدر اسكندر

السرد الذي نجده على لسان بعض المحققين الذين جعلوا من الاستقامة رديفاً للخلافة يمكن أن يكون من الأخطاء الشائعة التي لا تخلو منها كتب التفسير والحديث، والسبب في ذلك يعود إلى ظن هؤلاء العلماء بعدم صلاحية الإنسان لخلافة الأرض دون التفريق بين الخلافة بمعنى الحاكمية وبين الخلافة التكوينية التي تتعاقب بموجبها الأجيال التي تعمر الأرض بما هي أرض صالحة للعيش، وهذا أقرب للاعتراض وإن شئت فقل الاستفسار الذي صدر من الملائكة حين أرادوا تبديل الإنسان بمخلوق آخر أو جعلهم خلفاء في الأرض مع فقدهم للمهمة التي جعلها الله تعالى في الإنسان دونهم، ولهذا أجابهم سبحانه بقوله: (إني أعلم ما لا تعلمون) البقرة 30. وذلك رداً على قولهم: (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) البقرة 30. وفي رده تعالى إشعار يفوق عملية سفك الدماء، وإن كان ذلك ملازماً للحياة التي لا تتم على الأرض إلا بالاجتماع والتزاحم الذي يؤدي إلى الاختلافات.

ولهذا كان للاتجاهات البينية أثراً فاعلاً في ظهور التقسيمات التي توجد داخل النفس البشرية المتمثلة في التراكيب الروحية والجسدية، إضافة إلى التمرد والطغيان الذي يتولد من القوى الغضبية والشهوية وغيرهما من القوى التي تجعل الإنسان مسيراً لها إن لم يحسن التحكم بها، وهذه التقسيمات إما أن يكون منشأها ملازماً لتلك القوى وما تفرضه على الإنسان وإما أن يعود على الإنسان بالنفع بسبب توجيهها إلى طرق الكمال التي يسعى إليها.

وبناءً على ما مر يظهر أن الله تعالى لم يأمر الملائكة بالسجود لآدم إلا في الوقت الذي نفخ فيه من روحه، وهذا من أهم الأسباب التي يكمن فيها رقي الإنسان وتفضيله على كثير ممن خلق الله تعالى بسبب أن نفخ الروح فيه لا يعني ايجاد الحياة المادية له، لأن الأخيرة يشترك فيها مع جميع المخلوقات، أما تلك النفخة الخاصة لا بد أن تكون أشبه بإنزال الروح المعنوية التي تفتقر إليها الكائنات الأخرى.

ومن هنا نعلم مدى الفرق بين أتباع الروح المعنوية وبين أتباع الروح المادية الذين وصفهم القرآن الكريم بأسفل سافلين، كما في قوله تعالى: (ثم رددناه أسفل سافلين) التين 5. أو الذين عبر عنهم بمصطلح الموت، كما في قوله: (أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون) الأنعام 122.

وبهذا تظهر النكتة التي يشير فيها القرآن الكريم إلى خلود الإنسان وركونه إلى الأرض، كما في قوله تعالى: (مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض) التوبة 38. وكذا قوله: (ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه) الأعراف 176. واستعارة الأرض هنا لحب الدنيا من المحسنات التي استعملها القرآن الكريم، كما قابل ذلك بالصعود المعنوي الذي ذكر في قوله تعالى: (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) فاطر 10. حيث لا صعود ولا رفع على حقيقته فتأمل.

ولهذا فإن الإنسان المعتمد في الخلافة الشرعية يجب أن يكون على مقربة من الرقي والسمو، وهذا هو الاصطفاء الذي يشير إليه القرآن الكريم في متفرقات آياته كاصطفاء الأنبياء والخلفاء، الذي أشار إليه تعالى بقوله: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) الأنبياء 105. وكذا قوله: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) القصص 5. وقوله: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً) النور 55.

 أما الخلافة العامة التي يراد منها خلافة الإنسان بما هو إنسان دون النظر إلى ما يحمله من روحانيات وعلوم، فقد بينها القرآن الكريم في قوله تعالى: (ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون) يونس 14. وكذا قوله: (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بصطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون) الأعراف 69. وقوله: ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض) النمل 62.

وبهذا يتحصل أن المصطلحات التي تتكون منها الحاكمية لا بد من اشتمالها على بعض الفقرات التي تؤكد على توجيه المجتمعات إلى الطرق التي يرتضيها الحاكم، دون النظر إلى نوعية الحكم، وتترتب على تلك المصطلحات بعض المميزات التي تختلف من مجتمع إلى آخر، ويكون أصلها قد استمد قوته سلفاً عن طريق الرؤية المعنوية أو ما يقابلها من رؤى كالمادية مثلاً، دون النظر للأطر الأولية التي لا يمكن للإنسان أن يكتشف أسرارها، اللهم إلا ما يظهر أمامه من أمارات دون أن يرتب عليها أي نوع من السلوك الشرعي في شخص من يتولى الإمارة.

ولهذا انتفى مفهوم الغرابة الذي يترتب عليه ما يقوم به بعض الحكام من تدمير يفوق الكوارث الطبيعية، وإن شئت فقل هو قياس مع الفارق، وهذا الأمر ليس وليد حالة تأريخية فريدة من نوعها أو منهج معين بل هو أشبه بالطريقة أو السنة المتجددة التي تمر عبر العصور، والقرآن الكريم يؤكد على هذه الحقيقة وبطرق مختلفة، كما حكى تعالى ذلك عن قوم نوح في قوله: (وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا) هود 27. وهذا يدل على أن غير الأراذل حسب نظرتهم الخاطئة، هم من يتولى أمرهم ورعايتهم وقد ترسخت هذه الطريقة في أفكارهم، حتى انتقلت من جيل إلى آخر، وصولاً إلى أصحاب التابوت الذين أرادوا من نبيهم أن يبعث لهم ملكاً، وكانت هذه الواقعة من بعد موسى، كما بينها تعالى في قوله: (ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكاً...... إلى قوله...... قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم) البقرة 246-247. هذا ما لدينا وللمفسرين في الآيتين آراء:

الرأي الأول: قال أبو حيان في البحر المحيط: لما طلبوا من نبيهم أن ينهض لهم ملكاً، ورتبوا على بعثه أن يقاتلوا وكانوا قد ذلوا، وسبي ملوكهم، فأخذتهم الأنفة، ورغبوا في الجهاد، أراد أن يستثبت ما طلبوه من الجهاد، وأن يتعرف ما انطوت عليه بواطنهم، فاستفهم عن مقاربتهم ترك القتال، لأنه طلب ثأر، ومترج أن يكون له الظفر من الله تعالى، لأنهم علموا أن ما أصابهم إنما كان بذنوبهم، فلما أقلعوا وتابوا، ورجعوا لطوع الأنبياء، قويت آمالهم بالنصر والظفر، قيل: وكان النبي قد ظن منهم الجبن والفشل في القتال، فلذلك استفهم، وليبين أن ماظنه وتوقعه من ذلك يكون منهم، وكان كما توقع.

الرأي الثاني: يقول الالوسي في روح المعاني: (ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل) الملأ من القوم وجوههم وأشرافهم وهو اسم للجماعة لا واحد له من لفظه، وأصل الباب الاجتماع فيما لا يحتمل المزيد، وإنما سمي الأشراف بذلك لأن هيبتهم تملأ الصدور أو لأنهم يتمالؤن أي يتعاونون بما لا مزيد عليه، ومن (للتبعيض) والجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع حالاً من الملأ (من بعد موسى) أي من بعد وفاته (عليه السلام) و(من) للابتداء وهي متعلقة بما تعلق به ما قبله ولا يضر اتحاد الحرفين لفظاً لاختلافهما معنى (إذ قالوا لنبي لهم) قال أبو عبيدة: هو أشمويل بن حنة بن العاقر وعليه الأكثر، وعن السدي أنه شمعون وقال قتادة: هو يوشع بن نون لمكان (من بعد) من قبل وهي ظاهرة في الاتصال، ورد بأن يوشع هذا فتى موسى (عليهما السلام) وكان بينه وبين داود قرون كثيرة والاتصال غير لازم و(إذ) متعلقة بمضمر يستدعيه المقام، أي: ألم تر قصة الملأ أو حديثهم حين قالوا (ابعث لنا ملكاً) أي أقم لنا أميراً وأصل البعث إرسال المبعوث من المكان الذي هو فيه، لكن يختلف باختلاف متعلقه، يقال: بعث البعير من مبركه إذا أثاره، وبعثته في المسير إذا هيجته، وبعث الله الميت إذا أحياه، وضرب البعث على الجند إذا أمروا بالارتحال.

الرأي الثالث: قال الطوسي في التبيان: الملأ: الجماعة من الناس يجتمعون للمشاورة، والجميع الاملاء قال الشاعر:

وقالت لنا الاملاء من كل معشر......وخير أقاويل الرجال سديدها

ثم يضيف: وأكثر النحويين على الجزم في (نقاتل) مع النون وقالوا لا يجوز غير الجزم، وأجاز الزجاج الرفع على ضعف فيه على تقرير: فانا نقاتل في سبيل الله، ولو كان بالتاء لجاز الرفع على أن يكون صفة للملك، والجزم على الجواب، كما قال: (فهب لي من لدنك ولياً يرثني) بالجزم، والرفع، ولو كان (نقاتل معه) لحسن الرفع أيضاً لعائد الذكر، ولا يجوز أن تقول: الذي مررت زيد، تريد به، ودخلت (أن) في قوله: (مالنا ألا نقاتل في سبيل الله) واسقطت في قوله: (وما لكم لا تؤمنون بالله) لأحد ثلاثة أشياء: 

أولها: دخلت (أن) لتدل أن فيه معنى: ما منعنا من أن نقاتل، كما دخلت الباء في خبر هل لما تضمنت معنى: ما، قال الفرزدق يهجو جريراً، ويذكر أن أباه كان ينكح اتانا:

يقول إذا اقلولى عليها وأقردت......ألا هل أخو عيش لذيذ بدائم

معنى اقلولى: علاها، ومعنى أقردت: ذلت، وأما سقوطها في الموضع الآخر، فعلى الأصل كأنه قيل: مالنا غير مقاتلين، كما قال: (فمالهم عن التذكرة معرضين). انتهى.

ومعنى اتانا: أنثى الحمار.. ومن أراد النقاط الأخرى فليراجع تفسير التبيان. 

abdullahhenrico@outlook.com

الحسين..روح الإباء و الشموخ الانساني/ العلامة محمد علي الحسيني

من الخطأ الفاحش أخذ ثورة الامام الحسين"ع"، و قولبتها ببعد أو إطار طائفي او حتى عرقي او إقليمي او ماشابه، لأنها قضية و طرح فکري ذو منحى عمومي يکسر و يحطم کل الحواجز و الحدود و يفرض تلك القيم و المبادئ الانسانية الخلاقة، التي دفع حياته و حياة أهل بيته و أنصاره ثمنا لها.
من الظلم کل الظلم إعتبار الحسين إرثا لفئة او طائفة، لأن قيمه و مبادئه التي أراق في سبيلها دمه الزکي أعلى کعبا و أرفع مقاما من ذلك، هذا الثائر الکبير بموقفه و بالتعاليم و المفاهيم الحية التي جسدها في ثورته، أعطى درسا کبيرا و ذو معان عميقة جدا للإنسانية کلها، وان الزعيم الهندي غاندي تعلم الدرس الاکبر من هذه الثورة التي للأسف جهلناها نحن جميعا کمسلمين عندما أطلق مقولته الشهيرة و ذات المعنى النير:(تعلمت من الحسين كيف أکون مظلوما فأنتصر)، فهل هناك من إکتشف هکذا قبس و کنه و مغزى من ثورة الحسين؟
الامام الحسين الذي لاخلاف هناك على أنه سيد شباب أهل الجنة، وأنه کان أحب الناس مع أخيه الحسن إلى قلب جدهما المصطفى"ص"، ليس بإمکان أحد أن ينکر ان آية التطهير التي نزلت بحق أهل بيت النبي و  الحسين"ع"، واحد منهم والتي قال فيها سبحانه و تعالى:
{إنما يريد الله ليذهب عنکم الرجس أهل البيت و يطهرکم تطهيرا}؟ لايمکن التصور بأنه قد ذهب ثائرا من أجل السلطة و المال في وقت کان يعلم علـم اليقين بأن الموت الزؤام بإنتظاره، لکنه ذهب و أطلق أول صرخة إصلاح في التأريخ الاسلامي و الانساني عندما قال:( لم أخرج أشرا ولابطرا وﻻ مفسدا وﻻظالما انما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي)، وهو درس غني و عظيم في نفس الوقت لأنه يعلمنا بأن لانرکن للسلطة او للوجوه وانما لميزان الحق و الباطل، والاصلاح عماده يقوم على کلمة الحق بوجه سلطان جائر، لکننا نتساءل و من حقنا التساؤل:
هل ثارت أمة الاسلام على الاخطاء و الامور السلبية و التجاوزات الفاحشة التي حدثت حتى سقوط الدولة العثمانية؟
الاقدام السائرة بقلوب مفعمة بالحب للحسين نحو مرقده الطاهر في کربلاء، ليس هو مجرد سير عادي، بل هو مسيرة حضارية تذکر البشرية بتضحية إستثنائية و بموقف فريد من نوعه من أجل إباء الانسان و عزته و کرامته، فهذا المسير هو بمعنى الانتماء لمدرسة الحسين الانسانية في طلب الحق و العدالة و الاصلاح، وهو مسير يجسد في نفس الوقت رفضا کاملا للسير في طريق الباطل و الشر و العدوان و الظلم، وان الذين يحاولون قولبة هکذا ممارسة حضارية إنسانية سلمية و إلباسها دثارا سياسا اومذهبيا ، فإنها محاولات مرفوضة و مدانة ولايمکن أبدا أن تتفق مع النهج و الفکر القويم الذي قامت عليه ثورة الحسين مطلقا بل وان ذلك تجن على هذه الثورة و تشويه واضح لها وهي قبل ذلك کله طعنة سامة في القلب الطاهر للامام الحسين الذي نعتبره ميراثا إسلاميا و إنسانيا جامعا وليس سلعة سياسية او مذهبية يتم إستغلالها لإلحاق الاذى و الظلم بالاخرين فالحسين براء من هذا براءة الذئب من دم يوسف.
الحسين في تضحيته الکبيرة التي قدمها على أرض کربلاء و بقيت تداعياتها و آثارها باقية و ستبقى بعون الله الى يوم الوقت المعلوم، هي تضحية من أجل ذلك الانسان الذي أکرمه الله عزوجل بجعله أفضل المخلوقات، وانه و هو سبط الرسول و سيد شباب أهل الجنة أبى أن يذل و يهان هذا الانسان و يجبر على الانکسار و الانحناء، وجسد رفضه لإهانة انسانية الانسان و سلبها من محتواها السر الذي منحها الله تعالى له بثورته هذه التي جسدت روح الاباء و الشموخ الانساني.
*حفيد الإمام الحسين (ع)..محمد علي الحسيني. 
alsayedelhusseini@gmail.com

هذه أخلاق محمد العربي/ العلامة السيد محمد علي الحسيني

 قال تعالى‌ :

.(فَبِما رَحْمَة‌ٍ مِن‌َ اللهِ لِنْت‌َ لَهُم‌ْ وَلَوْ كُنْت‌َ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْب‌ِ لاَ نْفَضُّوا مِن‌ْ حَوْلِك‌َ)

أخلاق‌ النبي‌ّ محمّد (ص) هي‌ التي‌ خلقت‌ أوّل‌ أمواج‌ التيَّار الإسلامي‌ في‌ المنطقة‌ العربية‌ وفي‌ العالم‌ كلِّه.‌

وفي‌ظل‌ هذه‌ الثورة‌ المقدسة‌ تحولت‌ الفرقة‌ إلى وحدة‌، والتحلُّل إلى‌ عفَّة‌ وطهارة‌، والعطالة‌ إلى كدح‌ وكدٍّ، والانانية‌ إلى محبّة‌،والتكبُّر إلى تواضع‌ وعطف‌

وفي‌ ظلِّها أيضاً نشأت‌ مجموعة ‌من‌ الافراد الذين‌ هم‌ نماذج‌ أخلاقية‌ وقدوة‌ لمن‌ سواهم‌

ولقد كانت‌ أخلاق‌ النبي‌ّ محمّد (ص) من‌ العظمة‌ بحيث‌ شهد الله سبحانه‌ بها فقال:‌

.(وَاِنَّك‌َ لَعَلَى خُلُق‌ٍ عَظِيم‌ٍ)

وها نحن‌ نتناول‌ هذه‌ الصفة‌ العظيمة‌ لنتعرَّف‌ على ‌بعض‌ جوانبها

محمّد (ص) بين‌ الناس:‌

مع‌ أن‌َّ نبيَّنا (ص) كان‌ له‌ مقام‌ نبوة‌ جليل‌،وكانت‌ له‌ سلطة‌ وقيادة.‌

فان‌َّ حياته‌ ومعاشرته‌ كانت‌ عادية‌ تماماً،وبدون‌ مظاهر وأُبَّهة‌، بحيث‌ ان‌َّ الغريب‌ كان‌ اذا أقبل‌ إلى مجلسه‌ (ص) يضطر أن‌ يسأل‌ أيكم‌ محمّد ؟

لم‌ تغرَّه‌ الدُّنيا ولم‌ تأسره‌ المظاهر والاعتبارات‌، ولم‌ يقع‌ في‌ حبائل‌ شباكها، بل‌ كان‌ أبداً ينظر اليها بعين‌ الزهد والتقوى‌ .

كانت‌ عبارته‌ (ص) صغيرة‌ اللّفظ‌ قصيرته‌، لكنَّها مليئة ‌المعنى‌ كبيرته‌.

لم‌ ير قط‌ مادَّاً رجليه‌ بين‌ أصحابه‌، يكرم‌ من‌ يدخل‌ عليه‌ وربما بسط‌ له‌ ثوبه‌، ويؤثره‌ بالوسادة‌ التي ‌تحته‌ ويعزم‌ عليه‌ في‌ الجلوس‌ عليه‌ ان‌ أبى، ويكنِّي‌ أصحابه ‌ويدعوهم‌ بأحب‌ِّ أسمائهم‌ تكرمة‌ لهم‌، ولا يقطع‌ على‌ أحد حديثه‌ .

ولم‌ يكن‌ حين‌ كلامه‌ لا مبالياً،ولم‌ يكن‌ يستعمل ‌الالفاظ‌ القبيحة‌ المستهجنة‌.

وكان‌ «يجيب‌ دعوة‌ الحرِّ والعبد ولو على‌ ذراع‌ أو كراع‌،ويقبل‌ الهدية‌ ولو أنِّها جرعة‌ لبن‌ ويأكلها ولا يأكل‌ الصدقة‌،وكان‌ لا يثبت‌ بصره‌ في‌ وجه‌ أحد" .

كان‌ اذا دخل‌ منزلاً قعد أدنى‌ المجلس‌ حين‌ يدخل‌.

لم‌ يكن‌ يرضى‌ أن‌ يقف‌ أحد عنده‌ وقفة‌ الذليل‌،وكان‌ يحترم‌ الجميع‌.

ولقد كان‌ (ص) يأكل‌ على‌ الارض‌، ويجلس‌ جلسة ‌العبد، ويخصف‌ بيده‌ نعله‌، ويرفع‌ بيده‌ ثوبه‌، ويركب‌ الحمار العاري‌ ويُردف‌ خلفه‌ .

انّه‌ (ص) لم‌ يغضب‌ الاّ لله وللدين‌. ولذلك‌ أيضاً كان ‌يفرح‌ ،

عند ركوبه‌ لم‌ يكن‌ يرضى بأن‌ يرافقه‌ أحد راجلاً

في‌ السَّفرات‌ الجماعية‌ ـ أي‌ حين‌ كان‌ يخرج‌ للحج‌ِّ أوفي‌ غزوة‌ مثلاً ـ لم‌ يكن‌ يرضى‌ بأن‌ يكون‌ كلاّ على ‌مرافقيه‌،بل‌ كان‌ يقوم‌ بنصيبه‌ من‌ العمل‌ .

وقد قال‌ (ص): ولكنِّي‌ أكره‌ أن‌ أتميِّز، فان‌َّ الله يكره‌ من‌ عبده‌ أن‌ يراه‌ متميِّزاً بين‌ أصحابه‌، وقام‌ ـ بعد ذلك‌ ـ فجمع‌ الحطب‌ .

كان‌ (ص) وفياً في‌ جميع‌ التزاماته‌ ومعاهداته‌.

يصل‌ الرَّحِم‌ ولا يدافع‌ عن‌ رحمه‌ بدون‌ مبرر شرعي‌.

لا يسمح‌ لاحد أن‌ يتكلَّم‌ على‌ أحد، فانّه‌ يحب‌ُّ أن‌ يخرج‌ إلى الناس‌ وهو سليم‌ الصدر .

كان‌ (ص) مثالاً في‌ التأدُّب‌ والحياء.

وكان‌ مثالاً في‌ رحابة‌ الصدر والحلم‌ والتسامح‌.

يقول‌ أنس‌ بن‌ مالك‌: كان‌ لرسول‌ الله (ص) شربة‌ يفطر عليها وشربة‌ للسحر، وربما كانت‌ واحدة‌، وربَّما كانت‌ لبنا ًوربما كانت‌ الشربة‌ خبزاً يماث‌، فهيّ أتها له‌ (ص) ذات‌ ليلة‌(فاحتبس‌) النبي‌ّ (ص)، فظننت‌ أن‌َّ بعض‌ اصحابه‌ دعاه‌ فشربتها حين‌ احتبس‌ فجاء بعد العشاء بساعة‌، فسألت‌ بعض‌من‌ كان‌ معه‌ هل‌ كان‌ النبي‌ّ (ص) أفطر في‌ مكان‌ أو دعاه ‌أحد؟ فقال‌: لا، (إلى أن‌ قال‌) فأصبح‌ صائماً وما سألني‌ عنها ولا ذكرها حتَّى‌ الساعة‌.

ولقد كان‌ (ص) يحب‌ الصلاة‌ كثيراً، ولكنَّه‌ عندما كان‌الناس‌ يأتون‌ اليه‌ في‌ حاجة‌ ويجدونه‌ مشتغلاً بالصلاة ‌يخفف‌ صلاته‌، ثم‌َّ يستمع‌ إلى حوائج‌ الناس‌، ثُم‌َّ لا يدَّخر وسعاً في‌ قضائها.

كان‌ يحترم‌ الجميع‌، ومقياس‌ الفضيلة‌ عنده‌ الإيمان ‌والعمل‌.

ولم‌ يكن‌ يأبه‌ بالثروة‌ والجاه‌ والمنصب‌،كان ‌عطوفاً على‌ الرقيق‌ مهتماً بشؤونهم‌ وحوائجهم‌ .

تسامحه‌ وعفوه:‌

لم‌ يكن‌ من‌ طبعه‌ محاولة‌ الانتقام‌ ممَّن‌ أساء اليه‌،وكان‌ يتجاوز عن‌ أخطاء الا´خرين‌، وكان‌ يواجه‌ أذيتهم‌ له ‌بالعفو والتسامح‌ .

ورغم‌ كل‌ِّ الذي‌ لاقاه‌ من‌ قريش‌ في‌ بدء الدعوة‌، فانّه ‌عند انتصاره‌ عليهم‌ في‌ فتح‌ مكَّة‌ عفا عنهم‌.

عفا عن‌ (وحشي‌) قاتل‌ عمِّه‌ حمزة‌ وكذلك‌ فعل‌ مع‌ أبي‌ سفيان‌ وهند .

ولكن‌ مع‌ شدة‌ عفوه‌ وتسامحه‌ (ص) لم‌ يكن‌ يقبل‌ بأدنى‌ تجاوز لحدود الله،ولم‌ يكن‌ لتأخذه‌ في‌ الله لومة ‌لائم‌،فعندما أُخبر أن‌َّ فاطمة‌ المخزومية‌ سرقت‌ لم‌ يتقبل ‌وساطة‌ أسامة‌ بن‌ زيد، وقال‌: انَّما هلك‌ من‌ قبلكم‌ انَّهم‌ كانوا اذا سرق‌ الشَّريف‌ تركوه‌، واذا سرق‌ الضعيف‌ فيهم‌ أقاموا عليه‌ الحدَّ، وأيم‌ُ الله لو أن‌َّ فاطمة‌ بنت‌ محمّد سرقت‌ لقطع ‌محمّد يدها.

نظافته‌ وطهارته:‌

كان‌ (ص) يحافظ‌ على‌ أن‌ يكون‌ بدنه‌ وثيابه‌ على ‌طهارة‌ دائماً. وكان‌ يتعطَّر بأجود انواع‌ العطور.

ومن‌ حيث‌ مرّ (ص) كانت‌ تفوح‌ رائحة‌ العطر.

وانّه‌ (ص) كان‌ ينظر في‌ المرآة‌ ويرجِّل‌ جمته‌، ويمشِّط ‌وربما نظر في‌ الماء وسوّي‌ جمته‌ فيه‌ ولقد كان‌ يتجمَّل ‌لاصحابه‌ فضلاً عن‌ تجمُّله‌ لاهله‌. وقال‌: ان‌ّ الله يحب‌َّ من ‌عبده‌ اذا خرج‌ إلى اخوته‌ أن‌ يتهيأ لهم‌ ويتجمَّل.‌

عبادته‌ وزهده:‌

لقد كان‌ له‌ (ص) ولع‌ شديد بالصلاة‌، روي‌ عن‌ أبي‌ عبدالله (ع): ان‌ّ رسول‌ الله (ص) كان‌ اذا صلى‌ العشاء الا´خرة‌ أمر لوضوئه‌ وسواكه‌ يُوضع‌ عند رأسه‌ مخمراً، فيرقد ما شاء الله ثم‌ يقوم‌ فيستاك‌ ويتوضأ ويصلّي‌ أربع‌ ركعات‌، ثم‌َّ يرقد ثم ‌يقوم‌ فيستاك‌ ويتوضأ ويصلِّي‌، انّه‌ كان‌ يستاك‌ في‌ كل‌ِّ مرَّة ‌قام‌ من‌ نومه.‌

وكان‌ يطيل‌ من‌ خضوعه‌ وخشوعه‌ ووقوفه‌ بين‌ يدي‌ الله سبحانه‌ حتى‌ تورّمت‌ قدماه‌ المباركتان.‌

وكان‌ (ص) كثير التأمل‌ شديد الاعتبار بما حوله‌ من‌الارض‌ والسماء والشمس‌ وغير ذلك‌، وكان‌ أكثر ما يفكِّر فيه‌ هو عظمة‌ الخالق‌.

وأمَّا زهده‌ فكان‌ من‌ العظمة‌ بحيث‌ أن‌ مظاهر الدنيا الخلابة‌ لم‌ تفتنه‌ ولم‌ تشدّده‌ اليها

لقد كان‌ محمّد (ص) قدوة‌ في‌ الصفات‌ الاخلاقية ‌الفاضلة‌

وطبيعي‌ أنّنا لا يمكننا أن‌ نوفّيها حقَّها من‌ البحث‌ في‌ مقالة‌ مختصرة.

كُلَّما يمكننا فعله‌ هو أن‌ نعطي‌ صورة‌ ماعن‌ الصورة‌ الواقعية‌ الاصيلة‌ المشرقة‌، حتّى‌ يعلم‌ المسلمون الجدد خاصة اليوم في زمان الادعاء والتشويه والانحراف ‌شيئاً عن‌ أفعال‌ وسلوك‌ نبيِّهم‌ العظيم‌، ويضعون‌ ذلك‌ نصب ‌أعينهم‌ ومثالاً حيالهم‌، قال‌ تعالى‌:

.(لَقَدْ كَان‌َ لَكُم‌ْ فِي‌ رَسُول‌ِ اللهِ اُسْوَة‌ٌ حَسَنَة‌ٌ)

فعليه‌ سلام‌ الله، فانّه‌ أول‌ خلق‌ الله وأفضلهم‌،وسلام‌ الملائكة‌ والصالحين‌ والمقرَّبين‌، وسلام‌ احترام‌ منّا ومنك‌ أيُّها القارئ‌ الكريم.‌

ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون/ عبدالله بدر اسكندر

 العلم الذي وهبه الله تعالى للإنسان هو علم كسبي وحادث، فالإنسان يولد مجرداً عن العلم الحصولي ثم يبدأ في كسب العلوم تدريجياً بواسطة الحواس والإدراكات العقلية التي عبر عنها القرآن الكريم بالأفئدة في قوله تعالى: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) النحل 78. ثم أوكل الله تعالى مهمة التعليم إلى أولياء الأمور، فعلى الولي أن يحسن تلك المهمة التي كلف بها والتي تتمثل في تعليم الطفل في مراحله الأولى حتى يتهيأ للاستقامة في المراحل التالية، وكما قيل إن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر، وكذلك فإن للتعليم في الصغر فؤائد عظيمة قد يصعب الحصول عليها في المراحل اللاحقة، وحصول الإنسان على هذه الفؤائد في مرحلة مبكرة من حياته يجعل لديه ملكة تتعلق بنوع العلم الذي تلقاه في صغره، وذلك لعدة اعتبارات من أهمها سلامة الذاكرة لدى الصغير لعدم معرفته بمتاعب الحياة التي يعاني منها الكبار في الغالب، إضافة إلى إتخاذه نوع العلم الذي يتلقاه وكأنه إحدى الهوايات التي يمارسها.

ثم إن الفرق بينه وبين الكبير هو أن الثاني تتطرق إليه بعض المخاوف التي تحول بينه وبين التعليم، ومن أهمها القلق والتوتر الذي يجعله يركز في الجوانب السلبية أكثر من الجوانب الايجابية، وهذا لا يحصل عند الأول لفراغ ذهنه من الأفكار التي تسيطر في الغالب على الكبار.

فإن قيل: وماذا عن الذين ما زالوا في طلب العلم وهم في مراحل متقدمة من العمر؟ أقول: هذا يعود إلى الملكة التي حصل عليها المتعلم في سنينه الأولى، ولو جئت بإنسان لم يتعلم قط وطلبت منه الحصول على ما حصل عليه أقرانه الذين نالوا نصيباً من العلم لكان الأمر يشق عليه إذا كان في مرحلة متقدمة من العمر فتأمل، والأكثر ضرراً من عدم التعليم هو التعليم السلبي لما لهذا النوع من أثر على الفرد والمجتمع، وقد يرافق المتعلم هذا النوع من التعليم طيلة حياته ويصبح راسخاً في جميع أفكاره وأنماط عيشه، وبعد أن يتغلغل التعليم السلبي في نفوس الناس يصبح كالأفكار الهدامة التي لا يمكن إزالتها من العقول التي اعتادت عليها، وتعد هذه المرحلة من أخطر المراحل بل وتحتاج إلى جهود كبيرة للخلاص منها حيث لا يمكن إخراجها بسهولة ودون عناء.

ولذلك عمدت بعض البلدان إلى عملية غسل الأدمغة التي تحصل في السجون ومعسكرات اللجوء والمصحات العقلية التي ترعى أصحاب الأمراض النفسية التي لم تتفاقم أمراضهم بعد، وقد سنت بعض البلدان قانون حسن السلوك والتغيير لمن يفرج عنهم بعد عقوبة السجن وذلك لتبديل ما استقر في نفوسهم وطبيعة حياتهم التي اعتادوها في الصغر، ومن أهم الأسباب التي يقع ضحيتها الشباب تلك التي يزرعها الآباء الذين لا يتمتعون بخبرة الحياة ولم يحصلوا على حقهم في التعليم، فإذا كان الإنسان فاقداً لنوع من العلم فلا يمكن أن يغذي الآخرين إلا بالعلوم التي لا تصلح لهم  في دينهم أو دنياهم لأن فاقد الشيء لا يعطيه، ولذلك نجـد بعض الأسر التي تـنظر إلى الثقافة العامة وكأنها إثم وإلى الأساطير والخرافات وكأنها من المقدسات التي لا يمكن أن تمس، نجدها قد مهدت لأبنائها أسباب الانحراف، وجميع هذه النتائج والإثم المتفرع عنها سببه العقد البائدة التي أصبحت إرثاً جماعياً لا يمكن المساس به.

 من هنا يصعب على الأبناء تغيير النهج الذي دأبوا عليه بسبب تقليدهم الأعمى للآباء حتى صار هذا التقليد كالعصبية الجاهلية التي لا تنفك عنهم، ولذلك يحدثنا القرآن الكريم عن هذا النوع من التقليد الذي شرع الله تعالى إزالته عن طريق الرسل كما في قوله: (وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون***قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون) الزخرف 23-24.

لذلك فإن المسؤولية التي تقع على عاتق الآباء وأولياء الأمور في تربية الأبناء تعد من المسؤوليات الجسام التي سوف يسألون عنها أمام الله تعالى وأمام الإنسانية، حيث إن التعليم على طاعة الله تعالى والتربية الحسنة تكون نتائجها ايجابية في جميع مراحل الإنسان، علماً أن تقديم التربية الصحيحة للأجيال أصعب من توفير المستلزمات المادية لهم، فمن الأخطاء الفاحشة التي يقع فيها أولياء الأمور تلك التي تجعلهم يقومون بتلبية احتياجات أبنائهم المادية وفي نفس الوقت تجدهم يقصرون في تلبية الحاجات المعنوية والأخلاقية التي تتناسب والفترة المعاصرة لأبنائهم.

ومن الطبيعي فإن الطفل إذا اعتاد في مرحلة مبكرة على العادات الحسنة فقد تصبح جزءاً لا يتجزأ من حياته المقبلة، علماً أن تلك العادات الحسنة التي تـنظم حياة الطفل يمكن أن تتأثر في السلوك الذي دأب عليه الآباء أنفسهم، حيث يكون تقليده لهم كالسنة العملية التي يعتمدها في مراحله القادمة، ولهذا فإن الشارع يحث على اصطحاب الأطفال إلى المساجد التي يذكر فيها اسم الله تعالى وليس المساجد التي تروج النفاق والحقد على الآخرين أو تصدر الجهل والخرافات بمختلف الوسائل المعتادة لديهم، ولا بأس من اصطحاب الأطفال إلى المراكز الثقافية والمكتبات والأندية الرياضية إذا علم الآباء أن ليس هناك ما يتسبب في انحراف أبنائهم، أما في حالة علم ولي الأمر بأن في تلك الأماكن ما يخالف الدين والأخلاق الحميدة فعليه منع الأطفال من الالتحاق إلى تلك المراكز حتى وإن كانت تحت مسمى الإصلاح والعبادة.

وبناءً على مامر يصبح التعليم الذي يتخذه الطفل في صغره ملازماً له في كبره دون أن ينفك عنه بحال من الأحوال، ولذلك نجد أن الشباب الذين اعتادوا على مواصلة الصلاة بصورتها الصحيحة سيكون لهم أصل وجذور في هذا الجانب فتعليم الصلاة وأخذها كعبادة راسخة تحت عنوان العلم بها وما تؤول إليه نتائجها هو الذي يجعل استمرارها من الأمور المسلمة ولا يحسن ذلك الاستمرار مالم يشفع بالخشوع الناتج عن علم الإنسان بأهمية العمل الذي يقوم به، فقد تكون الصلاة كالعادة أحياناً ولا تؤدى إلا كالحركات الرياضية، وقد تكون اجبارية لدى بعض الأسر التي تعتقد أن الصلاة تلازم الابن إذا اعتادها عن طريق القوة وهذا من الأخطاء الشائعة وقد تنتهجها بلدان بأكملها دون جدوى.

من هنا يجب أن يكون النهج المتبع في تعليم الصلاة قد بني على قواعد راسخة يحافظ الإنسان عليها في مراحله القادمة التي تؤسس لديه الخشوع لذكر الله تعالى وهذا الخشوع لا يتأتى إلا بالتعليم الذي تأصلت لديه جذوره منذ الصغر لأجل أن يبقى في تواصل مع هذا النهج الذي يجعله يقشعر حين تتلى عليه آيات الله تعالى حتى كأنه يعيش بين الخوف والرجاء كما قال عز من قائل: (الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله) الزمر 23. 

وعند التعمق في معرفة أصحاب هذا النهج نجد أن الدعوة الإيمانية التي ألقيت على عاتقهم تجعلهم في مواظبة دائمة على إقامة الصلاة بكامل أركانها وشروطها حتى تصبح كالأصل الراسخ الذي لا يفارقهم في جميع مراحلهم وتوجهاتهم، أما الذين جانبوا هذا النهج ولم يراعوا حقوق الله تعالى في أداء الصلاة، فلا جرم أن هذا الصنف لا تؤثر فيهم الإرشادات والنصائح لتأصل الرفض فيهم منذ المراحل الأولى من حياتهم بل حتى عند قيام الساعة وشدة الأهوال، تراهم حين يدعون إلى السجود يكون من الصعب عليهم تنفيذ هذا الأمر الذي يجعلهم شهوداً على أنفسهم.

 وما رفضهم للسجود في الدار الآخرة إلا بسبب استقرار ملكة العناد في توجهاتهم ونفوسهم، وأنى لهم الاستجابة في يوم تشخص فيه الأبصار وتتفاقم فيه الشدائد والأهوال، ويشتد فيه الأمر ويعظم فيه الخطب، وتكشف القيامة عن أمر غاية في الهول والكرب، فترى المجرمين ومن على شاكلتهم يدعون إلى السجود فلا يستطيعون، كما قال تعالى: (يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون) القلم 42.

abdullahhenrico@outlook.com

لانها تبشر بالفرح والسلام الموسيقى عنوان مهرجان عيد الميلاد في بنشعي

الغربة
تنظم جمعية الميدان سلسلة نشاطات ميلادية خلال شهر كانون الاول، وكانت قد إفتتحت على ضفاف بحيرة بنشعي المهرجان الميلادي السنوي السابع christmas by the lake يوم السبت ٦ كانون الاول الذي يستمر حتى السادس من كانون الثاني ٢٠١٥ ليشمل عيد الميلاد لدى الطائفة الأرمنية.
وأطلقت الجمعية على مهرجانها الميلادي لهذا العام عنوان" الموسيقى" الذي تعبر عنه زينة ضخمة ترتفع على علو ٣٠متراً على شجرة العيد، وتم إختيار الموسيقى كونها اللغة العالمية التي تجمع مختلف الحضارات والأذواق، ولما لها من تأثير إيجابي بنشر الفرح والسعادة والسلام ، كما تستمر المفاجأت طيلة الشهر.
اما في ٢٠ كانون الاول وبرعاية وزارة الثقافة وبمساهمة من المعهد الوطني العالي للموسيقى- الكونسرفتوار تقدم جمعية الميدان الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى التي ستقدم ترانيم وأغاني الميلاد بقيادة أندريه الحاج وغناء غادة غانم، على مسرح مدرسة الأنطونية الخالدية-زغرتا، في تمام الساعة الثامنة مساءً.

ريسيتال ميلادي لاطفال مؤسسة مار انطون الاجتماعية كفرفو قضاء زغرتا

الغربة ـ زغرتا ـ  
نظمت مؤسسة مار انطون الاجتماعية ـ كفرفو قضاء زغرتا، ريسيتالا ميلاديا، بالتعاون مع الفرقة الموسيقية التابعة لكشافة لبنان فوج حرف ارده ـ زغرتا، على مسرح مدرسة الراهبات الانطونيات في منطقة الخالدية قضاء زغرتا، بحضور رئيس اساقفة ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، رئيسة مدرسة راهبات الانطونيات الخالدية الام بازيل الصياح، رئيسة مؤسسة مار انطون الاجتماعية كفرفو الاخت ماتيلد ساسين، ولفيف من كهنة الابرشية، والرهبان والراهبات، وحشد من المثقفين واهالي الاطفال. 
بداية النشيد الوطني اللبناني ثم كلمة ترحيب من الاستاذ بولس بطرس قال فيها :" ايها الاله العظيم، نحمل اليك اليوم في زمن ميلادك، باقة من زهور يافعة، قست عليهم الحياة، لولا ان عنايتك ارسلت فعلة فشذبوا الشوك ورموا الزؤان لتكون تلك الزهور يانعة ورائعة على مثالك، انهم اولاد مؤسسة مار انطون الاجتماعيةـ كفرفو، هذه المؤسسة التي تكفلت باعادة تاهيل او متابعة كل طفل مهما كان عرقه، دينه، او انتماؤه، وتسهر على تربيتهم وتعليمهم بالتعاون مع مدرسة مار انطون البادواني كرمسده".
اضاف بطرس:" هذه المؤسسة تابعة لابرشية طرابلس المارونية، ويرعاها بنفسه راعي الابرشية المطران جورج بو جوده مشكورا، وتديرها راهبات العائلة المقدسة، وتراس ادارتها الاخت ماتيلد ساسين، مع نخبة من الاخوات الراهبات، وتتابع اوضاع اولادها الدراسية مع مدير مدرسة مار انطون الشماس ابراهيم الخوري، الذي تعب وجهد كي تكون مدرسته نموذجية، مجهزة احسن تجهيز، كي يشعر الطالب بدفء العائلة والمؤسسة على حد سواء". 
وشكر بطرس كل من ساهم وعمل على انجاح هذا الحفل المميز، خاصة ادارة مدرسة راهبات الانطونيات الخالدية، والفرقة الموسيقية التابعة لكشافة لبنان فوج حرف ارده، وقائدها الاستاذ مارون نمر الذي تعب وعمل على تدريب الاطفال في اقل من شهر، وجميع الذين حضروا وشجعوا الاطفال.
ثم كانت كلمة المؤسسة القتها الطالبة صونيا عكاري وقالت فيها:" كل عيد وانتم بالف خير، في هذه المناسبة المفرحة، نطل عليكم للمرة الاولى، نحن طلاب مؤسسة مار انطون الاجتماعية، من خلال هذه الوقفة الميلادية، لنتشارك معا فرحة العيد، ونقول لكم: نحن طلاب مؤسسة مار انطونيوس البادواني، نوجه شكرنا العميق اليكم، لانكم شاركتموننا، بعضا من فرحتنا في هذا العيد المجيد، نحن قررنا ان نعبر عن ميلاد يسوع المسيح بطريقتنا الخاصة، وبما اننا نعيش في مغارة نتشارك فيها معنى الحياة سويا، ندخل الى اعماق المحبة، نتعلم كيفية الاحترام وننمي شخصيتنا، على هذا الاساس ادخلت الام الرئيسة في اذهاننا فكرة القيام برسيتال ميلادي، وتم تدريبنا من خلال الاستاذ مارون نمر والفرقة الموسيقية التابعة لكشاقة لبنان فوج حرف ارده. انه الميلاد، صورة لمعنى خاص، يعطي روح اجمل للانسان، وفي هذا العيد المجيد لا حدود لفرح الاكوان، فالارض ترتدي فيه زيا طاهرا يتزغرف بالايمان، في هذا العيد يولد عالم جديد مليء بالحنان، حنان يذكر الناس ان في قلوبهم احساس يقودهم الى الخلاص".
وفي الختام تحدث راعي الحفل المطران جورج بو جوده فشكر "كل الذين تعبوا على تحضير هذا الريسيتال الميلادي الرائع، واثنى على المجهود الذي بذله اطفال المؤسسة والعناصر الكشفية من اجل تظهير هذه الصورة الرائعة للاحتفال، مشيرا الى ان "الايتام غالبا يكونوا ضحية الخلافات العائلية والمشاكل في المجتمع البشري، ولا سيما الأطفال والأولاد منهم. إنّهم أُناس أبرياء لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم وتأمين ضروريات الحياة، فنراهم غالبا تائهين ضالين في الشوارع يستعطون لقمة العيش ويتحولون في الكثير من الأحيان إلى ضحية للعصابات والمافيات التي تستغلهم ماديا وجنسيا لا سيما في زمن الحروب والثورات فتنكل بهم وتحطم أعضاءهم وتوزعهم في الشوارع والطرقات لتثير عواطف الناس عليهم لمساعدتهم، بينما هي تجعل منهم أداة للكسب غير الأخلاقي والشرعي".
ووجه المطران بو جوده:" دعوة إلى جميع أبناء الأبرشية، كي يولوا هذه المؤسسة إهتمامهم، ويقوموا بزيارتها والتعرف الى اطفالها، لأن الأولاد الذين تستقبلهم هم من أبناء الأبرشية، وكلّنا مسؤولون عنهم، ومطلوب منا المساهمة في تأمين ضروريات الحياة لهم، ومساعدتهم على الإنخراط في المجتمع كأعضاء فاعلين فلا يبقون عالّة على أنفسهم وعلى المجتمع. فإنّهم، في الحقيقة الأعضاء المتألّمة في جسد المسيح والإهتمام بهم هو إهتمام بالمسيح يسوع بالذّات.