النازية الاسلامية والحضارات/ لطيف شاكر

عندما قام  عدد من الاسلاميين المغرر بهم  الذين يعيشون عالة علي المجتمع الفرنسي ويرفلون برحابة العيش في بلد النور والحرية  بالهجوم الدموي علي  جريدة شارلي ابدو بفرنسا  التي تدأب علي نقد الاديان  بالكلمة والرسوم الكاريكاتورية ولقى 17 شخصا مصرعهم  منهم ثماني من امهر الرسامين , فإن هذا  العمل  البربري المشين لاينسحب علي تهديد الشعب الفرنسي فقط بل علي شعوب وحضارة اوربا  بأكملها وعلى الديمقراطية في كل مكان.

ان هذا الهجوم  المشين  علي اصحاب القلم , يمثل هجوما على كل الاعلام  والاعلاميين  ,وفي مخيلتهم ان بهذا العمل السافل  سيقصفوا اقلامهم  ويذعنوا   للتخلف الفكري والرجوع القهقري الي ثقافة البدو .

لم تكن جريدة شارلي ابدو اول  من  قاموا بهذا العمل فقد سبقهم صحف عديدة في بلاد  مختلفة  ولغات  متباينة وباشكال متعددة  بل الاكثر  أن بعض المتاحف والمكتبات تضم صورا لمحمد منذ العصور الوسطى. أي أنه ليس في ذلك شيء موجه ضد المسلمين حتي يقوموا بهذا الهجوم التتاري وعملهم الخسيس وهو مجرد ذريعة  لاظهار الحقد علي الحضارة الاوربية الراقية .
وتدور اسئلة حائرة  في ذهني :

  هل الارهابيون  يتحدثون باسم القرآن؟
وهل القرآن يحث علي هذه المجازر ؟
هل بهذا التصرف الاحمق سيجفف مداد الاقلام ام سيزيده انسيابا  ؟
وما تاثير هذه الجريمة الحقيرة علي المواطنين الاوربيين ؟
وما اثرها  علي المسلمين الذين يتمتعون بمزايا عديده لاينالوا شعرة منها  في بلادهم ومن عرق الاوربيين ؟

اما السؤال الهام الذي يفرض نفسه :لماذا انتم هناك في بلاد الكفار في نظركم الاعمي وخيالكم المجنون؟ لماذا لاتعودون الي بلادكم حيث  تكوموا  الاعلون  ولا ينطق احد ببنت شفاه علي اسلامكم ونبيكم وتكونوا في مأمن ولا تسمعوا مايضايقكم ...ارحلوا  الي بلادكم بتتمرمغوا في الفقر والجوع والمرض والفساد ....المستقبل  ليس في جانبكم  الآن او علي رصيفكم فأنتم اصرتم  ك براقش (كلب) التي جنت علي أهلها .

حتي لو ظهر الحكام بمظهر التسامح امام العالم لتهدئة الاجواء فالشعوب لن تتسامح معهم  او معكم  ,بل ربما يحدث صدام بين الشعوب وحكامها وينتهي بفوز اليمينيين المتشددين  وبالأكيد  سيؤثر هذا علي  المعيشة الحياتية   للمسلمين  المعتدلين , وسيحد من هجرتهم الي اوربا لانهم اصبحوا قنابل موقوتة , والاكثر خطورة ان الاوربيين  لايميزون بين الارهابيين المتطرفين  والمسلمين المسالمين الذين  تشبعوا بالثقافة الغربية , وقد تنشب حربا ليس بين المسيحيين والمسلمين بل بين  المسلمين  الذين يعشقون الغرب ويريدون العيش بسلام وبين الاسلاميين المتشددين , ولاننسي في هذا الزخم دور اسرائيل والصهيونية التي تغذي المشاعر وتسعر نيران التعصب  حتي لاتخمد نيران  الكراهية و يحقن  الدماء انها  دائما المستفيدة من  هذه المواقف  الملتهبة .
ان الاسلاميين لايبالوا بالدماء التازفة من الاوربيين فهذا جهاد مقدس  وطريق  الجنة   المخضبة  بدماء الكفار    ,والاوربيون لن يتوقفوا عن تكرار الرسوم والكتابة في نقد الاسلام  والاديان وهذه ثقافة اوربية وحضارة غربية .
ان الاوربيين لايعتبرون النقد بالحروف او الرسوم  الكاريكاتورية سخرية بل حقا للتعبير عن المخزون الثقافي , فالحرية التي  يرفلون بها تعطيهم استحقاقا  لنقد كل شئ حتي الله نفسه مرورا بالاديان كلها .
لقد  سخرت الصحيفة سابقا من البابا، والكاثوليك والمسيحيين وغيرهم، ولم يتعرض احد لهم ولم يستخدم المسيحيون المتشددون ولو بالتهديد الشفهي او الوعيد الابدي  ,ليس  لانهم لايحبون ديانتهم او لايغيروا عليها  بل بالعكس,فصمتهم ازاء هذه الرسوم جعلت المجلة  في موقف مخزي حتي كادت المجلة تشهر افلاسها وانخفض توزيع اعدادها , وبهذه المذبحة صارت  الجريدة  الآن لها شأن كبير ويشار لها بالبنان .
يقول احدهم  أن الاسلام، كسائر الديانات، مندمج مع غيره وجزء من كل. فعدم الاحترام او التبجيل، كما هو الحال مع الآخرين، يعني ببساطة أننا أحياء وأننا نقوم بعمل ثقافي وسنستمر .
الارهابيون سينتصرون  لو توقف الرسامون عن الرسم. والقلم عن  النقد,  وبالرغم ان ثمانية من الرسامين  ماتوا. والعدد الكلي للناس الذين ماتوا 17 شخصا. بما فيهم اليهود  ,فهم مستمرون في  النقد والسخرية  وكسبوا تضامن العالم معهم ,ضد ما يصل إلى حد نازية العصر الحديث او فاشية  الوقت الراهن,  ولسان حال  الصحفيين والرساميين  الاوربيين  اننا هنا وسنفعل  ذلك , ، ليس فقط   في مقر جريدة شارلي إبدو، بل في كل مكان وفي كل بلد في العالم

 وفي سابقة تاريخية للمجلة، أصدرت اليوم، أولى أعدادها بعد الحادث في ثلاثة ملايين نسخة، بخمسة لغات، وزعت في  20 بلدا، بدلا من 60 ألف نسخة وهو الكمية المعتاد طبعها في الصحيفة، وتصدرت رسوم لرسول الإسلام في الصفحة الأولى وهو "يدمع"  وهو يحمل بين يديه لافتة مكتوب عليها "أنا شارلي".
ومن خلال قراءة مابين السطور سيشن العالم الحر حربا خفية  ضد هذا الارهاب الدموي والتخلف الفكري , ولن يقف مداد الاقلام عن التعبير بشجاعة ودون خوف , واصدار  العدد الحالي بنفس الرسوم الكاريكاتورية  بهذا العدد الضخم دلالة علي   تحدي الجريدة  بشجاعة لهذا الارهاب  البدوي  , وانهم  وامثالهم  قادرون على الاستمرار لخلق عالم أفضل يتسم  بحرية الكلمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق