حضرة المونسنيور مرسلينو يوسف،
حضرة الأب الرئيس وجمهور الآباء في رعية مار شربل،
سعادة القنصل العام جورج بيطار-غانم،
حضرة رئيس حزب القوات البنانية في ولاية نيو ساوث ويلز ، السيد جهاد داغر والسيدة عقيلته وأعضاء الحزب،
عائلات الشهداء الأحباء،
رؤساء الاحزاب والجمعيات والروابط،
الاعلاميين والصحافة،
ايها الأحباء،
"نريد ان نرى يسوع"
كلمات توجه بها اليونانيون الى فيليبس، كما سمعنا في انجيل اليوم، ونتوجه بها نحن اليوم من منطلق الايمان والمحبة لرؤية الرب الذي بادر وأحبنا أولاً، فنلتقيه في القربان المقدس. لكن القديس بولس أعطانا جواباً آخر قائلاً: "أنا لا أعرف يسوع المسيح إلا مصلوباً." ففي هذا الأحد المبارك الذي نحتفل به بعيد الصليب وبالأحد الأول بعد العيد نتأمل بمعاني الصليب المقدس ونعود الى سنة 326 حيث كان الاحتفال الأول بهذا العيد في 14 ايلول يوم اكتشفت القديسة هيلانة الملكة، والدة قسطنطين الملك، خشبة عود الصليب في اورشليم.
فبهذا العيد نحتفل بتماهي يسوع المصلوب مع خشبة الصليب ليصبح هذا الأخير رمز خلاصنا وشاهداً على محبة الله العظيمة للبشر، اذ بالصليب، وفيه فقط، يختصر مشروع الله الخلاصي من التجسد الى الآلام والموت فالقيامة.
وفي هذا الأحد نجتمع بدعوة من حزب القوات اللبنانية في سيدني، لنصلي من أجل راحة نفوس شهدائهم الذين قدموا ذواتهم على مذبح الوطن حباً بلبنان ودفاعاً عن أهلهم وقضيتهم وايمانهم. لقد استشهدوا هم لنبقى نحن.
وفي كل مرة نتكلم عن الشهادة والاستشهاد نعود لننطلق من الشهيد الاول والمثال الأعلى لكل شهيد وهو الربّ يسوع نفسه الذي أحبنا ومات على الصليب من أجلنا محققاً بذاته ما قاله لتلاميذه: "ما من حب أعظم من ان يبذل الانسان نفسه عن أحبائه."
والشهداء الذين نحيي ذكراهم اليوم ماتوا دفاعاً عن وطن أحبوه وبذلوا أرواحهم الذكية لكي يبقى لبنان ويستمر ونستمر.
ويأتي احتفالنا بقداس شهداء المقاومة اللبنانية هذه السنة بإطار سنة الشهادة والشهداء في كنيستنا المارونية، والتي أعلن بدايتها غبطة أبينا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى في عيد أبينا القديس مارون هذه السنة والتي ستختتم في عيد القديس مار يوحنا مارون في 2 آذار سنة 2018.
ومن خلال هذه السنة نحن مدعوين للتعرف الى شهداء كنيستنا المارونية، ابتداء من ال 350 شهيد من رهبان دير مار مارون والتي استشهدوا سنة 517، الى البطريرك جبرايل حجولا الشهيد، الى الاخوة المسابكيين الثلاثة. وتدعونا سنة الشهادة والشهداء الى التأمل بمعنى الشهادة والى فهم دقيق لمفهومها، لأن كلمة شهيد اليوم تستعمل بأشكال ومعانٍ مختلفة. أما المفهوم المسيحي لها فنختصره بما يلي:
1. الشهيد في المفهوم المسيحي لا يقتل نفسه ولا يطلب الموت بل يقبله حين يأتي.
2. الشهيد يقبل الالم والعذاب من اجل قضيته ولا يلحق الضرر والالم بالآخرين.
3. الشهيد يحب الحياة ويشربها كالماء، لكنه أيضاً يقبل الموت ويشربه ككأس نبيذ.
4. الشهيد الحقيقي لا يفجّر نفسه بشكل انتحاري من أجل قتل الآخرين حقداً وانتقاماً، انما يكون مستعداً لبذل نفسه دفاعاً عن قضيته وحباً بالآخرين.
فمن هنا تعطي الكنيسة مكانة خاصة للشهداء وتدعو المؤمنين لإكرامهم وطلب شفاعتهم لأن "كنيسة من دون شهداء تبدو وكأنها كنيسة من دون يسوع المسيح"، بحسب البابا فرنسيس. ونحن اليوم نقول أن وطناً من دون شهداء هو وطن من دون روح وحياة.
وفي الختام، نصلي من اجل السلام في لبنان وبلدان الشرق الاوسط ونذكر بنوع خاص في قداسنا اليوم شهداء الجيش اللبناني الذين سقطوا في عملية تحرير لبنان من الارهابيين، وقد أكّدوا باستشهادهم ان الجيش اللبناني وحده قادر على حماية سيادة لبنان وصون حدوده وسلامة اراضيه.
ونصلي في هذا الأحد ايضاً لأجل المجتمع الاوسترالي لكي نكون متحدين مع بعضنا البعض ومتضامنين في الدفاع عن العائلة والزواج بين الرجل والمرأة، كما أراده الله وكما تعلمنا اياه أمنا الكنيسة المقدسة، فنرفض تعديل القوانين للسماح بزواج المثليين، ونصوّت بكلا في الاستفتاء البريدي.
ونطلب شفاعة العذراء مريم سلطانة الشهداء، والقديس شربل شفيع هذه الرعية، من اجل انتصار المحبة على الاحقاد، والسلام على الحرب، والأخوة على العدواة، والعدالة على الظلم، فنحقق بذلك الغاية التي مات من أجلها شهداؤنا الابرار. أمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق