أيام زمان عَـبر البحار
إن غـياب الضمير الإنساني في موقع عـملي السابق مُـتَمثــِّلاً بتجاهـل كـفاءتي وإخلاصي ، بالإضافة إلى نسج البعـض مِن إداريّـيهِ خـِرَقاً بالية مِن خـلف الكـواليس ، لحـجـب نور مَن يحـمل بـيـَـدَيه الفـوانيس ، وسلوكهم الـتافه عـلى مسرح العـمل في إبعاد صوت الحـق الذي يزأر ويؤرق ليلـَهم الخـسيس ، ورغـم مشاعـري الحـميمة الصادقة التي فاقـتْ تمَـلـُّق رفاقَ الأزقــّة والدهاليز ، أقـول إنَّ كـلَّ ذلك دعاني إلى تـَـذمُّـري من ذلك الواقع الرخـيص ، فـهجـرته بإخـتياري الحُـرّ والموثـق بالإيميل في مطلع عام 2008 وليس مِن قِـبَـل الإدارة كما روّج السيـد النائـب الموقـر للـبعـض خارج أستراليا ! وبـدون خجل !! حـقاً قـيل : إنْ كـنـت لا تـستحي إفعل ما تـشاء .
ولكـنَّ الشـكـر للرب مانح الحـياة الذي فـتح أمامي باباً آخـراً دون تأخـير حـين قادتـني الأيام إلى العـمل في إحـدى القارات عَـبر البحار ( أشهـراً تعادل سنيناً ) فـإستمتعـتُ بالسياحة الكـثير وعـلـَّـمَـتـني الأيام أكـثر وإخـتبرتُ الحـياة الأكـثر ، وهـناك شاءت متـطلـبات العـمل أن أكـون قـريـباً من جـماعات ( الإرهابـيّـين ! ) في إحـدى الـدول من تلك البقاع .
وأثـناء أحـد اللقاءات رغـبتُ أن أحـدّثهم بما يجـول في خاطري ويخـتلج في صـدري بطريقة رشيقة سَـلِسة لا تـثيرهـم ، فـكـلـّمْـتهم باللغة التي يستـسيغـونها بأسلوب إجـتماعيِّ وتربويِّ شَـيّـق كي يستمعوا إليَّ بإنـتباه وقـلتُ لهم : أنا كـنتُ من روّاد الأفلام الهـنـدية في أواخـر الستينات وأوائل السبعـينات من القـرن الماضي ( فـعـلـّق أحـدهم فـوراً قائلاً : يـبـدو أنك رومانسيٌّ أستاذ ) !
وأنا لا زلتُ أواصل حـديثي قـلـتُ : وفي أحـد الأفلام منها ، غـنى الممثل أغـنية باللغة الإنـﮔـليزية ، تأثـرتُ برومانسية لحـنها وعـمق معانيها فـحـفـظـتها فـوراً لبساطة كـلماتها وهي :
Come shake my hand ....... تعالَ وصافـحـني
And love each other ...... ولنحـبّ بعـضنا بعـضاً
Let us feel happiness ....... دعـنا نـشعـر بالسعادة
In this world together ........ في هـذا العالم سـويّة
This is the only truth ........ هـذه هي الحـقـيقة الوحـيـدة
Remember my brother ....... تـذَكـَّـر يا أخي
فـنادى أحـدهم من مكانه ممَّن أعـجـبته وتأثـر بها أيضاً وقال برزانة وذكاء الواعي : ( أستاذ ، لقـد وصَـلـَـتْ الرسالة ) ! ثم قـلتُ لهم : الأغـنية إنـتهـتْ ولكـن إسمحـوا لي أن أعَـلـِّـقَ عـليها بعـض الشيء .... طبعاً سادَ السكـوتُ بـينهم شـوقاً ليستمعـوا إليّ فـربما عـنـدي المزيـد ، وأردَفـتُ :
نحـن جـميعـنا خـليقة الله ، خـَـلـَـقــَـنا عـراة في هـذا العالـَم ، فـترعـرعـنا وكـبـِرنا وعـمِلنا وبَـنـَينا وعـمَّـرنا ووَفـَّـرنا وأنجَـبْـنا ، ومهـما طالَ عـمْـرُنا فإنـنا كـلنا متجـهـون نحـو خـط نهايتـنا ، عـنـدئـذ لن نأخـذ معـنا ....... فـقاطعـني أحـدهـم معـلـقاً مباشرة وقال : ( سِوى الكـَـفـَن ) . وأضفـتُ :
إنـنا سوف نـترك كل شيء ونغادر هـذه الأرض دون أن نأخـذ معـنا شيئاً مما كـسَـبناه ووفـَّـرناه في هـذه الدنيا ، وبإخـتصار : لـقـد جـئـنا إلى العالـَم عـراة ً ونغادره عـراة ً . إذن ، لِـمَ كل هـذا العـراك ، القـتال ، الصراع ، الـذبح ، الحـقـد ، الكـراهـية ، الإنـتـقام ، الإنحـراف ، السرقة ، الإغـتصاب ، الإخـتطاف والسطو ، في العالـَم ؟ .....
( فـنادى أحـدهـم من مكانه وقال : أستاذ ، هـل أنـتَ مَسيحِي ؟ ) وهـنا بـيت القـصيـد في مقالي !
فـقـلتُ له : نعـم إنـني مسيحيٌّ ( فـقال : يظهر عـليك ذلك ) وأكـملتُ قائلاً : أنا مسيحيٌّ من العـراق والآن أسترالي الجـنسية ..... ثم خـتمتُ كلاميَ قائلاً لهم : ثِـقـوا ــ وأنـتم تعـلـَمون ــ إنَّ كـل مَن عـلى هـذه الأرض فانٍ ولا يـبقى إلاّ وجه خالقِها ، وما عـلينا إلاّ أن نـُـبْـقيَ إسمَـنا مرفـوعاً ومتجـسِّداً في أعـمالـنا الجـليلة وذكـرياتـنا الجـميلة .
تـُرى ، ما الذي قـلتـُه لـذلك المستمع إلى حـديثي ليكـتـشفَ مسيحـيَّـتي ؟ لـَمْ يكـن يعـرف إسمي ، ولا معـتـقـدي ولم أذكـر له شيئاً مِن الإنجـيل أو آياته ، ولا قـدّيسيه المؤمنين به أو رُسُـلِه ، ولم أصف له الـدير ورُهـبانه . ولكـنـني إخـتــَصَرتُ موعـظة يسوع عـلى الجـبل وتعاليمه ، رسائل مار ﭘـولص الرسول وأفـكاره ، نـذور الراهـب وصومعـته ، وعـظ الكاهـن وكـنيسته ، الفادي الذي حَـمَـلَ الصليـب طائعاً قـبل أنْ يحـمله وغـفـرانه لأعـدائه ! وكـذلك عَـرَضتُ مسيرة 2000 سنة من تاريخ المُـخـَلـِّص وقـيامته ، الطريق والحـق والحـياة وكلامه العـذب الذي كـلـَّـمَـنا به ، دماء الشهـداء من أجـل الإيمان بالرب وأقـواله ، نور العالـَم الذي تـَـنـَـوَّرْنا به .
عَـبَّـرتُ عـن كـل ذلك بالكـلمات المضيئة لتلك الأغـنية البسيطة والناطقة بالمبادئ المسيحـية المُجَـسِّدة لـ ( الله محـبَّة ) دون ذكـر إسم المسيح ! .... المسيحـية المُحِـبَّة التي تحُـلَّ مَحَـلّ حـقـد المنـتـقـمين لتـنير دروب التائهـين ، الهادئة لـتـُـريح أعـصاب المنـفـعـلين ، المُسالِمة لتـُـقـَـوِّم سلوك العُـدوانيّـين ، الكـريمة لتـشرح قـلوبَ اللئـيمين ، المليئة بـدعَـوات الخـير لتـزرع الرجاءَ والأمل في نفـوس بني البشر اليائـسين ، العـذبة المُـنعِـشة المُـفـرحة عسى أن تـُـغـيَّـر بعـضاً مِن سلوك الحاقـدين .
تلك هي الكـلمات المتلألـئة بإشعاعاتها لا يُحـجَـب بريقـُها مهـما وُضِعَـتْ الحـواجـز حـولـَها ، ولا يُـبْـطـَل نبضُها مهـما عُـزلـَـتْ شرايـينها ، ولا ينـقـطع صوتـُها مهـما إبتعـدتْ وأُبْـعِـدَتْ الآذان السامعة لها .
ومما لا شـكّ فـيه أنَّ مستمعيَ المشار إليه سرعان ما أثمرَتْ فـيه كـلماتي وجَـعـلـَته يستعـرض تعاليمَه الهـدّامة مع نفـسه ، ويستـذكـر ممارساتِه السلبـيّة في قـلبه ، ويتخـيَّـل خـطـطه الشرّيرة أمامه ، وبضمير ! صَحا فـجأة في داخـله ، ليقارن بـينهما ويفـصح عـن خـلاصة إستـنـتاجاته وهي أنَّ ماء الحـياة ينبع فعلاً من ينبوع الحـياة ، ومَن يشرب منه يرتوي ، فـترتسم ملامح إنـتعاشه عـلى وجهه ، ويُسـتـدلّ عـليها من أقـواله وأفـكاره المسيحـية وأفـعاله ...
وبـذلك نكـون قـد تـلـمَـذنا الأممَ ــ في عـقـر دارهم ــ دون أن نرتـديَ جُـبَّة ولا سـوتانة ولا نحـمل صولجاناً ، ودون أن نقـفَ خـلف منبـرٍ وعـيونـنا تـحَـمـلق راسمة منحـنياتٍ يميناً ويساراً لإستـطلاع الجالسين أمامنا ........ فلا قـرأنا قانـون الإيمان ولا طلـبنا قـراءة سـورة الفاتحة من (( الضالـين )) .
نعـمْ ، كـَـمْ طـوَّقـَـتْ الأصفاد زنود المؤمنين الأحـرار فـكانـت طريق المسيحـية مَرْويٌّة بـدماء الشهـداء الأبرار ، ولكـن كـلمة الحـياة خالـدة منـيرة تـقـضُّ مضاجـع الحـمقى الدائرين في رديء المـدار ، وأبواب الجـحـيم لن تـقـوى عـليها بل تبقى القِـيَـمُ المسيحـية تـتلألأ في بؤر الظلام والأشرار ، عـسى أن تـُـنير عـقـول القابعـين في دنيء الأطـوار ، فـتـقـود العُـتاة العابثـين بتعاليم السماء ، إلى شاطئ الأمان والرفاء . إنهم فعلاً تـُعَـساء ، نـتألـّم لهم وعـلى حالهم نحـزن ونـُـواسيهم بالرثاء ، وعـلى طبق ذهـبي قـدَّمنا لهم الـدواء ، فـهـل عـنـدهم إستعـداد للشِـفاء ؟ .
ملاحـظة : مقال منـشـور في 2009 أضفـت إليه لمسات حـديثة .
إن غـياب الضمير الإنساني في موقع عـملي السابق مُـتَمثــِّلاً بتجاهـل كـفاءتي وإخلاصي ، بالإضافة إلى نسج البعـض مِن إداريّـيهِ خـِرَقاً بالية مِن خـلف الكـواليس ، لحـجـب نور مَن يحـمل بـيـَـدَيه الفـوانيس ، وسلوكهم الـتافه عـلى مسرح العـمل في إبعاد صوت الحـق الذي يزأر ويؤرق ليلـَهم الخـسيس ، ورغـم مشاعـري الحـميمة الصادقة التي فاقـتْ تمَـلـُّق رفاقَ الأزقــّة والدهاليز ، أقـول إنَّ كـلَّ ذلك دعاني إلى تـَـذمُّـري من ذلك الواقع الرخـيص ، فـهجـرته بإخـتياري الحُـرّ والموثـق بالإيميل في مطلع عام 2008 وليس مِن قِـبَـل الإدارة كما روّج السيـد النائـب الموقـر للـبعـض خارج أستراليا ! وبـدون خجل !! حـقاً قـيل : إنْ كـنـت لا تـستحي إفعل ما تـشاء .
ولكـنَّ الشـكـر للرب مانح الحـياة الذي فـتح أمامي باباً آخـراً دون تأخـير حـين قادتـني الأيام إلى العـمل في إحـدى القارات عَـبر البحار ( أشهـراً تعادل سنيناً ) فـإستمتعـتُ بالسياحة الكـثير وعـلـَّـمَـتـني الأيام أكـثر وإخـتبرتُ الحـياة الأكـثر ، وهـناك شاءت متـطلـبات العـمل أن أكـون قـريـباً من جـماعات ( الإرهابـيّـين ! ) في إحـدى الـدول من تلك البقاع .
وأثـناء أحـد اللقاءات رغـبتُ أن أحـدّثهم بما يجـول في خاطري ويخـتلج في صـدري بطريقة رشيقة سَـلِسة لا تـثيرهـم ، فـكـلـّمْـتهم باللغة التي يستـسيغـونها بأسلوب إجـتماعيِّ وتربويِّ شَـيّـق كي يستمعوا إليَّ بإنـتباه وقـلتُ لهم : أنا كـنتُ من روّاد الأفلام الهـنـدية في أواخـر الستينات وأوائل السبعـينات من القـرن الماضي ( فـعـلـّق أحـدهم فـوراً قائلاً : يـبـدو أنك رومانسيٌّ أستاذ ) !
وأنا لا زلتُ أواصل حـديثي قـلـتُ : وفي أحـد الأفلام منها ، غـنى الممثل أغـنية باللغة الإنـﮔـليزية ، تأثـرتُ برومانسية لحـنها وعـمق معانيها فـحـفـظـتها فـوراً لبساطة كـلماتها وهي :
Come shake my hand ....... تعالَ وصافـحـني
And love each other ...... ولنحـبّ بعـضنا بعـضاً
Let us feel happiness ....... دعـنا نـشعـر بالسعادة
In this world together ........ في هـذا العالم سـويّة
This is the only truth ........ هـذه هي الحـقـيقة الوحـيـدة
Remember my brother ....... تـذَكـَّـر يا أخي
فـنادى أحـدهم من مكانه ممَّن أعـجـبته وتأثـر بها أيضاً وقال برزانة وذكاء الواعي : ( أستاذ ، لقـد وصَـلـَـتْ الرسالة ) ! ثم قـلتُ لهم : الأغـنية إنـتهـتْ ولكـن إسمحـوا لي أن أعَـلـِّـقَ عـليها بعـض الشيء .... طبعاً سادَ السكـوتُ بـينهم شـوقاً ليستمعـوا إليّ فـربما عـنـدي المزيـد ، وأردَفـتُ :
نحـن جـميعـنا خـليقة الله ، خـَـلـَـقــَـنا عـراة في هـذا العالـَم ، فـترعـرعـنا وكـبـِرنا وعـمِلنا وبَـنـَينا وعـمَّـرنا ووَفـَّـرنا وأنجَـبْـنا ، ومهـما طالَ عـمْـرُنا فإنـنا كـلنا متجـهـون نحـو خـط نهايتـنا ، عـنـدئـذ لن نأخـذ معـنا ....... فـقاطعـني أحـدهـم معـلـقاً مباشرة وقال : ( سِوى الكـَـفـَن ) . وأضفـتُ :
إنـنا سوف نـترك كل شيء ونغادر هـذه الأرض دون أن نأخـذ معـنا شيئاً مما كـسَـبناه ووفـَّـرناه في هـذه الدنيا ، وبإخـتصار : لـقـد جـئـنا إلى العالـَم عـراة ً ونغادره عـراة ً . إذن ، لِـمَ كل هـذا العـراك ، القـتال ، الصراع ، الـذبح ، الحـقـد ، الكـراهـية ، الإنـتـقام ، الإنحـراف ، السرقة ، الإغـتصاب ، الإخـتطاف والسطو ، في العالـَم ؟ .....
( فـنادى أحـدهـم من مكانه وقال : أستاذ ، هـل أنـتَ مَسيحِي ؟ ) وهـنا بـيت القـصيـد في مقالي !
فـقـلتُ له : نعـم إنـني مسيحيٌّ ( فـقال : يظهر عـليك ذلك ) وأكـملتُ قائلاً : أنا مسيحيٌّ من العـراق والآن أسترالي الجـنسية ..... ثم خـتمتُ كلاميَ قائلاً لهم : ثِـقـوا ــ وأنـتم تعـلـَمون ــ إنَّ كـل مَن عـلى هـذه الأرض فانٍ ولا يـبقى إلاّ وجه خالقِها ، وما عـلينا إلاّ أن نـُـبْـقيَ إسمَـنا مرفـوعاً ومتجـسِّداً في أعـمالـنا الجـليلة وذكـرياتـنا الجـميلة .
تـُرى ، ما الذي قـلتـُه لـذلك المستمع إلى حـديثي ليكـتـشفَ مسيحـيَّـتي ؟ لـَمْ يكـن يعـرف إسمي ، ولا معـتـقـدي ولم أذكـر له شيئاً مِن الإنجـيل أو آياته ، ولا قـدّيسيه المؤمنين به أو رُسُـلِه ، ولم أصف له الـدير ورُهـبانه . ولكـنـني إخـتــَصَرتُ موعـظة يسوع عـلى الجـبل وتعاليمه ، رسائل مار ﭘـولص الرسول وأفـكاره ، نـذور الراهـب وصومعـته ، وعـظ الكاهـن وكـنيسته ، الفادي الذي حَـمَـلَ الصليـب طائعاً قـبل أنْ يحـمله وغـفـرانه لأعـدائه ! وكـذلك عَـرَضتُ مسيرة 2000 سنة من تاريخ المُـخـَلـِّص وقـيامته ، الطريق والحـق والحـياة وكلامه العـذب الذي كـلـَّـمَـنا به ، دماء الشهـداء من أجـل الإيمان بالرب وأقـواله ، نور العالـَم الذي تـَـنـَـوَّرْنا به .
عَـبَّـرتُ عـن كـل ذلك بالكـلمات المضيئة لتلك الأغـنية البسيطة والناطقة بالمبادئ المسيحـية المُجَـسِّدة لـ ( الله محـبَّة ) دون ذكـر إسم المسيح ! .... المسيحـية المُحِـبَّة التي تحُـلَّ مَحَـلّ حـقـد المنـتـقـمين لتـنير دروب التائهـين ، الهادئة لـتـُـريح أعـصاب المنـفـعـلين ، المُسالِمة لتـُـقـَـوِّم سلوك العُـدوانيّـين ، الكـريمة لتـشرح قـلوبَ اللئـيمين ، المليئة بـدعَـوات الخـير لتـزرع الرجاءَ والأمل في نفـوس بني البشر اليائـسين ، العـذبة المُـنعِـشة المُـفـرحة عسى أن تـُـغـيَّـر بعـضاً مِن سلوك الحاقـدين .
تلك هي الكـلمات المتلألـئة بإشعاعاتها لا يُحـجَـب بريقـُها مهـما وُضِعَـتْ الحـواجـز حـولـَها ، ولا يُـبْـطـَل نبضُها مهـما عُـزلـَـتْ شرايـينها ، ولا ينـقـطع صوتـُها مهـما إبتعـدتْ وأُبْـعِـدَتْ الآذان السامعة لها .
ومما لا شـكّ فـيه أنَّ مستمعيَ المشار إليه سرعان ما أثمرَتْ فـيه كـلماتي وجَـعـلـَته يستعـرض تعاليمَه الهـدّامة مع نفـسه ، ويستـذكـر ممارساتِه السلبـيّة في قـلبه ، ويتخـيَّـل خـطـطه الشرّيرة أمامه ، وبضمير ! صَحا فـجأة في داخـله ، ليقارن بـينهما ويفـصح عـن خـلاصة إستـنـتاجاته وهي أنَّ ماء الحـياة ينبع فعلاً من ينبوع الحـياة ، ومَن يشرب منه يرتوي ، فـترتسم ملامح إنـتعاشه عـلى وجهه ، ويُسـتـدلّ عـليها من أقـواله وأفـكاره المسيحـية وأفـعاله ...
وبـذلك نكـون قـد تـلـمَـذنا الأممَ ــ في عـقـر دارهم ــ دون أن نرتـديَ جُـبَّة ولا سـوتانة ولا نحـمل صولجاناً ، ودون أن نقـفَ خـلف منبـرٍ وعـيونـنا تـحَـمـلق راسمة منحـنياتٍ يميناً ويساراً لإستـطلاع الجالسين أمامنا ........ فلا قـرأنا قانـون الإيمان ولا طلـبنا قـراءة سـورة الفاتحة من (( الضالـين )) .
نعـمْ ، كـَـمْ طـوَّقـَـتْ الأصفاد زنود المؤمنين الأحـرار فـكانـت طريق المسيحـية مَرْويٌّة بـدماء الشهـداء الأبرار ، ولكـن كـلمة الحـياة خالـدة منـيرة تـقـضُّ مضاجـع الحـمقى الدائرين في رديء المـدار ، وأبواب الجـحـيم لن تـقـوى عـليها بل تبقى القِـيَـمُ المسيحـية تـتلألأ في بؤر الظلام والأشرار ، عـسى أن تـُـنير عـقـول القابعـين في دنيء الأطـوار ، فـتـقـود العُـتاة العابثـين بتعاليم السماء ، إلى شاطئ الأمان والرفاء . إنهم فعلاً تـُعَـساء ، نـتألـّم لهم وعـلى حالهم نحـزن ونـُـواسيهم بالرثاء ، وعـلى طبق ذهـبي قـدَّمنا لهم الـدواء ، فـهـل عـنـدهم إستعـداد للشِـفاء ؟ .
ملاحـظة : مقال منـشـور في 2009 أضفـت إليه لمسات حـديثة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق