السنة النبوية الشريفة بين الاستغلال و طريقها الى الزوال/ إيمى الاشقر

ان السنة النبوية الشريفة هى بمثابة منهج اخلاقى تربوى اجتماعى , اى هى منهج كامل متكامل شامل لادق تفاصيل الحياة بجميع جوانبها , الاجتماعية , الانسانية , الدينية و السياسية و اذا  نظر من هم يدعون انهم اتباع السنة النبوية الشريفة و انهم مثال حى لها بعمق الى جوهرها و الى قيم و مبادى رسولنا الكريم فى كل تفاصيل  الحياة لجعلوا من انفسهم مثال حى لاعظم القيم و المبادىء الاخلاقية و الانسانية و عمت الفضيلة على المجتمع و اصبح الامان رمزا للحياة و العدل قانونها , لم يعد هناك مكان للخلافات و الشقاق و ماتت العداوات و الاحقاد و لم يرى المجتمع لون الدم الذى اصبح يختلط امام اعيننا بتراب الارض ليل نهار و كأنه اصبح شىء مباح ....
و اذا تحدثنا عن القيم و الاخلاقيات التى تشملها السنة النبوية الشريفة لم يكفينا مجلدات و الاف المقالات لنتحدث عن كل مافيها لذلك سوف اتناول بعض الاخلاقيات التى وردت بها و انعدمت فى هذا العصر الذى نحيا فيه  و تجرد منها من هم يدعون انهم امناء عليها ...
نقض العهود :
وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك أشد التحذير فقال: " أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من نفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر". متفق عليه.
بل عد رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان متصفا بهذه  الصفة الذميمة ممن ذهبت مروءتهم ودينهم فقال:" لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له ". رواه أحمد.
وقال ابن الجوزي رحمه الله: إن نقض العهد من صفات الفاسقين.
وإن هؤلاء الذين ينقضون عهودهم سيجدون عقوبة ذلك في يوم من الأيام،قال محمد بن كعب القرظي رحمه الله تعالى:ثلاث خصال من كن فيه كن عليه: البغي ، والنكث ، والمكر، وقرأ) ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله) (فاطر/43)، ( يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم ( (يونس/23) ( فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ( الفتح/10
لقد حرم الله على المؤمنين نقض العهود ، وأوجب عليهم الوفاء بها فقال: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا). (الإسراء/34).
وقال: ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود). (المائدة/1)
قال الإمام ابن كثير رحمه الله :
أخبر الله تعالى أن شر ما دب على وجه الأرض هم الذين كفروا فهم لا يؤمنون الذين كلما عاهدوا عهدا نقضوه، وكلما أكدوه بالأيمان نكثوه، وهم لا يخافون الله في شيء ارتكبوه من الآثام.
لقد حذر الإسلام من نقض العهد حتى مع الأعداء فرأينا من المسلمين الصالحين في هذا الباب عجبا ، فعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال : كان معاوية يسير في أرض الروم – وكان بينه وبينهم أمد – فأراد أن يدنو منهم فإذا انقضى الأمد غزاهم فإذا شيخ على دابة يقول: الله أكبر الله أكبر وفاء لا غدر ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحل عقدة ولا يشدها حتى يمضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء ".فبلغ ذلك معاوية فرجع.
و لذلك حذرنا رسولنا الكريم صاحب و معلم السنة النبوية الاخلاقية الراقية من نقض العهود لما له من اضرار على الافراد و المجتمعات حتى لا نزرع الخلافات و الاحقاد و الشقاق كما يؤدى نقض العهد الى فقدان الثقة و ضياع الامان .
الصدق :
قال رسول الله ( ص ) عن الصدق :
عليكم بالصدق فان الصدق يهدى الى البر و ان البر يهدى الى الجنة و مايزال الرجل يصدق و يتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا و اياكم و الكذب فان الكذب يهدى الى الفجور و ان الفجور يهدى الى النار و ما يزال الرجل يكذب و يتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا . صحيح البخارى
و لان الصدق هو اساس للثقة فاذا رحل الصدق عن الانسان فلا مكان للامان فى القلوب .
المسؤلية:
روى الإمام البخاري في صحيحه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أنه قال
((إذا ضُيِّعَتِ الأمانةُ فانتظر الساعة, قال: كيف إضاعتُها يا رسول الله؟ قال: إذا أسندَ الأمْرُ إلى غير أهله, فانتظر السَّاعة )) أخرجه البخاري في الصحيح
و جدير بالذكر ان نتحدث عن المسؤلية من وجهة نظر عظماء المسلمين و الذين تولوا امر المسلمين و منهم عمر بن الخطاب رضى الله عنه و ارضاه , يقول سيدنا عمر: لو تعثرت بغلة في العراق, لحاسبني الله عنها، لمَ لم تصلح لها الطريق
و كذلك الامام العادل عمر بن عبد العزيز الذى كان يتصف بالعدل و الخوف الشديد من الله و التقوى و الورع و تولى امر المسلمين و كان يتقى الله فى اصغر الامور خوفا من حساب الله يوم يعود اليه ليحاسبة , فلقد سئل مرة من قبل أحد ولاته: إن أناساً قد اغتصبوا مالاً ليس لهم، وأقدر على استخراجه منهم، إلا أن أمسهم بالعذاب، فإن أذنت لي فعلت، قال: يا سبحان الله! أتستأذنني في تعذيب بشر؟ وهل أنا لك حصن من عذاب الله؟ وهل رضائي عنك ينجيك من سخط الله؟ أقم عليهم البينة، فإن قامت فخذهم بالبينة، فإن لم تقم، فادعهم إلى الإقرار، فإن أقروا فخذهم بإقرارهم، فإن لم يقروا؛ فادعهم إلى حلف اليمين، فإن حلفوا؛ فأطلق سراحهم, وايم الله! لئن يلقوا الله بخيانتهم, أهون من ألقى الله بدمائهم.
اخلاق المؤمنين :
لا يليق ابداا بالمسلم التابع لسنة نبينا الكريم و المعلم الجليل ان يكون بطعان او لعان او فاحش او بذيء فلقد لاحظنا فى الاونة الاخيرة ظهور رجال يزعمون انهم دعاة للاسلام و انهم رجال للدين و حرصون كل الحرص على ديننا الحنيف و سنة نبينا الكريم يتفهون بالفاظ بزيئة و يتحدثون باساليب فاظة غليظة و هذا بدورة يسىء الى الدين الاسلامى و الى سنة نبينا الكريم فكيف تكون من اتباع السنة الكريمة و تتحدث باسلوب نهت عنة هذه السنة و العكس صحيح لقد حست على حسن الخلق و كرم الاخلاق و الحلم و التواضع , فكيف تكون داعى لهذه السنة و تشوهها بدلا من ان تبرز جمال جوهرها ؟؟!!
يقول رسول الله ( ص ) :
 (ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن )
أخرجه أبو داود والترمذي في سننهما
( إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم )
أخرجه أبو داود عن عائشة في سننه
 ( ليس المؤمن بالطعان, ولا اللعان, ولا الفاحش, ولا البذيء )
أخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه عن عبد الله بن مسعود

النصيحة :
قال رسول الله ( ص ) ان ( الدين النصيحة ) و هذه العباره تشير الى علو شأن النصيحة و عظمة مكانتها فى ديننا الحنيف و لذلك فان للنصيحة اداب و خلق يجب اتباعها و خاصة اذا كان شخص يمثل الدين و يدعو الى الله فعلية الالتزام باداب النصيحة و حسن الخلق فى تقديمها للاخرين لانه لا يمثل نفسة بل يمثل دين حنيف و سنة شريفة كريمة , فلقد قال الامام الشافعى فى النصيحة ..
تعمدنى بنصحك فى انفرادى ........ و جنبنى النصيحة فى الجماعة
فان النصح بين الناس نوع ...........من التوبيخ لا ارضى استماعة
و ان خالفتنى وعصيت قولى ........فلا تجزع اذا لم تعط طاعة
كما قال ايضا رحمة الله علية :
اذا نصحت اخاك سرا فقد نصحتة , و اذا نصحتة جهرا فقد فضحتة
و لكن العجيب و الغريب ظهور رجال يدعون انهم رجال الدين و القائمين على تعظيم و تجليل السنة النبوية الشريفة  و من اشد الحارصين عليها و يتبعون اساليب نفرت منها السنة و حرمتها , و انتقاد و سب و لعن الفنانين المشهورين علنا و فى برامح يشاهدها الملايين فاذا كانت النيه هى النصح و الارشاد فلما لم تتبعوا تعاليم نبينا الكريم و اخلقياتة فى تقديم النصيحة ؟؟؟!!!! و اتباع ادابها و شروطها و ان كنتم لا تعلموها فهى ..
أن تكون خالصة لوجه الله وهدفها إرضاء الله و حده .
البعد عن التجريح أو التأنيب أو إيذاء المشاعر
اختيار الوقت والمكان المناسب .
الحكمة والموعظة الحسنة واللين.
قال الله  تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} النحل: 125.
روى البخاري في صحيحه، قالت: استأذن رهط من اليهود على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا (أي للنبي): السام عليك. فقلت: بل عليكم السام واللعنة، فقال: يا عائشة: \"إن الله يحب الرفق في الأمر كله. قلت: أو لم تسمع ما قالوا؟ قال: قلت: وعليكم\" فهؤلاء اليهود من سوء أدبهم وسوء طويتهم لووا ألسنتهم، وحرفوا الكلم، فبدل أن يقولوا: السلام عليك، قالوا: السام ـ أي الموت والهلاك ـ ولكن الرسول الكريم من حسن أدبه، وعظمة خلقه، لم يرد أن يجعل من ذلك معركة، بل رد بهذه الكلمة النبيلة قائلاً: \"وعليكم\". أي أن الموت مكتوب على كل البشر، علينا وعليكم. ثم علم عائشة هذا الأدب الرفيع أدب الرفق في التعامل، حين قال لها: \"يا عائشة! إن الله رفيق، يحب الرفق في الأمر كله .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، أَنْبَا أَبُو الْفَوَارِسِ ، أَنْبَا أَبُو الْحَسَنِ ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثَنَا أَبُو عَوْفٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْزُوقٍ ، ثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بَرْقَانَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ " . رَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ هِشَامٍ .
العدل :
العدل هو الخلق العظيم الكريم المحبب الى الانفس و الذى يبث الامل و الراحة فى نفوس الضعفاء و المظلومين , فالعدل يعيد الامور الى نصابها و به تستقيم الحياة و تسعد الامة , فالعدل خلق العظماء و الاتقياء و العدل خلق من اخلاق سيد العالمين و خاتم المرسلين سيدنا محمد ( ص )  ,
قال الله تعالى :
يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون   )المائدة:8)
و يتجلى عدل سيدنا محمد واضحا و خاصة فى اقامة حدود الله و الحكم بين الناس حيث قال :
أيها الناس إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وايـم الله لو أن فاطمة بنت محمدسرقت لقطعت يدها) رواه البخاري و مسلم . (
و كذلك فى اختيار الحاكم و القائم على امور البلاد و العباد حيث قال ( ص )
عن ابى ذر قال : قلت يا رسول الله الا تستعملنى ؟ قال : فضرب بيدة على منكبى , ثم قال : يا ابا ذر انك ضعيف , و انها امانة , و يوم القيامة خزى و ندامة , الا من اخذها بحقها , و ادى الذى علية فيها .
عن ابى هريرة ان النبى ( ص ) قال : ما من امير عشرة الا يؤتى بة يوم القيامة مغلولة يداة الى عنقة اطلقة الحق او اوثقة .
و الجدير بالذكر قول ابوبكر الصديق يوم بويع بالخلافة حيث قال :
ايها الناس وليتم عليكم و لست بخيركم , فان احسنت فاعينونى , و ان اسأت فقومونى , القوى فيكم عندى ضعيف حتى اخذ الحق منه , و الضعيف فيكم قوى عندى حتى اخذ الحق له .
و فى النهاية رغم ان الحديث عن اخلاق  و مبادىء و قيم و الدروس الاخلاقية فى منهج سيد الخلق اجمعين ليس لها نهاية اود ان اوجة سؤال الى من يدعون انهم اتباع تلك السنة العظيمة ...
هذه هى اخلاقيات الرسول والصحابة , كيف تتبعون تلك السنة ؟ و كيف نرى العكس متجليا فى افعالكم ؟؟؟؟!!!!!

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق