الإيمان العامل بالمحبة/ نسيم عبيد عوض

نقرأ من إنجيل قداس أحدنا اليوم المبارك فصل من بشارة القديس مرقس الرسول ‘ الإصحاح 2 والأعداد من 1إلى 12 ‘ وهو الجزء الخاص بشفاء المفلوج ‘ ولكن الإصحاح أيضا مقسم الى أربعة أجزاء تعليمية وخلاصية وإيمانية لاهوتية  عميقة ‘ وفيها يكشف لنا المقاومين لله فى كل زمان ومكان ‘ويمثلهم هنا الكتبة والفريسيون ‘ الذين كشف لهم الرب يسوع أنه عارف بأفكار قلوبهم .         أول جزء: يعلمنا  أ- " ان الأيسر عند الله هو شفاء أمراضنا الجسدية  مهما كانت ‘ ولكن لابد أن نتنبه أن مغفرته لخطايانا هذا يكون الهدف الأهم فى حياتنا ‘ فإذا الله وهو الذى ليس غيره فى يده مغفرة خطايانا ‘ فلماذا لا نهتم بها أكثر من الإهتمام بشفاء الجسد؟. "ولكن لكى تعلموا ان لابن الإنسان  سلطانا على الأرض ان يغفر الخطايا .قال للمفلوج لك أقول قم واحمل سريرك واذهب الى بيتك." فقام هذا المشلول كلية ‘ومشى أمامهم حاملا سريره‘وهنا مجد الشعب الله ‘لأنهم لم يروا مثل هذا قط.  " وهذا أول الدروس فى حياتنا حياة التوبة الدائمة فمهما كنا أصحاء " فإن لم تتوبوا فجميعكم أيضا تهلكون.لو13: 3و4‘ وكقوله الكريم " لا يحتاج الأصحاء الى طبيب بل المرضى. لم آت لأدعوا أبرارا بل خطاة الى التوبة.مر2: 17.    ب- يقدم لنا هذا الجزء أشخاص أربعة بعد سماعهم لخطاب الرب وكلمته الحية الفعاله وآمنوا بها‘ " وجاءوا اليه مقدمين مفلوجا يحمله أربعة" وهؤلاء الأربعة كان عندهم هدف واحد أن يضعوا المفلوج أمام الرب فقط ‘ وهم متأكدون من شفائه ‘ وبالفعل كشفوا السقف حيث كان وبعدما نقبوه دلوا السرير الذى كان المفلوج مضطجعا عليه . فلما رأى يسوع ايمانهم غفر خطاياه وشفاه من مرضه‘ هؤلاء الاربعة لم نسمع منهم كلمة واحدة بل عملوا فقط ‘ كشفوا السقف فأزالوا كل مايعوقهم من الأقتراب من رب المجد يسوع ‘ وقبل ان يشفيه الرب من خطاياه وشلله قال " ولما رأى الرب إيمانهم" وهل إيمان الأربعة يرى؟ ‘ نعم بأفعالهم ويقينهم وثقتهم فى قدرة وإرادة الله ‘ قد رأى الرب إيمانهم وبالطبع إيمان المريض لأنه لم يعترض على مايفعلونه به ‘ ولكن مالابد أن نتأمل فيه ليس إيمانهم فقط بل محبتهم ‘كقول الكتاب " وان كان لى كل الإيمان حتى أنقل الجبال ولكن ليس لى محبة فلست شيئا.1كو13: 2" وقد رأى الرب فى هؤلاء الأربعة الإيمان العامل بالمحبة والذى هو الطريق الى الله ‘  فمحبة الغير والجار والقريب وكل البشر طريق وحيد لمحبة الله ‘ ولذلك يقول الكتاب "فلما رأى يسوع إيمانهم" الذى هو ظاهر فى عظم محبتهم للمفلوج ‘ والذين هم بإيمانهم البسيط ومحبتهم كانوا رائحة ذكية للمسيح يقدمون الخاطئ والمرضى لله دائما بكل محبة تعبر عن إيمانهم بكلمة الرب التى خاطبهم بها ‘ ولأنه هو نفسه كلمة الله المحييه. فمهما كان لى كل الإيمان الذى يعطينى القدرة على نقل الجبال ولكن بدون محبة فلن نستطيع أن ننقل قشة واحدة ‘ ولكن بالإيمان اليقينى البسيط  وبالثقة الممنوحة للمؤمنين وبالمحبة أستطيع أن أنقل ليس الجبال فقط بل  يهش العالم ومادياته جميعها من أمامى. وصادق قول الرسول "اما الآن فيثبت الإيمان والرجاء والمحبة .هذه الثلاثة ولكن أعظمهن المحبة."  1كو13: 13"                   ج- الله عارف خفايا الأفكار والقلوب" وكان قوم من الكتبة هناك جالسين يفكرون فى قلوبهم . لماذا يتكلم هذا هكذا بتجاديف.من يقدر ان يغفر خطايا إلا الله وحده. فللوقت شعر يسوع بروحه انهم يفكرون هكذا فى انفسهم فقال لهم لماذا تفكرون بهذا فى قلوبكم."مر2: 7و8‘ فلنحترس ياإخوتى ونؤمن أن إلهنا عارف خفايا الفكر والقلب‘ وماأفظعها خطايا الفكر والقلوب ‘ التى تنجس الجسد وتشوش العقل وتملأ القلب ببغضة وكراهية وحقد وحسد وشهوة ‘ فالخطية تبدأ تنمو فى الفكر  وترسلها الى القلب فتتوجها بإحاسيس وشعور فتنخدع النفس بالشهوة فتخرج بإرادة النفس لحيز التنفيذ ‘ وهكذا قال الرب لملاك كنيسة افسس" انا عارف أعمالك وتعبك وصبرك.."رؤ2: 2‘ ولملاك كنيسة سميرنا " انا أعرف أعمالك وضيقتك وفقرك.."رؤ2: 9‘ وأخبر كل ملائكة الكنائس بانه عارف أعمالهم ويخبرهم بها ‘ وليكن هذا هو إيماننا مثل يوسف العفيف ‘ كان مؤمنا بوجود الله فى داخله وانه يعرف فكره وقلبه  فقال كيف اصنع هذا الشر العظيم واخطئ الى الله." تك39: 9‘ وكان إيليا التشبى النبى النارى العظيم دائما يردد " حي هو الرب الذى وقفت أمامه."  ومع أن هؤلاء الكتبة قد إعترفوا بفمهم رغم اتهامهم له بالتجديف ‘ انه هو الله غافر الخطايا بقولهم ‘ لا يغفر الخطايا إلا الله وحده ‘ فقال لهم الرب لكى تعرفوا هذا قال للمفلوج قم أحمل سريرك وأمشى الى بيتك ‘ فمجد الشعب الله. ولكنهم لقساوة قلوبهم لم يتعلموا الدرس ولا رأوا الرب المسيا المنتظر .ولكن   " بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه لانه يجب ان الذى يأتى الى الله يؤمن بانه موجود وانه يجازى الذين يطلبونه."عب11: 6.           

    الجزء الثانى:  والخاص بدعوة لاوى بن حلفى الذى هو متى من مكان الجباية ليتبعه ‘والذى قام وتبعه فى الحال ‘ ليعلمنا ان لا نتلكأ عندما يدعونا الله ‘ فكما فعل لاوى هكذا نفعل فى حياتنا الروحية أن نسلك بالدعوة التى داعانا الله بها بكل وداعة ومحبة وطول أناة‘ ولكن أهم مافى هذا الجزء هو قول الرب "لا يحتاج الأصحاء الى طبيب بل المرضى‘ لم آت لأدعو أبرارا بل خطاة الى التوبة ردا على إعتراض الكتبة والفريسيين عندما رأوه يجلس ويأكل مع العشارين والخطاة. فلتكن إستجابتنا سريعة كما فعلها لاوى وأصبح  بالوحي الإلهى كاتبا لبشارة عظيمة كرز بها فى العالم كله ‘ ومازالت وستظل مورد وينبوع حقيقى لأقوال ووصايا الله.

الجزء الثالث:  من اصحاح 2 خاص بالصوم لأعتراض الفريسيين على عدم صوم تلاميذ المسيح ‘ فأعطاهم درسا عميقا لم يفهموه أيضا ‘ بأن الصوم هو فرح ومحبة للعريس السماوى ‘ وطالما هو فى وسطهم فهو مصدر الفرح والمحبة ‘ وأيضا عندما يصعد العريس عنهم سيصومون , وأيضا بكل فرح ومحبة ‘ وهذا هو عهدنا الجديد فى المسيح يسوع وليس كما كان فى العتيق ‘ فالجديد يوضع على الجديد ‘والفرح الجديد فى زقاق محبة العهد الجديد. فصومنا اليوم بعد ميلادنا الجديد أساسه المحبة والفرح فى الرب. 

الجزء الأخير: من الإصحاح عن تقديس السبت للراحة او يوم للرب ‘ والمقصود به صار راحة لله فى الإنسان وراحة للإنسان فى الرب ‘ وبعد القيامة أصبح يوم الرب هو يوم الأحد  كما عدله الرب نفسه ليكون هو قيامة الرب فى حياتنا فننعم به وملكوته داخلنا فى راحة معه ولنا ‘ ننعم فيها بالله ليكون بداية الأسبوع وبداية طريق الحياة الأبدية.  أمين.                                                 


CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق