داود الملك راعى الغنم/ نسيم عبيد عوض

قال صموئيل لشاول " قد إنحمقت. لم تحفظ وصية الرب الهك التى أمرك بها لانه الآن كان الرب قد ثبت مملكتك على اسرائيل الى الأبد. وأما الآن فمملكتك لا تقوم . قد انتخب الرب لنفسه رجلا حسب قلبه وأمره الرب ان يترأس على شعبه .لأنك لم تحفظ ما أمرك به الرب."1صمو13: 13و14‘ قال صموئيل ذلك ولم يقل لنا متى أخبره الرب بذلك ومن هو الشخص الذى إختاره الرب حسب قلبه لينصبه ملكا على اسرائيل عوضا عن شاول ؟‘ كان شاول الملك إختيار الرب نفسه ‘ وقد أحبه صموئيل لدرجة أنه إغتاظ لما قال له الرب    " ندمت على انى قد جعلت شاول ملكا لانه رجع من ورائى ولم يقم كلامى ."1صمو15: 10‘ بل ان صموئيل شجع شاول بعد ذلك وقال له شاول بعد حربه عماليق "مبارك انت للرب . قد أقمت كلام الرب." ولكن شاول فى نفس الوقت خالف وصية الرب فى واقعة الجلجال باستبقائه ملك عماليق (أجاج) مخالفا لأمر الرب" اذهب وحرم الخطاة عماليق وحاربهم حتى يفنوا. ‘ ولم يسمع لوصية الرب بأخذه الغنيمة غنما وبقرا اوائل الحرام لاجل الذبح للرب ‘ وهنا قال له صموئيل "هل مسرة الرب بالمحرقات والذبائح كما بإستماع صوت الرب. هوذا الاستماع افضل من الذبيحة والاصغاء افضل من لحم الكباش . لان التمرد كخطية العرافة والعناد كالوثن والترافيم .لانك رفضت كلام الرب رفضك من الملك."1صمو15: 21-23. وناح صموئيل على سقوط شاول حتى ان الرب قال له " حتى متى تنوح على شاول وانا قد رفضته عن ان يملك على اسرائيل" وذهب الى الرامه حيث يقطن ‘ ولم يعد يرى شاول حتى يوم موته.

إختيار راعى الغنم ملكا

قال الرب لصموئيل " إملأ قرنك دهنا وتعال ارسلك الى بيت يسى البيتلحمى (نسبة لبيت لحم) لانى قد رأيت لى فى بيته ملكا." وكانت المسحة المقدسة يدهن بها الملوك والانبياء ورئيس الكهنة فقط حسب وصايا الرب للتقديس والتكريس‘ واختبر صموئيل أولاد يسى السبعة ولم يختر الرب منهم أحدا فقال ليسى الرب لم يختر هؤلاء . هل كملوا الغلمان ؟ فقال بقى بعد الصغير وهوذا يرعى الغنم ‘ وتتضمن اجابة يسى انه لم يكن يعد هذا الصغير راعى الغنم ان يحسب اهلا ضمن أخوته ليختار منهم الملك‘ ولكن صموئيل النبى قال له اسرع وائت به ويوصف الكتاب داود راعى الغنم الصغير(17 سنه) بين اخوته عندما أتى انه" أشقر مع حلاوة العينين وحسن المنظر"  فقال الرب قم وأمسحه لان هذا هو‘ فمسحه صموئيل وسط اخوته وحل روح الرب على داود من ذلك اليوم فصاعدا ‘ثم قام صموئيل وصعد الى الرامه  بعد ان مسح لإسرائيل ملكا عليها حسب أمر الرب ‘ ولكن هذه المراسيم للملك داود تمت بدون اعلان للشعب ‘ بدليل ان شاول ظل ملكا شرعيا لإسرائيل حتى موته ‘ وكان الله يدبر حياة داود ويجعله يمارس التجارب والخبرة  والضيقات حتى يكتسب المهارة والحكمة على يدى الرب الإله قبل ان يمارس الملك فيستطيع قيادة مملكته بإقتدار ‘ وكان داود بعد مسحه ملكا يعمل فى خدمة شاول الذى لم يكن يعلم انه الملك الممسوح من الله بدلا منه ‘  ولكن داود لم يمارس هذا الملك الا بعد سنين طويلة بعد موت شاول وبعد ان سأل الرب فقال له اصعد الى حبرون وهنا جاء رجال سبط يهوذا ومسحوه هناك ملكا على بيت يهوذا وكأنهم لم يعرفوا ان الرب مسحه ملكا على اسرائيل وليس يهوذا فقط ‘  وكان وهو فى خدمة شاول ظل يرعى غنم ابيه فى بيت لحم.

داود  عازف العود

كانت آلة العود آلة موسيقية مشهورة فى ذلك الزمان ومازالت فى بلاد الشرق حتى اليوم ‘وكانت آلة العود تصنع قديما من قطعتين من الخشب متعامدتين احدهما على الاخرى وكانت الاوتار تشد بين الخشبتين لتعطى العود شكلا مثلثا‘ وكانت الاوتار تصنع من الاعشاب المضفورة او من أمعاء الحيوانات بعد تجفيفها‘ وكان داود المشهور فى رعى الغنم مشهورا أيضا ببراعته فى العزف على العود ‘ وكانت بداية معرفة شاول بداود هو شهرة داود فى العزف على العود ‘ وحسب قول الكتاب المقدس " وذهب روح الرب من عند شاول وبغته روح ردئ من قبل الرب. فقال عبيد شاول له هوذا روح ردئ من قبل الله يبغتك. فليأمر سيدنا عبيده قدامه ان يفتشوا على رجل يحسن الضرب بالعود ويكون اذا كان عليك الروح الردئ من قبل الله انه يضرب بيده فتطيب. فقال شاول لعبيده انظروا لى رجلا يحسن الضرب وأوتوا به الي. فأجاب واحد من الغلمان وقال هوذا قد رأيت ابنا ليسى البيتلحمى يحسن الضرب وهو جبار بأس ورجل حرب وفصيح ورجل جميل والرب معه ." 1صمو16: 14-18‘ وكان وصف هذا الغلام لداود وصفا حقيقيا لداود ‘ فهو عازف ماهر للعود ‘ وهو جبار بأس ورجل حرب ‘ وفصيح ورجل جميل الطلعة  ‘ والأهم ان  الرب معه‘ وبالفعل حضر داود وجعله شاول له حامل سلاح ‘ وأيضا كان عندما تجيئ شاول الروح الردئ يأخذ داود العود ويعزف عليه فيرتاح ويطيب شاول ويذهب عنه الروح الردئ .

داود أعظم ملوك اسرائيل

بعد موقعة جليات الشهيرة وقتل داود الغلام الصغير له ‘ نال شهرة بين شعب اسرائيل حتى كانت النساء ينشدن ( ضرب شاول الوفه وداود ربواته )‘ وساء ذلك عند شاول وضربت الغيرة قلبه وقال (أعطين داود ربوات واما فاعطيننى الالوف ) ومن هنا بدأ الصراع الحقيقى بين شاول الذى أعتقد ان داود سيسعى لأن يكون ملكا على اسرائيل بدلا من سلالة أولاده ‘ وهو لم يكن يعرف ان داود هو الملك الحقيقى ‘ وحتى داود نفسه لم يعلن ذلك على الملأ بل محتميا فى الله طوال حياته ‘ ومنتظرا إرادة الله فى تملكه ‘ ظل داود هاربا من وجه شاول سنينا طويلة ‘ وكانت الحرب طويلة بين بيت شاول وبيت داود ‘ وكان داود يذهب ويتقوى وبيت شاول يذهب ويضعف‘  وبعد موت شاول هو وابنه يوناثان فى معركة مع الفلسطينيين ‘ تنصب داود ملكا فى حبرون لمدة سبعة أعوام ونصف ‘ ثم تملك فى أورشليم حتى كملت له أربعين عاما ملكا على أسرائيل ‘ وأظهر داود مملكة اسرائيل بقوتها وجبوتها على كل البلاد حواليهاوكقول الكتاب" وبعد ذلك ضرب داود الفلسطينيين وذلهم وإخذ داود زمام القصبة من يد الفلسطينيين. وضرب الموآبيين الذين صاروا عبيدا لداود ‘ وكذلك بنى عمون خضعوا لداود طوال ملكه".   وكان يتصف طوال حياته بصفات جعلته أعظم ملوك اسرائيل ‘ فكان يتصف بانه رجل حرب لم يدخل معركة إلا وانتصر فيها ‘ كان ملكا حسب فكر الله فسانده الله طوال إعتماده عليه ونصره فى كل جولاته ضد الفلسطينيين ‘ وكان داود رحيما ومحسنا وصفوحا ‘ وكان يعلن توبته عندما يسقط فى الخطية ‘ كانت قيادة الله له مثالا يحتذى به بين الملوك ‘ وكان داود فى سلامه مع الله شجاعا وجبار بأس‘ ولأن داود رجلا حسب قلب الله أعطاه ملكا أبديا على أسرائيل ‘ واختاره الله ليأتى من نسله الرب يسوع المسيح حسب الجسد. ونمت مملكة اسرائيل على يد داود نموا مطردا وسريعا وأصبحت اسرائيل مملكة حقيقية بعد ان كان يحكمها القضاة ‘ وأنشأ الإدارة والحكومة المركزية بدلا من استقلال الاسباط الإثنى عشر‘ ونشر العبادة الدينيه ليهوة فى كل مكان  وجعل أورشليم مركزا للعبادة ‘ ولأن الله كان  معه فى كل خطواته ‘ وإيمانه القوى بإرادة الله ومشيئته كان حكمة يتصف بالعدل والرحمة‘ ولعل إظهار عدالته وإنصافه كانت واضحة مع بيت شاول أو مع المتمردين عليه ‘ فكان عدله يقوم على اساس إيمانه ومعرفته بالله. ولعل ماأنشده داود يوضح شخصيته عندما أنشد وقال ( حي هو الرب ومبارك صخرتى ومرتفع اله صخرة خلاصى. الاله المنتقم لى والمخضع شعوبا تحتي. والذى يخرجنى من بين أعدائى ويرفعنى فوق القائمين علي وينقذنى من رجل الظلم .؟ لذلك أحمدك يارب فى الأمم ولاسمك ارنم. برج خلص لملكه والصانع رحمة لمسيحه لداود ونسله الى الابد.)2صمو22: 47-51. وحياة الملك داود التى شملت حوالى 44 إصحاحا فى الكتاب المقدس تحتاج الى مقالات أخرى لتفسر شخصية داود راعى الغنم ‘ والملك العظيم عازف العود ‘ والمرنم والنبى ‘ والامر يحتاج الى عودة أخرى ‘ فإلى لقاء.

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق