سليمان الملك والحكيم/ نسيم عبيد عوض


ولد سليمان وفى فمه ملعقة من ذهب كما يقولون ‘ فأبوه الملك داود أعظم ملك فى ذلك الزمان ‘ ملك على اسرائيل 40 سنة ‘ومحبوب إسرائيل ومرنمها الغالى‘ والذى أختاره الرب وقال عنه "أنه حسب قلبى" ‘ وأمه هى حبيبة قلب داود بتشبع التى لأوريا‘ وبسبب حبه لها إرتكب جرائم وخطايا ‘ ووقع تحت عقاب الرب الإله ‘ وتاب وأعترف بخطأه وقال" إرحمنى يا الله حسب كثرة رحمتك ‘ومثل كثرة رأفتك امح إثمى..لك وحدك أخطأت ‘ والشر قدامك صنعت" ‘ وتمتع سليمان بحب أمه والتى أعطته إهتماماخاصا ليكون ملكا على إسرائيل خلفا للملك داود دوننا عن باقى أولاد داود ‘ وبالفعل يوم أن فكر ( أدونيا ابن حجيث) احد اولاد داود من امرأة أخرى ‘ان يخلف أبوه داود كملك سارعت بتشبع ودخلت على الملك داود ‘ وذكرته بوعده لها ان يكون سليمان هوالملك من بعده ‘" فحلف الملك وقال حي هوالرب الذى فدى نفسى من كل ضيقة‘انه كما حلفت لك بالرب إله إسرائيل قائلا ان سليمان ابنك يملك بعدى وهو يجلس على كرسى عوضا عنى كذلك أفعل هذا اليوم‘  فخرت بتشبع على وجهها الى الارض وسجدت للملك وقالت ليحي سيدى الملك داود الى الابد ." 1ملو1: 29-31‘ وبالفعل وبسابقة تاريخية أن يرسم ملك فى حياة الملك الحالى ‘ ولكن الكتاب يقرر ان داود شاخ وتقدم فى الايام ‘ وأمر داود أن يمسح إبنه سليمان ملكا على إسرائيل ‘ وقال " يأتى سليمان ليجلس على كرسى وهو يملك عوضا عنى واياه قد أوصيت ان يكون رئيسا على اسرائيل ويهوذا."‘ وحسب الوصية والعرف قام بذلك صادوق الكاهن وناثان النبى فمسحوه ملكا على إسرائيل وضربوا بالبوق وهتفوا ليحي الملك سليمان ‘ وصعد جميع الشعب وراءه وكانوا يضربون بالناي ويفرحون فرحا عظيما حتى انشقت الارض من اصواتهم‘ وقال داود بعد رسامة ابنه" مبارك الرب اله اسرائيل الذى اعطانى اليوم من يجلس على كرسي وعيانى تبصران." 

الله فى حياة سليمان

عندما فكر داود فى بناء بيت لله أخبر ناثان النبى بذلك ‘ وفى رؤيا الله لناثان قال له أذهب قل لعبدى داود هكذا قال الرب " متى كملت ايامك واضطجعت مع آبائك اقيم بعدك نسلك الذى يخرج من احشائك واثبت مملكته ‘ هو يبنى بيتا لاسمى وانا اثبت كرسي مملكته الى الابد‘ انا اكون له ابا وهو يكون لى ابنا‘ ان تعوج اؤدبه بقضيب الناس وبضربات بنى آدم‘ ولكن رحمتى لا تنزع منه كما نزعتها من شاول الذى ازلته من اماملك‘ ويأمن بيتك ومملكتك الى الابد امامك كرسيك يكون ثابتا الى الابد."2صمو7: 15و16‘ وكانت هذه الرؤيا متضمنه اختيار الله لسليمان كملك على اسرائيل لأنه هو الذى اختاره الرب ليبنى له بيتا ‘ وقد قال الكتاب " واحب سليمان الرب سائرا فى فرائض داود ابيه.."  ولم يقف الامر عند هذا الحد من العلاقة مع الله ‘ فقد تراءى الرب لسليمان اول مرة فى جبعون بعد اعتلائه الملك ‘ فقد ذهب سليمان ليذبح هناك واصعد سليمان الف محرقة على المذبح وحسب قول الكتاب" فى جبعون تراءى الرب لسليمان فى حلم ليلا‘ وقال الله اسأل ماذا أعطيك ‘ فقال سليمان انك قد فعلت مع عبدك داود رحمة عظيمة حسبما سار امامك بامانة وبر واستقامة قلب معك‘فحفظت له الرحمة العظيمة واعطيته ابنا يجلس على كرسيه كهذ اليوم‘ والآن ايها الرب الهى انت ملكت عبدك مكان داود ابى وانا فتى صغير(20 سنة) لا أعلم الخروج والدخول‘ وعبدك فى وسط شعبك الذى أخترته شعب كثير لا يحصى ولا يعد من الكثرة‘ فاعط عبدك قلبا فهيما لأحكم على شعبك وأميز بين الخير والشر لانه من يقدر ان يحكم على شعبك العظيم هذا‘ فحسن الكلام فى عيني الرب لان سليمان سأل هذا الامر ."1ملو3: 5- 10 ‘ وقال له الرب لانه من اجل انك لم تسأل أياما كثيرة ‘ ولا سألت لنفسك غنى ‘ ولا سألت نفس أعدائك بل سألت لنفسك تمييزا لتفهم الحكم‘ هوذا قد فعلت حسب كللامك هوذا اعطيتك قلبا حكيما ومميزا حتى انه لم يكن مثلك قبلك ولا يقوم بعدك نظيرك‘ وقد أعطيتك ايضا غنى وكرامة حتى لا يكون رجل مثلك فى الملوك كل أيامك‘ فان سلكت فى طريقى وحفظت فرائضى ووصاياى كما سلك داود ابوك فانى اطيل ايامك . وقد تراءى الرب ثانية لسليمان بعد ان أتم بناء بيت الرب وقال له " قد سمعت صلاتك وتضرعك الذى تضرعت به امامى ‘ قدست هذا البيت الذى بنيته لاجل وضع اسمى فيه الى الابد وتكون عيناي وقلبى هناك كل الايام ." 1ملو 9: 3. واشترط عليه ان يسلك كما سلك داود ابوه بسلامة قلب واستقامة ‘ويعمل حسب وصايا الرب وحفظ فرائضه واحكامه ‘ فيكون جزاؤه ان لا يعدم له رجل عن كرسى اسرائيل. وككقول الكتاب " وعظم الرب سليمان جدا فى اعين جميع اسرائيل وجعل عليه جلالا ملكيا لم يكن على ملك قبله فى اسرائيل.

حكمة سليمان

بعد ان أعطى الرب لسليمان هبات الحكمة والغنى والكرامة فى حلم فى جبعون ‘ أسرع الى أورشليم ووقف امام تابوت عهد الرب واصعد محرقات وقرب ذبائح سلامة وعمل وليمة لكل عبيده‘ وتصادف بعد ذلك مباشرة ان اتت امرأتان للملك تشتكيان كا منهما على ولد انها أمه دون الاخرى وطلبتا من الملك الحكم لها ببنوة الولد ‘ وكل منهما تقول انه ابنها‘ فخرجت حكمة سليمان التى من الله موهوبة ‘ وصنع امرا حكيما بان امر بان يأتى بسيف ليشطر الولد نصفين ويعطى كل واحدة نصف منه‘ فصرخت الأم الحقيقية وقالت للملك اعطوها الولد الحي ولا تميتوه‘ بخلاف الاخرى التى كانت مؤيدة للشطر ‘ فاجاب الملك وقال أعطوها الولد الحي ولا تميتوه فانها أمه‘ ولما سمع جميع اسرائيل بالحكم الذى حكم به الملك خافوا الملك لانهم راوا حكمة الله فيه لاجل الحكم ‘واستمرت حياة سليمان تسير فى حكمة الله حتى أشتهر بها بين ملوك وشعوب العالم كله ‘ حتى كانوا يأتونه من مشرق الارض لمغاربها يسألونه الحكمة والمعرفة ‘ ولعل ابرز هؤلاء ملكة سبأ التى سمعت بخبر سليمان ولمجد الرب معه فأتت لتمتحنه بمسائل ‘ أى تسأله المعونة لحل بعض مشاكلها‘ فأتت الى أورشليم بموكب عظيم جدا بجمال حامله اطيابا وذهبا كثيرا جدا وحجارة كريمة واتت الى سليمان وكلمته بكل ماكان بقلبها‘ فلما رأت ملكة سبأ كل حكمة سليمان والبيت الذى بناه ‘ وطعام مائدته ومجلس عبيده وموقف خدامه وملابسهم وسقاته ومحرقاته التى كان يصعده فى بيت الرب لم يبق فيها روح بعد أى عجزت فى اعجابها بحكمته وقيادته وادارته لأمور المملكة والقصر‘ فقالت صحيحا كان الخبر الذى سمعته فى ارضى عن أمورك وحكمتك ‘ حتى جئت وابصرت عيناى فهوذا انك زدت حكمة وصلاحا على الخبر الذى سمعته‘ طوبى لرجالك وطوبى لعبيدك هؤلاء الواقفين امامك دائما والسامعين حكتك‘  مبارك الرب الهك الذى سر بك وجعلك على كرسى اسرائيل ‘ لان الرب احب اسرائيل الى الابد جعلك ملكا لتجرى حكما وبرا‘ وليس فقط ملكة سبأ ‘ بل كما يقول الكتاب‘ وكل ملوك العرب وولاة الارض كانوا يأتون بذهب وفضة لسليمان‘ وأيضا وكان جميع ملوك الارض ملتمسون وجه سليمان ليسمعوا حكمته التى جعلها الله فى قلبه.  " وفاقت حكمة سليمان حكمة جميع بنى المشرق وكل حكمة مصر ‘ وتكلم بثلاثة ألاف مثل ‘ وكانت نشائده الفا وخمسا‘ وتكلم عن الاشجار من الارز الذى فى لبنان ‘ الى الزوفا النابت فى الحائط‘ وتكلم عن البهائم وعن الطيور وعن الدبيب وعن السمك ."1ملو4: 30-34.

كتب سليمان

كان سليمان أديبا وشاعرا وعالما كتب فى كل علوم المعرفة ‘وكتب سليمان أمثال وأناشيد بالألاف ‘ وحتى عندما شرع عزرا الكاهن والكاتب فى ترتيب كتابات سليمان ‘ وبخلاف ماكتبه من مزامير ‘ وجدنا لسليمان سفر الامثال وسفر نشيد الاناشيد وسفر الجامعة بخلاف سفر الحكمة ‘ وهذه الكتابات ارتبطت بحياة سليمان ‘ ففى فترة حياته فى حكمة الله التى وهبها له ‘ ومع تجاربه البشرية وعلمه الغزير وضع سفر الامثال وهو يتكون من 31 اصحاحا مملوءا مئات الامثال والحكم ‘ وفى فترة حبه لله وتصوفه فى هذا الحب كتب أناشيد تمثل سيمفونية حب وعشق مع الله ‘ وافرزها لنا عزرا الكاتب فى 8 إصحاحات تمثل نشيد الاناشيد أو أعظم أناشيد كتبها سليمان فى حب الله‘ وفى شيخوخته بعدما أخطأ وتزوج بنساء غريبات عوجا قلبه عن الله حبيبه عاد فتاب الى الله وكتب لنا سفر الجامعة من 12 اصحاحات تضمنها خبرته فى الحياة تحت الشمس بعيدا عن الله فقال" باطل الاباطيل الكل باطل وقبض الريح‘ ولا منفعة تحت الشمس ‘ ولكنه فى النهاية أعترف وقال" فلنسمع ختام الامر كله ‘ أتق الله واحفظ وصاياه لان هذا هو الانسان كله‘ لان الله يحضر كل عمل الى الدينونة على كل خفي ان كان خيرا أو شرا."جا12: 13و14. ويكفى سليمان وأمه فخرا انه وضع فى سلسلة أنساب السيد المسيح كما يقول انجيل معلمنا متى البشير" داود الملك ولد سليمان من التى لاوريا ‘ وسليمان ولد رحبعان الى... يوسف رجل مريم التى ولد منها يسوع الذى يدعى المسيح ."مت1: 6-17 

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق