هذه الصفة ذكرت فى رسالة يعقوب الرسول " وتم الكتاب القائل فآمن ابراهيم بالله فحسب له برا‘ ودعي خليل الله.( صديق الله)"يع2: 23" هذا هو الإيمان الذى كان الله يبحث عنه طويلا فوجده فى أبونا إبراهيم‘واتصف أبونا ابراهيم بالخليل فى اللقاء الذى إستضاف فيه ابراهيم الله وملاكين(تك 18) ويقول الكتاب" ثم قام الرجال من هناك وتطلعوا نحو سدوم‘ وكان ابراهيم ماشيا معهم ليشيعهم. فقال الرب هل أخفى عن ابراهيم ما أنا فاعله؟. وابراهيم يكون امة كبيرة وقوية ويتبارك به جميع امم الارض. لانى عرفته لكى يوصى بنيه وبيته من بعده ان يحفظوا طريق الرب ليعملوا برا وعدلا لكي يأتى الرب لابراهيم بما تكلم به." وماقاله الرب هنا انه إختار إبراهيم ليكون مؤسسا لشعب الله - بنى إسرائيل - أو الأمة اليهودية فيما بعد" ..وقص الرب على ابراهيم ان صراخ سدوم وعمورة قد كثر وخطيتهم قد عظمت جدا .وكأنه يشاركه الرأي ..وانصرف الرجال(الملاكان) من هناك وذهبوا نحو سدوم.وأما ابراهيم فكان لم يزل قائما امام الرب. وتقدم صديق الله وقال" أفتهلك البار مع الأثيم ‘ وهذه هى لغة الصديق الى صديقه حتى لو كان الله ‘ لأنه سمح لنفسه ان يحاكى الله ويتشفع فى أهل سدوم وعمورة وكان الله يقبل منه ويستمع ويرد عليه قولا بقول‘ حتى وصل الحوار الى قول ابراهيم " أديان كل الارض لا يصنع عدلا." وبعد ان فرغ ابراهيم من كلامه يقول الكتاب " وذهب الرب عندما فرغ من الكلام مع ابراهيم ورجع ابراهيم الى مكانه."تك18: 33" ‘والإيمان بالله هو الذى أوصل ابراهيم أن يحصل على مرتية صديق الله ‘ وهو نفس ماقالة الرب يسوع فى العهد الجديد " لا أعود اسميكم عبيدا لان العبد لا يعلم ما يعلم سيده. لكنى قد سميتكم احباء لانى أعلمتكم بكل ماسمعته من أبى." يو15: 15‘ فبالإيمان نكون لله أصدقاء وأحباء‘ ولكن كيف وصل أبونا ابراهيم الى هذه العلاقة مع الله؟.
إيمان إبرام فى طاعة الله:
كان ابرام يعيش فى أور الكلدانيين وسط عائلته أبواه وأخوته وإمرأته ساراى‘ وفجأة جاءت دعوة الله لإبرام وقال له" اذهب من ارضك ومن عشيرتك ومن بيت ابيك الى الأرض التى أريك. فاجعلك امة عظيمة واباركك واعظم اسمك . وتكون بركة. وابارك مباركيك ولاعنك العنه. وتتبارك فيك جميع قبائل الارض. "تك12: 1-3‘ ولا نعلم كيف استقبل ابرام هذه الدعوة ‘ وخصوصا ان الله لم يحدد له المكان الذى سيحط فيه رحاله ‘ لقد وعده الله بالكثير ليكون له شأن عظيم عند الله ‘ واصبح امام خيار ان يذهب الى المجهول الذى لا يعلمه ‘ ولكن إيمانه بان الله هو قائده جعله يحزم أمره ويبدأ الرحلة ‘ وفى هذا يقول القديس بولس الرسول" بالإيمان ابراهيم لما دعي اطاع ان يخرج الى المكان الذى كان عتيدا ان يأخذه ميراثا فخرج وهو لا يعلم الى اين يأتى.عب11: 8‘ وماذا فعل ابرام " فذهب ابرام كما قال له الرب وذهب معه لوط .وكان ابرام ابن 75 ىسنة لما خرج من حاران. وخرجوا من حاران ليذهبوا الى ارض كنعان .فأتوا الى أرض كنعان مرورا بمكان شكيم وبلوطة مورة ‘ وهنا ظهر له الله وقال " لنسلك اعطى هذه الارض ." فبنى هناك مذبحا للرب الذى ظهر له. وعرف ابرام ان وعد الله هو تمليكه ارض كنعان فتوجه جنوبا ارتحالا متواليا‘ والى الجبل شرقا فى بيت إيل‘ فبنى هناك مذبحا للرب ودعا باسم الرب." اى ثبت إيمانه بالرب فدعا باسمه الها له وراعيا يقوده حيث يشاء الى بركة وبركات.
غربة ابراهيم
عاش ابراهيم حياته وهو ساكن على الارض التى وعده الله بها ميراثا‘ معتبرا نفسه غريبا‘ وهذا أول التعاليم الإلهيه التى نؤمن بها ‘ أن نعيش على الارض غرباء لأن لنا بيتا فى السماء ‘والعجيب ان ابراهيم وقد كان أغنى من فى المنطقة ‘ وحوله الكنعانيين يعيشون فى بيوت وقصور مبنية بالطوب والحجارة ‘ ولكنه ومعه ابنه اسحق وابنه يعقوب يعيشون فى الخيام ‘ وهذ قمة الإيمان من أبونا ابراهيم ‘ وكما قال معلمنا بولس الرسول " بالإيمان تغرب فى أرض الموعد كأنها غريبة ساكنا فى خيام مع اسحق ويعقوب الوارثين معه لهذا الموعد عينه. لأنه كان ينتظر المدينة التى لها الأساسات التى صانعها وابارئها الله."عب11: 9و10. وهذا وعد الرب يسوع المسيح لنا فى العهد الجديد " لا تضطرب قلوبكم. انتم تؤمنون بالله فآمنوا بى. فى بيت ابى منازل كثيرة. والا فانى كنت قد قلت لكم. انا أمضى لاعد لكم مكانا.وإن مضيت واعددت لكم مكانا آتى أيضا وآخذكم الى حتى حيث اكون انا تكونون انت ايضا."يو14: 1-3‘ وشرحها لنا القديس بولس أيضا فى 2 كو5: 1و7و8" لاننا نعلم انه ان نقض بيت خيمتنا الارضى فلنا فى السموات بناء من الله بيت غير مصنوع بيد .ابدي. ..ونحن مستوطنون فى الجسد فنحن متغربون عن الرب. لاننا بالإيمان نسلك لا بالعيان. فنثق ونسر بالأولى ان نتغرب عن الجسد ونستوطن عند الرب". هذه كان إيمان أبونا إبراهيم طوال حياته عائشا فى خيام منتظرا بيته فى السموات ‘ وعلم أبنه وأحفاده بذلك ‘ فعاشوا طوال حياتهم فى خيام.
تكرار الوعد من الله لابرام
بعد اعتزال لوط ابن أخ ابرام عنه قال له الرب" ارفع عينيك وانظر من الموضع الذى انت فيه شمالا وجنوبا وشرقا وغربا. لان جميع الارض التى انت ترى لك اعطيها ولنسلك الى الابد. واجعل نسلك كتراب الارض .حتى اذا استطاع احد ان يعد تراب الارض نسلك ايضا يعده. قم أمش فى الارض طولها وعرضها .لأنى لك اعطيها. فنقل ابرام خيامه واتى واقام عند بلوطات ممرا التى فى حبرون.وبنى هناك مذبحا للرب."تك13: 14-18.
ملكى صادق كاهن الله العلى
بعد انتصار ابرام ورجوعه من كسرة كدر لعومر‘ والتى فيها أعاد ابن أخيه لوط وعائلتة من السبى وكذا أهل سدوم وجد فى لقائه ملكى صادق ملك شاليم الذى أخرج خبزا وخمرا.ويقول الكتاب عنه"وكان كاهنا لله العلي. وباركه وقال له مبارك ابرام من الله العلي مالك السموات والارض.ومبارك الله العلي الذى اسلم اعداءك فى يدك. فاعطاه ابرام عشرا من كل شيئ ."تك14: 18-20‘وهذة المرة الاولى والأخيرة التى يذكر فيها اسم ملك صادق والذى يقدمه لنا القديس بولس الرسول" المترجم اولا ملك البر ثم ايضا ملك ساليم اى ملك السلام .بلا اب بلا أم بلا نسب.لا بداءة أيام له ولا نهاية حياة بل هو مشبه بابن الله هذا يبقى كاهنا الى الابد."عب 7: 2و3‘ ووجود شخصية ملكى صادق فى مقابلة ابرام صورة حية على ان الله يتدبر أمور الخلاص ‘ لأن الرب يسوع المسيح سيكون كاهنا ورئيس كهنة ليس على نسب لاوى كهرون لأنه من سبط يهوذا سبط الملوك ‘ وأيضا سيكون كاهنا الى الابد على رتبة ملكى صادق ‘ لأنه صار ليس بحسب ناموس وصية جسدية بل بحسب قوة حياة لا تزول (الحياة الابدية ) وهو نفس قول المزمور 110: 4 نبوة عن السيد المسيح"انت ابنى وانا اليوم ولدتك. أقسم الرب ولن يندم .انت كاهن الى الابد على رتبة ملكى صادق ."وكذلك يؤكدها الوحي الإلهى على لسان القديس بولس" لان كل رئيس كهنة ماخوذ من الناس يقام لاجل الناس فى ما لله..ولا ياخذ احد هذه الوظيفة بنفسه بل المدعو من الله كما لهرون ايضا. كذلك المسيح ايضا لم يمجد نفسه ليصير رئيس كهنة بل الذى قال له انت ابنى انا اليوم ولدتك .كما يقول فى موضع آخر(مز110)انت كاهن الى الابد على رتبة ملكى صادق. " (عب5) ‘ وقال ايضا فى (عب8)"واما رأس الكلام فهو ان لنا رئيس كهنة مثل هذا قد جلس فى يمين العظمة فى السموات."فظهور ملكى صادق ترتيب الهى لينبأ بقدوم ابنه الوحيد لخلاص البشرية فى ملء الزمان. كذلك جاء ذكر للعشور التى قدمها ابرام عن كل شيئ للكاهن ‘ وليعرفنا ان العشور طقس استلمته الكنيسة وتعمل به حسب وصايا الله.
أمن ابرام بالله فحسبه له برا
بعد عودة ابرام من حرب كسرة لعومر منتصرا" صار كلام الرب الى ابرام فى الرؤيا قائلا: لا تخف يا ابرام .انا ترس لك .اجرك كثير جدا. فقال ابرام ايها السيد الرب ماذا تعطينى وانا ماض عقيما ومالك بيتى هو اليعازر الدمشقى. وفال ابرام ايضا انك لم تعطينى نسلا وهوذا ابن بيتى وارث لى. فاذا كلام الرب اليه قائلا.لا يرثك هذا .بل الذى يخرج من احشائك هو يرثك.ثم اخرجه الى خارج وقال انظر الى السماء وعد النجوم ان استطعت ان تعدها.وقال له هكذا يكون نسلك. فآمن بالرب فحسبه له برا.تك 15: 1-6. وفى ذلك اليوم قطع الرب مع ابرام ميثاقا - كعادة أهل ذلك الزمان – قائلا.لنسلك اعطى هذه الارض."
هذا هو خليل الله ابراهيم فى رحلة من التدبيرات الإلهية لخلاص البشر ‘ وفى الطريق مع الله سار ابراهيم معه الى نهاية المطاف مؤمنا واثقا فى وعود الله ‘ وفى كل تجارب وامتحان الله معه ‘لم تقل ثقته فى الاهه الذى يقوده ويؤمن به إيمانا لا ريب فيه ‘ وهذا ماسنكمله فى المقال القادم إذا شاء الرب وعشنا.
0 comments:
إرسال تعليق