كل قراءات الخمسة والخمسين يوما ‘ الذى هو الصوم الكبير ‘ لها هدف وغاية واحدة وهى التوبة والرجوع لله‘ ففى قراءات أحد الرفاع وقبل الصوم يجهزنا الكتاب للعبادة الحقيقية التى بلا نفاق ولا رياء ‘ فالله يخطط لنا عبادة بيننا وبينه أساسها هو وحده وليس شيئ آخر‘ وعلمنا ان كنزنا الحقيقى فى السموات نتيجة توبة صادقة عن خطايانا وآثامنا ‘ ويعطينا مثل الإبن الضال الذى ترك كل نعمة وبركة أبيه ليذهب فى طريق الشيطان ‘ ولكنه فى الوقت المناسب رجع الى نفسه وعاد لأبيه معترفا بخطاياه يطلب قبول توبته ‘ ووجدنا الآب يعانقة ويقبله ويعطيه كل وسائط النعمة ‘ ويعيده الى مرتبته الأولى ‘ واليوم لقد وصلنا فى أيام الصوم الكبير الى أحد النصف كما نسميه نحن مسيحى مصر الأرثوذكس ‘ وهو الأحد الرابع أيضا من الصوم ‘ وفيه يقرأ فى صباح القداس الإلهى فى كنائسنا فصل الإنجيل من الإصحاح الرابع لإنجيل القديس يوحنا الإنجيلى ‘ وهو الفصل المعروف بإنجيل المرأة السامرية ‘ وهو الفصل المشهور لتوبة شعب السامرة ‘ وكيف ان الله بطول أناته دبر لخلاص هذا الشعب وعلى يد المرأة السامرية‘ والذى يقرأ أيضا فى الأحد الثالث من الخمسين المقدسة اشارة الى ماء الحياة الأبدية وعطية الروح القدس ‘وفى عيد حلول الروح القدس أيضا يقرأ فى صلاة السجدة لقول الرب " الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغى ان يسجدوا." "يو4: 24. وفى قراءتنا للإنجيل نجد ان الرب قد دبر تدبيرا إلاهيا لخلاص السامرة ‘التى كانت عاصمة لمملكة إسرائيل الشمالية لمئات السنين ‘ وتتعبد للأصنام ‘ وحتى وصلنا لقول الكتاب" فلما جاء اليه السامريون سالوه ان يمكث عندهم فمكث هناك يومين.فآمن به اكثر جدا بسبب كلامه. وقالوا للمرأة اننا لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن . لاننا نحن قد سمعنا ونعلم ان هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم."يو4: 40-42.
الطريق لخلاص السامرة
وقبل ذلك الإيمان كان الطريق لخلاص السامرة طويلا وصعبا ونقرأ فى انجيل القديس لوقا الإنجيلى عن موقف السامريين من اليهود وكل من له صله بهم حتى يسوع المسيح " وارسل أمام وجهه رسلا .فذهبوا ودخلوا قرية للسامريين حتى يعدوا له.فلم يقبلوهم لأن وجهه كان متجها نحو أورشليم . فلما رأى ذلك تلميذاه يعقوب ويوحنا قالا يارب أتريد أن نقول ان تنزل نار من السماء فتفنيهم كما فعل إيليا ايضا. فالتفت وانتهرهما وقال لستما تعلمان من أى روح أنتما. لأن ابن الانسان لم يأت ليهلك الناس بل ليخلص. فمضوا الى قرية أخرى."يو4: 52-56. وفى تدبيرات الله الخلاصية بدأ يقرب لليهود بأخوتهم السامريين ‘ لوجود عداء متحكم بينهم وبين السامريين ‘ فهم ليسوا بيهود ‘ وهم لا يؤمنون من الكتاب المقدس سوى بأسفار موسى الخمسة ‘ يعبدون الأوثان فوق جبل جرزيم منذ فصلهم يربعام عن أورشليم وصنع لهم عجلين ذهبيين وقال لهم هذه آلهتك ياإسرائيل‘ كانوا شعبا نجسا بالنسبة للشعب اليهودى ‘وممنوع التعامل معهم ‘ ويحرم التواجد معهم ‘ حتى عندما أتهم الفريسيون السيد المسيح قالوا له : ألسنا حسنا قلنا أنك سامرى وبك شيطان."
وبدأ الرب يدبر التقارب حتى يخلص السامرة من العبادة الوثنية :
1- عندما قام ناموسى ليجربه سأله عن ماذا يفعل حتى يرث الحياة الأبدية ؟ فقال له الرب كيف تقرأ أو ماهى أعظم الوصايا فقال‘تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل فكرك وقريبك مثل نفسك .فقال له بالصواب أجبت افعل هذا فتحيا ‘ وإذا أراد الناموسى ان يبرر نفسه سأله من هو قريبى؟ فقدم له الرب يسوع السامرى الصالح الذى فعل خيرا بالجريح المتروك بين الحياة والموت ‘ فبينما ان الكاهن مر به ولم يعطيه أى اهتمام وكذلك لاوى رآه وجاز مقابله ‘ أما السامرى هوالذى أعتنى به فى حب بازل ‘ فجاء السؤال من هو القريب لهذا المجروح ؟ فجاء الرد الذى صنع معه الرحمة ‘ فقال له الرب أذهب انت وافعل هكذا."لو10: 25-36.
2- يذكر لنا القديس لوقا البشير فى إصحاح 17 قصة شفاء الرب يسوع لعشرة رجال مرضى بالبرص ‘ وفيما هم منطلقون طهروا.فواحد منهم لما رأى انه شفى رجع يمجد الله بصوت عظيم. وخر على وجهه عند رجليه شاكرا له. وكان سامريا. فأجاب يسوع وقال اليس العشرة قد طهروا . فأين التسعة. ألم يوجد من يرجع ليعطى مجدا لله غير هذا الغريب الجنس. ثم قال له قم وامض. ايمانك قد خلصك .‘ وعلى الرغم أن الرب أسماه الغريب الجنس وهم كانوا كذلك ‘ الا انه على مرأى ومسمع من اليهود عرفوا ان السامرى قد آمن بالمسيح المخلص. وهذه كانت بدايات من تدبير الله للدخول للسامرة حتى آمنت به . ولذلك يتساءل البعض كيف تمت العداوة بين شعب اسرائيل وشعب السامرة ؟
السامرة والسامريين:
انقسم شعب بنى اسرائيل على يد رحبعام بن الملك سليمان الى دولتين واحدة فى الشمال وتشمل 10 أسباط ‘ من السامرة الى الجليل وعاصمتها السامرة وسميت بمملكة اسرائيل ‘ وبقى سبط يهوذا وسبط بنيامين فى أورشليم ‘وعلى يد يربعام بن نباط ملك اسرائيل الذى أخطأ وجعل بنى اسرائيل وكل الملوك من بعده يخطئون بعبادتهم للأصنام. وفعلوا الشر فى عينى الرب فغضب عليهم ‘ ويقول الكتاب" حتى نحى الرب اسرائيل من امامه كما تكلم عن يد جميع عبيده الانبياء . فسبى اسرائيل من ارضه الى اشور .."2ملو17: 23. وكان هذا السبى عام 722 ق.م . على يد الملك شلمناصر ملك اشور‘ وأتى ملك اشور بشعوب من بابل ومن مدن أخرى واسكنهم فى مدن السامرة عوضا عن بنى اسرائيل فامتلكوا السامرة وسكنوا فى مدنها ‘ وبعد مرور 70 سنة على سبى شعب بنى اسرائيل ‘ سمح الرب بعودتهم وأمر كورش ملك فارس بإعادة السبى لأراضيهم ‘ ولكن ساكنى السامرة كانوا خليطامن شعوب الأرض الوثنيين ‘ ومنهم من تزوج من يهود ‘ وبعد ترتيب بناء أورشليم على يد عزرا ونحميا طلبوا ان ينضم لهم من هو يهودى فقط وغير متزوج من أممية والعكس ‘ فبقيت السامرة وحتى اليوم خارج الشعب اليهودى ولا يؤمنون الا بالتوراة فقط دون باقى الكتاب أو وصايا الله وفرائضه ‘ وأعتبرهم اليهود من الأمميين الذين إذا لمسهم أحد يتنجس.
لقاء المرأة السامرية :
وبترتيب الهى دبر الرب ان يمر على السامرة ودخل مدينة اسمها سوخار - شكيم - ويصنع خلاصا لشعبها ويعيدها الى حظيرة يهوة المخلص ‘ وبالفعل فى نهاية اللقاء آمن شعب السامرة وقالوا للمرأة " أننا لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن. لاننا قد سمعنا ونعلم ان هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم." يو4: 43.
وهناك أنوار وشعاعات ساطعة فى هذا اللقاء دعونا نستمتع ببعض منها لتنير قلوبنا :
1- قول الرب للمرأة .. اعطينى لأشرب .. ونتذكر ان الرب وهو على خشبة الصليب كما ورد فى يو 19: 28 " وبعد هذا رأى يسوع أن كل شيئ قد كمل فلكى يتم الكتاب قال أنا عطشان." وفى لقائه بالسامرية وبعد أن فتح الحديث معها – لأن اليهود لم يكونوا يتعاملون مع السامريين ومع أى امرأة عموما – وسألها إعطينى لأشرب ‘ ولأنه يقصد أنه عطشان الى خلاصها وخلاص السامرة والعالم كله ‘ وهوالذى طوب الجياع والعطاش الى بر الله . "طوبى للجياع والعطاش الى البر لأنهم يشبعون" مت 5: 6‘ ويقول لوارثى الملكوت "..لأنى عطشت فسقيتمونى."مت25: 35 ‘ ويقول أيضا "ومن سقى احد هؤلاء الصغار كأس ماء بارد فقط باسم تلميذ فالحق لكم انه لا يضيع أجره." مت10: 42‘ وأيضا يقول للتلاميذ " طعامى أن أعمل مشيئة الذى أرسلنى وأتمم عمله." يو4: 34.
2- قول الرب ... لو كنت تعلمين عطية الله.. يو4: 10 ‘ والسيد المسيح نفسه هو عطية الله ‘ أى الله الظاهر فى الجسد كقول النبوة " لأنه يولد لنا ولد - ونعطى - إبنا وتكون الرئاسة على كتفيه..."اش 9: 6 ‘ وأيضا قول الكتاب " هكذا أحب الله العالم حتى بذل(عطية) إبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية."يو3: 16.
الماء الحي
3- قول الرب "فأعطاك ماء حيا" نعمة الماء الحي يعطيها الله ويهبها لمؤمنيه .. الماء الحي هو إشارة الى الروح القدس ‘ونعمة الله للبشر ماء حيا ‘ لطبيعة الماء الذى يطهر الجسد ورمز الروح القدس الذى يطهر النفس من خطاياها‘ ويمنحنا السلام مع الله‘ كقول الرب" كل من آمن بى كما قال الكتاب تجرى من بطنه أنهار ماء حي.قال هذا عن الروح الذى كان المؤمنون به مزمعون أن يقبلوه .لأن الروح القدس لم يكن قد أعطى ." يو7: 38‘ ويقول بفمه الطاهر " أنا هو الألف والياء .البداية والنهاية .أنا أعطى العطشان من ينبوع ماء الحياة مجانا." رؤ21: 6‘ ويقول الله فى نبوة إرميا النبى" الحائدون عنى فى التراب يكتبون لأنهم تركوا الرب ينبوع المياة الحية.." إر17: 13. فالماء الحي هو ماء النعمة والخلاص ورمز لعمل الروح القدس السرائرى. ويؤكد الرب " ومن يؤمن بى فلا يعطش ابدا." يو6: 35.
أجاب يسوع وقال لها " كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضا." .. والماء الذى لا يروى الإنسان هو ماء العالم الذى نشرب منه ونظل عطشى ومتعطشون للمزيد ..
وماء هذا العالم يقع فى 3 صور
أ- محبة المال.. هو ماء مالح من يشرب منه يزداد عطشا ‘ والمحب لماله تجره قدماه الى كافة الشرور ‘ وشرور العالم ما أكثرها ‘ وفى استعباد المال للإنسان نقمة شديدة وهو أصل كل الشرور ‘ ولكن فى حسن إستخدام المال كنعمة كبيرة من الله تزداد له العطايا.
ب- محبة العالم .. وهذا أيضا ماء مر وعلقم .. فأطماع العالم وملذاته وشهواته يطلب منها الإنسان المزيد ويلهث خلفها ولا يتوقف ‘ وليس فى العالم إلا شهوة العيون وشهوة الجسد وتعظم المعيشة ‘ والعالم سيمضى وشهوته معه واما الذى يصنع مشيئة الله فيثبت الى الأبد .
ج- محبة الذات.. المحب لذاته انسان أنانى لنفسه ولإنسانيته وللمجتمع من حوله ‘ يسوده الكبرياء وأطماع الذات التى لا حدود لها ولذا يطلب منا الرب" من أراد أن يتبعنى فلينكر ذاته."
ولكن من يشرب من الماء الذى أعطيه أنا فلن يعطش الى الأبد. بل الماء الذى أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع الى حياة أبدية... عندما إنفجر الجنب الطاهر المطعون بالحربة على الصليب فاض علينا ماء ودم ‘ الذى صار لنا طهرا وخلاصا ونعمة وحياة أبدية لكل من يتناول منه ‘ وفى سر التناول يضيف الأب الكاهن الماء الى عصير الكرم الذى هو دم المسيح ‘ لنرتوى من جنبه الحياة الأبدية ‘ والذين إعتمدوا بالماء والروح ‘ إغتسلوا بدمه وتطهروا بمائه ‘ وحصلوا على عربون الحياة الأبدية والرجاء السعيد.
والماء الذى يعطيه السيد المسيح هو:
1- الإيمان – نعمة الإيمان – كقول الرب "من آمن بى تجرى من بطنه أنهار ماء حى تنبع لحياة أبدية ‘ فالإيمان هو ماء الحياة ‘ وهو عطية الله ‘ وبنعمة الإيمان أنتم مخلصون وهذا ليس منكم بل هو عطية الله.
2- المحبة .. المحبة ماء حي يروى النفس العطشانة ‘ ويشبع القلب السقيم ‘ ولأن المحبة هى الله والله محبة ‘ ومن يثبت فى المحبة يثبت فى الله والله فيه.
3- الرجاء .. الرجاء بالقيامة ومجيئ الرب يسوع ليحملنا معه للسموات هى ثالث الفضائل ‘ الإيمان والرجاء والمحبة ‘ الرجاء صخرة روحية تتحطم عليها كل ضيقات العالم وشدائده وشرور الحياة ..نترجى قيامة الأموات وحياة الدهر الآتى.
وبصلوات القديسة المرأة السامرية نسأل الرب يسوع أن يعطينا دائما نعمته وبركته ,ويمنحنا الإستحقاق لتوبة صادقة نحياها حتى ننال الحياة الأبدية معه فى السموات . أمين .
الطريق لخلاص السامرة
وقبل ذلك الإيمان كان الطريق لخلاص السامرة طويلا وصعبا ونقرأ فى انجيل القديس لوقا الإنجيلى عن موقف السامريين من اليهود وكل من له صله بهم حتى يسوع المسيح " وارسل أمام وجهه رسلا .فذهبوا ودخلوا قرية للسامريين حتى يعدوا له.فلم يقبلوهم لأن وجهه كان متجها نحو أورشليم . فلما رأى ذلك تلميذاه يعقوب ويوحنا قالا يارب أتريد أن نقول ان تنزل نار من السماء فتفنيهم كما فعل إيليا ايضا. فالتفت وانتهرهما وقال لستما تعلمان من أى روح أنتما. لأن ابن الانسان لم يأت ليهلك الناس بل ليخلص. فمضوا الى قرية أخرى."يو4: 52-56. وفى تدبيرات الله الخلاصية بدأ يقرب لليهود بأخوتهم السامريين ‘ لوجود عداء متحكم بينهم وبين السامريين ‘ فهم ليسوا بيهود ‘ وهم لا يؤمنون من الكتاب المقدس سوى بأسفار موسى الخمسة ‘ يعبدون الأوثان فوق جبل جرزيم منذ فصلهم يربعام عن أورشليم وصنع لهم عجلين ذهبيين وقال لهم هذه آلهتك ياإسرائيل‘ كانوا شعبا نجسا بالنسبة للشعب اليهودى ‘وممنوع التعامل معهم ‘ ويحرم التواجد معهم ‘ حتى عندما أتهم الفريسيون السيد المسيح قالوا له : ألسنا حسنا قلنا أنك سامرى وبك شيطان."
وبدأ الرب يدبر التقارب حتى يخلص السامرة من العبادة الوثنية :
1- عندما قام ناموسى ليجربه سأله عن ماذا يفعل حتى يرث الحياة الأبدية ؟ فقال له الرب كيف تقرأ أو ماهى أعظم الوصايا فقال‘تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل فكرك وقريبك مثل نفسك .فقال له بالصواب أجبت افعل هذا فتحيا ‘ وإذا أراد الناموسى ان يبرر نفسه سأله من هو قريبى؟ فقدم له الرب يسوع السامرى الصالح الذى فعل خيرا بالجريح المتروك بين الحياة والموت ‘ فبينما ان الكاهن مر به ولم يعطيه أى اهتمام وكذلك لاوى رآه وجاز مقابله ‘ أما السامرى هوالذى أعتنى به فى حب بازل ‘ فجاء السؤال من هو القريب لهذا المجروح ؟ فجاء الرد الذى صنع معه الرحمة ‘ فقال له الرب أذهب انت وافعل هكذا."لو10: 25-36.
2- يذكر لنا القديس لوقا البشير فى إصحاح 17 قصة شفاء الرب يسوع لعشرة رجال مرضى بالبرص ‘ وفيما هم منطلقون طهروا.فواحد منهم لما رأى انه شفى رجع يمجد الله بصوت عظيم. وخر على وجهه عند رجليه شاكرا له. وكان سامريا. فأجاب يسوع وقال اليس العشرة قد طهروا . فأين التسعة. ألم يوجد من يرجع ليعطى مجدا لله غير هذا الغريب الجنس. ثم قال له قم وامض. ايمانك قد خلصك .‘ وعلى الرغم أن الرب أسماه الغريب الجنس وهم كانوا كذلك ‘ الا انه على مرأى ومسمع من اليهود عرفوا ان السامرى قد آمن بالمسيح المخلص. وهذه كانت بدايات من تدبير الله للدخول للسامرة حتى آمنت به . ولذلك يتساءل البعض كيف تمت العداوة بين شعب اسرائيل وشعب السامرة ؟
السامرة والسامريين:
انقسم شعب بنى اسرائيل على يد رحبعام بن الملك سليمان الى دولتين واحدة فى الشمال وتشمل 10 أسباط ‘ من السامرة الى الجليل وعاصمتها السامرة وسميت بمملكة اسرائيل ‘ وبقى سبط يهوذا وسبط بنيامين فى أورشليم ‘وعلى يد يربعام بن نباط ملك اسرائيل الذى أخطأ وجعل بنى اسرائيل وكل الملوك من بعده يخطئون بعبادتهم للأصنام. وفعلوا الشر فى عينى الرب فغضب عليهم ‘ ويقول الكتاب" حتى نحى الرب اسرائيل من امامه كما تكلم عن يد جميع عبيده الانبياء . فسبى اسرائيل من ارضه الى اشور .."2ملو17: 23. وكان هذا السبى عام 722 ق.م . على يد الملك شلمناصر ملك اشور‘ وأتى ملك اشور بشعوب من بابل ومن مدن أخرى واسكنهم فى مدن السامرة عوضا عن بنى اسرائيل فامتلكوا السامرة وسكنوا فى مدنها ‘ وبعد مرور 70 سنة على سبى شعب بنى اسرائيل ‘ سمح الرب بعودتهم وأمر كورش ملك فارس بإعادة السبى لأراضيهم ‘ ولكن ساكنى السامرة كانوا خليطامن شعوب الأرض الوثنيين ‘ ومنهم من تزوج من يهود ‘ وبعد ترتيب بناء أورشليم على يد عزرا ونحميا طلبوا ان ينضم لهم من هو يهودى فقط وغير متزوج من أممية والعكس ‘ فبقيت السامرة وحتى اليوم خارج الشعب اليهودى ولا يؤمنون الا بالتوراة فقط دون باقى الكتاب أو وصايا الله وفرائضه ‘ وأعتبرهم اليهود من الأمميين الذين إذا لمسهم أحد يتنجس.
لقاء المرأة السامرية :
وبترتيب الهى دبر الرب ان يمر على السامرة ودخل مدينة اسمها سوخار - شكيم - ويصنع خلاصا لشعبها ويعيدها الى حظيرة يهوة المخلص ‘ وبالفعل فى نهاية اللقاء آمن شعب السامرة وقالوا للمرأة " أننا لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن. لاننا قد سمعنا ونعلم ان هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم." يو4: 43.
وهناك أنوار وشعاعات ساطعة فى هذا اللقاء دعونا نستمتع ببعض منها لتنير قلوبنا :
1- قول الرب للمرأة .. اعطينى لأشرب .. ونتذكر ان الرب وهو على خشبة الصليب كما ورد فى يو 19: 28 " وبعد هذا رأى يسوع أن كل شيئ قد كمل فلكى يتم الكتاب قال أنا عطشان." وفى لقائه بالسامرية وبعد أن فتح الحديث معها – لأن اليهود لم يكونوا يتعاملون مع السامريين ومع أى امرأة عموما – وسألها إعطينى لأشرب ‘ ولأنه يقصد أنه عطشان الى خلاصها وخلاص السامرة والعالم كله ‘ وهوالذى طوب الجياع والعطاش الى بر الله . "طوبى للجياع والعطاش الى البر لأنهم يشبعون" مت 5: 6‘ ويقول لوارثى الملكوت "..لأنى عطشت فسقيتمونى."مت25: 35 ‘ ويقول أيضا "ومن سقى احد هؤلاء الصغار كأس ماء بارد فقط باسم تلميذ فالحق لكم انه لا يضيع أجره." مت10: 42‘ وأيضا يقول للتلاميذ " طعامى أن أعمل مشيئة الذى أرسلنى وأتمم عمله." يو4: 34.
2- قول الرب ... لو كنت تعلمين عطية الله.. يو4: 10 ‘ والسيد المسيح نفسه هو عطية الله ‘ أى الله الظاهر فى الجسد كقول النبوة " لأنه يولد لنا ولد - ونعطى - إبنا وتكون الرئاسة على كتفيه..."اش 9: 6 ‘ وأيضا قول الكتاب " هكذا أحب الله العالم حتى بذل(عطية) إبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية."يو3: 16.
الماء الحي
3- قول الرب "فأعطاك ماء حيا" نعمة الماء الحي يعطيها الله ويهبها لمؤمنيه .. الماء الحي هو إشارة الى الروح القدس ‘ونعمة الله للبشر ماء حيا ‘ لطبيعة الماء الذى يطهر الجسد ورمز الروح القدس الذى يطهر النفس من خطاياها‘ ويمنحنا السلام مع الله‘ كقول الرب" كل من آمن بى كما قال الكتاب تجرى من بطنه أنهار ماء حي.قال هذا عن الروح الذى كان المؤمنون به مزمعون أن يقبلوه .لأن الروح القدس لم يكن قد أعطى ." يو7: 38‘ ويقول بفمه الطاهر " أنا هو الألف والياء .البداية والنهاية .أنا أعطى العطشان من ينبوع ماء الحياة مجانا." رؤ21: 6‘ ويقول الله فى نبوة إرميا النبى" الحائدون عنى فى التراب يكتبون لأنهم تركوا الرب ينبوع المياة الحية.." إر17: 13. فالماء الحي هو ماء النعمة والخلاص ورمز لعمل الروح القدس السرائرى. ويؤكد الرب " ومن يؤمن بى فلا يعطش ابدا." يو6: 35.
أجاب يسوع وقال لها " كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضا." .. والماء الذى لا يروى الإنسان هو ماء العالم الذى نشرب منه ونظل عطشى ومتعطشون للمزيد ..
وماء هذا العالم يقع فى 3 صور
أ- محبة المال.. هو ماء مالح من يشرب منه يزداد عطشا ‘ والمحب لماله تجره قدماه الى كافة الشرور ‘ وشرور العالم ما أكثرها ‘ وفى استعباد المال للإنسان نقمة شديدة وهو أصل كل الشرور ‘ ولكن فى حسن إستخدام المال كنعمة كبيرة من الله تزداد له العطايا.
ب- محبة العالم .. وهذا أيضا ماء مر وعلقم .. فأطماع العالم وملذاته وشهواته يطلب منها الإنسان المزيد ويلهث خلفها ولا يتوقف ‘ وليس فى العالم إلا شهوة العيون وشهوة الجسد وتعظم المعيشة ‘ والعالم سيمضى وشهوته معه واما الذى يصنع مشيئة الله فيثبت الى الأبد .
ج- محبة الذات.. المحب لذاته انسان أنانى لنفسه ولإنسانيته وللمجتمع من حوله ‘ يسوده الكبرياء وأطماع الذات التى لا حدود لها ولذا يطلب منا الرب" من أراد أن يتبعنى فلينكر ذاته."
ولكن من يشرب من الماء الذى أعطيه أنا فلن يعطش الى الأبد. بل الماء الذى أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع الى حياة أبدية... عندما إنفجر الجنب الطاهر المطعون بالحربة على الصليب فاض علينا ماء ودم ‘ الذى صار لنا طهرا وخلاصا ونعمة وحياة أبدية لكل من يتناول منه ‘ وفى سر التناول يضيف الأب الكاهن الماء الى عصير الكرم الذى هو دم المسيح ‘ لنرتوى من جنبه الحياة الأبدية ‘ والذين إعتمدوا بالماء والروح ‘ إغتسلوا بدمه وتطهروا بمائه ‘ وحصلوا على عربون الحياة الأبدية والرجاء السعيد.
والماء الذى يعطيه السيد المسيح هو:
1- الإيمان – نعمة الإيمان – كقول الرب "من آمن بى تجرى من بطنه أنهار ماء حى تنبع لحياة أبدية ‘ فالإيمان هو ماء الحياة ‘ وهو عطية الله ‘ وبنعمة الإيمان أنتم مخلصون وهذا ليس منكم بل هو عطية الله.
2- المحبة .. المحبة ماء حي يروى النفس العطشانة ‘ ويشبع القلب السقيم ‘ ولأن المحبة هى الله والله محبة ‘ ومن يثبت فى المحبة يثبت فى الله والله فيه.
3- الرجاء .. الرجاء بالقيامة ومجيئ الرب يسوع ليحملنا معه للسموات هى ثالث الفضائل ‘ الإيمان والرجاء والمحبة ‘ الرجاء صخرة روحية تتحطم عليها كل ضيقات العالم وشدائده وشرور الحياة ..نترجى قيامة الأموات وحياة الدهر الآتى.
وبصلوات القديسة المرأة السامرية نسأل الرب يسوع أن يعطينا دائما نعمته وبركته ,ويمنحنا الإستحقاق لتوبة صادقة نحياها حتى ننال الحياة الأبدية معه فى السموات . أمين .
0 comments:
إرسال تعليق