الأقليات الدينية في إندونيسيا تكافح لنيل حقوقها

الطائفة الأحمدية في إندونيسيا
الطائفة الأحمدية في إندونيسيا

يجتذب الصراع الدائر بين الطائفة الأحمدية والحكومة المحلية في غاوة الغربية بإندونيسيا الانتباه إلى ما تقول جماعات حقوقية إنه اتجاه متزايد لعدم التسامح الديني في البلاد.
والطائفة الأحمدية في إندونيسيا هي أقلية مسلمة تناضل من أجل ممارسة شعائرها الدينية في أكبر بلد مسلم في العالم من حيث عدد السكان، على الرغم من أن الدستور يكفل حقها في ذلك.
وأصبح المسجد، الذي كان يعد مكانا للصلاة، ساحة للنزاع الدائر حاليا، وتحيط به الآن حواجز حديدية ممتدة، كان يستخدمها الشباب من غير الأحمديين عادة لغلق الساحة التي كانوا يلعبون فيها كرة القدم في أيام الأحد.
وتقوم قوة من الشرطة والجيش بحماية مدخل المسجد لمنع دخول أحد إليه.
وهناك لافتة أمام المسجد تحمل نص ثلاثة قرارات وزارية موقعة منذ عام 2008، وتنص على أن الطائفة لا يمكنها أن تنشر مذهبها في المجتمع.
وتقول الحكومة المحلية إن هذا هو السبب وراء إغلاق هذا المسجد، بينما تقول الطائفة الأحمدية إنها لم تسع قط إلى تحويل أي شخص إلى مذهبهم، وإنهم يريدون فقط أن يؤدي الصلاة نحو 400 شخص من أعضاء طائفتهم.
وقام مؤخرا 20 شخصا منهم بحبس أنفسهم داخل المسجد ويرفضون مغادرته، وهم يعيشون في ظروف قاسية منذ أكثر من أسبوع.

"جماعات متشددة"

وعندما قمنا بزيارة المسجد الأسبوع الماضي، لم يسمح لنا بالدخول، كما لم يرد الأشخاص بالداخل أن يخرجوا لمقابلتنا خشية أن يُجبروا على إخلاء المسجد.
واستطعنا أن نتحدث مع أحد قادتهم من خلال ثقب في باب المسجد، وقال رحمة رحماديجيا أحد قادة الطائفة الأحمدية بداخل المسجد "لدينا مخاوف أن هذا المسجد سيتم الإستيلاء عليه."
وأضاف "لقد سمعنا أن هناك جماعات إسلامية متشددة تريد أن تستولي على المسجد حتى لا تمارس فيه أية شعائر دينية للطائفة الأحمدية، ونحن نشعر أننا مضطرون للدفاع عن مسجدنا حتى يتم الاعتراف بحقنا في الصلاة هنا."
وبني هذا المسجد عام 1999، ويقول قادة الطائفة الأحمدية في المنطقة إنهم لم يعانوا من أية مشاكل من قبل على الإطلاق، وقد بدأت الاشتباكات مع الحكومة المحلية فقط عندما بدأت جماعات دينية متشددة الاحتجاج ضد وجود هذه الطائفة.
لكن الطائفة الأحمدية ليست الوحيدة التي تناضل من أجل ممارسة شعائرها الدينية في إندونيسيا.
فقد نظمت مجموعة تضم نحو 300 شخص من خلفيات دينية متنوعة مظاهرة الأسبوع الماضي أمام مبنى البرلمان للمطالبة باحترام حقهم كمواطنين في ممارسة الشعائر الدينية، وهو الحق الذي يكفله الدستور.
وشارك في هذه المظاهرة مرواساس نينغولان، وهو أحد القساوسة من طائفة الباتاك البروتستانت المسيحية في إندونيسيا، وقال إن الحكومة مسؤولة عن ارتفاع عدد الهجمات على الأقليات الدينية في البلاد في الفترة الأخيرة.
وأضاف "لقد جئنا إلى هنا مع أشخاص من كل الأديان لنقول للبرلمان الإندونيسي إنهم يجب أن يطبقوا القانون. لقد رأينا تعصبا دينيا في هذه البلاد والحكومة ليست قوية بما يكفي لتوقف ذلك، كما أنها لا تقوم بحماية دور العبادة."
وأضاف أن القوانين الإندونيسية المتعلقة ببناء دور العبادة تقف ضد الأقليات الدينية في البلاد.
وأوضح قائلا "عليك أن تحصل على موافقة من 60 شخصا على الأقل في المنطقة التي تريد أن تنشيء بها دارا للعبادة، فكيف يمكن ذلك؟ وحتى حينما تحصل على التصريح، لا تقبل به الحكومة المحلية في أغلب الأحيان."
وقال إن هناك أربعة كنائس تتبع طائفته لا تزال تواجه عقبات في هذا الإطار.
وأضاف "دمرت إحداها، ولم تتمكن الكنائس الثلاث الأخرى من الحصول على تصاريح، فلماذا يحظر بناء دور العبادة في هذه البلاد؟"

هدم الكنيسة بالجرافات

وتعد طائفة الباتاك البروتستانت المسيحية أكبر طائفة بروتستانتية في إندونيسيا، وهي جزء من الكنيسة اللوثرية.
وقامت جرافة حكومية الشهر الماضي بهدم إحدى كنائسها أمام تجمع من أبناء الطائفة الذين أصابهم الذهول واليأس.
ويقول مسؤولون إن الكنيسة لم تحصل على تصريح ملائم، لكن الكنيسة تقول إن السلطات المحلية استجابت مرة أخرى لضغوط من الجماعات الإسلامية المتشددة.
ويقول نشطاء إن الحكومة المركزية تحتاج إلى أن تتدخل لإقناع مواطنيها بأنها تتعامل مع مسألة التعصب الديني بجدية.
ويقول هنداردي، الخبير في قضايا التعصب الديني بمعهد سيتارا المناصر للأقليات "لا تمتلك حكومة الرئيس سوسيلو بامبانغ ‏يودويونو الإرادة السياسية لحل هذه المشكلات، والتي تحدث مرارا وتكرارا. وقد رأينا أن عدد الهجمات ضد الأقليات الدينية في تزايد مطرد على مدى سنوات."
وأضاف "المسؤولون عن هذه المشاكل لديهم أجندة سياسية، حيث تُستخدم الجماعات المتعصبة في كثير من الأحيان خلال فترة الانتخابات لتحقيق أهداف سياسية محددة."
لكن الحكومة الإندونيسية تنفي الإشارة إلى وجود فائدة سياسية من رعاية جماعات إسلامية متشددة على حساب الأقليات الدينية الأخرى في البلاد.
ويقول تيوكو فايزاسياه المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الإندونيسية للشؤون الخارجية "تنظر العديد من الدول إلى إندونيسيا كقصة نجاح في السماح للطوائف الدينية بالعيش في وئام، ويمكنني أن أقول لكم إن الرئيس يتعامل مع هذه المسائل شخصيا ويأخذها على محمل الجد."
وأضاف أن التعامل مع مثل هذه المسائل ليس أمرا سهلا، وقال "إذا كان يمكن للآخرين أن يتعلموا منا، فيمكننا بالتأكيد أن نطور من ممارساتنا، فنحن نتعامل مع آلاف المجموعات العرقية، وآلاف الأشخاص الذين يحملون هويات مختلفة، ولذلك فالمهمة ليست سهلة."
ولكن هذا لا يريح الأقليات كثيرا في إندونيسيا، حيث يقول معظمهم إنهم يشعرون بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية في بلادهم.
وفي الوقت الذي تتجه إندونيسيا نحو الانتخابات العام المقبل، من المرجح أن تصبح قضية التعصب الديني أكثر تسيسا. وتنتطر الأقليات الدينية في إندونيسيا لترى ما إذا كانت الحكومة ستقف إلى جانبها في الفترة المقبلة.

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق