شخصيات الكتاب المقدس/ نسيم عبيد عوض

يبدأ الكتاب المقدس وينتهى بكلمة الله ,  نسمع صوت الله فى بداية خلقة للكون " وقال الله ليكن نور فكان نور." تك1: 3, وينتهى الكتاب المقدس بصوت الله وكلمته يقول بفمه الكريم" " أنا آتى سريعا. آمين" رؤ22: 20"

وإذا كان  الله هو الأول والآخر والبداية والنهاية.وهو الألف والياء " رؤ1: 8"

فالكتاب المقدس كله شخصيات وأحداث وأفعال , كلها تدور فى فلك الله الكلمة ويحتويها الكتاب بين ضفتى الأول والآخر وبين الألف والياء , أى كلها تحت الأمر و الوعد و التحرك الإلهى. بمفعول الله الكملة وروحة القدوس تتحرك شخصيات الكتاب المقدس . وفى دراستنا للشخصيات فى الكتاب المقدس ندرس الكتاب نفسه.

وأول شخصية تقابلك فى أول سطور يخبرنا بها الوحى الإلهى , شخصية آدم "وجبل الرب الإله آدم ترابا من الأرض . ونفخ فى أنفه نسمة حياة. فصار آدم نفسا حية.تك2: 7"  , وآخر شخصية ينتهى بها الكتاب المقدس شخصية يوحنا الحبيب الذى أرسل له الرب إعلان يسوع المسيح بيد ملاكه , ويصعد به إلى أعلى السموات فيرى عرش الله ويصفه لنا ويرى الرب وهو يفتح الختوم السبعة , ويكتب لنا عن رؤياه , كما قال له رب المجد " فأريك ما لا بد ان يصير بعد هذا, فاكتب ما رأيت وما هو كائن وما هو عتيد ان يكون بعد هذا. وفى آخر عددين فى الكتاب المقدس يقول يوحنا الرائى "يقول الشاهد بهذا نعم..  .. تعال ايها الرب يسوع. نعمة ربنا يسوع المسيح مع جميعكم( آمين ) رؤية22: 20-21"

 وفى دراستنا لشخصيات الكتاب المقدس , تجد الله فى كل كلمة أوفعل أو حدث تقوم به هذه الشخصيات , وتجد فيه: _

1- القيادة الشخصية لله للآباء والأنبياء والرسل والكهنة يكلمهم ويوجه تحركاتهم ويعطيهم النبوات ويعطيهم الوصايا والفرئض والطقوس.  .2- التدبير الإلهى لمستقبل الأيام وإعداده لملء الزمان .  3– المشيئة الإلهية فى إعداد وعلاقة هذه الشخصية بالله .

4- الوعد الإلهى ومعاهدات الله مع الإنسان.5– التحرك نحو خلاص البشر وفدائهم. 6- عهد النعمة أو العهد الجديد بالميلاد الجديد وتجديد الخليقة  وبنوة الإنسان لله. 7- قيادة الروح القدس لكنيسة الله على الأرض. 7- حياة الأمل والرجاء فى مجئ الرب له المجد ليدين المسكونه ويعطى كل واحد حسب أعماله.

وتتجلى الطبيعة البشرية بكل تناقضاتها وتنوعها فى كل شخصيات الكتاب المقدس فنرى:

1- أول جريمة وأول قاتل وهو قايين.(تك 4)        2 - أول من قدم ذبيحة حيوانية لله وهو هابيل. تك4.

3- شخصيات كتاب مواليد آدم ( شيث –أنوش – قينان – مهلئيل – يارد  – أخنوخ  – متوشالح – لامك –نوح) وهم رؤساء الآباء. وأطول شخص عمرا على الأرض وهو متوشالح وعاش 969 عاما.

4- أولاد نوح  ساما وحاما ويافث ومن هؤلاء الثلاثة جاءت الخليقة كلها ومن هؤلاء تفرقت الأمم فى الأرض كلها بعد الطوفان(تك10: 33)( ساما أب للشعوب الأسيوبة – حام أب للشعوب الأفريقية- يافث أب لشعوب الشمال أو أوروبا)

5- دعوة الله لابرام وبركته له ومعه زوجته سراى والذى فى بركته له وعد بالسيد المسيح الفادى والمخلص المرتقب. وشخصية ابرام الذى عرف بخليل الله وأب للأيمان يجب أن نتوقف عنده لمزيد من الدراسة.

كيف عرف ابراهيم الله ؟بعد أن ذكر الوحى الإلهى مواليد سام , وحتى وصل الى تارح أبو ابرام ( الإصحاح 11) يبدأ الإصحاح 12 مباشرة بالقول" وقال الرب لابرام اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت ابيك الى الأرض التى أريك. فاجعلك امة عظيمة واباركك واعظم اسمك . وتكون بركة. .. فذهب ابرام كما قال له الرب..؟ وهنا السؤال كيف عرف ابراهيم الله حتى انه من أول دعوة له يذهب !! حتى ان معلمنا بولس الرسول يقول " بالإيمان ابراهيم لما دعى أطاع ان يخرج الى المكان الذى كان عتيدا ان ياخذه ميراثا فخرج وهو لا يعلم الى أين ياتى. " عب 11: 18.و يقول الرسول العظيم " بالإيمان" .. و أطاع.. فكيف عرف ابراهيم الله حتى يؤمن به ويطيعه طاعة عمياء فى تسليم عجيب..؟

والإجابة على السؤال نعم كان ابراهيم يعرف الله ويؤمن به ..!!

وهذه حقيقة ان الله لم يترك الإنسان وحتى بعد سقوط أبوينا الأولين وتوقيع العقوبة عليهما .. ولكننا نجد الحب الإلهى يتجلى فى حب الله  لأولاده والحياة معهم  فى الصور التالية:

+ كان آدم وحواء يعيشون مع الله , يتكلمون معه وينعمون بالتحدث اليه وينصتون لصوته , بدليل قول الكتاب " وسمعا صوت الرب الاله ماشيا فى الجنة ." تك3:8 ويقول آدم لله " سمعت صوتك فى الجنة.. " تم3:10.

+ قول الكتاب " وصنع الرب الاله لآدم وأمرأته اقمصة من جلد والبسهما. تك3: 21"  فتمتع آدم برؤية الله وهو يصنع له الأقمصة من الجلد وهذه أول صناعة فى التاريخ يقدمها لنا الله بذاته الإلهية.

+ كان آدم وإمرأته يعيشون فى ستر العلى , فى رعاية الله وحمايته , بدليل انه بعد السقوط وولدت حواء إبنا أسمته قايين " وقالت أقتنيت رجلا من عند الرب . " تك4: 1 ومتذكرة وعد الرب بان نسل المرأة يسحق رأس الحيه , فظنته هو هذا النسل.

+ فى تقديم هابيل وقايين لذبيحة وتقدمة كانت فى الحضور الإلهى كقول الوحى الإلهى" فنظر الرب الى هابيل وقربانه ولكن الى قايين وقربانه لم ينظر .. ( وقد عرف قايين على الفور ) بدليل قول الكتاب " فاغتاظ قايين جدا وسقط وجهه.. " تك 4: 4-6" فقال الرب لقايين لماذا إغتظت ولماذا سقط وجهك؟ , وفى عدد 9 " فقال الرب لقايين أين هابيل أخوك " وعدد 10 " فقال ماذا فعلت . صوت دم أخيك صارخ الى من ألأرض." وهذه صورة حقيقية لوجود الرب الإله فى وسط آدم وذريته يتكلم معهم ويرونه وينصتون لقوله ويتجاوبون معه, ويؤمنون بوصاياه بدليل تقدمة ذبيحة هابيل , وكان مصدرها الله نفسه.

+ ودليل على وجود الإيمان بالله وما ورد بآخر إصحاح 4 عدد 26  " ولشيث ايضا ولد ابن فدعا إسمه أنوش . حينئذ أبتدأ ان يدعى باسم الرب." اسم شيث معناه ( قيامة)  ويتأمل الآباء مفسريين التدبير والمفهوم الإلهى لنا نحن البشر.. وإذا كان  معنى اسم هابيل ( الزوال) وشيث القيامة , وبالإيمان الذى ولد فيهما ولدت مدينة الله فى هذا العالم أى الولد او الرجل( أنوش) الذى يعيش بالرجاء داعيا باسم الرب .وهذا مافسره لنا المعلم والرسول " لأننا بالرجاء خلصنا. ولكن الرجاء المنظور ليس رجاء . لأن ما ينظره أحد كيف يرجوه أيضا. ولكن إن كنا نرجو ما لسنا ننظره فإننا نتوقعه بالصبر." رو8: 24و25"

+ كان الإيمان بالله قويا لدرجة انه يسير فى وسطهم ومعهم , والصورة التى نقلها لنا الوحى الإلهى عن أخنوخ " " "وسار أخنوخ مع الله بعد ماولد متوشالح.". ثم يكررها الوحى الإلهى بقوله.. " فكانت كل ايام أخنوخ ثلثمائة وخمسا وستين سنة. وسار اخنوخ مع الله ولم يوجد لان الله أخذه." تك 5: 22و24 .. وعن أخنوخ يقول الرسول بولس فى إصحاح الإيمان " بالإيمان نقل أخنوخ لكى لا يرى الموت ولم يوجد لان الله نقله. إذ قبل نقله شهد له بانه قد ارضى الله ." عب11: 5.وعن أخنوخ يقول معلمنا يهوذا الرسول" وتنبأ عن هؤلاء ايضا أخنوخ السابع من آدم قائلا هوذا قد جاء الرب فى ربوات قديسيه. ليصنع دينونة على الجميع .." يهذا 14"

+ أولاد الله , وهذه المرة الأولى ان يذكر الله انهم أولاده بقول الكتاب عن أولاد رؤساء الآباء من آدم الى نوح انهم أولاده ‘عندما يذكر الوحى الإلهى فى إصحاح 6" وحدث لما ابتدأ الناس يكثرون على الأرض وولد لهم بنات. أن ابناء الله رأوا بنات الناس انهن حسنات.  .. فقال الرب لا يدين روحى فى الإنسان الى الأبد ... وبعد ذلك ايضا اذ دخل بنو الله على بنات الناس .." ويقول أيضا عن نوح" كان نوح رجلا كاملا فى أجياله. وسار نوح مع الله. "

وفى الفلك  ولمدة سنة وعشرة  أيام كان نوح وأولاده سام وحام ويافث تحت رحمة وقيادة الرب الإله , ومن سام جاء إبراهيم وذريته , ولم يكن غريبا أن يسمع إبراهيم لصوت الله ويعرفه ويطيعه طوال أيام حياته ولذلك أستحق ان يأتى المخلص من نسله إسحق.

نعم كان ابراهيم يعرف الله ويؤمن به بل ومعرفته به شخصية وأقوى من ذلك صداقة حتى يسميه الكتاب خليل الله اى صديق الله ..


CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق