شَرٌعَاً -- إِنتَهَى زَمن الجِهَاد بالسِلاح وَمَن يُفَجِر نَفسَهُ لَيِسَ بِشَهِيد/ الشيخ د مصطفى راشد

ورد إلى موقعنا على الإنترنت  سؤال الأخت ليلى من تونس تقول: -  أن أخيها هو العائل الوحيد لها ولأمها وأختها  ويريد أخيها أن يتركهم ويذهب للجهاد فى سبيل الله حيث تم إقناعه من بعض الدعاة والمشايخ بأن الجهاد ومحاربة الأعداء ونيل الشهادة  فرض إسلامى على كل مسلم – والسائلة تخشى على أُمُها المريضة  من صدمة ترك أخيها لهم  أو حدوث مكروه له  ، وتسأل قائلة هل فعلاً  ، فرض على كل مسلم أن يذهب للجهاد ومحاربة الأعداء ؟ --- وللإجابة على هذا السؤال  نقول :-  
بدايةً بتوفيقً من الله وإرشاده وسعياً للحق ورضوانه وطلبا للدعم من رسله وأحبائه ، نصلى ونسلم على كليم الله موسى عليه السلام ، وكل المحبة لكلمة الله المسيح له المجد فى الأعالى ، وكل السلام والتسليم على نبى الإسلام محمد ابن عبد الله --، ايضا نصلى ونسلم على سائر أنبياء الله لانفرق بين أحدً منهم ------------------------------ اما بعد 
الجهاد لغةً وإصطلاحاً: -  مأخوذ من الْجَهْد أو الْجُهْد ، وهو بذل الوسع، والعمل ببذل الطاقة   تنفيذاً لوصايا  الشارع الإلهى فى إعمار الكون    
وقد ذهب بعض الفقهاء إلى تقسيم أنواع الجِهَاد إلى تسعة  ومنهم من قال سبعة ومنهم من قال أربعة – والرأى عندنا أن أنواع الجِهَاد ثلاثةً هى : - 
1 – جِهاَد النفس والشيطان 
2 – الجهاد ضد الظالمينَ والفاسدينَ والمعتدينَ وضد من تمتلىء قلوبهم بالكراهية والتطرف والإرهاب لبنى البشر   
3 – الجهاد الخاص بالرسول وصحابتة  لنشر الدعوة 
أولا :- جهاد النفس والشيطان ، وهو الجهاد الذى يجب أن يبدأ به الإنسان ،لأن جهاد النفس هو الحَصَانَةَ الأولى للإنسان  من الوقوع فى الخطأ ، وحماية لإيمانه من الجنوح والسقوط  ، فمن يُجاهد نَفسه والأفكار الشيطانية ، لا يكذب، ولا يسرق، ولا يخون ،ولا ينافق، ولا يكره ، ولا يستخدم َ العنف ، ولا يقتل ، ويمتلىء قلبه بالمحبة ويسعى للسلام ، وهذا النوع من الجهاد فرض عين على كل إنسان  منذ البلوغ حتى الممات  لقوله تعالى (اتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون  ) سورة البقرة 44 )
وقولة تعالى (واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يُقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هُم ينصرون ) سورة البقرة آية 48 ) وقوله تعالى (واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ) البقرة آية 281 وقولة تعالى  (وما كان لنبي ان يَغل ومن يغلُل يات بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون  ) سورة آل عمران آية 161 )   وقوله تعالى (يا ايها الذين أمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم الى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون  ) المائدة آية 105 ) وقوله تعالى (ولا تكسب كل نفس الا عليها ولا تزر وازرة وزر اخرى ثم الى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون  ) الأنعام  آية 164 وغيرهم عشرات الآيات 
ايضا علينا أن نُجاهد الأفكار الشيطانية ، التى تدعو للحروب والقتال والكراهية ونبذ الآخر  لقوله تعالى (يا ايها الذين امنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين ) البقرة آية 208 )   وقوله تعالى (وقل لعبادي يقولوا التي هي احسن ان الشيطان ينزغ بينهم ان الشيطان كان للانسان عدوا مبينا  ) الإسراء آية 53 ) وغيرها العديد من الآيات  
ثانياً : -  الجهاد ضد الظالمين والفاسدين والمعتدين وضد من تمتلىء قلوبهم بالكراهية والتطرف والإرهاب لبنى البشر   ، وهذا النوع من الجهاد  هو ايضا فرض عين على كل إنسان  من البلوغ حتى الوفاة  وقد أكدت عليه العديد من الآيات ومنها : - قوله تعالى ( فلا عدوان إلا على الظالمين ) البقرة آية 193 ) وقوله فى سورة الأنعام 21 ( ومن أظلم ممن أفترى على الله كذباً أو كذب بأياته انه  لا يفلح الظالمون ) وكذا قوله عن الفاسدين ( الذين ينقضون عهد الله من ميثاقه  ويقطعون ما أمر به الله أن يوصل  ويفسدون فى الأرض أولئك هم الخاسرون  ) البقرة آية 27 ) وقوله ( ولا تعثوا فى الأرض  مفسدين )البقرة آية 60 ) وقوله ( واذا تولى سعى فى الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل  والله لا يحب الفساد ) البقرة 205 ) وقوله ( من قتل نفساً بغير نفس  أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ) المائدة 32 ) وقوله ( وياقوم أوفوا المكيال والميزان  بالقسط  ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثو ا فى الأرض  مفسدين ) هود آية 85 ) وقوله ( ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) البقرة آية 190 وكذا آل عمران 112 ،159 والمائدة آية 2 ، 62 ، 87  وغيرهم الكثير من الآيات التى تدعو للجهاد ضد الظالمينَ والفاسدينَ والمعتدينَ وكل من تَمتلىء قلوبهم بالكراهية والإرهاب لبنى البشر 
ثالثاً : -  الجهاد الخاص بالرسول وصحابتة  لنشر الدعوة ، وهذا النوع من الجهاد   خاص بزمن الرسول وصحابته ،  وأُبُيح فيه إستخدام السلاح  لنشر الدعوة وحسب ظروف العصر ، ولا يجوز لإنسان أن يقوم مقام الرسول لتطبيق هذا النوع من الجهاد  ، لأن احداً لا يملك وكالةً عن الله، ولأن الدعوة تمت وإنتشرت ، لذا جائت الآيات الخاصة بهذا النوع من الجهاد بالسلاح  تخاطب الرسول وصحابته فقط  مثل  سورة التوبة آيات 12،  72 ، 88 وسورة الفرقان آية 52 وسورة التحريم آية 9  
الخلاصة : - من كل ماسبق نستخلص أن الجهاد المفروض حاليا هو الجهاد باللسان  وجهاد النفس والسعى لإعمار الأرض ونشر السلام ، لأن زمن الجهاد بالسلاح قد إنتهى بغياب الموَكَل فيه ولأن الدعوة تمت وإنتشرت ، والجهاد المفروض حاليا ًهو الجهاد الأكبر، كما قال الرسول (ص) لصحابته عندما رجع من إحدى الغزوات ، فقد قال رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس والسعى للخيرات ، وهو مايعنى أن الجهاد بالسلاح ، شرعاً  قد إنتهى زمنه ، وأن من يسعى لذلك هو إنسان معتدى يَموت موتةً جاهليةً  ، لأن الإنسان مُطالب بالدفاع عن نفسه لحظة الهجوم عليه ، إما السعى والسفر للجهاد فهو نوع من الإعتداء ، من يفعله أثم ، وايضا من يفجر نفسه فى الغير ، فهو لايعتد ولايرقى لمصاف الشهداء الذين ماتوا لحظة دفاع ، ولم يكونوا مُعتدين ، وقد يسأل سائل  إذاً كيفَ نحرر فلسطين من يد الإحتلال ، أقول لهم : - إفعلوا كما فعلَ غاندى ونيلسون مانديلا ،  فقد حررا بلادهم  بالتظاهر السلمى  وكسبا تعاطف العالم ، لأن الله مع المُسَالمينَ وضد المعتدين ،لذلك أخفقنا نحنُ فى قضية فلسطين أكثر من 70 عاماً لأننا سلكنا الطريق الخاطىء الذى يُغضب السماء .
هذا وعلى الله قصدُ السبيل وإبتغاءِ رِضَاه 
الشيخ د مصطفى راشد  عالم أزهرى مصرى  وسفير السلام العالمى للأمم المتحدة 
وعضو نقابة المحامين وإتحاد الكُتاب الأفريقى الأسيوى 
ورئيس منظمة الضمير  العالمى لحقوق الإنسان
E -  rashed_orbit@yahoo.com    
http:||www.ahewar.org|m.asp?i=3699   

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق