إعتذار الكنيسة للمحافظ ... إهانة للأقباط/ مجدى نجيب وهبة


** طلب السيد محافظ الجيزة لشرط زيارة وفد الكنيسة لمكتبه تقديم إعتذار لسيادته حتى يتم اللقاء معهم ، وقد إستجاب الأنبا ثيئودسيوس أسقف الجيزة لشروط المحافظ ، وقام الأخير مع وفداً كنسيا يضم الأسقف والسيد هانى عزيز أمين جمعية "محبى مصر للمهانة" ، وقدم إعتذار عن الإعتداءات ومخالفات البناء فوعده المحافظ بـ "محاولة" أكرر هذا اللفظ "محاولة" حل الأزمة لإستكمال البناء .. وقد ذكرنى ذلك بحوار سابق للسيد محافظ الجيزة على الهواء مباشرة مع برنامج 90 دقيقة سألته فيه الإعلامية السيدة ريهام ما هو خطة سيادتكم لإحتواء الأزمة فى ذات يوم الواقعة أجابها السيد المحافظ "خـلاص" يعنى بالعربى "بـح" ، وذلك بصفته صاحب صكوك المنح والمنع لبناء الكنائس !!! .
** نعم لم يكن إعتذار الأسقف سوى إهانة لأقباط مصر الذين خرجوا بالألاف فى جنوب صعيد مصر بمحافظة سوهاج يشيعون ضحايا مذبحة العمرانية أقباطا ومسلمين وهم ثلاث من أبناء أقباط الصعيد .. حضروا إلى القاهرة من أجل البحث عن لقمة العيش فعادوا لأهاليهم جثث داخل النعوش .. خرجوا من الصعيد وقلوبهم مفعومة بالأمل عادوا لأهاليهم جثث محمولة فى الأكفان ، وبدلا من إعتذار المحافظ ومدير أمن الجيزة وفتح الملف لمحاسبة المخطئ يفاجئ الجميع بإعتذار الأنبا ثيئودسيوس .
** نعم كان إعتذار الأسقف هو إهانة لدماء شهداء جحافل الشرطة والنظام حتى لو هدمت الكنيسة وسوت بالأرض فلن يقبل أقباط مصر ما تحاوله بعض أجهزة الإعلام وأجهزة الدولة من تضليل وتكذيب ولى الحقائق وقلبها رأسا على عقب وتحويل الظالم إلى مظلوم والكاذب إلى صادق ، فالإعتذار بطعم المهانة .. كل هذه الألاعيب أصبحت مكشوفة ومعروفة ولا يمكن أن تفوت على أى شخص ناضج لديه قدر من الوعى والحكمة .. وبالتأكيد لسنا أطفالا سذج ولن نقبل إعتذار "الغير مخطئ للمخطئ" ، فالمخطئ فقط يعتذر والأقباط لم يخطئوا وهو ما يجعلنا نتساءل إلى متى هذا الضعف والإنكسار والذل !! .. دعونا نتساءل هل مازال شبح الخط الهمايونى يجسم فوق صدورنا ؟!! ، رغم مرور مئات السنين على إنتهاء الحكم العثمانى ، هل يعلم البعض ما معنى كلمة "همايونى" ، إنها تعنى "كلام فارغ" وبعد ذلك أليس من العار أن تعيش مصر فى القرن الحادى والعشرون وفى دفاترها الرسمية مثل ذلك الشئ "الغبى" ، والذى أصدره السلطان العثمانى بفرمان لتحديد شروط وقواعد بناء وترميم الكنائس وهو مثال واضح للتسلط العثمانى الأهوج الذى كان مفروضا على بناء الكنائس حتى لو أضيفت غرفة أو أغلقت نافذة فى دورة مياه ، وهو مثال واضح للفرمانات العثمانية والقانون الأهوج الذى كان مفروضا على مصر فهل هذا القانون يمكن تواجده وإحترامه رغم إنه يفرق فى المعاملة بين المسلمين والأقباط بسبب الدين ، فالقانون المصرى يعطى لأى مسلم الحق فى أن يبنى مسجدا دون إذن فى أى مبنى يقيمه بل وتشجيعه على ذلك إذا يعفى من عوائد المبانى ، فهل يعقل أن يكون هناك بعض البلهاء الذين مازالوا يتمسكون بالخط الهمايونى فى بناء وترميم الكنائس .. هل السماح بإقامة كنيسة فى قرية أمر يتطلب عبقرية أو جسارة ... لماذا يقبل الزوج المسلم أن تكون فى بيته زوجة مسيحية ولا يقبل المواطن المسلم أن يكون بجانب المسجد كنيسة ؟!! ، رغم أن بناء الكنيسة يكون قبل بناء المسجد !!! .
** لقد سئمنا أن يتحدث بإسم الإسلام الجهلاء والمتعصبون والقتلة والسفاحون ، فهل ما يتم من أشكال التمييز ضد الأقباط هى أفعال يقر بها الدين الإسلامى .. بالقطع لا .. فهذه الأفعال ضد الدين والوطن ولا يقبلها العقل السليم ولا المنطق ... هل الإعتقال والقبض على بعض الشباب هو الحل الجاهز والسريع لكل المشاكل التى يعانى منها النظام ، فالمشكلة أن الإعتقال فى بعض الحالات مجرد إجراء أمنى لتحجيم المعارضة وأحيانا يكون قرار سياسى للتغطية على أى حدث ...
** فى جميع الأزمات التى سطرها التاريخ الأسود بداية من أحداث الكشح مرورا بقرية العياط وبنى مزار وبمها وأزمتى محرم بك وأسطورة المختل عقليا بالأسكندرية فى أحداث الإعتداء على الكنائس الخمس وحرب الشوارع فى واقعة العصافرة وغيرها مثل أحداث القتل العمد فى ليلة عيد الميلاد 2010 بنجع حمادى وغيرها الكثير ، ورغم بشاعة الأحداث تعالت بعض التصريحات مؤكدة أنها أحداث فردية غير طائفية ، فعلى سبيل المثال لا الحصر .. أحداث الإعتداء المسلح على دير أبو فانا وسرقة محتوياته والإعتداء المشين على رهبان الدير وهدم سور الكنيسة وإتلاف المزارع وإختطاف الرهبان وقف الجميع صامتون متفرجين "يعلمون ولا يعلمون" ، خرجت بعض التصريحات العجيبة من أحد المسئولين أن الواقعة ليست طائفية ولا توجد إصابات ، مسئول أخر يقول مؤكدا أنها نزاع على قطعة أرض بين رهبان الدير والعربان ، مسئول ثالث يؤكد أن رهبان الدير يملكون أسلحة .. "ربنا موجود" .. ونعود للحدث ، بعد إختطاف الرهبان وتكسير عظامهم وتعذيبهم كان تصريح ساذج ومضحك يقول "الرهبان لم يتم الإعتداء عليهم وهم فى حالة جيدة ولا توجد إصابات ولم يكن هناك إختطاف وقد عاد جميع الرهبان سالمين" ، وتناسى صاحب التصريح الكاذب والمضلل زيارة مستشفى "برج مينا" بمصر الجديدة للتأكد من حجم الإصابات .. حدث كل ذلك بالرغم من إتمام الدير لكل الإجراءات العرفية والقانونية لشرائها ، فالرهبان لا يكذبون ولا يسرقون ولا يضللون ... والسؤال هنا لإخواننا المسلمين أدعوكم للإجابة عليه ، هل هذه الواقعة يمكن أن تحدث لمسجد من المساجد أو على الأقل مبنى ملاحق للمسجد "مبنى للخدمات مثلا" ، بالقطع ستكون الإجابة لا .. ، فالعربان لا يستطيعوا أن يعتدوا على المسجد بالأسلحة ولا يمكن لأى مسلم أياً كان فكره أو إنتمائه أن يقوم بهذا العمل السافر ، كما لم يحدث من مسيحى منذ قيام الدولة المصرية أن إعتدى على جامع إحتراما للأخر !! ، ولكن للأسف فهؤلاء الشياطين الذين قاموا بالإعتداء على الدير لا يجدون فيما فعلوه أى جرم أو إثما فلديهم نزعة طائفية واضحة جعلتهم ينتهكوا حرمة الدير وقدسيته .. هل لم يشفع لهؤلاء الشياطين علاقات الود والحب بين أبناء الوطن والزيارات المتبادلة بين قداسة البابا وشيخ الأزهر وتبادل التهانى بالأعياد ، ودعاوى موائد الرحمن ، ورغم ذلك نتساءل لماذا كل هذه الكراهية والحقد ؟؟ أين نحن ذاهبون ؟!!.
** هل ما فعله شباب العمرانية فى الدفاع عن كنيستهم هو جريمة تستحق أن توجه لهم كل هذه الإتهامات بجانب سقوط قتلى وجرحى من شباب الكنيسة برصاص الداخلية .. هل ما فعله بعض ضباط الداخلية من الهجوم على الكنيسة وتأديب الأقباط وهدم وإتلاف الخرسانات هو رد الفعل المناسب لهجوم أبناء الكنيسة العزل على الضباط والأمن المركزى ... هل ما فعله مدير أمن الجيزة بأوامر من محافظ الجيزة بالضرب دون رحمة للشباب القبطى يتشابه مع أحداث العنف والشغب والبلطجة ضد الأمن المصرى فى الأحداث الدموية السابقة 6 إبريل 2008 والتى شهدتها مدينة المحلة الكبرى العمالية والتى جرى تخطيطها وتنفيذها بمعرفة "الجماعة المحظورة" وبمشاركة عدد كبير من البلطجية والسوابق والمسجلين خطر ، وفد إستخدم فيها كل الأسلحة من إشعال حرائق فى أماكن متفرقة وإشعال إطارات الكاوتشوك على قضبان السكك الحديدية لوقف حركة القطارات من وإلى المدينة ، كما قام البعض بإغلاق طريق المنصورة لمحاصرة قوات الأمن ومنع مد الدعم لهم ، ورغم أن أعمال الشغب قام بها تنظيم الإخوان المسلمين وقد رفض معظم العمال المشاركة فيها إلا أن الشرطة إضطرت فقط إلى إطلاق القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين ولم تستخدم طلقة رصاص واحدة ولم يسقط قتيل واحد حرصا على سلامة المواطنين ، رغم بشاعة الأعمال الإجرامية والتى شملت إتلاف عدد كبير من المحلات التجارية والمطاعم ومحطات بنزين وواجهات بعض البنوك وماكينات الصرف الألى وخلع قضبان السكك الحديدية وإحراق مدرستى طه حسين وعبد الحى خليل وإحراق أشجار المدينة إضافة إلى إحراق ثلاث دراجات بخارية و8 سيارات خاصة و15 أتوبيسا عاما وسيارة إسعاف ، والتى أسفرت عن إصابة 4 ضباط و50 شرطيا و95 مواطنا بينهم أطفال ، ورغم ذلك لم يتم القبض إلا على 100 من مثيرى الشغب ومعظمهم من البلطجية والمسجلين خطر والسوابق ، فهل كان بناء قبة للكنيسة وأجراس يستدعى كل هذه الجحافل من الأمن والإعتداء على الأقباط .. فى غباء وقسوة .
** نعم خرج علينا تصريح بعض جنرالات الداخلية وحى العمرانية لتضليل الرأى العام وقلب الأوضاع .. لماذا كل هذه الكراهية للكنائس وأقباط مصر ؟!! ..
** لماذا لا يتعلم السيد محافظ الجيزة من وطنية سيدة مصر وهى صورة مشرفة للتعبير عن أواصر الحب بين أبناء الوطن .. ففى إبريل 1998 شب حريق هائل بكنيسة العذراء التى تقع فى قرية المنصورية بمحافظة الجيزة نتيجة إنفجار إسطوانة غاز أثناء إعداد خادم الكنيسة حلوى "القربان" لتوزيعها على زوار الكنيسة ليلة عيد الشعانين ، وهو ما أدى إلى إندلاع حريق هائل .. لقد عبر الشعب المصرى عن أصالته فقد تصدى الجميع أقباطا ومسلمين فى إخماد الحريق قبل وصول سيارات الإطفاء التى لم تتمكن من الوصول إلى مبنى الكنيسة بسبب ضيق الشوارع العشوائية ومحاصرة بيوت الأهالى للكنيسة من كل جانب ، كما إنهالت التبرعات على الكنيسة من مختلف الجهات مما يؤكد أصالة العلاقة الحميمة والأخوية التى تربط بين أبناء الأمة المصرية .. وقد كان لموقف السيدة سوزان مبارك حرم السيد الرئيس أكبر الأثر فى نفوس الأقباط ، فقد قامت بالإتصال تليفونيا بالكنيسة وإطمأنت على الأطفال وعرضت إستعدادها لتقديم كافة الخدمات والمساعدات الفورية ، كما قام عدد من قيادات أجهزة الأمن بزيارة الكنيسة والإطمئنان على إجراءات الإحتفال بالأعياد بشكل طبيعى ، كما تبرعت الوحدة المحلية بقرية المنصورية بمبلغ مالى لإعادة بناء الكنيسة من أموال لجنة الزكاة .... نعم هذه هى مصر ياسيادة محافظ الجيزة .. نعم هذه هى مصر ياسيادة اللواء الهمام مدير أمن الجيزة .. ها هى السيدة الفاضلة حرم رئيس الجمهورية تقدم نموذج للحب والألفة بين أبناء هذا الشعب العظيم .. نعم هذه هى مصر ياجنرالات الجيزة ...أما ما حدث من إعتذار الكنيسة فهو باطل مثل "جواز عتريس من فؤادة باطل" ، وإنما الإعتذار يجب أن يصدر من محافظ الجيزة والسيد اللواء مدير أمن الجيزة وليس العكس .
** لقد ضربت السيدة حرم الرئيس مثالاً رائعا وصورة مشرفة للنسيج الواحد بين أبناء الوطن لدعم المواطنة .. لماذا ياسيادة المحافظ لا تتعلم من هذه السيدة الرائعة كيف تدار الأزمات ... لماذا لا تقتادون بما فعلته حرم رئيس الجمهورية .. إن دور العبادة لها قدسيتها سواء كنيسة أو مسجد ...
** لقد قدم محافظ الجيزة صورة مزرية ضد المواطنة .. فمن يعتذر لمن ؟!!! .... اللهم إحفظ هذا الوطن أمنا ً من كل الجهلاء والسفهاء وطيور الظلام .
رئيس مجلس إدارة جريدة النهر الخالد


CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق