الفوضى فى مصر: من إرهاب القساوسة إلى فساد المحاكم/ مجدى نجيب وهبة


** لم يكن الحكم الصادر من محكمة جنح مستأنف شبرا الخيمة بحبس القمص عبد المسيح البسيط شهر وبالغرامة خمسة ألاف جنيه هو عنوانا للحقيقة ، ولكنه للأسف لم يكن سوى عنوان للفوضى والفساد والكراهية .. وتأكيدا لإستمرار مسلسل إرهاب الكنيسة والقساوسة وأقباط مصر !! ..
** فى هذه الواقعة الشاذة والغريبة فاحت رائحة الفساد وتوحشت وأصبح المطلوب هو فتح باب التحقيق ومحاكمة كل من إشترك بالتدليس والتزوير فى صدور هذا الحكم ، فمدلول هذا الحكم هو إنزلاق الوطن إلى مستنقع الظلام والتطرف والإرهاب ، وسقوط المساحيق والأقنعة من صاحبة العدالة وتحلل شعار "العدل أساس الملك" ..
** ترجع وقائع هذه الدعوى ببلاغ تقدم به المدعو يوسف زيدان والمتخصص فى كتابة الأساطير والتخاريف والروايات الخيالية حول العقيدة المسيحية وكان الأجدر له أن يتخصص فى فتاوى "إرضاع الكبير" للدكتور محمد عزت وهو أحد علماء الأزهر الشريف وبعد السخرية من الفتوى طلب منه فضيلة الإمام شيخ الأزهر السابق الراحل محمد سيد طنطاوى الإعتذار عن فتواه ولكنه رفض مما دعا شيخ الأزهر إلى فصله .. ومن بعدها سمعنا عن بول الرسول والتبرك به وبول البعير وفتاوى عديدة معظمها مثير للجدل والسخرية ، ورغم ذلك لم نسمع عن قس أو مفكر أو مواطن مصرى قبطى واحد يتناول هذه الفتاوى فهى شأن يخص أصحابه .. ولكن المدعو زيدان قام بتأليف قصة بعنوان "عزازيل" حيث قام بنسخ الأساطير والروايات الكاذبة حول تعاليم الكتاب المقدس ، مما جعل الكنيسة تستاء وقدمت بلاغات عديدة إلى السيد النائب العام وللأسف حفظت كل هذه البلاغات .. ولأن المدعو زيدان وجد المناخ يسمح ويصرح بالتجريح فى الأخر فقد صال وجال وألف القصص وحصل على جائزة البوكر فى الأدب لروايته الرائعة عزازيل على حد زعمهم ، وبالطبع كان المفترض والمنطقى أن تعترض الكنيسة أو الأباء الكهنة على إبداعات وهرطقات الشيخ يوسف زيدان ، وهو ما جعل الشيخ زيدان يستاء من إعتراض الأنبا بيشوى والقمص عبد المسيح البسيط ويقدم البلاغات ويقيم الدعوات وهى جنحة مباشرة ضد القمص عبد المسيح ...
** أما سيناريو الفساد فى الحكم الصادر فهو كالأتى :
• فى الجنحة المرفوعة من الشيخ زيدان ضد القمص عبد المسيح قررت المحكمة نظر الجنحة المباشرة وتحديد جلسة 29 مارس 2011 والتى يبدو أنها كانت مقررة البت فيها فى ميعاد سابق ولكن بسبب الظروف التى يتعرض لها الوطن والإعتداء على الأقسام وحرقها وحرق بعض المحاكم والنيابات فقد توقفت نظر الدعاوى فى تلك الفترات حتى تحدد جلسة 29 مارس وهو ما أفصح عنه محامى القمص عبد المسيح وبالطبع كان يعد مذكرة دفاع لتقديمها لهيئة المحكمة فى الميعاد المحدد للجلسة 29 مارس ..
• فى إتصال هاتفى من أحد الصحفيات بجريدة اليوم السابع بالقمص عبد المسيح للإستفسار عن صحة وجدوى الحكم الصادر ضده بعد تسريب الحكم من محامى زيدان إلى جريدة اليوم السابع وبعض القنوات الإخبارية والذى أفاد أن الحكم صدر بتاريخ 3 مارس 2011 وكان يجب إستئنافه فى خلال عشرة أيام ولأن القمص عبد المسيح لم يعلم أى شئ عن الجلسة أو الحكم الصادر فقد سقطت منه إحدى درجات التقاضى ولم يتبقى له إلا عمل معارضة إستئنافية والتى تتطلب حضور القمص بنفسه وأن يتم حجزه داخل القفص مع المتهمين حتى النطق بالحكم ، أما التأجيل لتقديم مذكرات ومستندات إما التأييد أو البراءة ، أما ما يسعى إليه زيدان فهو التشفى فى القمص عبد المسيح ومحاولة إهانته وتجريحه وفى نفس الوقت هى محاولة للصعود على سطح الإعلام لزيدان مرة أخرى بعد أن تناساه الناس ولفظته العامة ..
** المهم أننا الأن نكشف جوانب الفساد والعوار الذى أصاب الحكم الصادر بالدليل القاطع :
• أولا كيف تحدد جلسة 29 مارس لنظر الدعوى ثم يتعدل ميعاد الجلسة إلى قبل 29 مارس بحوالى 26 يوما والذى نعرفة ونحن فى kg1 أنه فى حالة تأجيل نظر الدعوى يتم الإعلان عن يوم الجلسة المحددة لنظرها وتوضع الجلسة الجديدة بالرول الخاص بالدائرة ونتساءل من العبقرى المذهل الذى قرر فجأة تحديد جلسة قبل الميعاد المحدد لها بـ 26 يوما ، ثم يتكتم محامى الخصم الحكم ويتم تمريره إلى وسائل الإعلام بعد 26 يوما من صدوره ويعلن بكل فخر تفويت ميعاد الإستئناف !!!! .. فمن المسئول عن تغيير ميعاد الجلسة رغم أن هذه الجلسات يتم كتابة مواعيدها على حافظة المستندات المقدمة فى القضية ويكتب هذا التاريخ بالقلم الرصاص ولا يمكن تغييرها أو مسحها إلا بمعرفة القاضى .. إذن فمن رابع المستحيلات تبديل الميعاد إلى ما قبل ذلك بـ 26 يوما ، فهذا غير قانونى .. فهل لم ينتبه القاضى إلى هذا الخطأ الجوهرى وهو الذى يقرر مواعيد الجلسات التى تؤجل نظرها فى تواريخ مسبقة وليست تواريخ فائتة!! .
• ثانيا المنطقى والطبيعى أنه عند المناداة على المتهم ويتبين أنه لم يحضر أمام هيئة المحكمة فعلى القاضى أن يتأكد من إعلان المتهم قبل نظر أوراق الدعوى فإذا لم يحضر المتهم يتم إعادة الإعلان مرة أخرى وبالتالى يتم تأجيل الفصل فى الدعوى للتأكد من إعلان المتهم !! .. فأين هى الحقيقة ، نطلب التحقيق الفورى فى سيناريو الحكم ، فما حدث هى سابقة خطيرة جدا سوف تؤدى إلى إختلال ليس ميزان العدالة فحسب بل الوطن بأكمله .
** فى مقالنا السابق كتبنا "ماذا لو نجح الشيطان أن يحكم مصر" .. فى المصرى اليوم "الصفحة الأولى" وصورة مولانا الشيخ محمد حسين يعقوب ولحيته تكاد تصل إلى نهاية الصفحة .. يقول محمد حسين يعقوب "إنتصرنا فى غزوة الصناديق والبلد بلدنا واللى مش عاجبه يروح أمريكا" وقال يعقوب "الدين هايدخل فى كل حاجة ، مش دى الديمقراطية بتاعتكم ، الشعب قال نعم للدين واللى يقول البلد مانعرفش نعيش فيه إنت حر ألف سلامة ، عندهم تأشيرات كندا وأمريكا ، مضيفا أننا مش زعلانين من اللى قالوا لأ ، بس عرفوا قدرهم ومقامهم وعرفوا قدر الدين" .
** وللرد على الشيخ محمد حسين يعقوب : أقول له العيب مش فيك ، العيب فى الجريدة التى نشرت هذه الخرافات على لسانك ، أما موضوع الإستفتاء فقد تم شحن المسلمين بأسلوبكم المتعارف عليه وهو إلحقوا الإسلام .. إلحقونا ياناس الإسلام فى خطر إلحقونا ياعالم ياهوه ، وبالطبع إنطلق أنصاف المثقفين والجهلاء والحاصلين على زجاجات الزيت وعباءات السكر والشاى وأكياس المكرونة للعلامة على الدائرة الخضراء ، حتى أن أحد السيدات سألتها مذيعة إيه رأيك فى الدستور أجابتها هو الدستور ده مش كان موجود قبل كده ومشى عايزنا ننتخبه تانى !!.
** أما عن تاريخ السلفيين الذى لا يعرفه أحد .. نقول للشيخ محمد حسين يعقوب أنه فى ثورة 1919 كان المصريون جميعا على قلب رجل واحد يهتفون للثورة ضد المحتل وكان شيوخ الأزهر مثل رجال الكنيسة من أهم الداعين للثورة والمحرضين عليها بإستثناء رجل واحد لم يكن لحسن الحظ مشهورا وقتها ولم يكن لحسن الحظ يملك من النفوذ والتأثير أثناء حياته نفس التأثير الذى يملكه حاليا بعد وفاته .. هل تتذكر هذا الرجل ياشيخنا الجليل .. إنه الشيخ محمد حامد الفقى ، وكان عالما شابا من علماء الأزهر ، خالف زملاؤه فى ميولهم الوسطية والوطنية وإعتنق المذهب السلفى ، وكانت الأفكار التى إعتنقها هى دافعة لأن يناصب الثورة العداء وكان دافعه للعداء هو مشاركة المرأة للثورة والإعتراض الثانى مشاركة الأقباط وإتحادهم مع إخوانهم المسلمين .. كان الرجل يكره ويحارب شعار "الدين لله والوطن للجميع" .. كما طالب الشيخ إعلان البراءة من الديانات الأخرى ورفضها حتى لو كانوا يشاركون إخوانهم المسلمين الثورة على المحتل ، ومن حسن الحظ أن صرخات السلفى المتشدد ضاعت أدراج الرياح ولم تسمعها الأذان التى كانت مملوءة بهدير الثورة وبهتافها الشهير "يحيا الهلال مع الصليب" .
** فماذا حدث لمصر ، كيف سمحت لكل هؤلاء أن يفسدوا الوطن وهم يتحدون على ثوابت وقيم الجماعة الوطنية المصرية ، بل تخرج لسانها لسلطة الدولة .. لقد بدأ هذا النشاط فى مصر منذ عام 1925 حيث أسسوا جماعة أنصار السنة المحمدية ومن تلاميذها الشيخ محمد حسان ، وأبو إسحق الحوينى ، ومحمد حسين يعقوب .. وقد جمعوا ثروات بالملايين .. وقد ساعد على تنامى هذه الجماعة تقلبات السياسة فى مصر التى دعمت هذه الجماعات فى عام 1972 على أيدى الشيخ رشاد الشافعى ، ثم إنتشر هذا الكيان على يد د. ياسر برهامى أحد قادة التيار السلفى فى الأسكندرية ، وتحول إلى جزء كبير من كيان أخر أكبر داخل جامعة الأسكندرية للوقوف ضد تيار الإخوان المسلمين ..
** لقد تصاعد التيار السلفى حتى تحول إلى سرطان دموى ورغم ذلك تقف الدولة والنظام عاجزين عن إستئصاله جراحيا .. لم يأتى الشيخ محمد حسين يعقوب بجديد فالسلفيين ضد فكرة الوطن والمواطنة بدءا من تحريم البرلمان والإنتخابات وعمل المرأة فضلا عن عدم إيمانهم بأن الأقباط شركاء فى الوطن أو أن لهم أى حقوق فضلا عن أفكارهم الشاذة وهى تحريم خروج المرأة دون نقاب وتحريم كرة القدم والغناء بأنواعه والرسم والتصوير بأنواعه أو حلق اللحية أو إرتداء البنطلون !! .. وقد شجع النظام السابق تنامى الفكر السلفى بهدف الحد من نفوذ الإخوان المسلمين الطامعين فى السلطة .. نعم لقد تواطئ النظام السابق فى تنامى وتوحش هذا الخطر الداهم على الوطن .. تركنا هذه العقول المدمرة تعمل فى الخفاء والعلن ووجهنا إهتمامنا وإنشغلنا بملهاة النقاب وبكارثة الفتنة الطائفية .. تركنا لهم الحبل على الغارب ، والأن الكرة فى ملعب القوات المسلحة للضرب بيد من حديد على كل من يتجرأ بزعزعة أمن وسلامة الوطن ..
** كلمة أخيرة للشيخ محمد حسين يعقوب .. لقد كتبت مقالا قبل أن يتفوه لسانك بهذا الكلام البذئ وكنت أتوقعه ولست خائفا منك أو من أمثالك ولكنى كرهت أن أتنفس من هذا الهواء الملوث بأفكاركم المدمرة .. والبركة فى من دعمكم وشجعكم على السير فى غيتكم وهو أوباما الحانوتى الذى لم يسعى إلا لخراب مصر على أيدى أمثالكم .. بل ما يثير للضحك والإشمئزاز أنه قرر هو والشمطاء هيلارى كلينتون منح الشعب المصرى جائزة نوبل ونتساءل فى إيه ياترى .. فى الفوضى أم فى الخراب .. نعم لقد تنبأت بكل هذه الأحداث وللأسف وأكررها سخر الجميع من كلامى وها أنا أعرض على أقباط مصر الحلول التى وردتها فى مقالى السابق "ماذا لو نجح الشيطان أن يحكم مصر" .. وقد وصلتنا بعض الردود بالتأييد وفى إنتظار أرائكم .. راجعوا المقال السابق .. مع تحياتى للجميع .

رئيس مجلس إدارة جريدة النهر الخالد
Email : elnahr_elkhaled2009@yahoo.com

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق