البطريرك مار لويس روفائيل الاول ساكو: لماذا لا يكون لنا شيء منتشر في العالم كله؟



كتبت سهى بطرس قوجا 
بتاريخ 16 من حزيران 2014 تشرفت مطرانية مار توما الرسول وإذاعة صوت الكلدان في ديترويت باللقاء المباشر مع غبطة أبينا البطريرك الجليل مار لويس روفائيل الاول ساكو والأساقفة الاجلاء المرافقين له، في محاضرة حضرها جموع غفيرة من أبناء الجالية المتواجدين في بلاد المهجر. تمحورت المحاضرة حول محاور مهمة تمثلت بـ : الرابطة الكلدانية، مستقبل الكنيسة الكلدانية في العراق وبلدان العالم، العمل القومي، الأعلام.
   
ابتدأت المحاضرة بترحيب حار بسيادة البطريرك والوفد المرافق له وبالحضور الكرام من قبل الأخ فوزي دلي، ثم دعاه لتقديم محاضرته التي بدأها بتبادل الصلاة من أجل الشهداء مع الجموع الحاضرة. بعدها بدأ الحديث فيها من قبل غبطة أبينا البطريرك حول المحاور المهمة المطروحة والمثيرة للجدل والاستفسار، وقد كانت غنية وموفقة وفيها تفاعل ومشاركة وتبادل للآراء. وسنذكر بشيء من الاختصار بعض مما ذكره أبينا البطريرك حول تلك المحاور ورؤيته الصائبة لها من خلال خبرته وقراءته للواقع. 
بشأن العمل القومي والهوية ودور رجال الدين: 
لكل شعب هوية يعرف بها ولا يمكن إنكار ذلك أو ألغاءه أو تزويره، لأن هناك تاريخ وحضارة وجيل وفعل شاهد على ذلك، هناك مكان واسم ينسب لذلك الشعب ولا غنى للواحد عن الآخر أو بديل أو تحريف. 
قال غبطته موضحًا: اصبح هناك نوع من العصبية في الجانب القومي ، قومية معينة تفرض وجودها وتلغي الأخرى، وليس هذا المهم ... المهم كل واحد يعرف قوميته وانتمائه، ولن يأتي أحد من خارج المحيط ليقول لك أن تنتمي لهذا البلد أو أنت قوميتك كذلك؟! يكفيك أنتَ علمًا.  
والهوية القومية ليست فقط المناداة بها بدون علم مضمونها والهدف من خصوصيتها! الهوية لسنا نحن من ينادى بها كما يطالبنا البعض، أنه ليس عملنا نحن رجال الدين، نحن ليس مجالنا القومية والسياسة وإقحام نفسنا في مهام هي بعيدة تماما عن المهمة الدينية والإيمانية، هناك قوانين تمنعنا من الانخراط في العمل الحزبي. هذه مهمة العلمانين: إبراز هويتهم والمناداة بقوميتهم والدفاع عنها. إذن هناك خصوصية ولا يجوز عبورها أو تجاوزها. 
  وبخصوص الكنيسة ومستقبلها قال فيها: 
لا تطالبوا الكنيسة أن تتحول إلى منبر تنادى من خلاله بأمور هي بعيدة عن مهامها، لا يجوز استغلال الكنيسة.  
الكنيسة الكلدانية هي كنيسة المشرق، كنيسة يسوع المسيح: واحدة، جامعة، رسولية. ولأسباب كثيرة خلال التاريخ منها أسباب شخصية وسياسية وثقافية وقبلية، كنيستنا انقسمت! ولكن نحن ككلدان لنا أكثر من 500 سنة تاريخ كبير ونحن نمثل قوة وعددا وكمؤسسات ككنيسة كاثوليكة، ونحن لسنا نادمين على أننا اصبحنا كاثوليك، المهم ككنيسة كاثوليكية هي قوة روحية وصمام أمان وتواصل.  
وككنيسة نحتاج الى فكر وروحية، الكنيسة لا تتقدم بدون فكر وأيضا فكر لا يكفي بدون روح الله ( الروحية)،الكنيسة لابد من أن تبقى حرة ومستقلة لكي تستطيع ان تقول كلمة الحق، وإن كان عكس ذلك وأصبحت جزء من السياسة فهي منتهية! لنكن فقراء ولكن أحرار، الكنيسة لها صوت ولا يجب ان يخنق.  

أما عن فكرة تأسيس الرابطة الكلدانية التي اقترحها غبطته في وقت سابق: 
الرابطة منذ أن أعلن عنها كانت هناك ردات فعل جاءت على شكل كتابات تحليلية تسأل وتستفسر عن بنودها والأهداف التي وردت فيها، من أجل تبقى راسخة ومتماسكة ومستمرة في عملها الذي من أجله ستوجد. هي أكيد جاءت بعد تفكير ودراسة للأمور وتحليل للواقع ونأمل ان يكون لها صداها وفعلها ونهوضها في المستقبل. 
وغبطته قال فيها: الرابطة أراها ضرورة مصيرية، هي ليست حزب سياسي بل هي تنظيم اجتماعي، مدني، إنساني، ثقافي، أدبي، اقتصادي، تتشكل أساسًا من النخبة المثقفة والفكرية والاجتماعية. هي تنظيم دولي منفتح تدعم كافة المسيحيين في داخل العراق وخارجه. فلما لا يكون للكلدان شيء كما هي الرابطة السريانية والرابطة المارونية والاتحاد الاشوري العالمي. الشعب بحاجة الى تنظيم، بحاجة الى تعاون وتوحيد الكلدان مع السريان والاشوريين كما هو الشعب التركماني لديهم عدة أحزاب ولكن جميعها تكون جبهة تركمانية. ونحن وضعنا لها بعض الأفكار ولكن نرحب بالأفكار الأخرى والاقتراحات العملية  وإن اختلفت، والتي ستجد طريقها إلى السينودس الكلداني القادم للوقوف عندها ومناقشتها. نريد شيء فكري وعملي يأخذ طريقه الصائب في التطبيق العملي. 
وبالنسبة للاسم فقد سميت الرابطة بــ "الرابطة الكلدانية" لان الكنيسة كلدانية ولا شيء آخر. ونحن الكلدان الوحيدين الذين ليس لدينا تنظيم يوازي الآخرين الذين لديهم توجه مدني، فالرابطة ليست قومية بالمعنى القومي المطلق، هي رابطة مدنية، ثقافية واجتماعية، ونحن نعيش الواقع كما هو وليس واقع نظريات، ومن يرغب بالانضمام فنحن نرحب به بشرط اساسي أن لا يكون حزبي لان الاحزاب لديهم أجندة ولا نريد للرابطة ان توجه لأحزابهم وبعدها تلاقي الفشل. 
كما أكد غبطته على نقطة مهمة في المحاضرة وهي دور الأعلام في نجاح فكرة الرابطة، حيث سيعطي لها ابعادها وصداها في العالم وتكون المحطة التي يصب فيها الخير للجميع. 
الرابطة هي جسر متين يمتد على امتداد الحق وتعزيز للعلاقات، هي حلم يأمل تحقيقه وهي أمل وهدف يسعى من خلالها إلى تقديم خدمات بناءة تهدف إلى بناء الكيان المسيحيي ولملمته من البعثرة. ونأمل أن تكون ولادتها ولادة فيها المكسب والاستحقاق، تساعد وتقدم الكثير وهذا لن يتم بشكله الكلي ما لم تتوحد الأفكار والجهود المتجددة والبعيدة عن أخرى تشكلت وتطبعت مع الزمن. 
البطريرك الجليل تكلم بصيغة الجمع وأجمع أن يكون لنا شيء في العالم كله نحن الكلدان، طموحه وأمله ليس فقط محدد ضمن حدود بلادنا، كون المسيحيين وخصوصا الكلدان باتوا منتشرين في مختلف بقاع العالم، وبات من الأجدر التفكير في كل ما هو للمستقبل قائم ودائم إدامة أبدية. يريد غبطته قاعدة صخرية يكتب عليها الاسم الكلداني. 
وبعد انتهاء المحاضرة وختامها ببعض الاسئلة التي طرحت من قبل الحاضرين، ختمها غبطته بعبارة جميلة صفق لها الحاضرين وهي:"  وتبقى كنيستنا قوية وشاهدة للمسيح ". 
لا يسعنا في ختام الحديث غير أن نشكر غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الاول ساكو المحترم عن تلك المحاضرة القيمة التي شاركنا بها، وعن كل مبادرة وفكرة تنصب في الصالح والخير العام، كما نخص بالشكر الكبير لكل من أبرشية مار توما الرسول وكادر إذاعة صوت الكلدان لجميع الجهود المبذولة والمبادرات التي يقومون بها من أجل الصالح العام وصالح شعبنا الكلداني ورفع شأنه واسمه من خلالهم. كما نخص بالشكر الأخ العزيز ساهر يلدو لرفدنا بالصور المأخوذة بعدسته في المحاضرة. 
   
ملاحظة/ العنوان مقتبس من حديث البطريرك الجليل خلال اللقاء الذي تم معه بتاريخ 14 حزيران 2014 في اذاعة صوت الكلدان / ديترويت، والذي حاوره الأخ فوزي دلي المحترم.  

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق