الأرثوذكس والحريات الدينية/ ممدوح أحمد فؤاد حسين


ليس كل من تغني بالحريات الدينية والتسامح الديني وحقوق الإنسان والمواطنة والقبول بالآخر مؤمن فعلا بهذه القيم النبيلة فقد يكون صاحب مصلحة وفقط , ولا يتبين حقيقة أمره إلا عندما يكون في موقف القوة والغلبة فننظر في تصرفاته وأفعاله هل يلتزم بهذه القيم فنشهد له بالتقدم والحضارة؟ أم يتنكر لها فيفتضح أمره .

وفي هذا المقال أكتفي بسرد ثلاث أخبار عن الأرثوذكس عندما يكونوا في مركز القوة الأول عن أرثوذكس اليونان والثاني عن ارثوذكس الصرب والثالث عن أرثوذكس روسيا.

أولا : تطرف الأرثوذكس اليونانيين: يرفضون بناء أول مسجد :

تحت عنوان (مسلمو أثينا طال انتظارهم لبناء أول مسجد بسبب اعتراضات الكنيسة) كتبت العربية نت علي الرابط التالي:


(وهناك خطط طال انتظارها لبناء مسجد للمسلمين الذين يعيشون في أثينا ويقدر عددهم بنحو 150 ألفا غير أن البناء علق بسبب اعتراضات من الكنيسة الارثوذكسية ذات النفوذ ومن جانب المواطنين.

وهناك في المدينة قرابة 130 مكانا للصلاة بهذا الشكل لا توجد بها نوافذ أو هي عبارة عن طوابق سفلية بلا تهوية أو مجرد غرف في مخازن هي كل ما يتوفر لهؤلاء المسلمين وحتى بناء أول مسجد في العاصمة اليونانية.

وتعود خطط الحكومة اليونانية لانشاء مسجد ومركز ثقافي اسلامي ملحق به الى عام 1979 بتمويل تعهدت به المملكة العربية السعودية. ويقول مسؤولون ان الحكومة لا تزال ملتزمة ببناء المسجد غير أنهم يقرون بأن بناءه يمثل قضية حساسة.

وأثارت معارضة الكنيسة الارثوذكسية ... تحفظات لدى اليونانيين الذين يمثل الارثوذكس 95 في المئة منهم.

وبدت تلك الخطة قريبة من التنفيذ عندما استضافت أثينا دورة الالعاب الاولمبية في عام 2004 حيث تعهدت السلطات حينها ببناء مسجد ومركز اسلامي للرياضيين المسلمين.

واختير موقع على بعد 35 كيلومترا خارج اثينا بعدما عبرت الكنيسة الارثوذكسية عن امتعاضها من امكانية ارتفاع مئذنة في سماء عاصمة اليونان. غير أن البناء لم يبدأ على الاطلاق في الموقع الكائن ببلدة بايانيا القريبة من المطار الدولي.

وقام السكان الغاضبون من المشروع بوضع صليب كبير من الخشب على الارض المخصصة لبناء المسجد في البلدة. كما بنيت كنيسة ارثوذكسية صغيرة في المكان).

ويلاحظ أن الاعتراض علي بناء المسجد هنا من جانب الكنيسة ذاتها وليس من جانب العامة فقط . ويلاحظ أيضا أن الاعتراض موجه لأول مسجد فهذا يبين أن الأرثوذكس يرفضون بناء المساجد تماما عندما يكونون في موقع الغلبة في حين أنهم في مصر يطالبون ببناء الكنائس بدون ضابط أو رابط!! اقرا ما قاله الانبا بسنتي بالمصري اليوم بتاريخ 11/11/2009

((■ هل وضعت فى القانون النسب التى تريد على أساسها بناء الكنائس؟

- لا.. ولا أستطيع الحديث عن نسب لأنها متغيرة ومتفاوتة من مكان إلى آخر، ثم من الممكن تحديد نسبة فى مكان معين ثم يزيد عدد السكان فيه.

■ ترك المسألة أيضا هكذا بشكل مفتوح قد يقلق الطرف الآخر.. فإذا تمت الموافقة على تمرير القانون من الممكن أن تبنى ١٠ كنائس فى شارع واحد؟

- لا فلن نبنى أكثر من الاحتياج.

■ ومن يحدد هذا الاحتياج؟

- المسؤولون من رجال الدين)).

وطبقا لكلامه فالدولة لا شأن لها في تحديد هذا الاحتياج .

وهذا التناقض بين رجال الدين الأرثوذكس في اليونان ومصر يبين مرة أخري عدم صحة الاعتقاد بقداسة رجال الدين , فإنه بالتأكيد هناك خطأ أما من جانب الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية أو الكنيسة الأرثوذكسية المصرية.

ثانيا : إرهاب الأرثوذكس الصرب : يعترفون بقتل 7000 مسلم :

( وطالب بافيل في إحدي خطبة التي وجهها للصرب بضرورة الجهاد من أجل الحفاظ علي إقليم كوسوفو الذي تقطنه أغلبية مسلمة بنسبة 9 : 1 من الصرب حتي لا يسيطر المسلمون علي الاقليم وفي يوليو 2005 صدم البطريرك بافيل العديد من الليبراليين الصرب عندما ظهر في اجتماع قومي نظمة الحزب الراديكالي المتطرف من أقصي اليمين وكان زعيمه فيوسلاف سيسلي الذي حاكمته محكمة مجرمي الحرب في لاهاي بهولندا علي جرائم الحرب التي ارتكبها.

عاش البطريرك بافيل طوال حياته يدعو للسلام والمصالحة أثناء حروب البلقان العرقية في التعسينات لكن الكثيرين اتهموه بمنح الحرية للقساوسة الذين ألهبو نزعة القومية الصربية وأشعلوها ويقال أنهم باركوا الميلشيات العسكرية التي ارتكتب جرائم حرب ضد الكاثوليك وكان نصيب المسلمين كبيرا من هذه المذابح فقد عثر علي مقابر جماعية) أنتهي النص الحرفي للأخبار24/11/2009.

فكيف يكون المدعو بافيل محبا للسلام والتسامح ويحضر مؤتمر لحزب متطرف حُوكم زعيمة علي جرائم الحرب؟ . وكيف يكون محبا للسلام والتسامح وقد أعطي الحرية للقساوسة الأرثوذكس الصربيين لإلهاب وأشعال النزعة القومية الصربية ومباركة المليشيات العسكرية التي لم ترتكب مذابحها ضد المسلمين فحسب بل ضد المسيحيين أيضا لأنهم تابعيين لكنيسة أخري؟. ألا يدري المدعو بافيل أن الساكت علي الحق شيطان أخرس وهو لم يسكت فحسب بل أعطي الحرية للقساوسة لمباركة ارتكاب جرائم حرب ومذابح جماعية!! .بقى أن نعرف أن عدد ضحايا هذه المذابح باعتراف الصرب أنفسهم بلغ 7000 مسلم .

الغريب إن الإعلام دائما وأبدا ما يربط بين أحداث 11 سبتمبر واتهام المسلمين بالإرهاب رغم أن من قام باحداث 11 سبتمبر لا يتجاوزن العشرين فردا ولا يقف خلفهم إلا تنظيم متطرف إرهابي ليس له شعبية بين الشعوب الإسلامية رغم أنه ينجح في جذب بعض الأفراد لا أكثر ولا أقل .. في حين أن مذابح الأرذوكس الصربيين قامت بها ميلشيات بالألاف يدعمها القساوسة الأرثوذكس الصربيين .. فلماذا تم الربط بين الإسلام والإرهاب ولم يتم الربط بين الأرثوذكسية والأرهاب ؟؟!!

ثالثا : الأرثوذكس الروس يرفضون بناء المساجد:

مرة أخرى وفي بلد أخر يثبت الأرثوذكس إيمانهم بالحريات الدينية!! فبتاريخ 14 سبتمبر 2010 نشرت المصري اليوم تحت عنوان: (احتجاجات على قرار بناء مسجد فى موسكو) الخبر التالي (وذكرت شبكة «بى. بى. سى» الإخبارية أن قرار البناء يعود لقلة عدد المساجد فى موسكو، الأمر الذى تجلى بوضوح فى صلاة عيد الفطر، حيث اضطر مئات من المسلمين لأداء الصلاة خارج المسجد، على الأرض مباشرة، لذلك بدت موافقة سلطات العاصمة على بناء مسجد جديد أمرا طبيعيا، لكن غالبية سكان الحى، الذى خصص لبناء المسجد فيه، ومنهم رئيس مؤسسة «العمل الأرثوذكسى»، كيريل فرولوف، وقفوا ضد خطة البناء).

ملاحظتين حول الخبر:

الملاحظة الأولي: مرة أخرى لم يأتي رفض بناء المسجد من العامة الرعاع الذين من الممكن أن نقولهم أنهم متعصبون لا يمثلون الأرثوذكس بل جاء من رئيس مؤسسة العمل الأرثوذكسي, تماما كما تعترض الكنيسة الارثوذكسية اليونانية على بناء المساجد كما بينت سابقا.

الملاحظة الثانية: إن بناء المسجد أحتاج لأمرين (1) موافقة سلطات العاصمة. (2) التأكيد يقينا من قلة عدد المساجد وعدم استيعابها المصلين مما اضطرهم إلى الصلاة خارج المسجد على الأرض مباشرة.

هذا في روسيا فماذا عن مصر؟

نعود لما سبق ذكره نقلا عن المصري اليوم علي لسان الانبا بسنتي: رفض أن يتضمن القانون النسب التي يريد على اأسها بناء الكناس, ورفض ربط بناء الكنائس بالاحتياج الفعلي, ورفض أي دور للدولة في تحديد هذا الاحتياج, وطالب بترك كل هذه الأمور للمسؤولون من رجال الدين!!!

أعتقد أن القول بأن (الكنيسة دولة داخل الدولة) قول خاطئ تماما ويجب تصحيحه ليصبح (الكنيسة دولة فوق الدولة).

رابعا : الأرثوذكس الأثيوبيين:

إذا كان هذا هو حقيقة إيمان الأرثوذكس بالحريات الدينية في ثلاث دول (اليونان – الصرب- روسيا) وهي بلاد تنتمي جغرافيا إلى قلب العالم الغربي المتحضر الذي يرفع رايات الحريات الدينية وحقوق الإنسان, وتنتمي حضاريا واقتصاديا وثقافيا - ولو بدرجة أقل - إلى العالم الغربي المتقدم, فما هو حال الأرثوذكس الأثيوبيين الذين ينتموا إلي دولة من دول العالم الثالث التي تقهر الحريات الدينية وحقوق الإنسان؟

للأسف الشديد فإن معلوماتي قاصرة في هذا الموضوع, وهذه دعوة لكل من لدية علم في هذه الناحية أن يستكمل هذا الموضوع إتماما للفائدة, ويا ليته يتفضل مشكورا بتعريفي بما جهلت.



CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق