** كلما إشتدت بنا الألام والمشاكل كلما تضخمت الأزمات وزادت الإحتقانات الطائفية ، كلما تطاول السفهاء والمجرمين وقطاع الطرق واللصوص على الأقباط والكنيسة .. أجدك أمامى فى صورتك الحنونة وإبتسامتك الدافئة التى تملأ كل ركن من أركان حياتنا وإننى مهما حاولت أن أكتب فلن يستطيع قلمى الضعيف أن يعبر أو يصف مشاعرى وأنا أكتب عن قديس مثل البابا كيرلس الذى تحولت بساطته إلى منارة تعكس النور الإلهى من خلال سيرته العطرة وحياته المليئة بالمعجزات ولأن مصدر النور كان إلهيا فقد إستمر يسطع بعد موته الجسدى وحتى كتابة هذه السطور ... لقد أصاب قلمى الضعيف الصمت حيث بدأت مشاعر الحنين تتزاحم وتندفع فى بركان من الحب ... ذكريات وحاضر تعلمنا منها " كن مطمئنا جدا جدا ولا تفكر فى الأمر كثيرا بل دع الامر لمن بيده الأمر " ... نعم لا تفكر كثيرا .. فكم من ألاف المرات دعيناك وسط أنهار من دموع القهر والظلم فى سكون الليل وبإسم "ملك المجد" وشفاعة حبيبك مارمينا العجايبى وبصلواتك الطاهرة يتمجد إسم الرب وتنقشع ظلمة الليل لينطلق نور الأمل مع نسمات الفجر .
** لقد سبقت الملائكة فى بداية إنضمامك للرهبنة عام 1927 فى دير البراموس بوادى النطرون ، لقد فوجئ الرهبان عند وصول الراهب "عازر يوسف عطا" ويصحبه القس بشارة البراموسى إلى حصن الدير بإضاءة الأنوار ودق الأجراس وفتح قصر الضيافة وعلى إثر ذلك المشهد الإلهى خرج الرهبان وعلى رأسهم القمص شنودة البراموسى أمين الدير لإستقباله ، ظنا منهم أنه زائر كبير وعندما تحققوا الأمر قبلوه على أول درجة فى سلك الرهبنة فورا مستبشرين بمقدمه إذ لم يسبق أن قوبل راهب فى تاريخ الدير بمثل هذه الحفاوة ، كان قبله الملتهب حبا لخالقه يزداد إلتهابا يوما بعد يوم ، عاش فى العالم وهو ليس من العالم تعلق بالسماويات وزهد فى الأرضيات .
** حينما منحه المتنيح الأنبا أثناسيوس مطران بنى سويف رتبة الإيغومانوس "القمصية" قال " أشكر إلهى الذى خلق من الضعف قوة كملت به نعمته فى الإبن المبارك القمص مينا وأتم هذا العمل العظيم " إستطاع بفضل إعانة الرب له وبعض المنح والهدايا المتواضعة التى كان يتلقاها من أفراد الشعب الذى أحبوه وكانوا يقصدونه طالبين الصلاة للشفاء من العلل وحل المشاكل المستعصية وغيرها أن يبنى كنيسة صغيرة بإسم شفيعه مارمينا العجايبى وقلاية له وذلك عام 1949 ، تم التوسع فى البناء فأقام دار للضيافة ... لقد أضفى على المكان روحانية عميقة حتى خرج الكثيرون من هذا المكان المتواضع ليسوا حاملين للشهادات العلمية من جامعاتهم ولكن فوق ذلك كله رهبانا أتقياء تدربوا على حياة الفضيلة والزهد وحياة الصلاة ، كانت يداه الطاهرتان يغسل بهم ثيابه ويطبخ ويخدم الجميع ، كانت حجرته قصر يحتفى به والتى تتكون من السرير البسيط والمكتبة والملابس الخشنة التى كان يرتديها قبل رسامته وبعد .. كان ترتيبه بين المرشحين للكرسى البابوى السادس وكان على اللجنة أن تقدم الخمسة رهبان المرشحين الأوائل للشعب ، وفى اللحظة الأخيرة للتقدم بالخمسة الأوائل أجمع الرأى على تنحى الخامس وتقدم السادس ليصبح الخامس ، ثم أجريت عملية الإختيار للشعب لثلاثة منهم فكان أخرهم ترتيبا فى أصوات المنتخبين وبقى إجراء القرعة الهيكلية فى الأحد 19 إبريل 1959 ولم يخطر ببال أحد أن يكون إنجيل القداس فى ذلك اليوم يتنبأ عنه إذ كان يقول " هكذا يكون الأخرون أولين والأولون يصيرون أخرين " وكانت هذه هى نتيجة القرعة الإلهية ... فى هذه اللحظات الخالدة دقت أجراس الكنائس وتهللت السماء ورنمت الملائكة معلنة فرحة الفوز بالقمص مينا البراموسى المتوحد ليكون البابا كيرلس السادس بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ... لم تتغير ملابسه الخشنة وشاله المعروف ومنديله الدمور السميك ومأكله البسيط .. نعم هو رجل الصلاة مثال الراعى الصالح لا بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق والقدوة الصالحة .. لقد وهبه الله نعمة الشفافية الروحية العجيبة فكان يجيب كل سائليه بما يريدون ويطمئنهم بما يجب أن يفعلوه فى أسلوب وديع وجميع جموع الشعب مبهورين وهم يقفون برهبة أمام رجل الله كاشف الأسرار ... وهكذا ظل بابه مفتوحا يوميا لإستقبال أبنائه فقيرهم قبل غنيهم .. صغيرهم قبل كبيرهم ، ليخرج الجميع من عنده والبهجة تشع من وجوههم شاكرين تغمرهم راحة نفسية لما يلمسونه من غبطته من طول أناة وسعة صدر تثير فيهم عاطفة الأبوة الحقيقية الصادقة .
** كم أحوجنا فى تلك الأيام العصيبة أن نتوجه إلى وادى النطرون حتى يزيل الله عنا تلك الأيام السودة .. نعم لقد صنع البابا كيرلس معى معجزات كثيرة لا أستطيع حصرها ولكن لن أنساها ، كم من مرة طلبت وجودك بجانبى حينما تشتد الأزمات والمشاكل ويأتى الرد سريعا بفضل بركات هذا القديس .. أكتب هذا وأعلم جيدا أن هناك بعض الموتورين والمنافقين الذين قد يتوهمون أننى أسعى إلى غرض فى نفس يعقوب ولكن ما حدث معى من معجزات بشفاعة القديس البابا كيرلس يستحق أن يكون قلمى هو خادم له ... وهنا إسمحوا لى أن أسجل معجزتين فقط من حوالى مائة معجزة .
** عرض علىّ إبنى أن اكون برفقته فى زيارة لدير مارمينا مع صديقه بيشوى زميله بكلية السياحة والفنادق وهو أحد أبناء الكهنة بشبرا وزوجة أبونا وأولاده الأخرين وأصدقائهم وأقاربهم وقد كان أتوبيس رحلات صغير وكان برنامج الرحلة هو الذهاب إلى الدير وزيارة البابا كيرلس ثم العودة سريعا لتكملة الرحلة فى بلاج العجمى بالأسكندرية ، وظلوا الشباب والشابات يحلمون بقضاء الساعات المقبلة بالبلاج وبعد الزيارة السريعة للدير عادوا جميعا لإستقلال الأتوبيس ولكن حدثت مفاجأت فبمجرد مغادرة الأتوبيس للدير وعلى بعد حوالى 20 كيلو إنفجرت العجلة الخلفية للسيارة وركن المينى باص على جانب الطريق وتصادف وجود صاحب محل إصلاح كاوتش ولكنه فشل فى إصلاح الكاوتش الداخلى ونصحنا بالسير حوالى 2 كيلو حيث يوجد محل أخر لإصلاح الكاوتش وإستعان السائق وأخرين بسيارة أخرى فى الطريق وذهبوا إلى محل الكاوتش وتم تركيب كاوتش داخلى وإستغرق هذا الإصلاح حوالى ساعتين فى الطريق ، ثم وصلنا بلاج العجمى وكانت الساعة تقترب من الرابعة عصرا فهرول الجميع لتعويض هذا التأخير وخلعوا ملابسهم سريعا ونزلوا جميعا للبحر وحدثت كوارث فى البحر فقد تعرض إبنى للغرق رغم إجادته السباحة وأنقذه البابا كيرلس وتعرض زملاؤه كذلك للغرق رغم أنهم يعرفون السباحة جيدا كما إستهوى السائق منظر البحر وهو مسلم الديانة فأراد أن يستمتع بالبحر وكاد كذلك أن يغرق لولا مساعدة بعض المواطنين القريبين منه فى البحر ، هكذا خرج الجميع وهو يحلف أنه لن يعود لهذا البحر مرة أخرى وبعد تركنا البلاج فى طريق العودة للقاهرة إنفجرت أحد عجلات الدوبل الخلفية بالأتوبيس وظللنا حوالى ساعتين فى الطريق وعدنا بعد معاناة كبيرة فى الطريق حتى وصلنا إلى منازلنا فى تمام الساعة الثالثة فجرا .. وهكذا كانت رسالة قداسة البابا كيرلس مجرد إنذار خفيف لأبنائه ولكنه حافظ عليهم جميعا والدرس "من أراد أن يزورنى فلا يبحث عن متع الدنيا" .
** فى أحد رحلاتى لمرسى مطروح وأثناء عودتى فى الصباح الباكر بعد الإستمتاع بصيف هادئ كان أولادى 6 سنوات و4 سنوات وأمهم وفى بداية الطريق أصابهم الجميع النعاس وبدأ النوم يتسرب إلى جفونى وقد حاولت السيطرة على أعصابى وأظل متيقظا ولكن لم أدرى كم من الوقت ذهبت فى النوم وأنا أقود السيارة وبعد فتره ليست بالقليل غفوت من النوم وإستيقظت وأنا فى كامل وعيى بينما السيارة تواصل الطريق لأجد أولادى وزوجتى مستغرقين فى النوم ، لم يكن ما حدث معى هو فتاكة سواقة ولكن يسوع هو الحامى وشفاعة البابا كيرلس هو الذى قاد السيارة على الطريق وأنا مستغرق فى النوم .....
** معجزات لا حصر لها فكم أحوجنا فى هذا الزمن الردئ إلى الصلاة وطلب شفاعة البابا كيرلس .. أمين
0 comments:
إرسال تعليق