البغبغاء أطلق لحيته/ إيمى الاشقر


ان التربية و خاصة تربية الاطفال فى المنظور الاسلامى قائمه على اسس و مبادىء هدفها الاساسى غرث القيم و المبادىء و الاخلاقيات السامية فى الطفل منذ الصغر حتى يصبح رجل بمعنى الكلمة رجولته قائمه على اساس قوى متين الا و هو احكام الله سبحانه و تعالى و سنة رسولة الكريم , فمن تربى فى ضوء الكتاب و السنة و اتخذ والديه كتاب الله و سنة رسوله منهجا فى تربيتة يكن مما لا شك فيه رجل صالح مصلح يتقى الله , رجل قوى , حسن الخلق و الطباع فى علاقته باهله و بالاخرين و هذا هو من يتبع سنة افضل البشر اجمعين .

ان من الاشياء الغريبه ان نجد اشخاص يدعون انهم يتبعون كتاب الله و سنة رسوله و اذا نظرنا الى اولادهم نرى اسوء مثال للتربيه و التنشاه الاجتماعيه !!! , كيف يكون منهجهم فى الحياه كتاب الله و سنة رسولة و بدلا من ان يغرثوا فى ابنائهم القيم و المبادىء غرثوا فيهم الرذائل و اقبح الخصال  و اسوء السلوكيات الاجتماعيه !!!
و من هنا سوف احكى لكم قصة البغبغاء .. و عذرا لهذا الطائر الجميل اللطيف الذى يدخل علينا البهجه لاننى قد ظلمته معى حينما شبهت من ستاحدث عنه به .....
و بطلة القصه هى  الام ..سيده ترتدى النقاب و العباءه السوداء و ترى انها مثال للسيده الملتزمه بكتاب الله و سنة رسولة و ترى ايضا ان من ترتدى الحجاب الذى يغطى الراس و  الرقبه فقط ولا تغطى وجهها فهى ليست من مستواها الاخلاقى و الدينى و انها مثال سىء للمراه المسلمه !!! هذه السيده رزقها الله بطفل ذكر و كان عليها ان تربيه وفقا لتعاليم كتاب الله و سنة رسوله حتى يكون رجلا فى المستقبل بمعنى الكلمه , كانت هذه السيده تهوى عقد مجالس النساء فكانت النساء تتجمع عندها فى المنزل حوالى ثلاثين او اكثر من النساء من اجل النميمه و الغيبه و الحديث فى خصوصيات الاخرين !!! يالها من ملتزمه حقا !!!
اما عن الزوج فهو اطلق لحيته و قص شاربه و ارتدى جلباب قصير و هذه هى السنه من وجهة نظره !! كان يجمعه هو و زوجته هوايه واحده الا و هى عشق النميمه و الغيبه و الاطلاع على اسرار البيوت !! فكان صديقه المفضل رجل يدخل بيوت الاصدقاء و المعارف و بفضوله و رغبته فى اقتحام خصوصيات اصحاب المنزل يخرج و معه حكايه وفى نهاية الاسبوع يلتقى معه و الشوق يملؤه لمعرفه حصيلة الحكايات التى جمعها له هذا الصديق !!!!

و من سوء حظ هذا الولد ان هؤلاء هم والديه !!! , حيث تربى مع والدته فى مجالس النساء و تشرب خصال النساء السيئه و طريقتهم فى الحديث و اصبح الحديث فى الاعراض و الخصوصيات شىء مفضل عنده بل يجرى بدمه !!!
و لغرور و انانية  هذه السيده بنفسها هى و زوجها  و اعتقادهم انهم اصحاب الفلسفه و المنطق الفريد من نوعه و الذى يجب على جميع البشر ان تسير عليه اقتداءً بهم !! و رغبتهم المريضه  فى السيطره و التسلط زرعوا فى عقل هذا الولد ان كل الناس شياطين الا هم فهم الطيبين بل الملائكه التى تسير على الارض , زرعوا فيه الخوف من كل البشر و جعلوه يتعامل مع العالم الخارجى من خلالهم فقط  , يرى بعينهم و يسمع باذنيهم و يحكم على الاشياء بعقلهم  , لا يتخذ قرار بل فقط ينفذ ما اتفقوا عليه , صنعوا منه مجرد جهاز يعمل باشاره من اطراف اصابعهم , جهاز يكرر الحديث لكن لا يعرف كيف و متى يتحدث و اذا تحدث ماذا يقول ؟؟ !! , صنعوا منه مخلوق ابله بلا عقل يميز و يفهم , مخلوق لا هو من ضمن البشر ولا هو جماد , مخلوق غريب يثير نفور و دهشة من يتعامل معه !!!!
وفى يوم من الايام قررت الام و الاب ان يتزوج الولد , فلقد وصل الى السن المناسب للزواج , اتفقت الام مع زوجها على اختيار العروس المناسبه و وقع الاختيار على فتاه من الاقارب و حينما تقدمت لخطبتها رفضت رفض قاطع و قالت بصراحه شديده ابنكم عديم الشخصيه لا يصلح زوج لى , و اندهشت الام و الاب من هذا الحديث و كأن الفتاه قالت شىء غريب او ليس له اساس فى الواقع !! , فتقدمت لخطبة فتاه اخرى من الاقارب ايضا , و كان الرفض لولدها هو الرد على طلبها من كل فتيات العائله سواء من طرفها او من طرف عائلة الاب , و لم يسالوا انفسهم فى لحظه لماذا ؟؟ او يحاسبوا انفسهم على ماصنعوا ؟؟ او يحاولوا اصلاح ما افسدوا ؟؟
و بعد نقاش طويل بين الاب والام كان القرار ان يكون الزواج من فتاه ليست من العائله تكون غريبه عنهم ولا تعرف عنهم شىء , حتى يسهل عليهم ستر الحقيقه و اقناعها بالشخصيات التى سيتم تقمصها  حتى لا تقف امام الحقيقه المره !!!!
و بالفعل سقطت فى شباكهم فتاه عالية الاخلاق ملتزمه فى جوهرها و ليس فى الظاهر فقط مثلهم !!  صاحبة شخصيه قويه و عقليه متفتحه , ترى ان الصراحه و الوضوح اقصر الطرق و افضلها , و بدأ العمل الدرامى الذى كان بمثابة عمل مشترك بين الاب و الام و قام الابن باداء الدور فقط وفقا للسيناريو و الحوار الذى استلمه من والدته و والده !!!!
و كان المشهد الاول فى منزل العروس يو م التعارف عليها .. لم تقم الام والاب بتحفيظ و تلقين الابن الحديث مسبقا الذى سيردده امام العروس او الحوار المتوقع ان يدور بينهم , فجلس معها و هو يرتعش  و بجواره والده من ناحيه و والدته من الناحيه الاخرى و هو بينهم كالطفل الذى يخشى ان يتوه اذا ابتعد عنه والديه !!! , يتصبب عرقا , يتمتم بكلمات غير مفهومه , لا يعرف ماذا يقول ؟؟, فبدات العروس الحديث و اخذت تتحدث معه و تساله عن نفسه و هواياته لانها لحظت انه ربما يكون خجول ؟؟ و لكنه لا يعرف كيف يكون الحوار مع الاخرين ؟؟ فهو اعتاد تكرار الحديث فقط !!!!
و بعد عودتهم الى منزلهم شعر الابن بخيبة الامل فلقد لاحظ نظرات العروس التى توحى بالاشمئزاز و الدهشه !!! و هنا اقترح الاب  ان يطلب من اهل العروس عمل زياره اخرى لهم قبل ان تقول رايها ... و قام بتحفيظه و تلقينه الحوار ... و قال له وافقها على كل ماتقوله .. لا تعارضها فى شىء .. لا ترفض شىء تطلبه ... لا تظهر رفضك لشىء تحبه ... و بعد عقد القران و الزواج و حينما تصبح هنا فى قبضة ايدينا  نفعل بها ما نشاء و نفرض عليها ما نشاء ....!!!!
و فى هذه الزياره نال اعجاب العروس !!!!! التى اندهشت من الفارق الكبير بين من جلس معها امس و من يتحدث معها الان ؟؟؟!!! 
و تمت الخطبه .. و كان دائما يوافقها فى كل ماتقوله حتى يعود الى المنزل و ياخذ القرار النهائى من امه و ابيه !!
فجاء يوم و قالت له والدته انا اريدها ان ترتدى النقاب مثلى , و قال ابيه و انا ايضا
فذهب اليها قائلا .. انا قررت ان ترتدى النقاب , فنظرت له بدهشه قائله , انا قلت لك فى البدايه اننى لست مقتنعه بالنقاب و انت لم تعترض على وجهة نظرى , فرد عليها قائلا .. ابى و امى قالوا  لى نحن نريدها ترتدى النقاب !!
و فى يوم قالت له والدته لا تدعها تعمل لان المراه اذا كانت تعمل و لديها دخل خاص بها هذا يجعلها مسيطره و قويه , عليك ان تقول لها انها بعد الزواج تترك العمل و تتفرغ للمنزل كما فعلت انا , انا كنت سيده عامله و حينما طلب منى والدك ترك العمل تركته و هى عليها ان تفعل كما فعلت انا !!
فتحدث مع عروسته قائلا .. انا اريدك ان تتركى العمل و تتفرغى للمنزل و تربية الاولاد لان المراه اذا كانت عامله و لها دخل خاص بها هذا يجعلها مسيطره , فقالت له .. لكن انا وضحت لك هذه النقطه فى البدايه و انت كنت مشجع لعمل المراه ولم تظهر اعتراضك !! فرد قائلا .. امى قالت لى .. انا كنت اعمل  و حينما طلب منى والدك ان اترك العمل تركته ...!!!
و فى يوم و هو جالس مع والدته و كان يتحدث عن عروسته و يمدح صفاتها و اظهر اعجابه الشديد بشخصيتها و عقلها اشتعلت الغيره فى قلب امه  خوفا من ان اعجابه بشخصها و عقليتها الراجحه  يجعل زمام الامور ينتقل من يدها الى يد العروس الجديده و اخذت تزرع الشيطان فى عقله من ناحيتها , قائله له .. اذا شعرت بحبك لها و اعجابك بها سوف تتخطى حدود الاحنرام فى التعامل معك و اخذت تملأ اذنه بافكار سلبيه حتى جعلته يتصل بها و يسبها و يهينها بدون اى سبب !!! مرددا العبارات التى ملأت عقله بها !!
و لم تتوقف عن تشويه صورتها فى عينه حينما لحظت ان حبها بدا يحتل قلبه , بل جعلته يتعامل معها باسلوب سىء , تحرضه على اهانتها و التعامل معها ببخل شديد , و زرعت الشيطان فى عقله ليجعله يرى دائما انها ليست افضل منها بل هى افضل نساء العالمين !!
و فى يوم من الايام عاد الى المنزل و هو يبكى مثل الاطفال لانه تم فصله من العمل لانه اثار الوقيعه بين الزملاء بنقل الحديث بينهم !! فهو يتصرف بتلقائيه شديده كما تربى و كما يفعل والده و والدته !!!!
و ظل فى المنزل بدون عمل  اكثر من سنه ..و اما عن العروس فظلت واقفه بجواره لم تتخلى عنه بل تساعده على اجتياز هذا الموقف الصعب و تفكر معه ماذا يفعل و تساعده فى البحث عن عمل و واقفه بجواره لا تتركه ابداا , شعر بالقرب منها و انها فعلا تستحق الحب الكبير و ان موقفها هذا يجعلها تستحق ان تكون ملكه على قلبه و كيانه , و بالفعل قال لها .. انتِ انسانه رائعه لانك ومازلتِ بجوارى لم تتركينى و لو كانت اى انثى فى مكانك لتركتنى و سلكت هى طريق اخر باحثه عن مصلحتها  و عن العريس المستعد للزواج فى اقصر فتره ممكنه
و حينما اخبر والدته بهذا الحديث اشتعلت غضبا و ثارت و انفعلت و قالت له .. ماذا فعلت هى ؟؟؟ انا فعلت مع والدك اكثر من هذا ...
فعاد الى العروس مرددا حديث والدته و بنفس العصبيه و الانفعال  قائلا لها ماذا فعلتى ؟؟ امى فعلت اكثر من هذا !!!!
و ظل على هذا المنوال امه تلقنه الحديث ثم يعود الى العروس و يكرره بدون تفكير , باتت فاقده للثقه به و وجدت انها لم تضع  حياتها و مستقبلها فى يد رجل يكون حمايه وامان لها بل هما فى يد الاب و الام يتلاعبوا بهما وفقا لاهوائهم الشخصيه المريضه
و جدت نفسها تاره افضل نساء العالمين و تاره اخرى اسوء مخلوق على وجه الارض , تاره امراه عظيمه باخلاقها و افعالها و تاره اخرى امراه خاليه من الصفات الحسنه , تاره ملاك ارسله الله له و تاره اخرى شياطنه ترسم و تخطط من اجل اغراضها الشخصيه , و احيانا تراه ملاك و احيانا اخرى مخلوق متوحش غريب الاطوار , و جدت انها مهما تفعل من اجله لا جدوى فهو لا يرى الا ما تراه امه ولا يتفوه الا بما تلقنه به !!! و جدت نفسها بعد كل مافعلته انها فى مهب الريح لا تشعر بالاستقرار فاين الاستقرار و الاحساس بالامان مع مخلوق يراها فى لحظه ملاك و بمجرد ان يستمع الى كلمات والدته تتحول فى نظره الى شيطانه بدون ان يقف مع نفسه لحظه و يفكر  هل امى عندها حق ام لا ؟؟ و اذا كانت امى على حق فلماذا فعلت معى كل الخير و وقفت بجوارى و هى امامها الفرصه ان تنهى الخطبه و تبتعد عنى وتتركنى ؟؟؟!!! و لكن كيف يفكر ؟؟؟ انه تربى على اساس انه بغبغاء يكرر الحديث فقط !!!!!!!!
و فسخت العروس الخطبه بعدما  اخذها انعدام شخصيته و تابعيته المريضه الى اقصى درجات الاشمئزاز و النفور و الكرهه لهذا المخلوق ولاسرته المريضه !!!! التى كانت معهم مثال للاخلاق و الاصل الطيب و لا ترى منهم الا التجاهل و سوء المعامله و تحريض ابنهم عليها و رغبتهم فى تدمير مستقبلها و تحويلها الى مجرد سيده لا تفعل شء فى حياتها سوء مجالسة النساء من اجل النميمه والغيبه مثلهم , شعورهم انها متميزه و مختلفه عنهم اشعل نار الحقد بداخلهم فهم يميلوا الى  المخلوقات المجرده من العقل حتى تكون بغبغاء اخر .....
قال الله سبحانه و تعالى (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا ) النساء ايه 9
فقط احببت ان اذكركم بايات الله سبحانه و تعالى يا من تدعون انكم تسيرون على كتاب الله و انه هو اساس فلسفتكم و منهجكم فى الحياه !!!!
يا من جعلتم من ابنكم بغبغاء يردد الحديث و امتم العقل بداخل راسه , حينما تتركوه وحده فى الحياه من سوف يلقنه الحديث ؟؟ و من سوف يفكر و يخطط له ؟؟ سوف تتركوه بمفرده فى يوم من الايام و حينها سوف يغرق فى شبر ماء كما يقال فى الامثال الشعبيه , لعلكم ارضيتم غروركم و اشبعتم اهوائكم المريضه حينما جعلتوه لا يستطيع البعد عنكم خوفا من المجتمع , لعلكم تشعرون بالسعاده لانه واقع تحت تاثيركم يظهر بصورتكم المزيفه و يسير على فلسفتكم المريضه و لا يخطو خطوه الا بعد صدور الاوامر من سيادتكم , فلتشعروا بحلاوة النصر و الفخر بانجاز المهمه العظيمه و لكن سيظل عقاب الله و انتقامه يلاحقكم , و سحقا لكل اب و ام من امثالكم
قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه و ارضاه (علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل ) . اما انتم ماذا  علمتم ابنكم ؟ و على مذهب من ؟

من سلسلة : على مذهب من ؟؟
بقلم /  إيمى الاشقر

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق