بلغـتْ الفلسفة اليونانية أوجّها في عهد أرسطو وسـقـراط وأفلاطون قـبل ما يزيد على أربعة قـرون من بدء التأريخ الميلادي، تلك الفـلسفة التي لا يزال يدرسها فـطاحل المعـرفة والمنطق إلى يومنا هـذا ومعها كان الإغـريق يصنعـون لهم آلهة يعـبدونها في حـين كانت أقـوام أخرى تسجد للنار كالفرس أما أقـوام أخـرى فآلهتهم كانت البقـر أو التـنين ..... لكن شعـب بيث نهرين كان منهـمكاً بالعـلوم الصرفة وبناء القـوة العسكرية وسن القوانين إضافة إلى عـبادة الأوثان ومع تلك الأنواع من العـبادات كان شعـب الله المنحـدر من الآباء الأوائل الكـلدانيي الأصل إبراهيم وإسحق ويعـقوب يؤمنون بالله الواحد إضافة إلى إعـتـزازهم وتشبثهم بأصولهم القومية وجـذور أجـدادهم المتغـلغـلة في أرض الرافـدين ، وإستطاع بعـض قادتهم الملتهـبين حـماسا وحـبا لقـوميتهم توحـيد جـموعهم والحـفاظ على هـويتهم بعـد هجرتهم إلى ديار بعـيدة ، وفي جانب آخر كان أنبياؤهم المنبثقـون من بين صفـوفهم يؤملونهم بخلاص قريب من التشرد والعـبودية للأجـنبي وبمجيء ملك مخلـِّص وهم ينتظرونه بفارغ الصبـر . وفي ملء الزمان حـيث الفلسفة منتعـشة في مكان والجـيوش مدججة بالسلاح في مكان آخر في حـين كان العِـلم متقـدما عـند شعـوب أخـرى، كان المذود المتواضع في بيت لحم محل ولادة طفل ليكون أول فـدائي في العالم الذي أهـرق دمه فـدية من أجل محـبـيه ، ذلك هـو الرب يسوع المسيح ملك الملوك الذي ليست مملكـته على الأرض الفانية ، ورب الأرباب الذي لم يضع على كـتفه رتبة يفـتخـر بها ولكن قادة وملوكا خـرّوا له ساجدين ، لم يوفـر لنفسه مالا ولا إحـتفـظ بإسمه أملاكا ولكن أصحاب المال والأساطيل إنهاروا أمام تواضعه الذي جعـله فخـرا للأجـيال مدى الحياة. إن أباطرة وعـظماء، قادة وأمراء، ملوكا ورؤساء لم يستطيعـوا وضع سنين عـمرهم على قارعة الطريق ولكن الإبن الوحـيد، الفادي الفريد قسم تاريخ البشرية والكون إلى نصفين قـبل وبعـد ميلاده . يسوع المسيح هـذا اخـتار تلاميذه من بسطاء القوم ليُخجلَ بهم الحكماء، أرسلهم رسلا وشهداء له بين البشر، فـتركوا نزعاتهم الذاتية، أموالهم الشخـصية، روابطهم العاطفـية ، مواقعهم الاجـتماعـية ، دوافعهم النفسية ، مكـنوناتهم الداخـلية، ليحـملوا الصليب ويتبعـوا ربهم بمحض إرادتهم غـير مجـبرين ولا خائفين لأنهم قـبلوا الدعـوة ونذروا أنفسهم لها. واليوم نحن مقـبلون على توديع السنة الثانية عـشرة من القـرن الحادي والعـشرين للميلاد المجـيد وفي المسكونة معـلمون كـثيرون نذروا أنفسهم للسير وراء المسيح لتلبية ندائه ونشر تعاليمه (ليكونوا تلاميذه) يريدهم الرب أن يكونوا قـدوة لنا نحن العـلمانيين المتعـلمين، نتوقع منهم أن يتوشحـوا بوشاح البساطة كالمسيح وينكـروا ذاتهم مثل المسيح، يحـبون القريب (وإن كان عَـدُوا) كما فعل المسيح، لا يبنون لهم خزائن على الأرض كي نرى فـيهم صورة المسيح يؤدون طـقوسهم ومتطلبات خـدمة الرعـية بدون مقابل كما عمل المسيح، لا بل يعـطون معادنهم وأوراقهم الخـضراء لغـيرهم (مجانا أخذتم مجانا أعـطوا) فعـندئذ يتميز الطالب عـن المعـلم ، والجـندي عـن القائد، والعـلماني المتهافـت وراء هـذه الحياة الفانية عـن الإكـليروس الذي يتقـدمنا إلى الحـياة الأبدية، يحرمون أنفسهم من ملذات الدنيا كما كان المسيح ويتركوها لنا نحن قـليلي الإيمان، يتـنازلون عن الألقاب والرتب بتواضع لنجـري وراءها نحن المتكبرون ، يمتـنعـون عـن الجلوس في صدارة الديوان ليفرغ لنا نحـن الذين نحـب الظهور، وبهذا نعـرفهم أنهم تلاميذ الرب يسوع وهم الذين نذروا أنفسهم لحمل صليبه ورفع مشعـله بمحـض إرادتهم ، عـسى أن نتشجع لنسلك خـطاهم ، ويكونوا مِلحا لمائدتـنا الفاهـية، وإن لم يتميزوا عـنا بتلك الصفات فلا فـرق بيننا وبينهم وسنكون جـميعـنا عـلمانيـين كـنسيـين وقادة روحـيـين دنيويـين ونصبح كـلنا راع وكـلنا مسؤولين عـن رعـيتـنا وحـينئذ سيمكـننا الحـصول عـلى إجازة مشروع إقـتصادي لبناء بيت للعـبادة نعـمل فـيه كمالكـين أو موظـفين ونكون قـد بعـنا المسيح ودمه وإستـلمنا دولارات رواتبنا كـتـحـصيل حاصل .
إقرأ أيضاً
-
أطلق الداعية السعودي المثير للجدل فتوى جديدة تعتبر الأولى في 2015 ولكنها ليست الأولى بنوعيتها ومضمونها لتنضم الى رفيقاتها من فتاوى السك...
-
الخريطة تثبت وجود بيت لحم اللبنانية في الجليل التيار ـ بول باسيل - لأنّ التاريخ بدأ ينفض غبار الحقائق المنسية بالوثائق العلمية أصبح غير لا...
-
كلنا يعرف ماهو الزواج.. ولكن ماهو زواج السروال ؟؟؟؟ لنقرأ هذه القصة التي ارسلها لي أحد الاصدقاء في دولة قطر .. فوجئت بالحارس الباكستاني ال...
-
كان في مدينة القسطنطينية جندي فاضل ورحوم جداً، يدعى لاون، ويلقب بالماكالي، فاستحق، لكثرة فضائله وحسناته، أن يصبح ملكاً على مدينته. واليك...
-
يقرأ صباح اليوم الأحد الثالث من شهر بابة‘ فى جميع الكنائس القبطية فى مصر والعالم كله‘ فصل من بشارة الإنجيل للقديس متى البشير اصحاح 12 : ...
-
ها نحن نرنّم بفرح تسبيح الملائكة الذي يذّكرنا بميلاد المخلّص: "المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام والرجاء الصالح لبني البشر&quo...
-
استوقفتني هذه القصة في الخبر او النداء الى السلطة اللبنانية في صرخة استنجاد من مسيحيين الضنية, في جريدة المستقبل تاريخ 17 تموز .2010 . سيد...
-
(السعودية، الكويت، البحرين، قطر، دولة الإمارات، عُمان) 1-المصواب نكاح عادي مع عقد ونفقة وشهود عيان ، ويصلح لمن وصل سن البلوغ وصار يتلفت يمنة...
-
يُعلن الفاتيكان السبت الفتى الإيطالي كارلو أكوتيس الذي توفي سنة 2006 عن 15 عاماً وكان يصفه أقرباؤه بنابغة المعلوماتية، طوباويا ليصبح أول شخص...
0 comments:
إرسال تعليق