تراس راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده قداس خميس الاسرار ورتبة الغسل في كنيسة مار جرجس في بلدة برسا في قضاء الكورة، عاونه في الرتبة خادم الرعية الخوري شربل ايوب، والخوري راشد شويري، بحضور حشد من المؤمنين. وقد مثل تلامذة المسيح 12 شابا من رعية برسا المارونية، حيث قام الخوري راشد شويري بغسل ارجلهم وتقبيلها، في اعادة لما قام به السيد المسيح في ليلة خميس الاسرار.
وقد القى المطران بو جوده عظة في المناسبة قال فيها :" في هذا اليوم الخميس من الأسبوع المقدّس نحتفل بعيد تأسيس الأسرار وبصورة خاصة سر الكهنوت وسر القربان المقدّس ولذلك درجت العادة في أن نسمّيه خميس الأسرار ولذلك أيضاً درجت العادة الشعبيّة على أن يقوم المؤمنون في مثل هذا اليوم بزيارة سبع كنائس، كنيسة واحدة لكل سر. في مثل هذا اليوم أعطانا المسيح جسده طعاماً ودمه شراباً وقال لنا بشخص رسله: إشتهيتُ أن أتناول عشاء الفصح معكم قبل أن أتألّم… وأخذ خبزاً وشكر وكسر وناولهم وقال: هذا هو جسدي الذي يبذل من أجلكم، إعملوا هذا لذكري. وكذلك الكأس أيضاً بعد العشاء فقال: هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يُسفك لأجلكم”.
اضاف بو جوده :” بتأسيسه سر القربان المقدّس أسّس المسيح أيضاً سر الكهنوت وأعطى رسله السلطان أن يستحضروه كلّ مرّة يحتفلون بالذّبيحة الإلهيّة. وقد عبّر القديس يوحنا ماري فيانيه، خوري آرس، عن أهميّة هذا السّر حين قال: ما أعظم الكاهن وما أهم دوره، فإنّه بكلمة واحدة من فيه ينزل المسيح إلى الأرض، في ما نسمّيه الكلام الجوهري في القداس. وفي هذه المناسبة وكي يعبّر المسيح عن تواضعه العجيب، أراد أن يتصرّف تصرّف العبيد. وقد أحبّ خاصته حتى النهاية، وقبل العشاء صبّ ماء في مغسلة وبدأ يغسل أرجل التلاميذ ويمسحها بالمنشفة التي إئتزر بها”.
وتابع بو جوده :”وقد أراد، من خلال تصرّفه هذا أن يعطي تلاميذه ويعطينا أُمثولة في التواضع لأنّه، كما قال سابقاً لم يأتِ ليُخدَم بل ليَخدُم. وهذا ما أوصى به تلاميذه على أثر ذلك إذ قال لهم: أنتم تدعونني معلّماً وسيّداً، وحسناً تفعلون لأنّي هكذا أنا. فإذا كنتُ أنا السيّد والمعلّم غسلتُ أرجلكم، فيجب عليكم أنتم أيضاً أن يغسل بعضكم أرجل بعض. فأنا أعطيتكم ما تقتدون به، فإعملوا كما عملته لكم. فما كان الخادم أعظم من سيّده ولا كان الرسول أعظم من الذي أرسله. وكان يسوع، قبل أن يحتفل بالعشاء الأخير بمناسبة عيد الفصح، قد دخل إلى أورشليم دخول الفاتحين والشعب يهتف ويقول: هوشعنا لإبن داود، مبارك الآتي بإسم الرب. لكنّه خلافاً عن الفاتحين السياسيّين والعسكريّين، وتأكيداً أنّ مملكته ليست من هذا العالم، قد دخل أورشليم راكباً على جحش إبن أتان وأعلن أمام بيلاطوس أنّه في الحقيقة ملك، لكنّ مملكته ليست من هذا العالم”.
واردف بو جوده يقول:” عبّر بولس الرسول عن هذه الحقيقة في رسالته إلى أهل فيليبي حين قال: كونوا على فكر المسيح فهو “وهو في صورة الله، ما إعتبر مساواته لله غنيمة له، بل أخلى ذاته وإتّخذ صورة العبد فصار شبيهاً بالبشر، وظهر في صورة الإنسان. تواضع وأطاع حتى الموت، الموت على الصليب، ولذلك رفعه الله وأعطاه إسماً فوق كل إسم لتنحني لإسم يسوع كل ركبة في السماء وفي الأرض وتحت الأرض، ويشهد كل لسان أنّ يسوع المسيح هو الرب تمجيداً لله الآب. فضيلة التواضع هي من أهم الفضائل المسيحيّة وهي تدعونا لنعرف أن نحافظ على مركزنا فلا نتخطّاه ونتكبّر على الآخرين وحتى على الله. فهذه كانت خطيئة أبوينا الأوّلين إذ تكبرا على الله وخالفا إرادته وأرادا أن يجعلا من أنفسهما آلهة لأنفسهما فأنكرا الله ووضعاه جانباً، فحكما على نفسهما بالموت.
اضاف بو جوده :” هذه هي تجربة الإنسان الأساسيّة: أن يصبح إلهاً لنفسه ويستسلم لتجربة الشيطان. إنّها التجربة التي تعرّض لها يسوع بعد أن صام أربعين يوماً وأربعين ليلة، إذ جاء إليه الشيطان وقال له: أعطيك ممالك الأرض كلّها إن أنت خررت ساجداً لي. فكان جواب يسوع واضحاً وقاطعاً: للرب وحده تسجد وإياه وحده تعبد. هذه التجربة يتعرّض لها الإنسان كل يوم إن فردياً وإن جماعياً. فإنّه بفضل تقدّمه في العلوم والثقافة والإختراعات والإكتشافات صار يعتبر نفسه إلهاً ولم يعد يعترف بمكان لله ودور له في مجتمعنا المعاصر. فقد وصل إلى مرحلة “فبركة” الإنسان من خلال الأبحاث الطبيّة التي أجراها فاستنسخ الكائنات الحيّة. وتقدّم في معرفة الكون بواسطة الأقمار الإصطناعيّة التي أرسلها إلى الفضاء وصار يقول لله، كما قال له أحد المفكرين المعاصرين: أبانا الذي في السماوات، إبقَ حيث أنت، فأنا لستُ بحاجة إليك. من ناحية ثانية صار الإنسان يجعل من نفسه المرجع الوحيد لكل الأمور المتعلّقة بالقيم والأخلاق والمبادئ المسيحيّة فيعتمد مبدأ النسبيّة ويقبل ما يعجبه ويرفض ما لا يعجبه من تعاليم المسيح والكنيسة، وهذا ما يوصله في بعض الأحيان إلى العلمنة المفرطة ليسنّ القوانين التي يريد ولو كانت متناقضة تماماً مع المبادئ ليس فقط المسيحيّة بل أيضاً وكذلك مع المبادئ الإنسانيّة.المسيح يسوع علّمنا بمثل حياته وقال لنا، مع أنّه إبن الله، بأن يصنع إرادة الآب لأنّ الآب هو الذي أرسله وهو الذي أرسله ليُبشّر المساكين وأرسل إليه روحه القدوس.
وختم بو جوده عظته:” في رتبة الغسل التي نحتفل بها في هذا المساء يعلّمنا المسيح التواضع والوداعة ويدعونا إلى الإقتداء به في علاقتنا مع الآخرين فنتعامل معهم على أنّهم أعضاء في جسده السّري بروح المحبة التي هي الوصيّة الوحيدة التي أعطانا إياها وبروح المسامحة والغفران. إنّها أُمثولة لكل واحد منا واُمثولة خاصة للمسؤولين بيننا على مختلف المستويات، فإنّ عليهم أن يكونوا في خدمة الشعب ليقودوه إلى المرعى الخصيب ويؤمّنوا له ضروريات الحياة. لكنّ الذي نراه ونعيشه لسوء الحظ هو العكس تماماً إذ أنّنا نراهم يتصارعون ويتقاتلون مدّعين العمل من أجل المصلحة العامة بينما هم يسعون إلى مصالحهم الشخصيّة فقط ويحوّلون مؤسّسات الدولة لخدمتهم وخدمة مؤيّديهم وأزلامهم ولا يكترثون بأي شكل من الأشكال بما يلزم للشعب من خدمات. فلنرفع الصلاة إلى المسيح اليوم ولنطلب منه أن يعطينا نعمة التواضع والخدمة كي نقول له مع مريم أنّنا خدّام لك يا رب، فليكن لنا بحسب قولك.
وقد القى المطران بو جوده عظة في المناسبة قال فيها :" في هذا اليوم الخميس من الأسبوع المقدّس نحتفل بعيد تأسيس الأسرار وبصورة خاصة سر الكهنوت وسر القربان المقدّس ولذلك درجت العادة في أن نسمّيه خميس الأسرار ولذلك أيضاً درجت العادة الشعبيّة على أن يقوم المؤمنون في مثل هذا اليوم بزيارة سبع كنائس، كنيسة واحدة لكل سر. في مثل هذا اليوم أعطانا المسيح جسده طعاماً ودمه شراباً وقال لنا بشخص رسله: إشتهيتُ أن أتناول عشاء الفصح معكم قبل أن أتألّم… وأخذ خبزاً وشكر وكسر وناولهم وقال: هذا هو جسدي الذي يبذل من أجلكم، إعملوا هذا لذكري. وكذلك الكأس أيضاً بعد العشاء فقال: هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يُسفك لأجلكم”.
اضاف بو جوده :” بتأسيسه سر القربان المقدّس أسّس المسيح أيضاً سر الكهنوت وأعطى رسله السلطان أن يستحضروه كلّ مرّة يحتفلون بالذّبيحة الإلهيّة. وقد عبّر القديس يوحنا ماري فيانيه، خوري آرس، عن أهميّة هذا السّر حين قال: ما أعظم الكاهن وما أهم دوره، فإنّه بكلمة واحدة من فيه ينزل المسيح إلى الأرض، في ما نسمّيه الكلام الجوهري في القداس. وفي هذه المناسبة وكي يعبّر المسيح عن تواضعه العجيب، أراد أن يتصرّف تصرّف العبيد. وقد أحبّ خاصته حتى النهاية، وقبل العشاء صبّ ماء في مغسلة وبدأ يغسل أرجل التلاميذ ويمسحها بالمنشفة التي إئتزر بها”.
وتابع بو جوده :”وقد أراد، من خلال تصرّفه هذا أن يعطي تلاميذه ويعطينا أُمثولة في التواضع لأنّه، كما قال سابقاً لم يأتِ ليُخدَم بل ليَخدُم. وهذا ما أوصى به تلاميذه على أثر ذلك إذ قال لهم: أنتم تدعونني معلّماً وسيّداً، وحسناً تفعلون لأنّي هكذا أنا. فإذا كنتُ أنا السيّد والمعلّم غسلتُ أرجلكم، فيجب عليكم أنتم أيضاً أن يغسل بعضكم أرجل بعض. فأنا أعطيتكم ما تقتدون به، فإعملوا كما عملته لكم. فما كان الخادم أعظم من سيّده ولا كان الرسول أعظم من الذي أرسله. وكان يسوع، قبل أن يحتفل بالعشاء الأخير بمناسبة عيد الفصح، قد دخل إلى أورشليم دخول الفاتحين والشعب يهتف ويقول: هوشعنا لإبن داود، مبارك الآتي بإسم الرب. لكنّه خلافاً عن الفاتحين السياسيّين والعسكريّين، وتأكيداً أنّ مملكته ليست من هذا العالم، قد دخل أورشليم راكباً على جحش إبن أتان وأعلن أمام بيلاطوس أنّه في الحقيقة ملك، لكنّ مملكته ليست من هذا العالم”.
واردف بو جوده يقول:” عبّر بولس الرسول عن هذه الحقيقة في رسالته إلى أهل فيليبي حين قال: كونوا على فكر المسيح فهو “وهو في صورة الله، ما إعتبر مساواته لله غنيمة له، بل أخلى ذاته وإتّخذ صورة العبد فصار شبيهاً بالبشر، وظهر في صورة الإنسان. تواضع وأطاع حتى الموت، الموت على الصليب، ولذلك رفعه الله وأعطاه إسماً فوق كل إسم لتنحني لإسم يسوع كل ركبة في السماء وفي الأرض وتحت الأرض، ويشهد كل لسان أنّ يسوع المسيح هو الرب تمجيداً لله الآب. فضيلة التواضع هي من أهم الفضائل المسيحيّة وهي تدعونا لنعرف أن نحافظ على مركزنا فلا نتخطّاه ونتكبّر على الآخرين وحتى على الله. فهذه كانت خطيئة أبوينا الأوّلين إذ تكبرا على الله وخالفا إرادته وأرادا أن يجعلا من أنفسهما آلهة لأنفسهما فأنكرا الله ووضعاه جانباً، فحكما على نفسهما بالموت.
اضاف بو جوده :” هذه هي تجربة الإنسان الأساسيّة: أن يصبح إلهاً لنفسه ويستسلم لتجربة الشيطان. إنّها التجربة التي تعرّض لها يسوع بعد أن صام أربعين يوماً وأربعين ليلة، إذ جاء إليه الشيطان وقال له: أعطيك ممالك الأرض كلّها إن أنت خررت ساجداً لي. فكان جواب يسوع واضحاً وقاطعاً: للرب وحده تسجد وإياه وحده تعبد. هذه التجربة يتعرّض لها الإنسان كل يوم إن فردياً وإن جماعياً. فإنّه بفضل تقدّمه في العلوم والثقافة والإختراعات والإكتشافات صار يعتبر نفسه إلهاً ولم يعد يعترف بمكان لله ودور له في مجتمعنا المعاصر. فقد وصل إلى مرحلة “فبركة” الإنسان من خلال الأبحاث الطبيّة التي أجراها فاستنسخ الكائنات الحيّة. وتقدّم في معرفة الكون بواسطة الأقمار الإصطناعيّة التي أرسلها إلى الفضاء وصار يقول لله، كما قال له أحد المفكرين المعاصرين: أبانا الذي في السماوات، إبقَ حيث أنت، فأنا لستُ بحاجة إليك. من ناحية ثانية صار الإنسان يجعل من نفسه المرجع الوحيد لكل الأمور المتعلّقة بالقيم والأخلاق والمبادئ المسيحيّة فيعتمد مبدأ النسبيّة ويقبل ما يعجبه ويرفض ما لا يعجبه من تعاليم المسيح والكنيسة، وهذا ما يوصله في بعض الأحيان إلى العلمنة المفرطة ليسنّ القوانين التي يريد ولو كانت متناقضة تماماً مع المبادئ ليس فقط المسيحيّة بل أيضاً وكذلك مع المبادئ الإنسانيّة.المسيح يسوع علّمنا بمثل حياته وقال لنا، مع أنّه إبن الله، بأن يصنع إرادة الآب لأنّ الآب هو الذي أرسله وهو الذي أرسله ليُبشّر المساكين وأرسل إليه روحه القدوس.
وختم بو جوده عظته:” في رتبة الغسل التي نحتفل بها في هذا المساء يعلّمنا المسيح التواضع والوداعة ويدعونا إلى الإقتداء به في علاقتنا مع الآخرين فنتعامل معهم على أنّهم أعضاء في جسده السّري بروح المحبة التي هي الوصيّة الوحيدة التي أعطانا إياها وبروح المسامحة والغفران. إنّها أُمثولة لكل واحد منا واُمثولة خاصة للمسؤولين بيننا على مختلف المستويات، فإنّ عليهم أن يكونوا في خدمة الشعب ليقودوه إلى المرعى الخصيب ويؤمّنوا له ضروريات الحياة. لكنّ الذي نراه ونعيشه لسوء الحظ هو العكس تماماً إذ أنّنا نراهم يتصارعون ويتقاتلون مدّعين العمل من أجل المصلحة العامة بينما هم يسعون إلى مصالحهم الشخصيّة فقط ويحوّلون مؤسّسات الدولة لخدمتهم وخدمة مؤيّديهم وأزلامهم ولا يكترثون بأي شكل من الأشكال بما يلزم للشعب من خدمات. فلنرفع الصلاة إلى المسيح اليوم ولنطلب منه أن يعطينا نعمة التواضع والخدمة كي نقول له مع مريم أنّنا خدّام لك يا رب، فليكن لنا بحسب قولك.
0 comments:
إرسال تعليق