مسيحيو حمص: الدولة تحمينا والهجرة غير موجودة في قاموسنا

 
ماهر الخطيب - خاص النشرة 
على الرغم من المعاناة الكبيرة التي مروا بها منذ بدء الأحداث السورية، لا يزال المسيحيون في حمص يؤكدون على الثبات في الموقف، ويعبّرون عن إنتمائهم الوطني الحقيقي وارتباطهم القوي بالأرض. بالنسبة لهم لا يمكن الحديث عن مخاوف، خصوصاً أن ما يتعرضون له تعاني منه مختلف فئات الشعب السوري دون أي تمييز في ما بينها.
خلال جولة قامت بها "النشرة" على بعض الأحياء المسيحية في حمص، أكد عدد من أبنائها أن الوجود المسيحي في سوريا من أساس البلد الثقافي والحضاري، فما هي مواقفهم وكيف يصفون الأوضاع الحالية؟

مواطنون أصيلون
ينطلق مطران حمص لطائفة الروم الأرثوذكس جورج أبو زخم في حديثه عن وضع المسيحيين في سوريا بالتأكيد أنهم عبّروا عن معنى إنتمائهم الحقيقي وعن معنى إرتباطهم بالأرض على مدى الأشهر السابقة، ويشير إلى أن العلاقة لا تنفصل على الإطلاق بين جميع أطياف المجتمع السوري، الأمر الذي يعطيهم الأمل بالنسبة إلى المستقبل.
ويوضح أبو زخم، في حديث لـ"النشرة"، أن جميع السوريين ينتمون إلى الوطن وثقافته وحضارته العريقة لا إلى طوائف أو أديان، ويشير إلى أن المسيحيين ليس لديهم عقدة الإستهداف المباشر، خصوصاً أن الإعتداءات تحصل على جميع المواطنين، بالرغم من أنّ بعض جوانب الأزمة أظهرت أن هناك من يريد أن يقول أنهم ليسوا من السكان الأصليين وغير مرغوب بهم.
بدوره، يؤكد نائب مطران حمص وحماه للسريان الأرثوذوكس الأب أنطون جرادة أن المسيحيين من أبناء سوريا موجودون في كل مفاصل الدولة، ويؤكد أنهم لم يشعروا في أي يوم بأنهم أقليات، لا سيما على صعيد محافظة حمص، التي يصف الوضع فيها بالجيد جداً، ويضيف: "لسنا مبعدين ولا درجة ثانية ونحن مواطنون نتمتع بكامل الحقوق على مختلف المستويات".
ويشدد الأب جرادة، في حديث لـ"النشرة"، على أن ما يهمه هو أن الدولة تنظر اليهم على أنهم مواطنون عاديون، أما بالنسبة إلى الفريق الآخر فيعرب عن قناعته بأنهم لن يصلوا إلى أهدافهم في أي يوم.

الدولة تحمينا
بالنسبة إلى المسيحيين في حمص، كلمة تهجير غير موجودة في قاموسهم، هذا الأمر يؤكد عليه المطران أبو زخم والأب جرادة بشكل جازم، ويشيران إلى أنهم حتى عندما اضطروا للنزوح من منطقة إلى أخرى داخل سوريا لم يفكروا بالهجرة أو السفر إلى الخارج.
ويوضح أبو زخم أنه مع ازدياد الضغط على المسيحيين أصبح لدى بعضهم مخاوف، لا سيما على مستقبل أبنائهم، لكنه يشير إلى أن الكنيسة في كل مواقفها كانت تؤكد أن الوجود المسيحي من أساس البلد، ويلفت إلى أن الأوضاع حالياً أفضل من السابق.
ويرى أبو زخم أن البلاد أمام عملية فعلية للبناء وأمام مصالحة حقيقية، ويشدد على أنهم سيبقون حاملين لواء التجدد والوعي والإدراك أن الإنسان هو الأساس.
وعلى الرغم من دفعهم ثمناً غالياً من خلال تدمير بعض الكنائس والإعتداء على الأديرة، بالإضافة إلى عمليات الخطف التي تعرض لها بعض رجال الدين، يشدد أبو زخم على أنه عندما يكون هناك من يريد أن يخرب منزلك ليس لديك إلا الدولة من أجل الدفاع عنك، ومن أجل إعادة إعماره من جديد.
من جانبه، يجزم الأب جرادة بأن القلق هو عبارة عن دعاية يقوم بها البعض، ويتابع: "نحن لن نهجر ولن نترك أرضنا"، ويلفت إلى أن المسيحيين مستهدفون كغيرهم من أبناء سوريا، لا سيما أن الجماعات التكفيرية المتطرفة تحارب كل من هو ليس مؤمناً بمعتقداتها، ولذلك يقف أبناء الوطن ضدها.
ويشير الأب جرادة إلى أن المسيحيين صامدون مع جميع أبناء الوطن، ويؤكد أنهم مع الدولة التي تحميهم في كل الظروف، ويضيف: "هذه ليست الحرب الأولى التي تمر علينا وربما لن تكون الأخيرة".

المطلوب من مسيحيي لبنان أكثر
على صعيد متصل، يتطرق أبو زخم إلى مواقف بعض الجهات الخارجية، ويعرب عن صدمته لعدم تحرك العالم العربي من أجل الدفاع عن سوريا، ويشير إلى أن المؤامرة كبيرة جداً، وبعض الدول العربية والاقليمية متآمرة على البلاد.
أما بالنسبة إلى موقف المسيحيين في لبنان، يؤكد أن الجميع يعلم بالأصوات التي تقف إلى جانبهم، لكنه ينتقد الأصوات التي تقول أنهم في سوريا لم يتعرّضوا لأي إعتداء، ويشير إلى أنه لا يطالبهم بالدفاع عنهم، لكن من غير الممكن أن يكونوا شركاء في تحوير الحقائق، من خلال القول أنه لم يحصل شيء.
أما الأب جرادة، فيعرب عن عدم رضاه عن دورهم، ويرى أن المطلوب منهم أكثر، خصوصاً أن عددهم كبير، ويدعوهم من قلب الأزمة إلى التمسك بأرضهم كما يفعل المسيحيون في سوريا.
في المحصلة، يؤكد المسيحيون في سوريا تمسكهم بالأرض أكثر من أي وقت مضى، ويشددون على أن كل مشاريع التهجير التي يتم الحديث عنها لن تحقق هدفها بأي شكل من الأشكال.

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق