المطران جورج بو جوده تراس قداسا في بلدة ايطو قضاء زغرتا

زغرتا ـ الغربة
لمناسبة عيد سمعان الشيخ وحنّه النبيّة، تراس راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، قداس في  كابيلا سمعان الشيخ التاريخية في بلدة أيطو في قضاء زغرتا، عاونه فيه خادم رعية ايطو الخوري عزت الطحش، وشارك في القداس عدد من راهبات الصليب في ايطو، وحشد من ابناء البلدة. 
بعد الانجيل المقدس القى المطران بو جوده عظة قال فيها:" نحتفل في الثاني من شباط كل سنة بعيد تقدمة يسوع إلى الهيكل أربعين يوماً بعد ولادته، حسب الشريعة، ويرتبط هذا العيد إرتباطاً وثيقاً بعيد الفصح الذي كان اليهود يحتفلون به تذكاراً لتحرّرهم من العبوديّة في مصر وعودتهم إلى أرض الميعاد، وقد أمضوا قبل دخولهم إليها أربعين سنة في الصحراء. يروي لنا الكتاب المقدّس في سفر الخروج أنّ الشعب اليهودي الذي أمضى أربع مائة وثلاثين سنة في مصر بعد أن إستقدمهم إليها يوسف إبن يعقوب الذي باعه إخوته ليتخلّصوا منه حين قال لهم أنّه رأى في الحلم أن الحزم التي كان يجمعها مع إخوته في الحقل سجدت لحزمته، وأنّ الشمس والقمر وأحد عشر كوكباً تسجد له. في مصر تعرّض يوسف أولاً للمضايقات فوُضِعَ في السجن، لكنّ الرب نجّاه لأنّه شرح لفرعون الحلم الذي رآه والذي يقول بأنّ سبع سنوات سوف تمر على الشعب تعطيه فيها الأرض خيرات كثيرة، ثمّ تليها سبع سنوات أخرى عجاف لا تعطيه الأرض فيها شيئاً. يومها كافأه فرعون وعيّنه قيّماً على كل خيرات مصر وبدلاً من أن ينتقم من إخوته عندما جاؤوا ليبتاعوا القمح من مصر، طلب إليهم أن يأتوا إليه بأبيه وأُمّه فيعيشوا مرتاحين في أرض مصر".
اضاف:" لكنّ نظام الحكم في مصر تغيّر وتغيّرت معه العلاقة مع العبرانيّين فإستعبدهم وفرض عليهم القيام بالأعمال الشاقة وفرض عليهم أن يقتلوا كل طفل ذكر يولد فيها. فإختار الله موسى وجعله رئيساً عليهم وطلب منه أن يخرج الشعب من أرض مصر ويعود به إلى أرض آبائه. وبما أنّ الفرعون رفض أن يتركهم يذهبون فقد حلّت في مصر ضربات عشر كان آخرها، كردّة فعل على قتل الذكور من بينهم، موت كل الذكور فاتحي رحم أمهاتهم، من البشر والحيوانات في الشعب المصري. يومها قال الرب لموسى: كرّس لي كل بكر فاتح رحم من الناس والبهائم، وأذكروا هذا اليوم الذي خرجتم فيه من مصر، من دار العبوديّة، إذ بيد قديرة أخرجكم الرب... وإذا أدخلكم الرب أرض كنعان وأعطاها لكم، فخصّصوا للرب كل ذكر فاتح رحم وكل أوّل ذكر تلده بهائمكم (خروج13/2-3 و11-13). يوسف ومريم تقيّدا بهذه الشريعة وقدّما يسوع للرب في الهيكل، وقدّما فداء عنه تقدمة الفقراء: زوجي يمام، وكما كان الشعب في العهد القديم يسعى إلى الخلاص من العبوديّة في مصر، كذلك كان الشعب ينتظر فداء إسرائيل عندما ولد يسوع، خاصة وأنّ أرض فلسطين كانت تحت حكم المستعمر الروماني الجائر". 
وقال:" كانت كل العلامات تدل، عندما ولد يسوع، بأنّ حدثاً هاماً سوف يحصل. هذا ما سيعبّر عنه سمعان الشيخ الذي، كما يقول عنه لوقا في إنجيله، كان ينتظر الفرج لإسرائيل، والروح القدس نازل عليه وقد أوحى إليه أنّه لن يرى الموت قبل أن يعاين مسيح الرب. وقد حمل الطفل يسوع على ذراعيه وبارك الرب وقال: 
"الآن أطلق عبدك بسلام يا رب، وفقاً لقولك. فقد رأت عيناي خلاصك الذي أعددته في سبيل الشعوب كلّها، نوراً يتجلّى للوثنيّين ومجداً لشعبك إسرائيل" (لوقا2/25-33).
وتابع:" سمعان الشيخ يمثّل العهد القديم، زمن إنتظار المسيح الموعود. إنّه يستقبل الطفل يسوع، العهد الجديد، زمن تحقيق وعد الله الخلاصي. النور الذي سوف ينجلي لجميع الأُمم، لكنه سوف يتنبّأ كذلك بما سيحصل لهذا الطفل فيما بعد، إذ أنّه سيكون سبب عثرة وشقاق لأنّ الكثيرين لن يقبلوا به، فيعارضونه ويرفضونه ويصل بهم الأمر إلى قتله على الصليب، وهذا ما سيقوله سمعان الشيخ لمريم أُم يسوع: "ها إنّه جعل لسقوطه كثير من الناس وقيام كثير منهم، وآية معرّضة للرفض، وأنتِ سينفذ سيف في نفسك، لتنكشف الأفكار عن قلوب كثيرة" (لوقا2/34-35). وأنّ حنّة النبيّة التي كانت لا تفارق الهيكل، بعد ترمّلها، تصوم وتصلّي في الليل والنهار، فقد أخذت تحمد الله وتحدّث بأمر الطفل كل من كان ينتظر إفتداء أورشليم.
وختم:" سمعان الشيخ وحنّة النبيّة يمثّلان البشريّة ويعبّران عن تطلعاتها وبإمكاننا أن نجد فيهما مثالاً لنا جميعاً، نحن المؤمنين الذين نسعى إلى الخلاص. فإنّنا على مثال البشريّة في علاقتها مع الله نعاديه مرّات كثيرة ونرفضه ونتصرّف كأبوينا الأولين فنسعى إلى أن نجعل من أنفسنا آلهة لأنفسنا، فنرفض أن نبقى على علاقة معه وأن نتقيّد بوصاياه وشرائعه، ونضع لأنفسنا شرائع خاصة غالباً ما تتناقض جذرياً مع شريعته فيصبح المسيح بالنسبة لنا علامة للخصام. أليس هذا ما نراه حاصلاً اليوم في مجتمعنا المعاصر الذي أصبح الكثيرون من أبنائه يرفضون الله وقوانينه وشرائعه ويسنّون لأنفسهم شرائع خاصة تشرّع أموراً خطيرة كمثل الإجهاض وقتل الأجنّة في الأحشاء والقتل الذي يسمّى رحيماً، ويرفضون الزواج ويزوّجون مثليّي الجنس، ويسمحون لهم بتبنّي الأولاد؟ أليس هذا ما نراه ونسمعه في عدد من وسائل الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي، والتي تدّعي أنّها مسيحيّة.  المسيح، كما قال سمعان الشيخ هو علامة للخصام. فأي مسيح نقبل ومع أي مسيح نسير؟ فلنسع للسير مع المسيح المخلص الذي حمله سمعان الشيخ وقدّمه للرب في الهيكل بإسمنا وبإسم البشريّة جمعاء، ولنهتف معه اليوم قائلين:  "إنّ عيوننا قد رأت الخلاص الذي أعددته لنا يا رب، فليكن نوراً لنا ولكل شعبك كي تنكشف الأفكار عن قلوب كثيرة". 

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق