الآيات المفقودة/ الشيخ د. مصطفى راشـد

 ورد إلى  موقعنا على الإنترنت  سؤال من الدكتورة \ مليكة العباسى   طالبة للرأى والفتوى  ،عما إذا كانت هناك بعض الآيات المفقودة ، وغير موجودة  بالقرآن  ،الموجود بين أيدينا  المسمى  (مصحف عثمان ) نسبة للخليفة الصحابى عثمان بن عفان ---- ؟: -
نقول فى معرض ردنا للرد على هذا السؤال  يجب علينا أن نستعرض  ماورد فى تراثنا الإسلامى  وأقوال الصحابة وزوجات الرسول ( ع)وكتب الحديث عن القرآن الكريم ، وظروف جمعه لتوضيح المسألة ،-- فنستمع للسيدة عائشة زوجة الرسول (ع)  ونص الحديث يقول  (( ‏حدثنا ‏ ‏أبو سلمة يحيى بن خلف ‏ ‏حدثنا ‏ ‏عبد الأعلى ‏ ‏عن ‏ ‏محمد بن إسحق ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الله بن أبي بكر ‏ ‏عن ‏ ‏عمرة ‏ ‏عن ‏ ‏عائشة ‏ ‏و عن ‏ ‏عبد الرحمن بن القاسم ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏عن ‏ ‏عائشة  ‏قالت
 ‏ : - لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرا ولقد كان في صحيفة تحت سريري فلما مات رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وتشاغلنا بموته دخل ‏ ‏داجن ‏ ‏فأكلها ))  ----  والداجن أى الشاة أو الماعز أكلت تلك الآيات ، حيث من المعروف أنهم كانوا يكتبون على الجريد والحجارة والجلود ،فقد  كانوا يعيشون فى زمن بسيط  يفترشون سرير مصنوع من الخشب واحياناَ من فروع النخل  والمراتب من القش ووبر الأنعام ، أما الفقير فكان يفترش الرمال داخل عشة من فروع النخل ،--
وهذا الحديث رواه الإمام ابن ماجه 1/625، والدارقطني: 4/179 ، ومسلم:4/167، وأبو يعلى في مسنده 8/64، والطبراني في معجمه الأوسط 8/12، وابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث، وأصله في الصحيحين، وأورده ابن حزم في المحلى 11/236 وقال هذا حديث صحيح  --
 ايضا ورد فى كتب التراث حديث  عن سورة الخلع وسورة الحفد ، وأن هاتان السورتان كانتا في مصحف أُبُي بن كعب ومصحف عبدالله ابن مسعود ، ولكننا لا نجدهم في مصاحفنا  الآن،
وقد أخرج ابن الضريس عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه قال‏:‏ صليت خلف عمر بن الخطاب فلما فرغ من السورة الثانية قال‏:‏ اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك الخير كله، ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك بالكفار ملحق ( سورتا الخلع والحفد  )
‏ايضا أخرج ابن أبي شيبة في المصنف ومحمد بن نصر، والبيهقي في سننه عن عبيد بن عمير، أن عمر بن الخطاب  قنُت بعد الركوع فقال‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد، ولك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك بالكفار ملحق‏.‏ وقال  عبيد أنه بلغه أنهما سورتان من القرآن في مصحف ابن مسعود‏.  .
وقد ذكر الإمام السيوطي في الدرر المنثور :-  أنهما كانتا من جملة السور التي أنزلها الله على النبي (ص)، وكانتا سورتين، سورة ببسملة وفواصل، إحداهما تسمى سورة الخلع، والثانية تسمى سورة الحفد،--
روى في كنز العمال : 2/480  ايضا :
( ((من مسند عمر رضي الله عنه ، عن حذيفة ، قال : قال لي عمر بن الخطاب : كم تعدون سورة الأحزاب ؟ قلت : ثنتين أو ثلاثاً وسبعين ، قال : إن كانت لتقارب سورة البقرة ، وإن كان فيها لآية الرجم . )) رواه  ابن مروديه .---- وروى نحوه أحمد في مسنده : 5/132 ،  وعن أبُي بن كعب . وكذا الحاكم في المستدرك : 2/415 ، و :4/359 : وقال في الموردين : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . ورواه البيهقي في سننه : 8/211 كما في رواية الحاكم الثانية ) .
وروى ايضا  في كنز العمال : 2/567
( عن زَر قال : قال لي أبي بن كعب : يا زر كأين تقرأ سورة الأحزاب ؟
قلت : ثلاثاً وسبعين آية
قال : إن كانت لتضاهي سورة البقرة ، أو هي أطول من سورة البقرة ،
وإن كنا لنقرأ فيها آية الرجم
وفي لفظ : وإن في آخرها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم ، فرفع فيما رفع !!.
و قد رواه السيوطي في الدر المنثور : 5/180 ، ثم قال : وأخرج ابن الضريس عن عكرمة قال : كانت سورة الأحزاب مثل سورة البقرة أو أطول ، وكان فيها آية الرجم ) . .
وبما أن سورة البقرة 286 آية .. فيكون  المفقود من سورة الأحزاب حسب رأي الصحابى الخليفة عمربن الخطاب  أكثر من 200 آية .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد ج 5 ص 302  وعن سورة براءة :
( وعن أبي موسى الأشعري قال نزلت سورة نحواً من براءة فرفعت فحفظت منها إن الله ليؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ـ فذكر الحديث . رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح ، ويحسن حديثه لهذه الشواهد ) .
وقال  الهيثمى فى مجمع الزوائد ج 7 ص 28
( عن حذيفة قال تسمون سورة التوبة هي سورة العذاب وما تقرؤون منها مما كنا نقرأ إلا ربعها . رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات ) .
وقال الحاكم في المستدرك ج 2 ص 330 :
عن الأعمش عن عبدالله بن مرة عن عبدالله بن سلمة عن حذيفة رضي الله عنه قال ما تقرؤون ربعها يعني براءة وإنكم تسمونها سورة التوبة وهي سورة العذاب هذا حديث صحيح الإسناد  .) .
وقال السيوطي في الدر المنثور ج 1 ص 105
( وأخرج أبوعبيد في فضائله وابن الضريس عن أبي موسى الأشعري قال نزلت سورة شديدة نحو براءة في الشدة ثم رفعت وحفظت منها أن الله سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم . .
وقال السيوطى  ج 3 ص 208 :
( وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني في الأوسط وأبوالشيخ والحاكم وابن مردويه عن حذيفة رضي الله عنه قال التي تسمون سورة التوبة هي سورة العذاب والله ما تركت أحداً إلا نالت منه ولا تقرؤون منها مما كنا نقرأ إلا ربعها .
ايضا قال أبو عبيد‏:‏ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله. قد ذهب قرآن كثير.ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر‏.‏ (السيوطي، الإتقان في علوم القرآن )
ايضا الآية 19 من سورة آل عمران (إن الدين عند الله الإسلام" ) في حين كان بن مسعود يستعمل كلمة "الحنيفية" مكان كلمة "الإسلام – وهو مايتوافق مع الآية 4 و5 من سورة البينة  وايضا لأن كلمة الإسلام لم تظهر إلا فى الفترة الأخيرة من حياة الرسول (ع) وكانت فى البداية الدعوة للتوحيد ثم الحنيفية .
وبعد هذا العرض  المختصر، نستخلص منه ، أن القرآن الكريم المسمى بمصحف عثمان ، الموجود بين أيدينا الآن ،هو ماتمكن عثمان بن عفان من جمعه أو أراد ذلك  ، وتمسك به دون باقى المصاحف ، ثم أحرق باقى المصاحف ، مثل مصحف عبدالله ابن مسعود ، ومصحف ابن عباس ، ومصحف عائشة  ،وغيرهم  مما جعل الصحابة  والمسلمين  ،وعلى  رأسهم السيدة عائشة يكفرون عثمان ويطالبون بقتله  ، ثم يرفضون دفنه بعد قتله فى مقابر المسلمين وبالفعل دفن فى مقابر اليهود  بمنطقة حش كوكب بالسعودية ، ونحن لا نستطيع أن ننكر أن هناك الكثير من الآيات المفقودة ، وعلينا أن نكون صادقين مع الله  ونقر ونفتى  بأن القرآن غير مكتمل  وان من يقول بغير ذلك فإما جاهل أو يكذب على الله وهو الكفر بعينه والعياذ بالله.
هذا وعلى الله قصد السبيل والإبتغاء 
الشيخ د مصطفى راشد  أستاذ الشريعة الإسلامية
رئيس جمعية الضمير العالمى لحقوق الإنسان وعضو
إتحاد الكتاب الأفريقى الأسيوى ونقابة المحامين المصرية والدولية
والمنظمة العربية لحقوق الإنسان   
E -  rashed_orbit@yahoo.com

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق