زغرتا كرّمت راعيها السابق النائب البطريركي المطران سمير مظلوم



الغربة ـ من فريد بو فرنسيس
كرمت زغرتا راعيها السابق النائب البطريركي المطران سمير مظلوم، وفاء وتقديرا للخدمة الابوية والرعوية التي شمل فيها ابناء مدينة زغرتا، وذلك خلال قداس احتفالي رعاه المطران جوزف معوض النائب البطريركي على نيابة إهدن زغرتا، والمجلس الكهنوتي والرعوي، في كاتدرائية مار يوحنا المعمدان - زغرتا. شارك في القداس المطران حنا علوان ممثلاً البطريرك الكارينال مار بشارة بطرس الراعي، وحضرها الوزير السابق يوسف سعاده، السيدة ماري إسطفان الدويهي، قائمقام زغرتا بالتكليف السيدة إيمان الرافعي، قائد سرية درك زغرتا العميد فؤاد خوري، القاضي حريص معوض، رئيسة إقليم كاريتاس زغرتا - إهدن أنطوانيت بلعيس رئيسة جمعية تجار زغرتا جود صوطو وممثلين عن الهيئات والجمعيات الثقافية والاجتماعية والدينية وكهنة ورهبان وراهبات وحشد كبير من المؤمنين من أبناء الرعية.
ترأس الذبيحة الإلهية المطرانان سمير مظلوم وجوزاف معوض وعاونهما الخوري إسطفان فرنجية وبحضور المطارنة: رولان أبو جودة، فرنسيس البيسري، جورج بو جودة، ومنير خيرالله. وخدم للقداس جوقة الرعية.
المطران جوزاف معوض القى كلمة في بداية القداس قال فيها: بفرحٍ كبير نجتمع اليوم في هذا الاحتفال المبارك الذي نظّمته نيابة إهدن – زغرتا عن شكرها ووفائها لكم يا صاحب السيادة المطران سمير مظلوم السامي الاحترام، أنتم الذين خدمتم هذه النيابة كنائب بطريركي عليها لسنوات خلت، وجّهتم فيها العمل الراعوي وبذلتم المساعي بصورة خاصة لتصل دعوى تقديس البطريرك إسطفان الدويهي ابن هذه النيابة، من خلال المؤسّسة التي تحمل اسمه، إلى عتبة الطوباوية. وقد اضطلعتم في هذه السنوات أيضًا بمسؤوليات ومهام ائتمنتكم عليها الكنيسة في لبنان والبلدان الأوروبية. واسمحوا لي أن أذكر على الصعيد الشخصي، المرحلة الانتقالية التي تشرّفت فيها بأن أستلم من سيادتكم خدمة هذه النيابة في أواخر تموز الفائت. أشكركم على ما أظهرتم من محبة، وعلى الإشراف على الاحتفالات آنذاك وعلى ما قدّمتموه لي من نصائح سديدة وما أغنيتموني به من معرفتكم المحيطة بالواقع الراعوي في إهدن – زغرتا. لقد أبديتم وتبدون دومًا الاستعداد للمساعدة خصوصًا بمشورتكم".
اضاف المطران معوض:" أرادت نيابة إهدن – زغرتا أسقفًا وكهنة ومؤمنين، أن تعرب لكم عن مشاعر العرفان بجميلكم، وعن تقديرها لشخصكم الموقر الذي يجمع الكثير من المزايا. فلا أغالي إن قلت أنّكم تتميّزون بالمناقبية والشفافية والوضوح والنزاهة وعدم المواربة في الكلام والموقف، وبدقة التفكير وصوابيته، وسعة الثقافة، ولباقة الحديث، والرؤية المنفتحة الآفاق، وقدرة الاستيعاب والإصغاء، كل هذه المزايا التي نشكر الله عليها، وصنعتموها في خدمة الرسالة والشهادة المسيحية. ونثمن غاليًا خبرتكم الكنسية في أكثر من مجال، وقد اكتسبتموها في المسؤوليات الكثيرة التي أسندت إليكم منذ رسامتكم كاهنًا حتى الآن، إن في المجال الراعوي حيث خدمتم الرعايا، أو في المجال الإداري خصوصًا في أبرشية انطلياس حيث تمّ اختياركم لمنصب النائب العام، وإن في المجال الاجتماعي حيث رافقتم كاريتاس وكانت لكم فيها مساهمتكم البنّاءة. وما ذكرته هو على سبيل المثال".
وتابع المطران معوض:" واليوم تتابعون العمل في أكثر من هيئة كنسية، لا سيما في المركز الماروني للتوثيق والأبحاث الذي يقدّم للكنيسة معطيات عن الواقع اللبناني والكنسي تساعدها على بلورة رؤية مستقبلية لخير المؤمنين والمواطنين. نسأل الله أن يحفظكم بالصحة والعافية لتستمروا في عطاءاتكم الزاخرة لمجد الله ولخير جسد ابنه السري الملتئم برباط الروح. ويشرّفني أن أتوجّه بالشكر إلى صاحب الغبطة والنيافة مار بشارة بطرس الراعي الكلّي الطوبى، وصاحب السيادة المطران حنا علوان ممثله فيما بيننا، وإلى أصحاب السيادة الذين هم من زغرتا أو من الأبرشيات المجاورة أو من المقيمين في بكركي، وإلى الآباء الأجلاء وإليكم جميعًا على المشاركة في هذا الاحتفال. إنّنا في هذا الأحد، أحد البيان ليوسف، نكمل مسيرتنا صوب ميلاد الرب يسوع الذي قال عنه البابا لاوون الكبير أنه أيضًا ميلاد الكنيسة، ففيه ولد رأسها ومؤسّسها. لذلك نتوجّه إلى الإله المتأنّس ملتمسين منه أن يرسل دائمًا إلى كنيسته، رعاة قديسين يجسّدون عناية الله بشعبه ويقودونه إلى خلاصه الأبدي. آمين".
وبعد تلاوة الإنجيل المقدّس، ألقى المطران سمير مظلوم عظة قال فيها:  يفرحني اليوم أن أحتفل معكم بهذا القداس المبارك، في هذه المناسبة التي شاءتها الرعية والنيابة مع سيادة المطران جوزف معوض وكل الكهنة الأجلاء القيّمين في هذه الرعية أن نجتمع معًا لنشكر الرب على ما أنعم علينا به خلال فترة خدمتي هذه الرعية لمدة 12 سنة. وإني أتقدم بالشكر الجزيل لسيادة المطران معوض ولإخوتي الكهنة ولجميع الذين أحبوا أن يقيموا هذا الاحتفال، كما أشكر صاحب النيافة والغبطة على إيفاده سيادة المطران حنا علوان لتمثله فيما بيننا في هذا الاحتفال وأشكر سيادة المطران رولان أبو جودة المرافق الأمين والأخ الأكبر والمحب الذي سلّمني هو من على هذا المنبر مسؤولية النيابة البطريركية في سنة2000، كما أشكر سيادة المطران بولس دحدح الأخ المحب الذي وهو ابن هذه الرعية والذي يشرّفني ويفرحني بكل محبته في كل المناسبات".
اضاف المطران مظلوم:" خدمة الرعية وخدمة الكنيسة هي واجب على الكاهن وعلى المطران، وكل خدمة إذا عرفنا أن نضعها في سياق كلام السيد المسيح الذي قال عن نفسه أنا ما جئت إلى الأرض كي أخدم بل كي أخدم. إذا عرفنا أن نضع كل أعمالنا وكل خدمتنا في سياق هذه الخدمة التي قام بها السيد المسيح لخلاص البشر من خلال تضحيته بنفسه، من خلال موته على الصليب لأجلنا تأخذ خدمتنا عندئذ معنًى إلهيًا معنى ساميًا وتتخطّى الصعوبات التي قد يلقاها الخادم في تأدية خدمته وفي كل مرة كنت أدعى لأية خدمة في الكنيسة منذ البداية كان يعتريني في البدء شيء من الرهبة والخوف. وعندما دعيت لأقوم بهذه الخدمة في رعية زغرتا - إهدن كانت الرهبة أيضًا شديدة أمامي وكثيرون هم الذين ليخفّفوا عنّي ربما تمنوا لي وقالوا لي أننا نرافقك بالصلاة، بل كثيرون من أبناء هذه الرعية، قالوا على سبيل المزاح، أنت مظلوم لأنك تأتي لخدمة رعية زغرتا - إهدن فكان جوابي بالعكس إذا كان من ظلم علي ففي زغرتا إهدن يزول الظلم عني وفي هذه المناسبة، كما في كل المناسبات كنت أسمع في أعماق ضميري كلام الله الذي وجّهه إلى يوسف كما وجّهه المسيح خلال حياته مع الرسل مرات عدة عندما قال لهم "لا تخافوا" لا تخف يا يوسف ولا تخافوا يا أيها الرسل ولا تخف أيها الخادم مهما كنت في الكنيسة فأنت لست وحدك وأية خدمة تطلب منك إنما المسيح يقوم بها من خلالك شرط أن تعرف كيف تفسح له المجال لكي يعمل من خلالها شرط ألا تضع حاجزًا بينه وبين الرعية التي أنت تقوم بخدمتها. فخدمة الكاهن وخدمة المطران في الرعية ما هي إلاّ أن يكون مفتوح اليدين لكي يتقبّل النعم من الله تعالى ويبقى اليدين مفتوحتين لكي يعطي هذه النعم. هو ليس إلا ممر تمر نعم الله من خلاله للمؤمنين. هذا ما حاولت أن أكونه طوال فترة خدمتي. ولا تفتكروا أني أعطيت كثيرًا وأن لي فضلاً كبيرًا إنما أقول لكم بصراحة وشفافية أنا تلقيت نعمًا من هذه الرعية أكثر مما وزعت. تلقيت المثل الصالح الذي أعطاني إياه العدد الكبير من كهنة هذه الرعية، تلقيت كل الصلوات التي رفعت لأجلي ولأجل خدمتي، تلقيت تلك المحبة التي يعمر بها قلب كل زغرتاوي، تلقيت تلك الأمثولة في الإيمان وفي الرجاء المسيحي الذين يعمران قلب كل واحد من أبناء هذه الرعية وقلب كل واحدة من بناتها. تلقيت من هذه الرعية وطوال هذه الخدمة الدعوات التي يسمعها الله لأنها صادرة عن قلب صادق ومحب، وأجمل هذه الدعوات على قلبي "يرحم موتاك"، "يرحم أهلك". نعم الله يرحم جميع الموتى وموتاكم جميعًا، الموتى الذين زرعوا في قلوبنا هذا الإيمان وهذه المحبة والذين شقوا لنا الطريق التي نسير عليها وينبغي أن نبقى أمينين لها".
وتابع المطران مظلوم :" أيها الأحباء، لن أطيل عليكم بتعداد كل النعم التي أتتني من خلالكم، من خلال هذه الفترة إنما معكم أود أن نرفع الشكر لله هو الذي يعطي، هو الذي يمنح كل واحد النعم التي يحتاج إليها وهو الذي يشدّد الخائف والضعيف وهو الذي يهدي العقل والقلب ويملأهما محبة لكي يستطيعا العطاء كما أعطى هو. فمهما قلت لن أستطيع أن أفيكم مقدار محبتكم لي، لن أستطيع أن أفي هذه الرعية ما أمدتني به من صلوات ومن محبة ومن عطاءات. لكن مثل يوسف الذي سمع الملاك يقول له "لا تخف" أنا أيضًا اليوم أضع نفسي بين يدي الرب وأضع هذه الرعية بين يدي الرب وأوكلها لعنايته تعالى ولعناية الكنيسة ولعناية صاحب السيادة المطران جوزف معوض المسؤول عنها النائب البطريركي الجديد. أضعها بين يدي العذراء مريم أمّنا وبين يدي شفعاء هذه الرعية جميعًا بل أضعها بين يدي ابن هذه الرعية وشفيع هذه الرعية البطريرك إسطفان الدويهي المكرّم والطوباوي قريبًا إن شاء الله لكي يتابع سهره عليها هو الذي يسهر منذ 300 سنة على هذه الرعية، يرافقها في كل ظروف الحياة ويشدّد أبناءها ويقوّيهم في شهادتهم لإيمانهم وفي محبتهم وعطاءاتهم التي لا تحصى. ومعكم أيّها الأحباء نضرع إلى الله لكي يعجل في إعلان طوباوية البطريرك وقداسته لكي تفيض النعم من خلاله أكثر فأكثر لا على هذه الرعية فحسب بل على الكنيسة في لبنان وفي كل العالم وعلى كل أبناء هذا الوطن الذين أحبهم وهو يسهر عليهم من عليائه".
وقال المطران مظلوم :"في الحياة كلّ إنسان منا يصل أمام مرحلة من حياته يطلب منه أن يتقاعد عن العمل والعطاء، بل ربما أن يغيّر مسار العمل الذي يقوم به، وهذا ما يطلب من المطران عندما يتقاعد وعملي تجاهكم من الآن فصاعدًا سيبقى يوميًا من خلال الصلاة، صلاتي ترافقكم إلى آخر رمق من حياتي وأتمنّى أن لا تنسوني بصلاتكم. هذه الصلاة التي هي تجمع، التي هي تبني العلاقات الحقيقية بين أبناء الكنيسة والتي من خلالها يعطينا الله كل ما نحتاج إليه من نعم. أجل كل تمنياتي لهذه الرعية كي تبقى عامرة، كي تبقى شاهدة لإيمانها ولمحبتها. تمنياتي لهذه الرعية أن تبقى مثالاً ونموذجًا بحياتها المسيحية في إيمانها وفي عطائها وفي وحدة أبنائها ومحبتهم بعضهم لبعض. وسأكثف الصلاة بصورة خاصّة لأجل وحدة أبناء هذه الرعية، لأجل مصالحة المتخاصمين من بينهم، لأجل شفاء المرضى من بينهم، لأجل متابعة العطاء والمحبة من قبل كل واحد وكل واحدة يعطي بدون حساب".
 وختم المطران مظلوم غظته :" أرجو أن تكون هذه الرسالة التي تقوم بها هذه الرعية دائمًا مشعة حتى يستمر دورها الريادي في الكنيسة المارونية وفي كنيسة لبنان وفي كل الكنيسة الجامعة لكي تعطينا دائمًا كهنة ورهبانًا وراهبات عديدين وقديسين ولكي تستفيد دائمًا من نعم الآباء والأمهات الذين سبقونا وما زالوا يرافقوننا بالصلاة ولكي يبقى أبناء هذه الرعية محبّين بعضهم لبعض حاملين مشعل الإيمان المسيحي ومشعل العطاء والنعم ومشعل التمجيد للثالوث الأقدس الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين".
وفي ختام القداس تسلم المطران مظلوم درعا تذكاريا تقديرا لعطاءاته وخدماته في الرعية.  وتلا القداس حفل استقبال في بيت الكهنة – زغرتا، فغداء على شرف المكرّم شارك فيه المطارنة والكهنة وممثلين عن الهيئات والجمعيات الراعوية.

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق