الشهداء وفرح القيامة/ نسيم عبيد عوض

رغم حزننا العميق الذى شمل كل مسيحى على وجه الأرض ‘ وغطى إحتفلاتنا بأسبوع الآلام كل كنائسنا من الشلالات جنوبا الى الأسكندرية شمالا ‘  بسفك الدماء الذكية الطاهرة فى يوم فرح بدخول الرب ملكا لأورشليم ‘ فى أحد الشعانين ‘ فى كنيسة مار مرقس بالأسكندرية ‘وكنيسة مار جرجس بطنطا والجميع يسبحون " أوصانا فى الأعالى أوصانا لإبن داود" مبارك الآتى بإسم الرب ‘ فإذا طعنة غادرة من شيطان لعين ‘يفجر نفسه ويقتل أرواح المؤمنين داخل بيت الرب‘ وهنا إختلطت مشاعر الحزن على إنتقال الشهداء وفرح الشعانين والقيامة ‘ ولكن لفرح القيامة أهمية خاصة لهؤلاء الشهداء ‘ بقيامة الرب تحقق وعده الإلهى" من آمن بى ولو مات فسيحيا‘ وكل من كان حيا وآمن بى فلن يموت الى الأبد ."يو11: 25و26‘ وبقيامة الرب من الأموات فتح لهؤلاء الشهداءالمذبح المخصص لهم فى السموات‘ وصعدوا بأكاليل منيرة شهادة لكلمة الله ‘ يرتدون الثياب البيضاء التى منحها لهم الرب فى مذبح الشهداء فى السماء.

فرح قيامة الرب يسوع المسيح من الأموات ‘ لا يعادله أية أفراح لا فى السماء ولا على الأرض ‘ لأنه بدون قيامته لا ما كان هناك خلاص ‘ ولا تجددت خليقة الإنسان وتغيرت طبيعته ليعود على صورة الله ومثاله ‘ ولا تحرر البشر من عبودية إبليس ‘ لأن الرب بموته داس الموت وغلب الشيطان وغلب الخطية ‘ وبالقيامة تحرر المؤمنين به من الفساد الذى ورثوه جرار خطية معصية آدم وحواء. ولعل التلاميذ والرسل أول الفرحين عندما تحققت قيامته ‘ لأنهم كانوا يعيشون فى خوف ورعب من اليهود ‘حتى أنهم هربوا جميعا ولم يحضروا صلبه ماعدا يوحنا الحبيب‘ ونحن كل عام نحتفل بقيامة الرب من الأموات بعد قبره ثلاثة أيام ‘ ونفرح ونتهلل لأنه أعطانا الرجاء بقيامتنا فى الحياة الأبدية .
والرب قبل صلبه وموته أخبر الرسل والتلاميذ عدة مرات بخبر موته وتعذيبه وصلبه وقيامته ‘ حتى أنه أخبر كل القيادات الدينية فى الهيكل أمام كل الشعب بقوله عندما سألوه عن أية آية يريهم " اجاب يسوع وقال لهم انقضوا هذا الهيكل وفى ثلاثة أيام اقيمه. فقال اليهود فى ستة وأربعين سنة بني هذا الهيكل أفأنت فى ثلاثة أيام تقيمه. واما هو فكان يقول عن هيكل جسده. فلما قام من الأموات تذكر تلاميذه انه قال هذا فآمنوا بالكتاب والكلام الذى قاله يسوع."يو2: 18-22.

ولأن السيد المسيح كان يعلم بأن خلاص وفداء البشر لن يحدث بدون آلام وموت وقيامة من الأموات‘ وقد أفهم تلاميذه عدة مرات بذلك ‘ فى إنجيل لوقا 9: 22" إنه ينبغى ان ابن الإنسان يتألم كثيراويرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وفى اليوم الثالث يقوم." وأيضا لوقا 9: 44" ضعوا انتم هذا الكلام فى آذانكم أن ابن الإنسان سوف يسلم الى أيدى الناس ." وأيضا قال لهم بتفاصيل ماسيحدث له " وأخذ الإثني عشر وقال لهم‘هانحن صاعدون الى أورشليم وسيتم كل ما هو مكتوب بالأنبياء عن ابن الإنسان.لأنه يسلم إلى الأمم ويستهزء به ويشتم ويتفل عليه . ويجلدونه ويقتلونه وفى اليوم الثالث يقوم."لو18: 31-33‘ وقوله هذا هو نص ماورد فى نبوات إشعياء النبى العديدة وأهمها ماورد بالإصحاح المشهور 53 الذى يتكلم عنه وكأنه كان يسير مع المسيح فى طريق آلامة ويقف تحت صليبه " محتقر ومخذول من الناس رجل أوجاع ومختبر الحزن وكمستر عنه وجوهنا محتقر فلم نعتد به. لكن أحزاننا حملها واوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصابا مضروبا من الله ومذلولا.وهو مجروح لاجل معاصينا مسحوق لأجل اثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا ‘ كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد الى طريقه والرب وضع عليه اثم جميعنا. ظلم اما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاة تساق الى الذبح وكنعجة صامته امام جازيها فلم يفتح فاه."إش 53: 3-7.

وحقيقة قيامة الرب من الأموات ورد فى الأناجيل الأربعة :

ففى إنجيل متى البشير" 

1 وَبَعْدَ السَّبْتِ، عِنْدَ فَجْرِ أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى لِتَنْظُرَا الْقَبْرَ.
2 وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ، لأَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ، وَجَلَسَ عَلَيْهِ.
3 وَكَانَ مَنْظَرُهُ كَالْبَرْقِ، وَلِبَاسُهُ أَبْيَضَ كَالثَّلْجِ.
4 فَمِنْ خَوْفِهِ ارْتَعَدَ الْحُرَّاسُ وَصَارُوا كَأَمْوَاتٍ.
5 فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لِلْمَرْأَتَيْنِ : «لاَ تَخَافَا أَنْتُمَا، فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَطْلُبَانِ يَسُوعَ الْمَصْلُوبَ.
6 لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لأَنَّهُ قَامَ كَمَا قَالَ! هَلُمَّا انْظُرَا الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ الرَّبُّ مُضْطَجِعًا فِيهِ.
7 وَاذْهَبَا سَرِيعًا قُولاَ لِتَلاَمِيذِهِ: إِنَّهُ قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ. هَا هُوَ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ. هَا أَنَا قَدْ قُلْتُ لَكُماَ" مت28: 1-7. 

وأكمل القديس مرقس البشير

" وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِرًا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلاً لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ، الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ" مر16: 9.

وكتبها القديس لوقا كذلك" 

1 ثُمَّ فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، أَوَّلَ الْفَجْرِ، أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ حَامِلاَتٍ الْحَنُوطَ الَّذِي أَعْدَدْنَهُ، وَمَعَهُنَّ أُنَاسٌ.
2 فَوَجَدْنَ الْحَجَرَ مُدَحْرَجًا عَنِ الْقَبْرِ،
3 فَدَخَلْنَ وَلَمْ يَجِدْنَ جَسَدَ الرَّبِّ يَسُوعَ.
4 وَفِيمَا هُنَّ مُحْتَارَاتٌ فِي ذلِكَ، إِذَا رَجُلاَنِ وَقَفَا بِهِنَّ بِثِيَابٍ بَرَّاقَةٍ.
5 وَإِذْ كُنَّ خَائِفَاتٍ وَمُنَكِّسَاتٍ وُجُوهَهُنَّ إِلَى الأَرْضِ، قَالاَ لَهُنَّ: «لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟
6 لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لكِنَّهُ قَامَ! اُذْكُرْنَ كَيْفَ كَلَّمَكُنَّ وَهُوَ بَعْدُ فِي الْجَلِيلِ
7 قَائِلاً: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّمَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي أَيْدِي أُنَاسٍ خُطَاةٍ، وَيُصْلَبَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ" لو24".»

وأما القديس يوحنا الحبيب فكتب يقول "

19 وَلَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذلِكَ الْيَوْمِ، وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ، وَكَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ، وَقَالَ لَهُمْ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!»
20 وَلَمَّا قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَجَنْبَهُ، فَفَرِحَ التَّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوْا الرَّبَّ.
. يو20 . 21 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا: «سَلاَمٌ لَكُمْ! كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا». 8 فَتَذَكَّرْنَ كَلاَمَهُ،.

وحسب وصية الرب للتلاميذ بالكرازة لجميع الأمم يقول القديس بولس الرسول"

3 فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضًا: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ،
4 وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ،
5 وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلاثْنَيْ عَشَرَ.
6 وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ، أَكْثَرُهُمْ بَاق إِلَى الآنَ. وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ رَقَدُوا.
"7 وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ، ثُمَّ لِلرُّسُلِ أَجْمَعِينَ.
"1كو15"-;-وَآخِرَ الْكُلِّ ­ كَأَنَّهُ لِلسِّقْطِ ­ ظَهَرَ لِي أَنَا. 

فلتفرح الأرض لأنه قام وأقامنا معه ووهبنا الحياة الأبدية بعد أن نقلنا من الظلمة الى ملكوت ابن محبته‘ ولتتهلل السموات وملائكتها فقد أكمل الرب كل التدابير اللاهوتيه لخلاص البشر ‘ وليبتهج كل المؤمنين باسمه ونعيش "كما سلك ذاك نسلك نحن أيضا فى جدة الحياة.

ولن تكفى صفحات كتب كثيرة لتفسير أهمية القيامة من الأموات ‘ ويكفينا فرحا وبهجة بعيد القيامة المجيد ‘ ولكل مسيحى العالم أهنئهم بعيد قيامة ربنا الذى أقامنا معه وأجلسنا فى السموات ‘ تهنئة لشعبنا مصر القبطى الذى قدم فى إحتفالات  القيامة هؤلاء الشهداء الذين غسلواثيابهم وبيضوها فى دم الخروف ‘ من أجل ذلك فهم فى مذبح الشهداء ‘برعاية الرب يسوع الذى يرعاهم ويقتادهم الى ينابيع ماء حية ويمسح الله كل دمعة من عيونهم‘ وبالتأكيد هم يشاركونا أفراح القيامة . وكل سنة وأنتم جميعا طيبين.

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق