تيري جونز يحرق القرآن والمسلمون يحرقون البشر/ محمود غازي سعدالدين



- يسأل مذيع قناة ال CNN القس (تيري جونز) راعي كنيسة دوف في ولاية فلوريدا , هل تعلم عدد المسلمين في العالم ؟

- تيري جونز 1500 بليون

- CNNلماذا تقوم بمضايقة واستفزاز 1500 مليار مسلم بحرق كتابهم المقدس اليس جنونا وسخفا ما تقوله؟

- أنه ليس مقدسا بالنسبة لنا

- CNNولكنه مقدس لهم ومن السخف القول ان منزلك لم يعجبني وسأحرقه ولو حدث العكس فما هو قولك ؟

- تيري جونز نحن نقول اوقفوا التمييز اوقفوا التطرف وليس لدينا شيء نحو المسلمين فهم مرحب بهم في الولايات المتحدة ويتمتعون بكافة الحقوق ولكننا لن نرحب بشريعة الشيطان التي ستدخل ملايين المسلمين الى جهنم فهو بالتالي ليس كتابا مقدسا لنا

- CNNهناك العديد من المسلمين يحبون امريكا كالامريكيين انفسهم ومنهم من فقد حياته في 11 سبتمبر الارهابية فماقولك ؟

- انظر الدول الاسلامية والاظهاد والقمع والتمييز وقمع الحريات كالسعودية التي لا تعطي ابسط الحقوق للمراة كرخصة قيادة السيارة فلسنا مجبرين للدفاع عن هؤلاء

- CNN لماذا نقوم بفعل يحرض على الكراهية ولا نفعل العكس منه ؟

- اننا لا نريد ان تتحول الولايات المتحدة الى دول مثل المانيا وهولندا وبريطانيا تأوي العديد من المتطرفين يؤمنون ويقرون بان من لا يؤمن بالقرآن والاسلام يستحق القتل ومصيره النار وهذه شريعة للقتل , فهل تريد دينا مثل هذا في أمريكا ؟

- هي وجهة نظرك وهي ليست حقيقة بالمطلق

فقرات من حوار مع القس تيري جونز اجرته قناة الCNN , لست هنا لأدافع أو أقف بالضد من القس تيري جونز ونيته في حرق نسخ من القرآن في ذكرى هجمات 11 سبتمبر الارهابية , أحداث لازال العديد من المسلمين يتغنون ويبتهجون ويوزعون الحلوى في تلكم الذكرى ويعتبرونها غزوة من الغزوات المباركة أو فتحا مباركا قامت بها ثلة قذرة من الذين اسميهم واصنفهم بالاسلاميين الارهابيين المتطرفين مدفوعين بأمراء وفقهاء الارهاب في السعودية .

هناك من الامريكيين انفسهم اعترضوا على نية القس تيري حرق القرآن , والمتابع للحوار الذي دار بين مذيع الCNN وبين القس يدرك ذلك واستهزاء المذيع منه الذي ادار الحوار , كذلك هناك دعوات أخرى وجهتها شخصيات سياسية ودينية مسيحية تطالب القس بالتراجع والعدول عن حرق القرآن , ومنهم على سبيل الذكر الجنرال ديفيد بترايوس قائد القيادة الوسطى للجيوش الامريكية , وانتقدت الحكومة الامريكية على لسان وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون بشدة نية الكنيسة القيام بحرق نسخ من القرآن .

أعود وأقول لست هنا لأقف مع القس تيري جونز في نفس الوقت لست لادافع واقف مع الخطاب الاسلامي الاهوج الذي بات مسيطرا على عواصم اسلامية واقاليم عديدة وجموع وتظاهرات هائجة مائجة تتحرك باجندة الحكام في تلك الدول والاقاليم .

أنا أيضا سأكرر السؤال نفسه الذي طرحه المذيع , مالذي حدا بالقس للدعوة للقيام بهذا التصرف ؟ والقس نفسه يدعو الى تطبيق تعاليم المسيح التي تدعو الى نشر المحبة والسلام حتى مع الاعداء !

أو ليس المسلمون يتحملون تبعة رد الفعل هذه وما قد يصدر من هذه الشخصية وتلك ولنكن منصفين مع انفسنا ومع غيرنا ولا نمر مع ما ذكره القس جونز مرور الكرام ونقف فقط عند النقطة التي قال فيها انه سيحرق القرآن , او ليس ما ذكره بخصوص الاستبداد والظلم والتمييز والعنصرية وانتهاك الحقوق متفشي في مجتمعاتنا الى ابعد الحدود , والاجرام والخطاب المتطرف الذي يطال الامريكيين وغير الامريكيين في العالم ومن يختلفون مع المسلمين في العقيدة والمعتقد , ومثاله ما يجري في نايجيريا , ومصر (بحق الاقلية القبطية) والعراق حيث انتهاكات بحق المسيحيين والصابئة والشبك , واليزيدية في مناطق الموصل وأطرافها , آخرها خطف شاب جامعي من الطائفة اليزدية في مدينة دهوك وقتله ورمي جثته خارج المدينة ومئات الحوادث الارهابية الأخرى .

ذكر القس جونز مثالا لذلك وهي السعودية وقال هي لا تمنح ابسط الحقوق للمرأة واشار الى رخصة قيادة السيارة , فأقول يا حبذا لو اقتصر الامر على انتهاك الحقوق بعدم منح المرأة رخصة قيادة السيارة فلقد تعدى ذلك الى تجنيد الانتحاريين وغسل عقولهم في اليمن والسعودية والجزائر والمغرب والعراق ونشر أجرامهم في ارجاء المعمورة , لقد استند الانتحاريون الذين قادوا عمليات استهداف البرجين ومبنى وزارة الدفاع الامريكية الى فتاوى دينية صريحة لازالت تروج من قبل فقهاء الارهاب المنتشرين في أرجاء العالم , وللتذكير أن معظم مايسميهم المتطرفون ابطال غزوة مانهاتن الارهابية هم سعوديون حصريا وبامتياز .

عند سؤال القس تيري جونز عن ما اذا قام المسلمون بالعمل نفسه واحرقوا نسخا من الاناجيل اجاب بصراحة ساكون حزينا ولن ارتضي ذلك ولكني في نفس الوقت لن اروج لقتل احد مهما حدث فيما اذا صدر الفعل .

اذا تيري جونز لن يروج لقتل احد وينتقد في نفس الوقت الظلم والاعتداءات والجرائم وانتهاك الحقوق في بلداننا الاسلامية والمسلمون بجوار داره يتمتعون بكافة الحقوق والامتيازات شأنهم شأن الامريكييين , لقد آن لنا أن نقول أن غالبية المسلمين قد وضعوا انفسهم في وضع لا يحسد عليه وأصبحنا مسخرة للعالم بتصرفاتنا وافعالنا الشنعاء التي يبررها فقهاؤنا المتزمتون .

ها نحن على اعتاب نهاية شهر رمضان , ما نسميه شهر الخيرات وشهر هو خير الشهور عند الله طبعا , وليس عندنا نحن غالبية المسلمين لان خير الشهور هذا هو عند المسلمين شهر الغلاء والتناحر والتباغض والاجرام , والكم الهائل من الاحداث الاجرامية التي رصدتها كاميرات الفضائيات تؤيد ما ذهبت اليه .

مشاهد الجثثث المحروقة والمقطعة اوصالها لم تنقطع عن انظارنا طيلة ايام هذا الشهر في العراق وباكستان وافغانستان والصومال وبعض الجمهوريات الروسية ذو الغالبية المسلمة أو على الأقل التي تحتضن الجماعات السلفية الارهابية , فهل شاهدنا فقهاء كالقرضاوي والقرني والسيسي وعمرو خالد يحرضون المسلمين للخروج بمظاهرات عارمة ضد هذا الاجرام الحاصل في العراق وباكستان وافغانستان والصومال والجزائر على يد المسلمين الذين سيدخلون جهنم حتما وكما قال تيري جونز .



يعود بنا الخبر هذا الى الشائعات والتلفيقات المصطنعة التي فبركها وعاظ السلاطين في شمال العراق حول التعدي وقيام البيشمركة بحرق القرآن ورميه في دورات المياه في مناطق تنشط فيها جماعات اسلامية متشددة , وهاجوا وماجوا منادين ومناشدين لوقف الاعتداءات على مقدسات المسلمين وأثاروا قضايا اخرى ضد صحف بحجة التعدي على الاسلام في مسرحية مفبركة احداثها بين هذه الاطراف (الوعاظ +السلاطين) لم تعد تنطلي على أحد سوى السذج والحمقى , غايتهم في ذلك اثارة ودغدغة مشاعر البسطاء وغربلة عقولهم وتكريس بقاء واحتفاظ المسئولين الابديين على كراسيهم وزيادة نفوذهم بمناشدتهم التدخل لوقف هذه الانتهاكات واللعب على الوتر الديني الاسلامي القومي المتصاعد هناك , فهم بذلك يزيدون تراكمات السخافات المقدسة ويصبح المقدس الاول والاخير في النهاية هو رئيسنا الواحد الاحد .

تشبه هذه الحادثة مافعله السلفيون والوهابيون في مرات عدة عبر تاريخ حكمهم عندما فبركوا وقاموا بتلويث ابواب واستار الكعبة بالقاذورات واتهموا فيها بعض الحجاج الشيعة وقاموا بالتنكيل وقتل العديد منهم واوقدوا نار الطائفية التي لازالوا يوقدونها في العراق وغير العراق , وقد بات بعض الشيعة بصورة أو بأخرى ادوات لاذكاء نارها من انصار ولي لافقيه ايران .

الخشية من ان يستغل ويقوم المتطرفون باستغلال هذا الحدث لالهاب المشاعر الساذجة والعقول التي تنظر بسطحية الى هذه الاحداث وتستغل للهجوم على الاقليات المسيحية التي تعيش بين ظهرانينا , فالحجة موجودة بين أيديهم وقد يستندون في ذلك للوصايا العمرية التي اوصى بها قادة المسلمين عند فتح بلاد الشام وللقاريء الرجوع الى كتاب ابن الجوزية وابن كثير ووصايا عمر ابن الخطاب (الطالبانية) بحق النصارى عند فتح بلاد الشام .

قد يعدل القس عن قراره ونيته حرق القرآن في ذكرى هجمات 11 سبتمبر الارهابية في ظل وجود دعوات ونداءات لايقاف ذلك , ولن يضر الله شيئا حتى لو حرقت نسخ من المصحف او الاناجيل أو التوراة , ولطالما رميت واحرقت ملايين المصاحف وكتب الحديث عبر التأريخ ورميت في الانهر وتغيرت ألوان تلك الأنهر جراء ذلك , وحرقت مكاتب تحوي الآلاف المؤلفة من الكتب المقدسة كمكتبة الاسكندرية التي أمر عمر بن الخطاب عمرو بن العاص بحرقها وحوت آلاف الكتب المقدسة والكتب الاخرى ودام حرق كتبها ستة أشهر , وكذلك الحال مع الخليفة عثمان عندما حرق المصاحف التي قال عنها انها خالفت مصحفه , ولا ينكر أحد من المسلمين ان كتب الفرس كلها أحرقت حين فتح المسلمون بلاد فارس .

عليه فقد سبقنا تيري جونز في حرق الكتب والمصاحف وكتب الحديث واصبنا بالتخمة من كم الكتب التي حرقناها واستعاض المسلمون المتطرفون الآن وعوضا عن حرق الكتب بما أهو اشنع وانكى وأفظع وهو قتل الناس وحرق الشجر والحجر والبشر .


بلجيكا

البريد الألكتروني :






CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق