حرق القرآن والتعويضات النفسية.. من الملام؟/ صالح الطائي


 
قرأت مرة أن احد الرؤساء الأمريكان السابقين كان يلقي خطابا، وكانت هناك جمهرة من الفقراء المعترضين الذين يحاولون مقاطعته، فقام أحد المتظاهرين وكان يحمل لافتة صغيرة على صدره برجم الرئيس بحبة طماطة فاسدة، فتقدم حراس الرئيس منه، ولكن الرئيس منعهم وقال: دعوه لأننا الملامون على ذلك فلو كنا قد علمناه القراءة والكتابة لكان قد فهم ما نقول، ثم خاطب المتظاهر قائلا: إنك أيها الأخ تحمل اللافتة بالمقلوب فقم بتعديلها لكي يقرؤها الآخرون.

لا أدري لماذا تذكرت هذه القصة عندما سمعت من خلال وكالات الأنباء قول القس المثير للجدل "تيري جونز" الذي كان يروم حرق نسخ من القرآن بأنه لم يسبق له أن قرأ القرآن من قبل أو عرف محتواه ومضمونه ولكنه مع ذلك يرغب بحرقه! ربما لأني شعرت أننا ملامون في ذلك فنحن لو علمنا هذا القس ما في القرآن من حقائق وكيف ينظر القرآن للسيد المسيح وأمه القديسة مريم ورأي القرآن في ثقافة التسامح ما كان ليتطاول عليه بهذا الشكل المهين.

وعليه أتمنى أن نبادر لتصحيح هذا الخطأ بأن تقوم مجموعة من المنظمات الإسلامية بزيارة القس في عقر كنيسته لتهديه نسخة من القرآن الكريم المترجم هدية محبة من المسلمين المتسامحين، ليعرف الفرق بين قيم الإسلام العظيمة والتطرف البغيض. ولا داعي بعد ذلك أن نخبره أنه يمسك اللافتة بالمقلوب لأنه سيعرف ذلك من تلقاء نفسه، أما إذا لم يفهم أهمية هذه المبادرة فإنه مدفوع حتما من قبل جهات لا تمت للمسيحية السمحاء بصلة ليخرب العلاقات بين البشر الأسوياء، ولذا يجب عندها حرمانه من منصبه الديني.

وفي نفس اليوم 11/أيلول الذي أتخذه القس تاريخا لحرق المصاحف أذاعت وكالات الأنباء نقلا عن "كريستيان ساينس مونيتر" خبر موافقة العراق على دفع تعويضات مالية قدرها أربعمائة مليون دولار أمريكي للأمريكيين الذي كانوا يقيمون في الكويت أثناء الغزو العراقي لها تعويضا عن الآثار النفسية السيئة التي تركها الغزو عليهم.

وأنا هنا لا أطالب بتعويضات لملايين المسلمين بما فيهم الشيوخ والنساء والأطفال من العراقيين والأفغانيين عن الآثار النفسية السيئة والمدمرة التي تركها الغزو الأمريكي لبلدانهم على أنفسهم ولكني أقول: أليس من حق مليار ونصف المليار من المسلمين المطالبة بتعويضات مالية من القس ومن يقف وراءه عن الآثار النفسية السيئة التي تركتها محاولة حرق كتابهم المقدس القرآن؟ أم أن المسلمين محصنون من الإصابة بالضرر النفسي مثل الأمريكيين ذوي الإحساس المرهف؟ أم أن للميزان النفسي الأمريكي كفتان واحدة كبيرة جدا للأمريكيين والأخرى كحبة الخردل للعالم الآخر كله؟

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق