رسالة مفتوحة الى سماحة البابا بينديكتوس المحترم/ محمود غازي سعدالدين


تحية ملئها السلام والمحبة والوئام , نعزي انفسنا قبل ان نعزي سماحة شخصكم الكريم باستشهاد ثلة مباركة من المصلين داخل كنيسة النجاة أثناء اقامة قداسهم الديني واقفين بين يدي الله , سقطوا مع مجموعة من الابطال من قوات الامن العراقية امتزجت دمائهم بدماء المصلين وارتفعت ارواحهم لتعانق ملائكة السماء , وتسكن جنان الخلد رحلوا عنا ولكنهم بقوا احياءا ليبقوا خالدين في عقولنا وقلوبنا نستذكرهم بقلوب منكسرة ونحيي وننحني لكل من سقط مضرجا بدمائه على ايادي هذه الثلل المجرمة التي لاتعرف اية قيم انسانية .
لا شك أن لشخصكم الكريم دور كبير في اشاعة لغة الحوار والسلام والوئام والمحبة بين الناس جميعا لاتفريق لديكم بين الاسود والابيض بين المسيحي والمسلم وبين الصابئي واليهودي وبين الناس جميعا ولطالما عبرتم عن وقوفكم على مسافة متساوية من جميع مكونات الشعب العراقي وخاصة الذين يعانون من تبعات الهجمات الارهابية من مسيحيين ومسلمين شيعة وسنة من الزمر المجرمة التي تعيث في العراق والعالم فسادا باسم الدين والديانات كلها منهم براء .
سماحتكم على علم بما حصل من جريمة مروعة بحق المصلين داخل كنيسة النجاة وعدد الشهداء الذين سقطوا داخل مكان مقدس تأدى فيه طقوس دينية بكل براءة وعفوية ليعكروا صفو هذا الجو الايماني بعبثهم وحقدهم الاهوج والاعمى .
هنا اوجه سؤالا واحدا فقط هو ما الذي دعا سماحتكم للدعوة والمناشدة بالعفو أو عدم تنفيذ حكم الاعدام بوزير الخارجية السابق السيد طارق عزيز وما الذي استند اليه سماحتكم للمناشدة والدعوة الى عدم تنفيذ حكم الاعدام الصادر من محكمة الجنايات العليا العراقية ؟؟
طارق عزيز الذي وجهت اليه تهم تصفيات جماعية للشعب العراقي وتهم تصفية الاحزاب الدينية بشكل طائفي رهيب , الذي لازالت بقايا هذه الثلل المجرمة تعمل وبقوة لخلق فجوات بين مكونات الشعب العراقي تارة بين الشيعة والسنة وتارة بين المسيحيين والمسلمين وتارة بين العرب والاكراد تساعدها في ذلك اطراف وايادي خبيثة لخلق هذه التوترات .
لاشك أن دعوة سماحتكم دعوة عامة وخصوصا ان أحكام الاعدام غير مصادق عليها في دساتير معظم الدول الاوربية بعد أن وصلت هذه الدول الى قمة التسامح الانساني والديني بعد صراع مرير مرت به في أبان حقبة القرون الوسطى , ولاشك كان للكنيسة والعديد من الاساقفة المحترمين دورا كبيرا في الوصول والرقي بدساتير هذه الدول والذين صبت جهودهم جميعا للارتفاع والرقي بالقيم الانسانية ولم ينكروا فصل الدين عن الدولة مع الحفاظ على حقوق واحترام جميع الاديان والمذاهب وحقوق الانسان بصورة عامة , لتفضي الى نهاية ان الدين لله والدولة للجميع او للانسان ذاك الكائن الخلاق .
الدعوة للعفو عن المتهم طارق عزيز المدان بقضايا تصفية رجال دين وعمليات ابادة وقتل واعدام تجار عراقيين برأيي الشخصي لم تكن في المسار الصحيح ولاسيما اننا جميعا نعلم الدور الكبير الذي كان يؤديه المتهم ابان حقبة نظام الطاغية , والدعوة للعفو عنه كونه معتنقا للديانة المسيحية قد لاتكون في محلها رغم احترامي الشديد لدعوتك وتفهمي ما يقصده سماحتكم في المناشدة للعفو عنه , هنا سوف اطرح تساؤلا آخر بعد الحدث الاجرامي والهجوم على كنيسة النجاة , هل يجوز وهل من الانصاف ان يدعو سماحة السيد السيستاني او شيخ الازهر العفو عن مجرمين كالزرقاوي او المصري او او او ... كونهم مسلمون يتشهدون الشهادات ويرفعون الشعارات الاسلامية وهم يقطعون اجساد الناس اشلاءا في مشارق الغرب ومغاربها , هذه المناشدة قد تفتح الباب على مصراعيه لدعوة رجال دين مسلمين متطرفين وهم كثر للدعوة الى العفو وعدم تنفيذ الاحكام بالمجرمين الذين صدرت بحقهم احكام مماثلة , وهذا ما حصل بتباكي معظم رجال الدين المسلمين على مجرمين وقتلة وارهابيين ونسوا ضحاياهم من الذين قطعت أجسادهم ودفنوا احياءا في مقابر جماعية وابيدوا بغازات سامة نساءا ورجالا واطفالا دون تفريق وتمييز ابان العهد المقبور وبعيد تحرير العراق .
أذا بيت القصيد في رسالتي انه ليس من اعتنق دينا سماويا على اختلافها تعطيه حصانة وعصمة بان لايجرم وندعو للعفو عنه , هل يجوز ان يدعو علماء الدين المسلمين مع ( تقديرنا للحكماء القلة) الذين باتوا عالة الاديان وعلى الانسانية جمعاء , أن يروجوا فتاوى تدعو للقتال والجهاد تحت مسميات وعناوين من قبيل المقاومة والجهاد في العراق وغير العراق , وهل تجيز الشرائع السماوية وكل دساتير العالم المتحضر بان يدعو أحد علماء الدين مهما كان حجمه ودوره للعفو عن المجرمين المعتقلين الذين ساهموا في الهجوم على كنيسة النجاة لانهم مسلمون يعتنقون دينا ويدعون لاقامة دولة الهمجية الاسلامية واقامة خلافتهم التي تقوم على السيف والقتل والتفخيخ ومصادرة الحريات ؟
رسالتي هذه مغزاها أن العقاب أمر واجب وملزم في العديد من الأحيان فمجتمعاتنا الاسلامية الموبوءة بالحكام الطغاة والوعاظ المنافقين لا يترك مجالا بأن العقاب أمر واجب وملزم وشرعي , لان الثلل المجرمة التي تعيث فسادا وقتلا آخرها كنيسة النجاة لامجال للعفو عنهم او تخفيف عقوبتهم والعدل والشرع الآلهي أيضا لا يرتضي ذلك , دعوات السلام واجبة كل حين وكل ساعة وهذه دعوة سماحتكم ولا نشك فيها قيد انملة , تساؤل يطرح نفسه ؟ هل تعرف وتركن الجماعات الارهابية في أفغانستان والعراق والصومال وو .. للغة الحوار والسلام والمحبة لو ترك الحبل على غاربه لهم ؟ كلا وألف كلا فهم لايعرفون لغة غير لغة القتل والتفخيخ والتفجير والخطف فأضحت لغة مقارعة هذه الجماعات , على سبيل المثال تدخل قوات حلف شمال الاطلسي (الناتو) والمؤسسات الدولية في افغانستان والعراق والصومال واليمن والسودان بات أمرا ملحا وضروريا شرعا وقانونا لأن لاسبيل لأقامة سلام ووئام مع ثلل امتلئت قوبها حقدا وغلا على الانسانية وباتت تهلك الحرث والنسل ولاتوبة لهم ولا عودة , وكما قال أحد القساوسة فلا بشارة المسيح ولا ضيافة قربان القديس تقدر أن تسوس ألأشرار , ولا غفران الراهب المحترم يبريء الجناة والمجرمين من الخطيئة ورؤيا يوحنا في اصلاح العصاة , وختاما اقول فمن امن العقاب اساء الادب .

خالص امتناني وتقديري ومحبتي

البريد الألكتروني nelson_usa67@yahoo.com



CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق