دعا عضو المجلس الإسلامي الأعلى في تونس الشيخ صلاح الدين المستاوي إلى ضرورة مراجعة المناهج الدينية في البرامج التعليمية، معتبراً تطويرها لما يواكب مستجدات الزمان والمكان واجب على المسلمين، مشيراً إلى وجود نوعين من البرامج التعليمية الدينية، الأول يشهد نقصاً واضحاً وهو يفتقد إلى القيم الأساسية في تربية النشء التربية الدينية الصحيحة، والثاني يشهد زخماً وفي انغلاق كامل على كل ما هو جديد، وهو يرفض التفتح على الأخر مسلماً كان أو غير مسلم.
وحذر الدكتور المستاوي، وهو نجل أحد علماء الزيتونة الكبار الشيخ محمد الحبيب المستاوي، وأستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الزيتونة؛ من مغبة الانغلاق على مذهب واحد دون غيره، وهو ما يتنافى مع طبيعة الاختلاف في الإسلام والذي يعد في حد ذاته رحمة للأمة.
وقال الشيخ المستاوي لبرنامج وجوه إسلامية الذي تبثه قناة "العربية" عند الساعة الخامسة والنصف بتوقيت السعودية مساء الإثنين 6-9-2010، إن الانغلاق على مذهب في الدين والتمسك به هو تقوقع ما أنزل الله به من سلطان، والدين الإسلامي في جوهره الرحمة وهي في الاختلاف وقبول الأخر، فيما يعد التقوقع وبالاً على الأمة، لأنه سيفرض عليها نضرة أحادية تحرمها من علوم متعددة هي أحوج اليوم إليها.
وفي معرض حديثه عن دور جامع الزيتونة المعمور، استعرض الشيخ المستاوي الصراع المرير الذي شهدته هذه المؤسسة في ستينات القرن الماضي، والذي كانت الغلبة فيه للتيار الذي يرى فيه تخلفاً، وهو ما حرم المنطقة المغاربية من صرح تعليمي ديني عظيم ساهم على مر القرون بحماية هذه البقعة من الأرض من كل دخيل أجنبي أو غازٍ.
وتحدث الشيخ المستاوي عن علماء الزيتونة وانتشارهم الواسع في البلاد العربية والدور الذي قدموه لخدمة الإسلام المعتدل ونشرهم لقيم التسامح، وهو ما تشهد به المراجع العلمية الإسلامية والدراسات والمؤلفات الجادة في مختلف المكتبات في العالم العربي.
وحول مسألة تكفير الآخر اعتبر الشيخ صلاح المستاوي أن هذه المسألة من أدق الأمور في الدين، وأنها ليست بالسهولة التي يعتقدها البعض، لأن الأصل في الإسلام تفويض أمور العباد إلى الله، معتبراً أن الجهاد الحقيقي هو جهاد النفس ومغالبتها والاشتغال عليها لترقيتها وتنقيتها من الشوائب.
والشيخ صلاح الدين المستاوي، وهو النجل الأكبر للشيخ الحبيب المستاوي، خريج جامعة الزيتونة، كلية الشريعة، قسم الفقه وأصول الفقه، وحاصل على الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع شروح الموطأ، وهو أيضاً باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا، ويجيد اللغات العربية والفرنسية والإنكليزية، وله العديد من الاسهامات والمشاركات في مؤتمرات الحوار مع الأخر، وهو من الشخصيات الإسلامية المعروفة في أوربا، بالإضافة إلى عمله أستاذاً لمادة الفقه وأصول الفقه بالمعهد الأعلى لأصول الدين في جامعة الزيتونة، وهو خبير لدى منظمة اليونسكو في باريس، وعضو المجلس العلمي لمركز الدراسات الإسلامية بالقيروان.
له عشرات المؤلفات المنشورة في عدد من القضايا الإسلامية، من أبرزها من توجيهات الإسلام في إصلاح الفرد والمجتمع، وموقف الإسلام من الاستنساخ، وموقف الإسلام من التبرع بالأعضاء، والسماحة في الإسلام، والوسطية والاعتدال والخطاب الديني الموجه إلى المسلمين في الغرب، والإسلام والغرب والإسلام والعولمة.
0 comments:
إرسال تعليق