الآباء الرسل/ نسيم عبيد عوض
تحتفل الكنيسة المسيحية كل عام بعيد الآباء الرسل الأطهار القديسين ‘ والمشمولين بنعمة الروح القدس‘ لدورهم العظيم فى الكرازة ونشر المسيحية فى كل أنحاء العالم ‘ حتى أنه لم يمضى عام سبعين ميلادية إلا والمسيحية عرفت فى بلاد العالم من شرقه الى غربه ‘ بفضل هؤلاء الآباء الرسل ‘ وكانت البداية بالأثنى عشر رسولا حسب قول الكتاب " ثم صعد الى الجبل ودعا الذين ارادهم فذهبوا اليه.واقام اثنى عشر ليكونوا معه وليرسلهم ليكرزوا.ويكون لهم سلطان على شفاء الامراض واخراج الشياطين."مر3: 15و16.
وفى الإرسالية الأولى للرسل أعطاهم تعليمات محددة فى كرازتهم ‘وحسب قول الكتاب " هؤلاء الاثنا عشر ارسلهم يسوع واوصاهم قائلا. الى طريق امم لا تمضوا وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا. بل اذهبوا بالحرى الى خراف بيت اسرائيل الضالة.وفيما انتم ذاهبون اكرزوا قائلين انه قد اقترب ملكوت السموات. اشفوا مرضى. طهروا برصا . اقيموا موتى. أخرجوا شياطين. مجانا اخذتم مجانا اعطوا."مت10: 5-8. وقبل صعود رب المجد يسوع للسماء وعلى جبل الجليل كانت ارساليته لهم محددة " فتقدم يسوع وكلمهم قائلا. دفع الي كل سلطان فى السماء وعلى الأرض. فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والإبن والروح القدس. وعلموهم ان يحفظوا جميع ماأوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام والى إنقضاء الدهر. "مت28: 18-20. وأيضا حسب ماكتب القديس لوقا البشير " بعدما أوصى بالروح القدس الرسل الذين اختارهم. وفيما هو مجتمع معهم اوصاهم ان لا يبرحوا من اورشليم بل ينتظروا موعد الآب الذى سمعتموه منى.لأن يوحنا عمد بالماء واما أنتم فستعمدون بالروح القدس.. ولكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لى شهودا فى أورشليم وفى كل اليهودية والسامرة والى أقصى الارض. ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون .وأخذته سحابة عن أعينهم."أع1: 1-9. وبالفعل بعدما إمتلأ الجميع من الروح القدس يوم الخمسين وابتدأوا يتكلمون بألسنة اخرى كما اعطاهم الروح ان ينطقوا. طفقوا يجولون فى كل انحاء الأرض يكرزون ببشارة العهد الجديد ‘ وبيسوع المسيح المصلوب والقائم من الأموات . وعن هؤلاء الرسل نتأمل :
أولا: هؤلاء الآباء الرسل سواء الإثنا عشر أو السبعين قدمتهم لنا التدابير الإلهية والنبوات منذ وعد الله بخلاص البشرية :أ- مز 19" السموات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه. يوم الى يوم يذيع كلاما وليل الى ليل يبدى علما.لا قول لهم ولا كلام.لا يسمع صوتهم. فى كل الأرض خرج منطقهم والى أقصى المسكونة كلماتهم." ب- إختار الرب الرسل ال 12 على عدد الأسباط الإثنا عشر( سمعان وإندراوس أخوه من سبط نفتالى ‘يوحنا ويعقوب ابني زبدى من سبط زبولون ‘توما من سبط يهوذا ..." ج- التلاميذ السبعين الذين عينهم وأرسلهم إثنين إثنين وردت عنهم نبوة فى سفر العدد"فقال الرب لموسى اجمع لى سبعون رجلا من شيوخ اسرائيل."عد 11: 16‘وأيضا الرسل ال12فى خر15: 27" لما عبر اسرائيل بحر سوف الى البرية .جاءوا الى إيليم وهناك 12 عين ماء وسبعون نخلة." وفى تك 46: 27" جميع نفوس بيت يعقوب التى جاءت الى مصر سبعون."
ثانيا: هؤلاء الرسل الأطهار لهم مكانة عظمى فى الكنيسة ‘ وهم موضع تكريم ومحبة خاصة من الرب يسوع المسيح نفسه كما سنرى:
1- دعاهم بنو العرس : عندما أتى اليه تلاميذ يوحنا يسألونه لماذا لا يصوم تلاميذك قال لهم" هل يستطيع بنو العرس أن ينوحوا مادام العريس معهم. ولكن ستأتى أيام حينما يرفع العريس عنهم فحينئذ يصومون."مت9: 14و15‘ وإذا تأملنا فى قول الرب هذا نجده يسمى أيام تجسده على الأرض فرح فهو العريس وتلاميذه أهل العريس ‘ رغم كل الآلام والتعذيب والإهانات والتشكيك والجلد والصلب والموت والطعن بالحربة ‘تسميها يارب فرح ‘ نعم فرح لأن تنفيذ التدابير الإلهية لخلاص البشرية مهما كان الثمن المدفوع فيها هو فرح عظيم ‘ كقوله له المجد" ألم أقل لكم هكذا يكون فرح فى السماء بخاطئ واحد يتوب.. "لو15‘ فما بالكم بخلاص البشرية كلها.
2- دعاهم خاصته : كقول الكتاب " إذ كان قد أحب خاصته الذين فى العالم أحبهم حتى المنتهى."يو13: 1.
3- وهم الذين غسل الرب أرجلهم: وقال لهم " فان كنت وانا السيد والمعلم قد غسلت ارجلكم فانتم يجب عليكم ان يغسل بعضكم أرجل بعض.لانى أعطيتكم مثالا حتى كما صنعت انا بكم تصنعون انتم أيضا. "يو13: 14و15.
4- أرسلهم كشهود له : " وانتم شهود لذلك."لو24: 48‘ وحسب قول يوحنا الإنجيلى " الذى كان من البدء الذى سمعناه الذى رايناه بعيوننا الذى شاهدناه ولمسته ايدينا من جهة كلمة الحياة. فان الحياة أظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الابدية التى كانت عند الآب وأظهرت لنا. الذى رأيناه وسمعناه ونخبركم به لكى يكون لكم ايضا شركة معنا." 1يو1: 1-3.
5- أعطاهم سلطان الكرازة: "وقال لهم اذهبوا الى العالم اجمع واكرزوا بالانجيل للخليقة كلها. من آمن وأعتمد خلص.ومن لا يؤمن يدن."مر16: 15-18.
6- أعطاهم قوة آيات وعجائب: " اشفوا مرضى. طهروا برصا. أقيموا موتى.اخرجوا شياطين .وتساقون أمام ولاة وملوك من أجلى شهادة لهم وللأمم. فمتى أسلموكم فلا تهتموا كيف أو بما تتكلمون. لانكم تعطون فى تلك الساعة ماتتكلمون به. لان لستم أنتم المتكلمين بل روح ابيكم الذى يتكلم فيكم. "مت10"
ثالثا: لهم مكانا خاصا فى السموات: كقول الرب لهم" أنتم الذين ثبتوا معى فى تجاربى.وأنا أجعل لكم كما جعل لى أبى ملكوتا.لتأكلوا وتشربوا على مائدتى فى ملكوتى.وتجلسوا على كراسى تدينون أسباط اسرائيل الأثنى عشر." لو22: 28‘ وعندما قال له بطرس هانحن قد تركنا كل شيئ وتبعناك فماذا يكون لنا؟ فقال لهم يسوع الحق أقول لكم أنكم أنتم الذين تبعتمونى فى التجديد تجلسون أنتم أيضا على اثنى عشر كرسيا تدينون أسباط اسرائيل الأثنى عشر."مت19: 27و28‘ وقد رآهم يوحنا الرائى حول عرش الله عندما أعلن له الرب رؤى عديدة عما سيكون " يقول" وحول العرش اربعة وعشرون عرشا ورأيت على العروش اربعة وعشرون شيخا جالسين متسربلين بثياب بيض وعلى رؤسهم اكاليل من ذهب."رؤ4: 4‘ وفى رؤيا أخرى عندما رأى يوحنا أورشليم السمائية شاهد " وعلى الأبواب اثنا عشر ملاكا وأسماء مكتوبة هى اسماء اسباط بنى اسرائيل الاثني عشر. وسور المدينة كان له اثنا عشر اساسا وعليها اسماء رسل الخروف الاثنى عشر."رؤ21: 12و14.
رابعا: كرازتهم وإستشهادهم: وبإختصار شديد:
1- القديس بطرس الرسول : كانت بشارته أولا فى أورشليم واليهودية ‘ وبشر الأمم مثل قيصرية (أع10)‘ وبشر المسيحيين من أصل يهودى الذين فى الشتات (أهل بنطس وغلاطية وكبدوكية وآسيا الصغرى.) وأيضا روما وفيها أستشهد بالصلب حوالى عام 65م على صليب مقلوب.(كتب رسالتين بطرس الأولى والثانية )
2- اندراوس أخو بطرس: أسس كنيسة القسطنطينية‘ بشر فى اليونان‘ فى أسكتلندا وفيها له مدينة باسمه حتى اليوم‘ هو شفيع كنيسة روسيا واليونان. استشهد فى باترس بجنوب اليونان مصلوبا بصليب بشكل معقوف.
3- يعقوب بن زبدى أول الرسل الشهداء : بشر فى أسبانيا ‘وبنى هناك كنيسة باسم السيدة العذراء‘ هو شفيع كنائس أسبانيا حتى اليوم‘ ولما عاد الى أورشليم أعدمه هيرودس أغريباس بالسيف سنة 44م (أع12:1) وجسده الطاهر فى أسبانيا.
4- يوحنا بن زبدى: من المعترفين (كتب أنجيل يوحنا ‘ وسفر الرؤيا ‘ و3 رسائل ).
5- فيلبس الرسول: فى اللاذقية صلبه كهنة الأوثان سنة 80م .
6- برثولماوس الرسول( نثنائيل)بشر فى آسيا الصغرى ‘ ودخلها بحيلة أنه عبد وعمل عند سيده الذى اشتراه ‘ وبدأ فى التبشير ‘ صنع المعجزات ‘ بشر فى أرمينيا وفارس وبلاد العرب ‘ واليمن وأسس بها كنائس عديدة‘أستشهد فى لوكانيا على بحر قزوين ‘ وقد صلبه كهنة الأوثان فيها بعدما سلخوا جلده قطعوا رأسه ثم وضعوا جسده الطاهر فى جوال وألقوه فى البحر (حوالة سنة 81م).
7- توما الرسول: بشر فى فلسطين ‘العراق‘ بلاد العرب ‘ فارس‘ أثيوبيا ‘ الصين والهند‘ قام بتأسيس كنائس كثيرة فى الهند وهو شفيع كنائسها‘ واستشهد بالهند بعد أن قام كهنة الأوثان بطعنة بالحراب ‘ وسلخوا جلده حتى مات ‘ وهناك جبل اسمه جبل القديس توما وفى الهند مدينة باسمه(القديس توما).
8- القديس متى الرسول: ( متاثيا ومعناها عطية الله ) جال يبشر فى العالم حتى إستقر فى أثيوبيا ومكث بها حوالى 23 سنة‘ أمر الملك جنوده برجمه بالحجارة حتى أسلم الروح ومات شهيدا حوالى سنة 62م ( وضع مسوقا بالروح القدس إنجيل متى).
9- يعقوب بن حلفى : ( حلفى اسم ارامى وباليونانى كليوباس ) ‘أول أساقفة العالم فقد كان أول أسقف لأورشليم ( يدعى أخو الرب وأيضا يعقوب البار ويعقوب الصغير) كتب رسالة يعقوب ‘ رأس أول مجمع مسكونى عام 51م (أع15) ‘ آمن أغلب يهود أورشليم على يدية وكانوا يسمونه يعقوب البار‘ حتى حنق علية رؤساء الكهنة فأخذوه وأصعدوه على جناح الهيكل حتى ينكر الإيمان ولكنه شهد بالإيمان بيسوع المسيح فألقوه من فوق وعلى الأرض أخذوا يرجمونه حتى أسلم الروح حوالى سنة 62م.
10- تداوس الرسول( لباوس- يهوذا بن حلفى أخو يعقوب) جال يبشر فى العالم حتى دخل بلاد فارس وهناك قطعوا رأسه .( له رسالة يهوذا)
11- سمعان الغيور (القانوى) بشر فى أفريقيا وبريطانيا وانتهى به المطاف فى بلاد فارس ‘ واستشهد فيها بنشر جسده ‘ وقطعوا رأسه .
12- متياس الرسول (متاثيا) وكان ضمن السبعين رسولا قبل إختياره ليحل محل يهوذا الأسخريوتى.وقتله اليهود فى اليهودية.
13- القديس بولس الرسول: وكتب فيه الآباء كتبا كثيرة ‘ هو شاول الطرسوسى ‘ الذى إختاره الرب ليكون إناء مختارا ليبشر الأمم‘ دعى من الأقانيم الثلاثة كل على حدة(الآب والإبن والروح القدس)‘ بشر العالم كله الذى لم يسبق بشارتها بمعرفة الرسل ‘ وخلال ثلاث رحلات كرازية آمنت المسكونة على يده بالمسيحية ‘ كتب حوالى نصف العهد الجديد (14 رسالة- 100اصحاح) سجن فى روما على يد نيرون وفى السجن كتب 4 رسائل ‘ وسجن مرة أخرى واستشهد بالسيف حوالى سنة 65م. وتعيد الكنائس بعيد الرسل الأطهار فى ذكرى إستشهاد بولس وبطرس الرسولين.
14- مرقس الرسول: وهو يوحنا الملقب مرقس ‘ واضع أنجيل مرقس بباليون فى مصر قبل أن يتوجه للأسكندرية ليبشرها عام 55م ‘وضع القداس الكيرلسى لكنيستنا لتصلى به‘ وأسس الكنيسة وعلى يديه صارت مصر كلها تؤمن بالمسيحية. استشهد فى ليلة عيد القيامة المجيد سنة 68م ‘ سحله الأريوسيين فى شوارع الأسكندرية حتى تهرأ لحمه‘ ظهر له الرب ليقويه فى سجنه ولذا يسمى ثيو ريموس أى الناظر الإله.وفى الغد عادوا وسحلوه حتى أستشهد. وهو كارز الديار المصرية ومؤسس الكنيسة القبطية الرسولية (الأرثوذكسية).
15- القديس لوقا البشير: بقى فى روما بعد أستشهاد القديسين بولس وبطرس عام 65م ‘وظل يثبت الإيمان ويكمل رسالتهم ‘ قبض عليه نيرون ‘ وعذبوه بشدة أولا بتقطيع جسده الطاهر وهو حى ‘ ثم قطعوا رأسه بالسيف ( له أنجيل لوقا وأعمال الرسل العظيمين)
هؤلاء الرسل الأطهار هم مرشدينا الذين كلمونا بكلمة الله ‘ هم سبب الإيمان الذى وصل إلينا حتى صرنا مسيحيين‘وكقول الكتاب هم تعبوا ونحن دخلنا على تعبهم‘ هم القدوة الصالحة فى كل شيئ لكل المؤمنين‘فلنصلى طالبين شفعاتهم وبركتهم وصلواتهم المقدسة فلتكن مع شعب المسيح فى كل المسكونة.آمين.
0 comments:
إرسال تعليق