الشهادة والإيمان/ نسيم عبيد عوض
" يامعلم ..هوذا الذى كان معك فى عبر الاردن الذى انت قد شاهدت له هو يعمد والجميع يأتون إليه"..يو3: 26‘
فصل انجيل اليوم يو3: 22-36 فى الاحد الثالث من شهر طوبة الذى هوالأحد الثالث من الميلاد المجيد (29 كيهك)
بماذا شهد يوحنا:
شهد يوحنا وقال: " لا يقدر أنسان ان ياخذ شيئا ان لم يكن قد أعطى من السماء ."
شهد يوحنا : " انى قلت لست انا المسيح بل انى مرسل أمامه."
شهد يوحنا وقال:من له العروس فهو العريس واما صديق العريس الذى يقف ويسمعه يفرح فرحا من أجل صوت العريس. اذا فرحى هذا قد كمل. ينبغى ان ذلك يزيد وانى انا انقص."
شهد يوحنا وقال:" أنا أعمدكم بماء . ولكن فى وسطكم قائم الذى لستم تعرفونه.هو الذى يأتى بعدى الذى صار قدامى الذى لست بمستحق ان احل سيور حذائه."يو1: 19-27
شهد يوحنا وقال: انى قد رأيت الروح نازلا مثل حمامة من السماءفاستقر عليه. لكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي لأُعَمِّدَ بِالْمَاءِ، ذَاكَ قَالَ لِي: الَّذِي تَرَى الرُّوحَ نَازِلاً وَمُسْتَقِرًّا عَلَيْهِ، فَهذَا هُوَ الَّذِي يُعَمِّدُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ.وانا قد رأيت وشهدت ان هذا هو ابن الله."يو1: 22و24.
وشهد يوحنا وقال: اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ،وا لَّذِي يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، وَمَا رَآهُ وَسَمِعَهُ بِهِ يَشْهَدُ، وَشَهَادَتُهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْبَلُهَا. وَمَنْ قَبِلَ شَهَادَتَهُ فَقَدْ خَتَمَ أَنَّ اللهَ صَادِقٌ، اَلآبُ يُحِبُّ الابْنَ وَقَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي يَدِهِ.
شهد يوحنا وقال: " هوذا حمل الله الذى يرفع خطية العالم.و هوذا حمل الله .يو1: 29و35.
يوحنا هوالذى قال عنه الكتاب" " كان انسان مرسل من الله اسمه يوحنا. هذا جاء للشهادة ليشهد للنور لكى يؤمن الكل بواسطته. لم يكن هو النور بل ليشهد للنور."يو1: 6و7.
وقالت عنه النبوة على فم أبوه زكريا" وَأَنْتَ أَيُّهَا الصَّبِيُّ نَبِيَّ الْعَلِيِّ تُدْعَى، لأَنَّكَ تَتَقَدَّمُ أَمَامَ وَجْهِ الرَّبِّ لِتُعِدَّ طُرُقَهُ لِتُعْطِيَ شَعْبَهُ مَعْرِفَةَ الْخَلاَصِ بِمَغْفِرَةِ خَطَايَاهُمْ،لو1: 76و77
وسنجد ان كلمة الشهادة وفعلها قد تكررت كثيرا جدا فى كتب العهد الجديد. "والشهادة لإبن الله وتجسده ومعجزاته وتعاليمة وصلبه وقيامته وصعودة للسموات." هو موضوع فى غاية الأهمية ‘ لأننا اولا آمنا بشهادة هؤلاء الذين شهدوا كما يقول معلمنا يوحنا " الذى كان من البدأ الذى سمعناه الذى رأيناه بعيوننا الذى شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة الحياة الأبدية. فإن الحياة أظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الابدية التى كانت عند الآب وأظهرت لنا ." 1يو1: 1و2‘
ونلاحظ هنا أن شهادة هؤلاء التلاميذ والرسل تمت بناء على رؤية بصرية وسمع أذن بشرية ولمسة مادية بالحياة الأبدية التى أظهرت لهم‘ وشهادة هؤلاء الحقيقية والكرازة بها كانت سببا فى إيمان العالم بالمسيحية قبل ظهور الكتاب المقدس مكتوبا حتى أوائل الستينات من القرن الأول الميلادى ‘ فكانت أول رسالة مكتوبة لمعلمنا بولس الرسول حوالى عام 52‘ وأول إنجيل مكتوب للقديس مرقس الذى كتبه حوالى عام 55 ميلادية فى القاهرة ودخل به للبشارة فى الأسكندرية‘
فالعالم قد آمن بناء على هؤلاء الذين شاهدوا الحقيقة . وقد أقر بهذه الشهادة القديس بطرس الرسول عندما وقف ليختار خليفة ليهوذا الاسخريوتى فقال" فينبغى ان الرجال الذين إجتمعوا معنا كل الزمان الذى فيه دخل الينا يسوع وخرج.منذ معمودية يوحنا الى اليوم الذى إرتفع فيه عنا يصير واحدا منهم شاهدا معنا بقيامته."أع1: 21و22.
أى أن تكون الشهادة واقعا ملموسا وحياة معايشة مع يسوع المسيح حتى تكون الكرازة بناء على شهادة حقيقية لما يبشرون به.
وأول شهادة جاءت فى الكتاب عن السيد المسيح جاءت من يوحنا المعمدان آخر أنبياء العهد القديم ‘ ويعيش ليرى المسيا ويشهد له بعد ذلك طوال وجوده فى اليهودية ‘وليعد له شعبا مستعدا ‘بمعمودية التوبة ومغفرة الخطايا.
والقديس يوحنا الإنجيلى الحبيب أكثر التلاميذ إستخداما لكلمة الشهادة ففى قراءة الكاثيليكون اليوم من 1يو 4: 14 يقرر " ونحن قد نظرنا ونشهد ان الآب قد ارسل الابن مخلصا للعالم." ‘ ويكمل فى إصحاح 5" والروح هو الذى يشهد لان الروح هو الحق. فان الذين يشهدون فى السماء هم ثلاثة الآب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد. والذين يشهدون فى الأرض هم ثلاثة الروح والماء والدم والثلاثة هم فى الواحد.
ان كنا نقبل شهادة الناس فشهادة الله اعظم لان هذه هى شهادة الله التى قد شهد بها عن ابنه. من يؤمن بابن الله فعنده الشهادة فى نفسه. وهذه هى الشهادة ان الله اعطانا حياة ابدية وهذه الحياة هى فى إبنه. 1 يو5: 6-11.
وعن نفسه يكتب القديس يوحنا فى نهاية إنجيله شهادته " هذا هو التلميذ الذى يشهد بهذا وكتب هذا. ونعلم ان شهادته حق. "يو21: 24.
ويسمى الوحى الإلهى يسوع المسيح بالشاهد الأمين فى رسالته لملاك كنيسة اللاودكيين " هذا يقوله الآمين الشاهد الامين الصادق."رؤ3" 14‘ والرب ذاته يقول ليوحنا ليكمل كتابة سفر الرؤيا وفى آخر كلمات الكتاب المقدس كله‘ وبفمه الكريم " لانى اشهد لكل من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب ان كان احد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة فى هذا الكتاب." رؤ22: 18‘ وفى آخر أعداد الكتاب كله يختمها الرب بقوله" يقول الشاهد بهذا نعم .انا آتى سريعا.آمين.تعال أيها الرب يسوع."رؤ22: 20.
فهل نكون نحن شهودا عيانا لإبن الله الحي يسوع المسيح ‘ كيف نكون شهودا لإبن الله الحي ‘ بسلوكنا بين جميع الناس كقول الرسول (أفس 4) ‘ بعلاقاتنا بعضنا ببعض كأعضاء الجسد الواحد كنيسة الله ‘ بعبادتنا النقية وبسلوكنا القويم فى حياتنا على الأرض " فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا ابكم الذى فى السموات ."مت5: 16.
ويكمل الكتاب بعد شهادته ‘ الجزء الخاص بالإيمان بإبن الله:
" الذى يؤمن بالأبن له حياة أبدية. والذى لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله."يو3: 36
الحياة الأبدية لنا نحن المؤمنين وغضب الله لغير المؤمنين ‘ والإيمان بالإبن ‘ الله الظاهر فى الجسد ‘ الله الكلمة اللوجس ‘ ابن الله الحي ‘ له طريق نظمه لنا رب المجد يسوع ‘ وقد أوضحه فى إنجيل باكر من يو3 أيضا "المولود من فوق يرى ملكوت الله ‘ وهو الذى يولد من الماء والروح يدخل ملكوت الله "‘ وعندما سال نقيديموس كيف يكون هذا رد الرب" وكما رفع موسى الحية فى البرية هكذا ينبغى ان يرفع ابن الإنسان.لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية." وأيضا أوضحها الرب " هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية."3: 16‘ الذى يؤمن به لا يدان والذى لا يؤمن قد دين لانه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد.
هذا الإيمان يطابق الدعوة التى بها دعانا إلهنا كقول الرسول" كما دعيتم ايضا فى رجاء دعوتكم الواحد ‘رب واحد إيمان احد معمودية واحدة :
· رب واحد يسوع المسيح إبن الله الوحيد ‘نور من نور إله حق من إله حق.
· إيمان واحد (بالحقيقة نؤمن بإله واحد( قانون إيمان واحد)
· معمودية واحدة (من الماء والروح مختومين بزيت الميرون المقدس )
·
· ويوم خروجنا من جرن المعمودية ورثنا عربون الحياة الأبدية ‘ ونكمل بالإيمان كما تعلمنا كنيستنا المقدسة إيماننا الأقدس::
· واحد هو الله أبو كل أحد
· واحد هو أيضا ابنه يسوع المسيح الكلمة‘ الذى تجسد ومات وقام من الأموات فى اليوم الثالث وأقامنا معه.
· واحد هو الروح القدس المعزى الواحد بأقنومه ‘ منبثق من الآب ‘ يطهر كل البرية ‘ يعلمنا أن نسجد للثالوث القدوس بلاهوت واحد وطبيعة واحدة نسبحه ونباركه إلى الأبد.آمين.
فالإيمان بابن الله أعطانا نعمة الخلاص
" من آمن واعتمد خلص. ومن لم يؤمن يدن" مر16: 16
ويقول القديس يوحنا ذهبى الفم تعقيبا على ذلك:
"نعمة الخلاص أعطتنا الكثير":
1- الحرية ..والحرية هى نعمة الخلاص وثمرته بربنا يسوع المسيح‘ والحرية تعنى حرية مجد اولاد الله ‘حرية الفكر والضمير فبالخلاص من خطايانا قد تحررنا من عبودية إبليس‘ومن أى خوف منه لأنه أعطانا السلطان على العقارب وكل قوات العدو‘ وكقول الكتاب " تعرفون الحق والحق يحرركم." يو8: 32‘ وبالإيمان أعطانا سلطانا أن نصير أولاد الله ويكون لنا حرية مجد اولاد الله.
2- البنوة لله .. " والذين قبلوه اعطاهم سلطانا ان يصيروا أولاد الله . أى المؤمنين باسمه . نعمة الخلاص صيرتنا أبناء الله ‘ وصيرتنا أخوة لإبنه البكر يسوع المسيح ." لأن الذين سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه ليكون هو بكرا بين أخوة كثيرين." رو8: 29.
3- الميراث .. بالخلاص أصبحنا ورثة لأبينا السماوى بإعتبارنا أبناء فى أمجاده وملكوته : تعالوا يامباركى أبى رثوا الملك المعد لكم منذ تأسيس العالم.."مت25: 34‘ ويقول أيضا" لا تخف أيها القطيع الصغير .لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت."لو12: 32.
4- الخلاص بالإيمان أعطانا حياة اليقظة الروحية ‘ وإذا كان الإيمان كما
عرفة القديس بولس " وأما الإيمان فهو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا ترى."عب11: 1‘ والمعنى أن إيماننا يجعلنا نعيش فى حياة يقظة روحية دائمة ‘لنا صفة التمييز بين الخير والشر ‘ نعمل الخير ونطرد الشر : وبالتالى
حياة اليقظة الروحية تخلق فينا :
أ- البصيرة الداخلية والتى أسماها يسوع المسيح فى مواضع كثيرة من له أذنان للسمع فليسمع‘ أى السماع القلبى الذى يفتح أبواب الروح نحو الله.
ب- كذلك يخلق فينا وعيا أخلاقيا يتناسب مع أهداف الإيمان‘ لأن هناك معوقات للإيمان مثل خداع النفس بالشك‘ الإحباط فى الحياة‘ ومحبة التأجيل لكل الأفعال الروحية. فالعمل بالأخلاق المسيحية يحقق أهداف الإيمان الحقيقى‘ والإيمان العامل بالمحبة والمعان بالصلاة ينقل الجبال وكما يقول الرسول يعقوب" وصلاة الإيمان تشفى المريض والرب يقيمة وإن كان قد فعل خطية تغفر له أى شفاء جسديا وروحيا.
ج- الوعى الروحى المسيحى يسعى بنا للمستقبل الأبدى: مع الإيمان بالرب يسوع المسيح يزداد عمل النور الإلهى فينا فينمو فينا إدراك حقائق المسيح ويستعلن إنجيله فى قلوبنا ‘ وتتحكم فينا حكمة الروح القدس.
فالإيمان أولا ثم يأتى الإلهام بالمعرفة كقول الكتاب" ليحل المسيح بالإيمان فى قلوبكم." وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة لكي تمتلئوا الى كل ملء الله.أف3: 17و19‘ الحق الإلهى يشرق أولا فى النفس كالبرق الخاطف ثم يتبعه الفهم والإدراك.
د- الإيمان العامل بالمحبة: كقول الرسول " اما الآن فيثبت الإيمان والرجاء والمحبة ‘هذه الثلاثة ولكن أعظمهن المحبة." 1كو 13: 13.
حياة أبدية للمؤمن وغضب الله لغير المؤمن ‘ والحياة الأبدية وملكوت الله له شقان مافى السموات ‘ ويبدأ من هنا على الأرض ‘ها ملكوت الله داخلكم‘ ولذلك
ثمار الإيمان بإبن الله عديدة منها على سبيل المثال:
1- أن نرى مجد الله : كقول الرب لمرثا" ألم أقل لك إن آمنت ترين مجد الله ." يو11: 40‘ وهى التى قالت على الفور ردا على سؤاله "أتؤمنين بهذا" قالت "نعم ياسيد .أنا قد آمنت انك أنت المسيح ابن الله الآتى الى العالم ." وحياتنا كلها يظهر فيها مجد الله بالنعم والبركات والعطايا التى وهبنا إياها طوال حياتنا.
2- غلبة شرور العالم:
كقول الكتاب " لأن كل من ولد من الله يغلب العالم وهذه الغلبة التى تغلب العالم إيماننا." 1يو 5: 4‘ ولعل مثلنا العظيم شفيع كنيستنا القديس العظيم الأنبا أنطونيوس الذى نحتفل بعيد نياحته باكر 22 طوبة عام 355م.الذى غلب الشرور والشياطين بإيمانه المستقيم والثابت.
3- أن نكون نورا للعالم وملح للأرض فلا تطفئوا النور ولا تفسدوا الملح ‘ فالسلوك المسيحى النقى الملتحف بالتواضع والوداعة وطول الأناة وإحتمال بعضنا بعضا بالمحبة ‘ والصدق والامانة هو النور وهو ملح الأرض.
4- الإيمان يغرس فينا محبة الغير والإعتناء بأهل بيتك: تحب قريبك وكل من هو حولك كنفسك بالعطاء والبذل ‘ وتبدا المحبة للغير بأهل بيتك كقول الكتاب" إن كان أحد لا يعتنى بخاصته ولا سيما أهل بيته فقد أنكر الإيمان وهو شر من غير المؤمنين." 1تيمو5: 8.
5- الإيمان ينشئ فينا صبرا على تجارب العالم: كقول يعقوب الرسول"إحسبوه كل فرح ياإخوتى حينما تقعون فى تجارب متنوعة ‘ عالمين أن إمتحان إيمانكم ينشئ صبرا." يع1: 2و3.
6- الإيمان يعطينا الحكمة: كقول الرسول" إن كان أحد تعوزة حكمة فليطلب من الله الذى يعطى الجميع بسخاء ولا يعير فسيعطى له. ولكن ليطلب بإيمان غير مرتاب البته لأن المرتاب يشبه موجا من البحر يحيطه الريح وتدفعه."يع1: 5و6.
7- الإيمان يمنحنا الأمان والسلام والإطمئنان: كقول الكتاب" إن لم تؤمنوا فلا تأمنوا." أش 7: 9.
8- الإيمان المعان بالصلاة ينقل الجبال: وحتى لو كان فى حجم حبة الخردل ‘ وصلاة الإيمان تشفى المريض والرب يقيمه وإن كان قد فعل خطية تغفر له."
نطلب من إلهنا الصالح أن يثبت فينا خلاصا لنفوسنا بالإيمان بابنه الوحيد وأن يهبنا ميراث الحياة الأبدية فى المسيح يسوع بإيمان طاهر نقى. آمين.
0 comments:
إرسال تعليق