يبدأ فصل الإنجيل فى الاحد الثالث من شهر طوبة حسب ماكتبه القديس يوحنا البشير بقول تلاميذ يوحنا المعمدان له " يامعلم ..الذى انت قد شاهدت له ..يو3: 26‘ وسنجد ان كلمة الشهادة وفعلها قد تكررت كثيرا جدا فى كتب العهد الجديد. "والشهادة لإبن الله وتجسده ومعجزاته وتعاليمة وصلبه وقيامته وصعودة للسموات." هو موضوع فى غاية الأهمية ‘ لأننا اولا آمنا بشهادة هؤلاء الذين شهدوا كما يقول معلمنا يوحنا " الذى كان من البدأ الذى سمعناه الذى رأيناه بعيوننا الذى شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة الحياة الأبدية. فإن الحياة أظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الابدية التى كانت عند الآب وأظهرت لنا ." 1يو1: 1و2‘ ونلاحظ هنا أن شهادة هؤلاء التلاميذ والرسل تمت بناء على رؤية بصرية وسمع أذن بشرية ولمسة مادية بالحياة الأبدية التى أظهرت لهم‘ وشهادة هؤلاء الحقيقية والكرازة بها كانت سببا فى إيمان العالم بالمسيحية قبل ظهور الكتاب المقدس مطبوعا حتى أوائل الخمسينات من القرن الأول الميلادى ‘ فكانت أول رسالة مطبوعة لمعلمنا بولس الرسول حوالى عام 52‘ وأول إنجيل مطبوع للقديس مرقس الذى كتبه حوالى عام 55 ميلادية فى القاهرة ودخل به للبشارة فى الأسكندرية‘ فالعالم قد آمن بناء على هؤلاء الذين شاهدوا الحقيقة . وقد أقر بهذه الشهادة القديس بطرس الرسول عندما وقف ليختار خليفة ليهوذا الاسخريوتى فقال" فينبغى ان الرجال الذين إجتمعوا معنا كل الزمان الذى فيه دخل الينا يسوع وخرج.منذ معمدية يوحنا الى اليوم الذى إرتفع فيه عنا يصير واحدا منهم شاهدا معنا بقيامته."أع1: 21و22. أى أن تكون الشهادة واقعا ملموسا وحياة معايشة مع يسوع المسيح حتى تكون الكرازة بناء على شهادة حقيقية لما يبشرون به.
وأول شهادة جاءت فى الكتاب عن السيد المسيح جاءت من يوحنا المعمدان آخر أنبياء العهد القديم ‘ ويعيش ليرى المسيا ويشهد له بعد ذلك طوال وجوده فى اليهودية كقول الكتاب " كان انسان مرسل من الله اسمه يوحنا. هذا جاء للشهادة ليشهد للنور لكى يؤمن الكل بواسطته. لم يكن هو النور بل ليشهد للنور."يو1: 6و7. وأيضا " وهذه هى شهادة يوحنا حين أرسل اليهود من اورشليم كهنة ولاويين ليسألوه من أنت. فأعترف ولم ينكر واقر انى لست انا المسيح. ..أنا أعمدكم بماء . ولكن فى وسطكم قائم الذى لستم تعرفونه.هو الذى يأتى بعدى الذى صار قدامى الذى لست بمستحق ان احل سيور حذائه."يو1: 19-27. ثم شهد يوحنا المعمدان أيضا" وشهد يوحنا قائلا انى قد رأيت الروح نازلا مثل حمامة من السماءفاستقر عليه.وانا قد رأيت وشهدت ان هذا هو ابن الله."يو1: 22و24.
والقديس يوحنا الحبيب أكثر التلاميذ إستخداما لكلمة الشهادة ففى قراءة الكاثيليكون اليوم من يو1 4: 14 يقرر " ونحن قد نظرنا ونشهد ان الآب قد ارسل الابن مخلصا للعالم." ‘ ويكمل فى إصحاح 5" والروح هو الذى يشهد لان الروح هو الحق. فان الذين يشهدون فى السماء هم ثلاثة الآب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد. والذين يشهدون فى الأرض هم ثلاثة الروح والماء والدم والثلاثة هم فى الواحد. ان كنا نقبل شهادة الناس فشهادة الله اعظم لان هذه هى شهادة الله التى قد شهد بها عن ابنه. من يؤمن بابن الله فعنده الشهادة فى نفسه. وهذه هى الشهادة ان الله اعطانا حياة ابدية وهذه الحياة هى فى إبنه. 1 يو5: 6-11. وعن نفسه يكتب القديس يوحنا فى نهاية إنجيله شهادته " هذا هو التلميذ الذى يشهد بهذا وكتب هذا. ونعلم ان شهادته حق. "يو21: 24.
ويسمى الوحى الإلهى يسوع المسيح بالشاهد الأمين فى رسالته لملاك كنيسة اللاودكيين " هذا يقوله الآمين الشاهد الامين الصادق."رؤ3" 14‘ والرب ذاته يقول ليوحنا ليكمل كتابة سفر الرؤيا وفى آخر كلمات الكتاب المقدس كله‘ وبفمه الكريم " لانى اشهد لكل من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب ان كان احد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة فى هذا الكتاب." رؤ22: 18‘ وفى آخر أعداد الكتاب كله يختمها الرب بقوله" يقول الشاهد بهذا نعم .انا آتى سريعا.آمين.تعال أيها الرب يسوع."رؤ22: 20.
ويختتم فصل إنجيل اليوم بقوله عن يوحنا المعمدان وشهادته" الذى يأتى من السماء هو فوق الجميع . وما رآه وسمعه به يشهد وشهادته ليس احد يقبلها. ومن قبل شهادته فقد ختم ان الله صادق. ". ويكمل الكتاب بعد شهادته " الذى يؤمن بالأبن له حياة أبدية. والذى لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله."يو3: 21-26. فالإيمان بابن الله أعطانا نعمة الخلاص
ويقول القديس يوحنا ذهبى الفم تعقيبا على ذلك: "نعمة الخلاص أعطتنا الكثير":
1- الحرية ..والحرية هى نعمة الخلاص وثمرته بربنا يسوع المسيح‘ والحرية تعنى حرية مجد اولاد الله ‘حرية الفكر والضمير فبالخلاص من خطايانا قد تحررنا من أى خوف ومن عبودية إبليس‘ وكقول الكتاب " تعرفون الحق والحق يحرركم." يو8: 32‘ وبالإيمان أعطانا سلطانا أن نصير أولاد الله ويكون لنا حرية مجد اولاد الله.
2- البنوة لله .. " والذين قبلوه اعطاهم سلطانا ان يصيروا أولاد الله . أى المؤمنين باسمه . نعمة الخلاص صيرتنا أبناء الله ‘ وصيرتنا أخوة لإبنه البكر يسوع المسيح ." لأن الذين سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه ليكون هو بكرا بين أخوة كثيرين." رو8: 29.
3- الميراث .. بالخلاص أصبحنا ورثة لأبينا السماوى فى أمجاده وملكوته : تعالوا يامباركى أبى رثوا الملك المعد لكم منذ تأسيس العالم.."مت25: 34‘ ويقول أيضا" لا تخف أيها القطيع الصغير .لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت."لو12: 32.
4- الخلاص بالإيمان أعطانا حياة اليقظة الروحية ‘ وإذا كان الإيمان كما عرفة القديس بولس " وأما الإيمان فهو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا ترى."عب11: 1‘وحياة اليقظة الروحية تخلق فينا : أ- البصيرة الداخلية والتى أسماها يسوع المسيح فى مواضع كثيرة من له أذنان للسمع فليسمع‘ أى السماع القلبى الذى يفتح أبواب الروح نحو الله. ب- كذلك يخلق فينا وعيا أخلاقيا يتناسب مع أهداف الإيمان‘ لأن هناك معوقات للإيمان مثل خداع النفس بالشك‘ الإحباط فى الحياة‘ ومحبة التأجيل لكل الأفعال الروحية. والإيمان العامل بالمحبة والمعان بالصلاة ينقل الجبال وكما يقول الرسول يعقوب" وصلاة الإيمان تشفى المريض والرب يقيمة وإن كان قد فعل خطية تغفر له أى شفاء جسديا وروحيا.
نطلب من إلهنا الصالح خلاصا لنفوسنا بالإيمان بابنه الوحيد وأن يهبنا هبة الحياة الأبدية فى المسيح يسوع بإيمان طاهر نقى. آمين.
0 comments:
إرسال تعليق