ليس بالامکان أبدا التقليل من جهود علماء أجلاء و عظام نظير الامام محمد عبدە و الشيخ محمود شلتوت و جمال الدين الافغاني و آخرين أمثالهم، بخصوص ماقدموه من عمل و جهود مثمرة و خلاقة في مجال الدعوة للوحدة الاسلامية و نبذ کل أشکال الفرقة و الاختلاف و السعي للمزيد من التقرب بين المذاهب الاسلامية عموما و المذهبين السني و الشيعي بوجه خاص، وقد ظل هذا النفس المخلص و الجهد النبيل المبذول أساسا من أجل عزة الدين الاسلامي و رفعته، ماثلا و مستمرا و نابضا في قلب و وجدان کل المخلصين و الخيرين من علماء و مفکري الامة الاسلامية من کافة المذاهب من دون أن تکون هنالك أية نوايا او أهداف طائفية و مذهبية ضيقة او أجندة سياسية وراء ذلك.
التقريب بين المذاهب، هو في مضمونه الاساسي نابع من عقيدة التوحيد التي بني على أساسها الدين الاسلامي وانه يستمد قوته و استمراريته وفق هذا الفهم الراسخ، وکل عمل مبني على نية خالصة و مخلصة من أجل رفعة و سٶدد دين التوحيد، فإنه لله عزّ وجلّ وان نتائجه النهائية ستظهر للأمة جمعاء حيث أن(ماينفع الناس يمکث في الارض) ومن أجل ذلك، فإن اسماء ذلك الرعيل المخلص الذي ألمحنا إليه في بداية مقالنا هذا، قد بقيت خالدة و حاضرة في الذاکرة و الذهن الاسلامي و صارت کقبس و منار يهتدي و يقتدي به الجميع، وهي أيضا قد صارت محفزا و دافعا للإلهام لکل الخيرين و المخلصين من أبناء الامة الاسلامية ممن يرومون إصلاح ذات البين او ردم الهوات و العمل الدٶوب من أجل المزيد من التقريب و التفاهم بين المذاهب.
ان الدعوة للتقريب بين المذاهب الاسلامية، ليست بمٶسسة رسمية تٶسس او تلغى من قبل الحکومة الفلانية، وان هکذا جهد مبذول أساسا في سبيل دين التوحيد، ليس بالامکان مطلقا حجزه او حشره ضمن أطر رسمية ضيقة بحيث ينصب او يعزل کل من يعمل في مجالاته بقرار من الحاکم الفلاني، وانما هو أساسا وکما أسلفنا جهد مبذول من أجل الله و في سبيله وان الباري عزوجل هو من سيجزي و يثيب وليس غيره ومن هنا فإن قادة و زعماء الامة الاسلامية قد کانوا و لازالوا يکنون أسمى آيات التقدير و العرفان لکل عالم نبيل مخلص يبذل جهدا بهذا الاتجاه من دون أن يضعوا أية عقبات او حواجز بطريقه، لکن ماحدث و يحدث من جانب نظام ولاية الفقيه في إيران، هو أمر مخالف و بعيد کل البعد عن هذا السياق، ذلك أن من أبسط دعائم و رکائز التقريب بين المذاهب، هو نبذ التعصب و العنف و الکراهية و الترکيز على نقاط مفصلية فيها الکثير من الضبابية و الغموض و الاجدر عدم التعرض لها، لکن النظام الايراني، ومن خلال طرحه لنظرية ولاية الفقيه المبهمة و المرفوضة من جانب معظم العلماء المسلمين الاجلاء وجعله طاعة الولي الفقيه واجبة في عنق کل مسلم(ولاسيما وان نظرية ولاية الفقيه قد بنيت في الاساس على مبان مختصة بالمذهب الشيعي بشکل واضح)، قد وضع فاصلا و جدارا عازلا جديدا بين المذاهب، وان دعوته للتقرب بين المذاهب تصطدم بنواياه و أهدافه واجندته السياسية المتضاربة ببعضها والا فماذا يعني قيامه بتأسيس أحزاب و منظمات سياسية"شيعية صفوية" ذات طابع عقائدي في بعض من البلدان العربية، وماذا يعني تأکيده على إحتضان کل معارض او مخالف او رافض من منطلق ديني او طائفي لأي نظام عربي ودعمه وتوجيهه وفق إملائات معينة؟ .
اننا کمرجعية اسلامية للشيعة العرب، في الوقت الذي نبارك و ندعم ونشيد بأي جهد مخلص من أجل توحيد الامة الاسلامية و رص صفوفها بوجه أعدائها الرئيسيين، فإننا نحذر من مکائد و دسائس نظام ولاية الفقيه الصفوي و ندعو إلى أخذ الحيطة و الحذر من کل الدعاوي التي تطلق من هناك بشأن التقريب بين المذاهب لأنها کلمة حق يراد بها باطل، إذ لو کان هذا النظام مؤمنا بالتقريب بين المذاهب لما کان يقوم بتلك المسرحيات السياسية الهزيلة أثناء اداء فريضة الحج و سعيه من أجل إستغلال تلك الشعيرة الاسلامية من أجل أهداف سياسية لاعلاقة لها بالاسلام، کما أن هذا النظام لو کان حقا يقر بالتقريب بين المذاهب و يعمل من أجله فعليه أن يستجيب لتلك الدعوة المخلصة التي أطلقت بخصوص هدم مزار قاتل الخليفة عمر ابن الخطاب والذي قد بني اساسا من منطلقات الجهل و التعصب المذهبي الصفوي الاعمى وليست له أية علاقة بالمذهب الشيعي.
*المرجع الإسلامي للشيعة العرب.www.arabicmajlis.org
0 comments:
إرسال تعليق