إلى مطارنة الكنيسة المارونية والآباء العامّين والكهنة أبرشيين ورهبانا لمناسبة خميس الأسرار
إلى إخواننا السادة المطارنة والرؤساء العامّين والكهنة أبرشيّين ورهبانًا أبناء كنيستنا المارونيّة في لبنان والشّرق الأوسط وبلدان الانتشار،
السلام والبركة الرسولية
أيّها الإخوة في الكهنوت الأحباء
1. خميس الأسرار هو عيد سرّ كهنوتنا النابع من سرّ القربان، وقد أسّسهما الربّ يسوع في مثل هذا اليوم المقدّس، في ذاك العشاء الأخير، ليلة آلامه وموته.
فيطيب لي أن أعرب لكم، واحدًا واحدًا، عن تهانيّ القلبيّة بعيدنا المشترك. ومعكم أخشع أمام الربّ الفادي والمخلّص الحاضر في سرّ الإفخارستيا، ونرفع صلاة الشكر السميا مع الكنيسة، باسم البشريّة جمعاء، إلى الله. نشكر الآب على محبّته التي أوجدتنا، والابن على موته وقيامته لفدائنا وخلاصنا، والروح القدس على حلوله علينا بثمار الفداء وتقديسنا.
2. في هذا العيد، تجدّدون حول أساقفتكم عهود الكهنوت، التي قطعتموها على أنفسكم، يوم رسامتكم المقدّسة، مع المسيح الكاهن الأزلي، وراعي الرعاة، الذي دعانا، وأتمننا على مواصلة رسالة الفداء الخلاصيّة، باسمه وبشخصه، وقال لنا في تلك الليلة، في ذروة محبته وتواضعه: "لقد تركتُ لكم قدوةً" (يو 13: 15). إنّه قدوة في محبته التي بلغت ذروتها في بذل ذاته كاملة بموته على الصليب من أجل فداء العالم كلّه وخلاصه (راجع يو 3: 16؛ 13: 1)؛ وقدوة في تواضعه إذ قام يغسل أرجل تلاميذه (يو 13: 4-11).
الاقتداء بصفات يسوع الكهنوتية
3. إن كهنوتَنا سعي دائم إلى الاقتداء بالمسيح الكاهن الذي نحدّد هويته الكهنوتية بثلاث صفات:
1) الطاعة لأبيه، فوق كلّ اعتبار شخصي آخر. فكان يردّد:"أنا لا أطلب مشيئتي، بل مشيئة الآب الذي أرسلني" (يو 5: 30)، ويؤكّد: "طعامي أن أصنع مشيئة الآب الذي أرسلني" (يو 4: 34)، ويذكّر قائلًا: "قد نزلتُ من السماء، لا لأعمل إرادتي، بل إرادة الآب الذي أرسلني. وإرادته هي ألاّ يهلك أحدٌ من الذين وهبهم لي" (يو6: 38-39). وعندما اشتدّت عليه مصاعب هذه الطاعة باقتراب موعد الصلب، وبالوحشة في بستان الزيتون، صرخ: "يا أبتِ، إذا شئتَ، فأبعدْ عني هذه الكأس". لكنه استدرك للحال وصلّى:"ولكن، لتكن إرادتك، لا إرادتي" (لو 22: 42).
نحن، إخوتي الكهنة، دُعينا لهذه الطاعة. ربّما ننسى هذا الالتزام عندما نمرّ بصعوبة تمسّ بنا أو بمصلحتنا أو برغبتنا أو بحساباتنا الذاتية. نخالف الطاعة لله في وصاياه، في كلام الانجيل، في تعليم الكنيسة، في تدابير رؤسائنا الروحيّين. نحن، في الأساس، قمنا بفعل محبة لله ولإرادته ولتصميمه الخلاصي، عندما لبّينا الدعوة إلى الكهنوت، وقبلنا وضع يده علينا لهذه الغاية من خلال يد الأسقف. وقمنا بفعل إيمان بأننا بالطاعة لرؤسائنا الكنسيّين إنما نطيع الله بالذات. والطاعة تنطوي على المحبة والاحترام. إننا نلحظ في هذه الأيام نقصًا في هذه الطاعة، ونشعر بجفاف المحبة، ونتألّم من عدم الاحترام والاسترسال في الانتقاد الهدّام من دون رادع ضمير.
2) بذل الذات في سبيل الأخوة. عندما كان الرسل الاثنا عشر، المعدّون ليكونوا كهنة العهد الجديد، يرغبون في مكاسب شخصية عالمية باتّباعهم ليسوع، قال لهم "تعلمون أنّ رؤساء الأمم يسودونها، وأنّ عظماءها يتسلّطون عليها. فلا يكن هذا فيكم. بل من أراد أن يكون عظيمًا فليكن لكم خادمًا. ومن أراد أن يكون الأوّل فيكم، فليكن لكم عبدًا. هكذا ابن الانسان جاء لا ليخدمه الناس، بل ليخدمهم، ويبذل ذاته فدًى عن الكثيرين" (متى 20: 25-28).
إن بذل الذات يقتضي كأساس الاخلاء الذاتي على مثال المسيح الذي وصفه بولس الرسول، ودعانا لنتخلّق باخلاقيّته:"تخلّقوا بخُلُق المسيح الذي، وهو الله، لم يعتبر مساواته لله غنيمة. بل أخلى ذاته، واتّخذ صورة العبد، وصار شبيهًا بالبشر، وظهر في صورة الانسان، وتواضع وأطاع حتى الموت على الصليب. فرفعه الله ..." (فيل 2: 5-9).
عندما كُرّسنا بالميرون، نحن الكهنة، وحلّ علينا الروح القدس بالصلوات الثلاث، صوّرنا الروح في كياننا الداخلي على صورة المسيح خدامًا له في الكنيسة من أجل جميع الناس. لم يجعلنا أسيادًا نبحث عن راحتنا ومغانمنا، كبيرة كانت أم صغيرة، بل جعلنا خدامًا متصفين بالأمانة والحكمة، وبروح التجرّد، وسخاء بذل الذات.
يذكّرنا القديس بطرس الرسول: "إرعوا رعية الله التي أُوكلت إليكم، واحرسوها طوعًا لا كرهًا، لوجه الله، لا رغبة في مكسب خسيس، بل بحماسة. ولا تتسلّطوا على الذين هم في عنايتكم، بل كونوا قدوةً للرعية. ومتى ظهر راعي الرعاة، تنالون إكليلًا من المجد الذي لا يذبل" (1بطرس 5: 1-4).
3) التواضع والوداعة
لا يجد الكاهن سلامه الداخلي، إلاّ إذا اتّصف بميزتَي الربّ يسوع، التواضع والوداعة. وقد دعانا، نحن الكهنة، إلى مدرسته لنتعلّمهما ونكتسبهما: "تعالوا إليّ، وتعلمّوا مني: إني وديعٌ ومتواضع القلب، فتجدوا راحة لنفوسكم" (متى 11: 29). الكبرياء رذيلة تهدم هاتَين الفضيلتَين الاساسيّتَين في حياتنا الكهنوتية، وكذلك العجب بالذات، والتغفّل عن كلّ نقائصها. هذا شأن الذي يرى القشّة في عين غيره، ولا يرى الخشبة التي في عينه هو (راجع متى 7: 3-4). تعلّمنا القديستان تريزيا الكبيرة وتريز الصغيرة أن نعتبر ذاتنا أضعف من جميع الناس؛ وأن هذا الاعتبار نعمة خاصة من الله، لأنه يحرّرنا من مراقبة الغير، والبحث عن نقائصهم للتجريح متناسين القول المأثور: "مَن راقب الناس، مات همًّا". كم نحن بحاجة إلى تلك المحبة التي تستر جمًّا من الخطايا (1بطرس4: 8).
وكم نحن بحاجة إلى روحانية كهنوتية تنعش نفوسنا، وتسمو بها إلى قمم الروح، وتنتشلها من مستنقعات البحث عن أساليب الراحة، والمادّيات وكأنها الغاية الأساسية المنشودة بواسطة الكهنوت. فما أحقر ربط خدمتنا بماديات تعطى لنا لقاءها! وما أحقر التوقّف عن إدائها إذا لم تقابل بمال. فما معنى "مجّانًا أخذُتم، فمجّانًا أعطوا" (متى 10: 8). ألم نختبر أن الله أكثر سخاء منا في عطاءاته؟ وكم يؤلمنا أنّ بعضًا من الذين أُعطوا شرف الكهنوت وقدسيّته لا يحتفلون بقداسهم اليومي، إذا لم تتوفّر له حسنة مالية! فمن أين يغتذي روحيًا أمثال هؤلاء؟
يوصي المجمع البطريركي الماروني الكهنة بأن يعمّقوا حياتهم الروحية بالاحتفال اليومي بالافخارستيا غذائهم الروحي، وبالمثابرة على قراءة الكتب المقدسة والصلاة الفردية والجماعية مع أبناء الرعية، ولاسيّما صلاة الفرض الإلهي (راجع النص 7: الكهنة والشمامسة في الكنيسة المارونية، 23). فالكاهن باسم الشعب ومن أجله يصلّي. فلا ينسى أنّ "الله أخذه من بين الناس، وأقامه لديه من أجل الناس" (عبرا 5: 1).
إننا نرى من الأهمية بمكان التشديد في المدرسة الاكليريكية على تربية كهنة الغد على هذه الفضائل الكهنوتية الثلاث، اقتداءً بالمسيح الكاهن الأسمى.
الاقتداء بالمسيح في إداء رسالته
4. لقد استودعنا المسيح الكاهن الأسمى خدمة رسالته الخلاصية وترك لنا قدوة في إدائها: "فكان يطوف جميع القرى والمدن، يعلّم في المجامع، ويعلن انجيل الملكوت، ويشفي الناس من كلّ مرض وداء. ولما كان يرى الجموع، كان يمتلئ قلبه شفقة عليهم، لأنهم كانوا مضنوكين، مشتّتين كخراف لا راعي لها" (متى 9: 35-36).
يريدنا الربّ يسوع في حالة ارسال دائم في أبرشياتنا ورعايانا وكنيستنا. شعبنا بحاجة إلينا: ننقل إليهم انجيل يسوع، نشهد لحنانه ومشاعره الانسانية، نجعله حاضرًا في كلّ مكان، نحمله إلى بيوتهم، نعكس وجهه بينهم.
لقد طغت الانشغالات الحياتية على الرسالة الكهنوتية، التي أضحت مقتصرةً لدى معظم كهنتنا على الواجبات داخل الكنيسة، فيما شعبنا أصبح بعيدًا عنها في كثرته، وفي غربة عن الجماعة الرعائية.
إنّنا نناشد الكهنة الأحباء التوفيق بين انشغالاتهم الحياتية وواجباتهم الكهنوتية. إن أولى هذه الواجبات تفقُّد أبناء الرعية، بزيارتهم في بيوتهم، والوقوف على حالتهم، واكتشاف مشاكلهم وحاجاتهم، وتقريبهم من الكنيسة. فكم من الأزواج يقعون في خلافات ويحتاجون إلى وساطة كاهن الرعية ومطران الأبرشية لحلّها قبل أن تتفاقم؟ عدد الدعاوى الزواجية في محاكمنا يتزايد بشكل مقلق. وكم من شبابنا يعيشون على هامش الحياة، ويضلّون الطريق، ويهدرون جمال عمرهم الذي هو سنّ قرارات الحياة الكبيرة، وهم بحاجة إلى كاهن رعيتهم يوآخيهم، يسمع لهم، ويوجّههم بحب، ويجلبهم إلى المسيح بمحبته! هذا بالإضافة إلى الذين يعانون الفقر والحرمان والعزلة والتهميش والمرض والإعاقة.
هؤلاء، يقول البابا فرنسيس، هم في عهدة محبة الكنيسة "لتضميد جراحهم، وتخفيفها بزيت التعزية وأعمال الرحمة، والاعتناء بهم بالتضامن والانتباه. علينا أن نتجنّب اللامبالاة التي تذلّهم، والاعتياد الذي يخدّر مشاعرنا الإنسانية.
إن "القرى والمدن" التي كان يطوفها الربّ يسوع، أصبحت بالنسبة إلينا اليوم بلدان الانتشار، في القارّات الخمس. لقد ازدادت هجرة أبناء كنيستنا، كما سواهم، بعد الحرب اللبنانية التي لم تنتهي بعد فصولًا: فمن حرب السلاح من سنة 1975 إلى 1989، إلى حرب الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية. هذه كلّها تضرب عائلاتنا في معيشتها، وشبابنا في مستقبلهم، وتفتح باب الهجرة واسعًا أمامهم.
ففيما نعمل جاهدين بكل السبل المتاحة للكنيسة، في أبرشياتها ورهبانياتها، في رعاياها ومؤسساتها المتعددة، للمحافظة على وجودنا في لبنان والنطاق البطريركي المشرقي، ينبغي أن نتبع ابناء كنيستنا المنتشرين، ونلبّي الدعوة لتغطية حاجات الأبرشيات والرسالات في بلدان الانتشار.
كنيستنا بحاجة إلى سخاء كهنتنا، الأبرشيّين والرهبان، لتأمين الخدمتين: خدمة الجذور في لبنان والمشرق، وخدمة الأغصان المنتشرة في جهات الأرض الأربع.
الاقتداء بالمسيح في رحمته
5. يذكّرنا، إخوتي الكهنة، يوبيل سنة الرحمة إننا صُوّرنا في كياننا الداخلي، بفعل الروح القدس يوم رسامتنا، رحومين على مثال يسوع الرحوم. فكما أن يسوع المسيح هو وجه رحمة الآب، الكاهن هو وجه رحمة المسيح، وجه الحبّ والحنان والشفقة الذي أظهره يسوع في كلّ لقاء ومناسبة: مع المرضى الذين كان يشفيهم (راجع متى 14: 14)، مع الشعب الضائع والمضنوك (متى 9: 36)، مع الجماهير التي أطعمها بقليل من الخبز والسمك (متى 15: 37)، مع أرملة نائين التي أقام ابنها الوحيد من الموت (راجع لو 7: 15)، مع متى العشار الذي دعاه ليتبعه (راجع متى 9: 9-13)، ومع المرأة الزانية التي لم يحكم عليها (راجع يو 8: 4-11). وعلمّنا الرحمة الإلهية الباحثة عن الضائع بمَثَل الخروف الضّال (لو15: 1-7)، وقطعة المال الضائعة (لو15: 8-10)، والرحمة التي تغفر خطايا التائبين وتصالحهم بكثير من الفرح، بمَثَل الابن الضال (راجع لو 15: 1-32). ودعانا لنغفر لمن أساء إلينا سبعين مرة سبع مرات (متى 18: 22)، ولنتحنّن بعضنا على بعض، كما يتحنّن الله علينا (راجع متى 18: 33-35). وعلّمنا أن الغفران هو الوسيلة الموضوعة بين أيدينا لنصل إلى سلام القلب (راجع براءة يوبيل الرحمة، الفقرتان 8 و9).
6. إنّ أجمل ما نصف به الرحمة التي ينبغي أن يتّصف بها كهنوتنا، كلام الرب يسوع الآمر، وتوسّع قداسة البابا فرنسيس فيه.
الرب يأمرنا: "لا تدينوا فلا تدانوا، لا تحكموا على أحد فلا يُحكم عليكم، أعفوا يُعفى عنكم، اعطوا تُعطوا: ستعطون في أحضانكم كيلاً كريمًا مركومًا طافحًا لأنه يُكال لكم بما تكيلون" (لو 6: 37-38).
والبابا فرنسيس يشرح هذا الكلام: "قبل كلّ شيء يقول لنا: لا تدينوا ولا تحكموا، لأنّ مَن لا يريد أن يدينه الله يجب ألا يجعل من نفسه ديّانًا لأخيه. الواقع، إن البشر، في حكمهم، يتوقّفون عند الأمور السطحية، غير أن الآب ينظر إلى القلب. فكم هي مؤذية الكلمات المنبعثة من مشاعر الغيرة والحسد! إنّ الكلام بالسوء على الأخ في غيابه يشوّه صورته ويسيء إلى سمعته ويجعله عرضةً للنميمة. أمّا عدم الإدانة وعدم الحكم فيعني، من الناحية الإيجابية، أن نقدّر ما هو حسن لدى كلّ شخص وعدم التسبّب له بالألم نتيجة حكمنا الجزئي وادعائنا بأنّنا نعرف كلّ شيء. لكن هذا ليس بعد كافيًا للتعبير عن الرحمة، فيسوع يطلب منّا أيضا العفو والعطاء أي أن نكون أداةً لِما نلناه، نحن أيضًا، من الله. بكلام آخر، هذا يعني أن نكون أسخياء حيال الجميع عالمين أن الله أيضا يفيض إحسانه علينا بجود كبير" (براءة يوبيل الرحمة، 14).
كم هو مؤلم أن يدخل هذا الذي ينبّه عنه قداسة البابا في صفوف الكهنة! وكم من شر وشك يتسببون به، ويخسرون بالتالي احترام سامعيهم، ويحطّون من كرامة الكهنوت، وبخاصة عندما يتناولون رؤساءهم والسلطة الكنسية العليا.
إخوتي الكهنة،
7. لقد عبرنا ليتورجيًّا باب سنة الرحمة المقدس. إننا نرجو لكم ولذواتنا العبور مع فصح المسيح إلى حياة جديدة. لقد فتح الفادي الإلهي أمامنا الطريق الفصحي المقدّس: عبر بالموت والقيامة من عالمنا إلى الآب (راجع يو 13: 1)، وبهذا العبور نقل معه البشرية جمعاء من عتيق الخطيئة إلى جديد النعمة، من حالة الإنسان القديم أسير الخطيئة، إلى حالة الإنسان الجديد المحرَّر بالنعمة.
إنّني أتمنّى لكم ولنا جميعًا هذا العبور الفصحي الذي يشكّل أفضل تهنئة بعيد كهنوتنا النابع من سرّ الافخارستيا. من دون هذا السرّ يهيم كهنوتنا ويضيع، مثلما تغور المياه المجمّعة وتضيع في بواليع الأرض.
وإننا نشكر الله معكم لأنه يحصّننا بنعمته، ويحمينا بيده التي وضعها علينا في الرسامة الكهنوتية، وبرحمته يحافظ علينا، فلا نخرج من دائرة يده الرحومة التي تحتوينا.
مع محبتي وصلاتي وبركتي الرسولية
عن كرسينا في بكركي في 21 أذار 2016.
+ الكردينال بشارة بطرس الراعي
بطريرك إنطاكية وسائر المشرق
المحتوى
الاقتداء بصفات يسوع الكهنوتية...................4
1) الطاعة لأبيه.......................................4
2) بذل الذات في سبيل الأخوة.........................5
3) التواضع والوداعة..................................7
الاقتداء بالمسيح في إداء رسالته..................9
الاقتداء بالمسيح في رحمته......................11
إلى إخواننا السادة المطارنة والرؤساء العامّين والكهنة أبرشيّين ورهبانًا أبناء كنيستنا المارونيّة في لبنان والشّرق الأوسط وبلدان الانتشار،
السلام والبركة الرسولية
أيّها الإخوة في الكهنوت الأحباء
1. خميس الأسرار هو عيد سرّ كهنوتنا النابع من سرّ القربان، وقد أسّسهما الربّ يسوع في مثل هذا اليوم المقدّس، في ذاك العشاء الأخير، ليلة آلامه وموته.
فيطيب لي أن أعرب لكم، واحدًا واحدًا، عن تهانيّ القلبيّة بعيدنا المشترك. ومعكم أخشع أمام الربّ الفادي والمخلّص الحاضر في سرّ الإفخارستيا، ونرفع صلاة الشكر السميا مع الكنيسة، باسم البشريّة جمعاء، إلى الله. نشكر الآب على محبّته التي أوجدتنا، والابن على موته وقيامته لفدائنا وخلاصنا، والروح القدس على حلوله علينا بثمار الفداء وتقديسنا.
2. في هذا العيد، تجدّدون حول أساقفتكم عهود الكهنوت، التي قطعتموها على أنفسكم، يوم رسامتكم المقدّسة، مع المسيح الكاهن الأزلي، وراعي الرعاة، الذي دعانا، وأتمننا على مواصلة رسالة الفداء الخلاصيّة، باسمه وبشخصه، وقال لنا في تلك الليلة، في ذروة محبته وتواضعه: "لقد تركتُ لكم قدوةً" (يو 13: 15). إنّه قدوة في محبته التي بلغت ذروتها في بذل ذاته كاملة بموته على الصليب من أجل فداء العالم كلّه وخلاصه (راجع يو 3: 16؛ 13: 1)؛ وقدوة في تواضعه إذ قام يغسل أرجل تلاميذه (يو 13: 4-11).
الاقتداء بصفات يسوع الكهنوتية
3. إن كهنوتَنا سعي دائم إلى الاقتداء بالمسيح الكاهن الذي نحدّد هويته الكهنوتية بثلاث صفات:
1) الطاعة لأبيه، فوق كلّ اعتبار شخصي آخر. فكان يردّد:"أنا لا أطلب مشيئتي، بل مشيئة الآب الذي أرسلني" (يو 5: 30)، ويؤكّد: "طعامي أن أصنع مشيئة الآب الذي أرسلني" (يو 4: 34)، ويذكّر قائلًا: "قد نزلتُ من السماء، لا لأعمل إرادتي، بل إرادة الآب الذي أرسلني. وإرادته هي ألاّ يهلك أحدٌ من الذين وهبهم لي" (يو6: 38-39). وعندما اشتدّت عليه مصاعب هذه الطاعة باقتراب موعد الصلب، وبالوحشة في بستان الزيتون، صرخ: "يا أبتِ، إذا شئتَ، فأبعدْ عني هذه الكأس". لكنه استدرك للحال وصلّى:"ولكن، لتكن إرادتك، لا إرادتي" (لو 22: 42).
نحن، إخوتي الكهنة، دُعينا لهذه الطاعة. ربّما ننسى هذا الالتزام عندما نمرّ بصعوبة تمسّ بنا أو بمصلحتنا أو برغبتنا أو بحساباتنا الذاتية. نخالف الطاعة لله في وصاياه، في كلام الانجيل، في تعليم الكنيسة، في تدابير رؤسائنا الروحيّين. نحن، في الأساس، قمنا بفعل محبة لله ولإرادته ولتصميمه الخلاصي، عندما لبّينا الدعوة إلى الكهنوت، وقبلنا وضع يده علينا لهذه الغاية من خلال يد الأسقف. وقمنا بفعل إيمان بأننا بالطاعة لرؤسائنا الكنسيّين إنما نطيع الله بالذات. والطاعة تنطوي على المحبة والاحترام. إننا نلحظ في هذه الأيام نقصًا في هذه الطاعة، ونشعر بجفاف المحبة، ونتألّم من عدم الاحترام والاسترسال في الانتقاد الهدّام من دون رادع ضمير.
2) بذل الذات في سبيل الأخوة. عندما كان الرسل الاثنا عشر، المعدّون ليكونوا كهنة العهد الجديد، يرغبون في مكاسب شخصية عالمية باتّباعهم ليسوع، قال لهم "تعلمون أنّ رؤساء الأمم يسودونها، وأنّ عظماءها يتسلّطون عليها. فلا يكن هذا فيكم. بل من أراد أن يكون عظيمًا فليكن لكم خادمًا. ومن أراد أن يكون الأوّل فيكم، فليكن لكم عبدًا. هكذا ابن الانسان جاء لا ليخدمه الناس، بل ليخدمهم، ويبذل ذاته فدًى عن الكثيرين" (متى 20: 25-28).
إن بذل الذات يقتضي كأساس الاخلاء الذاتي على مثال المسيح الذي وصفه بولس الرسول، ودعانا لنتخلّق باخلاقيّته:"تخلّقوا بخُلُق المسيح الذي، وهو الله، لم يعتبر مساواته لله غنيمة. بل أخلى ذاته، واتّخذ صورة العبد، وصار شبيهًا بالبشر، وظهر في صورة الانسان، وتواضع وأطاع حتى الموت على الصليب. فرفعه الله ..." (فيل 2: 5-9).
عندما كُرّسنا بالميرون، نحن الكهنة، وحلّ علينا الروح القدس بالصلوات الثلاث، صوّرنا الروح في كياننا الداخلي على صورة المسيح خدامًا له في الكنيسة من أجل جميع الناس. لم يجعلنا أسيادًا نبحث عن راحتنا ومغانمنا، كبيرة كانت أم صغيرة، بل جعلنا خدامًا متصفين بالأمانة والحكمة، وبروح التجرّد، وسخاء بذل الذات.
يذكّرنا القديس بطرس الرسول: "إرعوا رعية الله التي أُوكلت إليكم، واحرسوها طوعًا لا كرهًا، لوجه الله، لا رغبة في مكسب خسيس، بل بحماسة. ولا تتسلّطوا على الذين هم في عنايتكم، بل كونوا قدوةً للرعية. ومتى ظهر راعي الرعاة، تنالون إكليلًا من المجد الذي لا يذبل" (1بطرس 5: 1-4).
3) التواضع والوداعة
لا يجد الكاهن سلامه الداخلي، إلاّ إذا اتّصف بميزتَي الربّ يسوع، التواضع والوداعة. وقد دعانا، نحن الكهنة، إلى مدرسته لنتعلّمهما ونكتسبهما: "تعالوا إليّ، وتعلمّوا مني: إني وديعٌ ومتواضع القلب، فتجدوا راحة لنفوسكم" (متى 11: 29). الكبرياء رذيلة تهدم هاتَين الفضيلتَين الاساسيّتَين في حياتنا الكهنوتية، وكذلك العجب بالذات، والتغفّل عن كلّ نقائصها. هذا شأن الذي يرى القشّة في عين غيره، ولا يرى الخشبة التي في عينه هو (راجع متى 7: 3-4). تعلّمنا القديستان تريزيا الكبيرة وتريز الصغيرة أن نعتبر ذاتنا أضعف من جميع الناس؛ وأن هذا الاعتبار نعمة خاصة من الله، لأنه يحرّرنا من مراقبة الغير، والبحث عن نقائصهم للتجريح متناسين القول المأثور: "مَن راقب الناس، مات همًّا". كم نحن بحاجة إلى تلك المحبة التي تستر جمًّا من الخطايا (1بطرس4: 8).
وكم نحن بحاجة إلى روحانية كهنوتية تنعش نفوسنا، وتسمو بها إلى قمم الروح، وتنتشلها من مستنقعات البحث عن أساليب الراحة، والمادّيات وكأنها الغاية الأساسية المنشودة بواسطة الكهنوت. فما أحقر ربط خدمتنا بماديات تعطى لنا لقاءها! وما أحقر التوقّف عن إدائها إذا لم تقابل بمال. فما معنى "مجّانًا أخذُتم، فمجّانًا أعطوا" (متى 10: 8). ألم نختبر أن الله أكثر سخاء منا في عطاءاته؟ وكم يؤلمنا أنّ بعضًا من الذين أُعطوا شرف الكهنوت وقدسيّته لا يحتفلون بقداسهم اليومي، إذا لم تتوفّر له حسنة مالية! فمن أين يغتذي روحيًا أمثال هؤلاء؟
يوصي المجمع البطريركي الماروني الكهنة بأن يعمّقوا حياتهم الروحية بالاحتفال اليومي بالافخارستيا غذائهم الروحي، وبالمثابرة على قراءة الكتب المقدسة والصلاة الفردية والجماعية مع أبناء الرعية، ولاسيّما صلاة الفرض الإلهي (راجع النص 7: الكهنة والشمامسة في الكنيسة المارونية، 23). فالكاهن باسم الشعب ومن أجله يصلّي. فلا ينسى أنّ "الله أخذه من بين الناس، وأقامه لديه من أجل الناس" (عبرا 5: 1).
إننا نرى من الأهمية بمكان التشديد في المدرسة الاكليريكية على تربية كهنة الغد على هذه الفضائل الكهنوتية الثلاث، اقتداءً بالمسيح الكاهن الأسمى.
الاقتداء بالمسيح في إداء رسالته
4. لقد استودعنا المسيح الكاهن الأسمى خدمة رسالته الخلاصية وترك لنا قدوة في إدائها: "فكان يطوف جميع القرى والمدن، يعلّم في المجامع، ويعلن انجيل الملكوت، ويشفي الناس من كلّ مرض وداء. ولما كان يرى الجموع، كان يمتلئ قلبه شفقة عليهم، لأنهم كانوا مضنوكين، مشتّتين كخراف لا راعي لها" (متى 9: 35-36).
يريدنا الربّ يسوع في حالة ارسال دائم في أبرشياتنا ورعايانا وكنيستنا. شعبنا بحاجة إلينا: ننقل إليهم انجيل يسوع، نشهد لحنانه ومشاعره الانسانية، نجعله حاضرًا في كلّ مكان، نحمله إلى بيوتهم، نعكس وجهه بينهم.
لقد طغت الانشغالات الحياتية على الرسالة الكهنوتية، التي أضحت مقتصرةً لدى معظم كهنتنا على الواجبات داخل الكنيسة، فيما شعبنا أصبح بعيدًا عنها في كثرته، وفي غربة عن الجماعة الرعائية.
إنّنا نناشد الكهنة الأحباء التوفيق بين انشغالاتهم الحياتية وواجباتهم الكهنوتية. إن أولى هذه الواجبات تفقُّد أبناء الرعية، بزيارتهم في بيوتهم، والوقوف على حالتهم، واكتشاف مشاكلهم وحاجاتهم، وتقريبهم من الكنيسة. فكم من الأزواج يقعون في خلافات ويحتاجون إلى وساطة كاهن الرعية ومطران الأبرشية لحلّها قبل أن تتفاقم؟ عدد الدعاوى الزواجية في محاكمنا يتزايد بشكل مقلق. وكم من شبابنا يعيشون على هامش الحياة، ويضلّون الطريق، ويهدرون جمال عمرهم الذي هو سنّ قرارات الحياة الكبيرة، وهم بحاجة إلى كاهن رعيتهم يوآخيهم، يسمع لهم، ويوجّههم بحب، ويجلبهم إلى المسيح بمحبته! هذا بالإضافة إلى الذين يعانون الفقر والحرمان والعزلة والتهميش والمرض والإعاقة.
هؤلاء، يقول البابا فرنسيس، هم في عهدة محبة الكنيسة "لتضميد جراحهم، وتخفيفها بزيت التعزية وأعمال الرحمة، والاعتناء بهم بالتضامن والانتباه. علينا أن نتجنّب اللامبالاة التي تذلّهم، والاعتياد الذي يخدّر مشاعرنا الإنسانية.
إن "القرى والمدن" التي كان يطوفها الربّ يسوع، أصبحت بالنسبة إلينا اليوم بلدان الانتشار، في القارّات الخمس. لقد ازدادت هجرة أبناء كنيستنا، كما سواهم، بعد الحرب اللبنانية التي لم تنتهي بعد فصولًا: فمن حرب السلاح من سنة 1975 إلى 1989، إلى حرب الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية. هذه كلّها تضرب عائلاتنا في معيشتها، وشبابنا في مستقبلهم، وتفتح باب الهجرة واسعًا أمامهم.
ففيما نعمل جاهدين بكل السبل المتاحة للكنيسة، في أبرشياتها ورهبانياتها، في رعاياها ومؤسساتها المتعددة، للمحافظة على وجودنا في لبنان والنطاق البطريركي المشرقي، ينبغي أن نتبع ابناء كنيستنا المنتشرين، ونلبّي الدعوة لتغطية حاجات الأبرشيات والرسالات في بلدان الانتشار.
كنيستنا بحاجة إلى سخاء كهنتنا، الأبرشيّين والرهبان، لتأمين الخدمتين: خدمة الجذور في لبنان والمشرق، وخدمة الأغصان المنتشرة في جهات الأرض الأربع.
الاقتداء بالمسيح في رحمته
5. يذكّرنا، إخوتي الكهنة، يوبيل سنة الرحمة إننا صُوّرنا في كياننا الداخلي، بفعل الروح القدس يوم رسامتنا، رحومين على مثال يسوع الرحوم. فكما أن يسوع المسيح هو وجه رحمة الآب، الكاهن هو وجه رحمة المسيح، وجه الحبّ والحنان والشفقة الذي أظهره يسوع في كلّ لقاء ومناسبة: مع المرضى الذين كان يشفيهم (راجع متى 14: 14)، مع الشعب الضائع والمضنوك (متى 9: 36)، مع الجماهير التي أطعمها بقليل من الخبز والسمك (متى 15: 37)، مع أرملة نائين التي أقام ابنها الوحيد من الموت (راجع لو 7: 15)، مع متى العشار الذي دعاه ليتبعه (راجع متى 9: 9-13)، ومع المرأة الزانية التي لم يحكم عليها (راجع يو 8: 4-11). وعلمّنا الرحمة الإلهية الباحثة عن الضائع بمَثَل الخروف الضّال (لو15: 1-7)، وقطعة المال الضائعة (لو15: 8-10)، والرحمة التي تغفر خطايا التائبين وتصالحهم بكثير من الفرح، بمَثَل الابن الضال (راجع لو 15: 1-32). ودعانا لنغفر لمن أساء إلينا سبعين مرة سبع مرات (متى 18: 22)، ولنتحنّن بعضنا على بعض، كما يتحنّن الله علينا (راجع متى 18: 33-35). وعلّمنا أن الغفران هو الوسيلة الموضوعة بين أيدينا لنصل إلى سلام القلب (راجع براءة يوبيل الرحمة، الفقرتان 8 و9).
6. إنّ أجمل ما نصف به الرحمة التي ينبغي أن يتّصف بها كهنوتنا، كلام الرب يسوع الآمر، وتوسّع قداسة البابا فرنسيس فيه.
الرب يأمرنا: "لا تدينوا فلا تدانوا، لا تحكموا على أحد فلا يُحكم عليكم، أعفوا يُعفى عنكم، اعطوا تُعطوا: ستعطون في أحضانكم كيلاً كريمًا مركومًا طافحًا لأنه يُكال لكم بما تكيلون" (لو 6: 37-38).
والبابا فرنسيس يشرح هذا الكلام: "قبل كلّ شيء يقول لنا: لا تدينوا ولا تحكموا، لأنّ مَن لا يريد أن يدينه الله يجب ألا يجعل من نفسه ديّانًا لأخيه. الواقع، إن البشر، في حكمهم، يتوقّفون عند الأمور السطحية، غير أن الآب ينظر إلى القلب. فكم هي مؤذية الكلمات المنبعثة من مشاعر الغيرة والحسد! إنّ الكلام بالسوء على الأخ في غيابه يشوّه صورته ويسيء إلى سمعته ويجعله عرضةً للنميمة. أمّا عدم الإدانة وعدم الحكم فيعني، من الناحية الإيجابية، أن نقدّر ما هو حسن لدى كلّ شخص وعدم التسبّب له بالألم نتيجة حكمنا الجزئي وادعائنا بأنّنا نعرف كلّ شيء. لكن هذا ليس بعد كافيًا للتعبير عن الرحمة، فيسوع يطلب منّا أيضا العفو والعطاء أي أن نكون أداةً لِما نلناه، نحن أيضًا، من الله. بكلام آخر، هذا يعني أن نكون أسخياء حيال الجميع عالمين أن الله أيضا يفيض إحسانه علينا بجود كبير" (براءة يوبيل الرحمة، 14).
كم هو مؤلم أن يدخل هذا الذي ينبّه عنه قداسة البابا في صفوف الكهنة! وكم من شر وشك يتسببون به، ويخسرون بالتالي احترام سامعيهم، ويحطّون من كرامة الكهنوت، وبخاصة عندما يتناولون رؤساءهم والسلطة الكنسية العليا.
إخوتي الكهنة،
7. لقد عبرنا ليتورجيًّا باب سنة الرحمة المقدس. إننا نرجو لكم ولذواتنا العبور مع فصح المسيح إلى حياة جديدة. لقد فتح الفادي الإلهي أمامنا الطريق الفصحي المقدّس: عبر بالموت والقيامة من عالمنا إلى الآب (راجع يو 13: 1)، وبهذا العبور نقل معه البشرية جمعاء من عتيق الخطيئة إلى جديد النعمة، من حالة الإنسان القديم أسير الخطيئة، إلى حالة الإنسان الجديد المحرَّر بالنعمة.
إنّني أتمنّى لكم ولنا جميعًا هذا العبور الفصحي الذي يشكّل أفضل تهنئة بعيد كهنوتنا النابع من سرّ الافخارستيا. من دون هذا السرّ يهيم كهنوتنا ويضيع، مثلما تغور المياه المجمّعة وتضيع في بواليع الأرض.
وإننا نشكر الله معكم لأنه يحصّننا بنعمته، ويحمينا بيده التي وضعها علينا في الرسامة الكهنوتية، وبرحمته يحافظ علينا، فلا نخرج من دائرة يده الرحومة التي تحتوينا.
مع محبتي وصلاتي وبركتي الرسولية
عن كرسينا في بكركي في 21 أذار 2016.
+ الكردينال بشارة بطرس الراعي
بطريرك إنطاكية وسائر المشرق
المحتوى
الاقتداء بصفات يسوع الكهنوتية...................4
1) الطاعة لأبيه.......................................4
2) بذل الذات في سبيل الأخوة.........................5
3) التواضع والوداعة..................................7
الاقتداء بالمسيح في إداء رسالته..................9
الاقتداء بالمسيح في رحمته......................11
0 comments:
إرسال تعليق