يقدم الملف -عبد الرحيم علي:
أربعة أشهر مرت علي انتخاب جماعة الإخوان المسلمين لمكتب إرشاد جديد في يناير 2010 , ومنذ انتهاء الانتخابات , وما صحبها من أزمة, لا زالت توابعها مستمرة حتي الآن , لم يخل اجتماع للإخوان من تأكيد علي ضرورة استغلال حالة الحراك السياسي الذي تمر به البلاد للوصول الي السلطة. وانطلاقا من تلك الاستراتيجية راح الإخوان يجهزون أنفسهم عبر ثلاثة توجهات رئيسية : الأول,جولات من الحوار مع الأحزاب الرئيسية تارة, ومغازلة لجبهة التغيير التي يقودها الدكتور محمد البرادعي تارة أخري , في محاولة للفت أنظار صناع القرار داخل النظام.
والثاني , سعي محموم للتواجد المكثف علي الساحة الإعلامية من أجل تحقيق هدف رد الإعتبار لسيد قطب باعتباره المفكر الذي يدين له بالولاء قادة الجماعة الآن , مع ما يرتبط به من غسل أيدي الجماعة (وسمعتها) من حوادث العنف التي قامت بها في أربعينيات وخمسينيات وستينيات القرن الماضي , والتي ما زالت تدرس كمنهج تربوي داخل صفوفها , حتي الآن , الأمر الذي بدا واضحا في أكثر من حوار للمرشد العام الجديد الدكتور محمد بديع ونوابه. أما التوجه الثالث فيخص الأقباط , فقد تقدم الدكتور عصام العريان عضو مكتب الإرشاد ,بتكليف من قيادة الجماعة, في 27 يناير الماضي , بخطة عمل تهدف إلي تغيير صورة الجماعة في أذهان أكبر عدد من المسيحيين المصريين وفق خطة تضمنت ,تكليف كوادر الجماعة القيام بزيارات للتعرف علي جيرانهم من الأقباط وزملائهم في العمل , والتخطيط لتهنئتهم في الأعياد ومواساتهم في المصائب والأمراض. تتضمن الخطة أيضا تكليف الدكتور عبد الرحمن البر , الأستاذ بجامعة الأزهر, وعضو مكتب إرشاد الجماعة , بإعداد بحث فقهي يتضمن اختيارات فقهية تناسب وضع الإخوان في المرحلة الحالية (مرحلة عدم التمكين- أو الإستضعاف), تهدف الدراسة إلي إزالة الحرج عن كوادر الجماعة, وبث روح الطمأنينة في نفوس الأقباط , كجزء من إطار الحركة السياسية للجماعة في مرحلة ( عدم التمكين ) ,وهي المرحلة التي يجوز فيها - لدي الإخوان المسلمين- وفق فقه الاستضعاف, تبني رؤي تحول دون الصدام مع أي فريق في المجتمع, علي أن يتم تركيز المعركة مع فريق السلطة . لكن هذه الرؤي سرعان ما تتغير تلقائيا بعد الوصول لمرحلة التمكين , أي أن الأمر لا يعدو أن يكون هدنة تقوم بها الجماعة, لكسب مزيد من الأرض, ومزيد من الوقت , وسد الذرائع التي ينفذ منها منتقدوها .
لذا رأينا من الواجب علينا أن نعرض لتصورات الإخوان ( الشرعية ) الحقيقية , حتي يتعرف عليها القاصي والداني , فيكون تصحيحها من جانبهم عبر وضع وثيقة جديدة تحمل اعتذارا فقهيا , بتوقيع الجماعة ومفتيها الشيخ محمد عبد الله الخطيب , هو المطلب الذي لا جدال فيه عوضا عن حملة العلاقات العامة , التي لن تسمن ولن تغني من جوع .
الإخوان وحرية الاعتقاد :
أهم قضيتين تشغلان كل دعاة الدولة المدنية في مصر, بما في ذلك الأقباط , :الأولي مفهوم الإخوان المسلمين لحرية الاعتقاد, وحق غير المسلمين في ممارسة شعائرهم الدينية وبناء دور العبادة والثانية أوضاع غير المسلمين وفي مقدمتهم الأقباط ,في حال وصول الإخوان للسلطة في مصر, وهو طموح سياسي مشروع, يعمل الإخوان _ كما غيرهم - علي بلوغه. ونجد رؤية الإخوان لهاتين القضيتين في كثير من تصريحات وبيانات زعماء وقادة الجماعة, وكثير من هذه الإجابات مراوغة مزدوجة لا تشفي غليلا , وذلك لأنها مزيج من السياسي والديني, وفيها قدر من التوازن المحسوب, لكن الفتاوي التي تقدمها مجلة 'الدعوة' في إصدارها الثاني, تبدو أكثر وضوحا وسفورا, وهي بمثابة الإعلان الأيدلوجي الصريح عن رؤية الجماعة من منظور فكري لا يراعي الحسابات السياسية, وأخطر ما في هذه الفتاوي أنها تقدم اجتهادات الإخوان كأنها الرأي الإسلامي الوحيد الصحيح, تعبيرا عن برنامج سيتم تفعيله عند الوصول إلي الحكم.
حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام
ثلاثة أسئلة عن الرأي الإسلامي في مجموعة من القضايا التي تتعلق بغير المسلمين, أجاب عليها جميعا الشيخ محمد عبد الله الخطيب مفتي الجماعة في القضايا الشرعية والسياسية وأول هذه الأسئلة كان عن حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام, ويجيب مفتي الإخوان إن حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام علي ثلاثة أقسام:
الأول: بلاد أحدثها المسلمون وأقاموها... كالمعادي والعاشر من رمضان وحلوان.. وهذه البلاد وأمثالها لا يجوز فيها إحداث كنيسة ولا بيعة, والثاني: ما فتحه المسلمون من البلاد بالقوة كالإسكندرية بمصر والقسطنطينية بتركيا.. فهذه أيضا لا يجوز بناء هذه الأشياء فيها. وبعض العلماء قال بوجوب الهدم لأنها مملوكة للمسلمين, والثالث: ما فتح صلحا بين المسلمين وبين سكانها. والمختار هو إبقاء ما وجد بها من كنائس وبيع علي ما هي عليه في وقت الفتح ومنع بناء أو إعادة ما هدم منها .
المفهوم من الفتوي, في غير لبس, أن البلاد التي أحدثها المسلمون وأقاموها لا تتسع لغير المسلمين. والمغالطة الأولي أن الأحياء المصرية المشار إليها قد بناها المصريون جميعا, مسلمين ومسيحيين, وأن حقوق المواطنة التي يقرها الدستور المصري لا تحول دون إقامة المواطن المصري في أي مكان يتناسب مع مكانته الاجتماعية وظروفه الاقتصادية وطبيعة عمله.. وبالتبعية, فإن من الحقوق الراسخة للمصريين المسيحيين القاطنين في المعادي والعاشر من رمضان وحلوان أن يمارسوا شعائرهم الدينية في حرية تامة, لكن هذا الحق البدهي يبدو مستحيلا في ظل التحريم القاطع الصارم الذي يقدمه الشيخ, فكأنه يطالب _ موضوعيا _ بجيتو مسيحي مغلق, في مكان محدد محدود, لا يجوز الخروج منه أو التطلع إلي غيره.
كيف وأين يتعبد المسيحيون إذن؟!
تزداد صعوبة الإجابة بالانتقال إلي القسم الثاني من الفتوي, حيث يجزم الشيخ بأنه لا تجوز إقامة دور العبادة غير الإسلامية في البلاد التي فتحها المسلمون, بل إنه لا يجوز الاحتفاظ بما كان قائما قبل الفتح!.
سؤال بسيط لابد من طرحه هنا, ونريد بالطبع إجابة مقنعة عنه من جماعة الإخوان: أين وكيف يتعبد المصري المسيحي المقيم في مدينة الإسكندرية مثلا؟!. وهي مدينة وفقا لفتوي الجماعة لا يحق للمسيحيين فيها بناء الكنائس, بل لابد من هدم القائم منها, فإلي أين يذهبون؟! النتيجة المنطقية هي أن يغادروا الإسكندرية كلها, وأن يكون ملاذهم في الأماكن التي يسمح الإخوان ببناء الكنائس فيها.
هل نجد مثل هذه الكنائس في القسم الثالث من الفتوي, حيث الأماكن التي فتحت صلحا بين المسلمين وبين سكانها؟! التنازل الوحيد الذي يقدمه الإخوان هو الإبقاء علي ما كان موجودا من دور العبادة غير الإسلامية, لكنهم يجعلون من هذا التنازل سرابا يمنع بناء ما تهدم, ولابد أن الزمن كفيل بالقضاء علي ما كان موجودا عند الفتح, فأي بناء يقاوم القرون الطوال ولا ينهار؟!
المحصلة النهائية المستخلصة من الفتوي الإخوانية هي حتمية غياب الكنائس في ديار الإسلام, ويترتب علي ذلك منطقيا ألا مكان لغير المسلمين في مصر!. وكأنما يخشي فضيلة الشيخ المفتي من أن تغيب رسالته, فهو ينهي فتواه مؤكدا وضوح أنه لا يجوز إحداث كنيسة في دار الإسلام.
أليست الترجمة العملية لكلامه أنه لا معني لوجود غير المسلمين في الديار الإسلامية؟!
أهذا ما يهدف إليه الإخوان المسلمون أم أنه استنتاج جانبه الصواب؟
إذا لم يكن الاستنتاج الذي وصلنا إليه صحيحا, فإن جماعة الإخوان مطالبة بتكذيب وتسفيه وإنكار ما نشرته مجلتهم الرسمية, وأن يأتي التكذيب علي لسان كبار قادتهم وفي مقدمتهم الشيخ محمد عبد الله الخطيب,لأنه صاحب الفتوي والمسئول عنها. ولابد أن يكون التكذيب مصحوبا باعتذار للمصرين جميعا, فلا شك أن مثل هذه الآراء الشاذة التي تهدد الوحدة الوطنية للمصريين وتثير قلق إخواننا في الوطن وشركائنا في المصير, قد تم استخدامها من قبل فتية صغار راحوا يهاجمون الكنائس ويقتحمون بيوت العبادة للمسيحيين في تسعينيات القرن الماضي مطلقين النار علي المصلين من الخلف لأنهم مؤمنون _ كما قال الشيخ _ بعدم جواز وجود هذه الأشياء وفق تعبير الشيخ في ديار المسلمين.
قبل أن نفيق من آثار الفتوي الأولي عن حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام, يعاجلنا الشيخ الخطيب برأي آخر أشد عنفا وحدة من السابق.
7 يجب علي أهل الكتاب بمقتضي أنهم مواطنون يحملون جنسية الدولة المسلمة ويعيشون علي أرضها وبين أهلها أن يلتزموا بالنظام الإسلامي. وجانب هذا الالتزام في المسائل التي لا تمس عقائدهم أو حريتهم الدينية. فمثلا لا يطلب منهم أداء الصلاة ولا دفع الزكاة ولا أداء الحج ولا الجهاد وكذا كل العبادات ذات الصبغة الدينية. أما غير هذه الأمور فلابد من النزول علي حكم الشريعة الإسلامية. فمن سرق يقام عليه حد السرقة كما يقام علي المسلم وكذلك من زنا أو قطع الطريق أو ارتكب جريمة من الجرائم وهذه غاية العدل والمساواة.
لابد من وقفة متأنية أمام المفردات اللغوية في الفتوي, فهي تلقي الضوء ساطعا علي مضمونها الخطير:
*مواطنون يحملون جنسية الدولة المسلمة*
* النزول علي حكم الشريعة *
لماذا ينكر الإخوان المسلمون إذن نيتهم في تطبيق الشريعة الإسلامية علي غير المسلمين؟! الشيخ الخطيب صارم في تحديده أن غير المسلم يحمل جنسية الدولة المسلمة, ولابد من نزوله علي حكم الشريعة, ولا يصح له أن يمارس سلوكا أي سلوكا يتنافي مع مبادئ الشريعة الإسلامية.
ويبدو الشيخ كأنة يقدم تنازلا ينم عن المرونة والتسامح عندما يقرر أن المسيحيين ليسوا مطالبين بالصلاة والزكاة والحج!, وسرعان ما يصل إلي الكارثة الحقيقية بإعفائهم أيضا- وكأنها مكرمة- من 'الجهاد'.
الكلمة الأخيرة بالغة الخطورة, فهي تعني- بلغة العصر ومفاهيم المواطنة - أن المسيحيين المصريين ليسوا مطالبين بأداء الخدمة العسكرية, فهي قاصرة علي المسلمين وحدهم! المفهوم عند الجميع أن الخدمة العسكرية 'الوطنية' حق لكل مصري وواجب عليه, ولا مجال للإعفاء منها إلا وفق شروط يحددها القانون لأسباب كثيرة لا علاقة لها بالدين. الإخوان المسلمون يحولون الخدمة العسكرية 'الوطنية' إلي واجب 'ديني' جهادي لا ينال المسيحيون شرف أدائه. وإذا لم يكن هذا الرأي الخطير هو اللعب بالنار, فأي شيء إذن يكون؟!
لقد حارب المصريون, المسلم والمسيحي, جنبا إلي جنب في 1948و1956و1973, وكان اللواء 'المسيحي' فؤاد عزيز غالي من أبطال حرب أكتوبر المرموقين, وفي الحروب السابقة. جميعا اختلطت دماء المصريين في سبيل تحرير هذا الوطن, لكن الإخوان لا يعترفون بالوطن والوطنية, ولا يتعاملون مع الآخر الديني علي أنه مواطن مصري, له حقوق المصريين وعليه واجباتهم. إنه مسلوب الحق في إقامة الكنائس, ومقيد فيما يلبسه ويأكله ويشربه, وممنوع من الدفاع عن وطنه!
الإخوان المسلمون مطالبون بالرد علي شيخهم أو تأييد أفكاره, فهل يوافقون علي أن أداء الخدمة العسكرية 'الجهاد' واجب علي المسلمين وحدهم؟لأنهم غير قادرين بالضرورة علي إنكار ما يمثل جزءا أصيلا من نسيج أفكارهم, فلا أقل من أن يتسلحوا بالشجاعة ويعلنوا علي الملأ أنهم ينظرون إلي المسيحي المصري علي اعتبار أنه مواطن من الدرجة الثانية, لا حقوق له ولا واجبات عليه.
*تسفيه عقائد الآخرين *
هل يليق الحديث عن أصحاب الديانات الأخري, وهم مواطنون مصريون يتمتعون بالأهلية ويدفعون الضرائب ويحاربون في سبيل الدفاع عن الوطن, بالاستهانة التي تتجلي في مقولة 'وعلي هؤلاء الناس'؟. وهل يليق أن ينتقل الشيخ إلي التهديد الصريح والتحريم الصارم بألا يعلنوا عن عقيدتهم؟ وكيف يعتبر المفكر الإخواني أن الوحدة الوطنية هي التنازل عن الدين, وأن التسامح هو بتجميد أحكام الدين؟. سيبادر ملايين المسلمين إلي إدانة الوحدة الوطنية ونبذ التسامح إذا كان هذا هو المعني المراد بهما. لماذا لا يعلنها الرجل في صراحة إذن أنه ضد الوحدة الوطنية والتسامح؟!
المقدمات تقود إلي النتائج, واشتعال الحرائق حتمي بعد هذا العبث والتلاعب وإطلاق صيحات الحرب.
ما الذي يريده الإخوان المسلمون؟ وما الذي يراد بمصر وشعبها إذا حكموا وتحكموا؟!
الفتوي التي بدأنا بها حديثنا عن 'حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام' ليست بالفعل الاستثنائي, الأمر بمثابة العقيدة الراسخة في فكر الإخوان المسلمين, وهم يتكئون علي التاريخ القريب ليبرهنوا علي صحة موقفهم المتعنت القائل بأن الأرض الإسلامية 'لا يجوز إحداث هذه الأشياء عليها'!.
دور العبادة المسيحية تتحول إلي 'هذه الأشياء', فيا له من تسامح, ويا له من خير عميم ينتظر المسيحيين المصريين, وينتظر الوطن, عندما يصل الإخوان المسلمون إلي السلطة, متسترين وراء شعارات التسامح الديني ونبذ العنف وإدانة الإرهاب ومنح الحرية الكاملة لغير المسلمين!.
إن موقف الإخوان من المسيحيين سياسي لا علاقة له بالدين, وهم لا يحتكرون الإسلام ولا يتحدثون باسمه, فما أكثر وأعظم العلماء المسلمين الذين يقدمون خطابا مغايرا مضيئا, يجسد ما يدعو إليه الإسلام الصحيح من تسامح وإخاء.
لا يتسع المجال هنا لتقديم الآراء المستنيرة المضادة المعبرة عن جوهر الرؤية الإسلامية, لكن من الضروري أن نشير في إيجاز إلي بعض هذه الرؤي والاجتهادات العصرية.
يقول فضيلة الإمام الأكبر المرحوم الدكتور محمد محمد الفحام, في حوار مع الأستاذ حسنين كروم, نشرته مجلة 'الهلال' في عدد سبتمبر سنة 1970: إن المسيحية واليهودية وغيرهما من الأديان السماوية دعت في أصولها إلي ما يدعو إليه الإسلام من توحيد الخالق عز وجل وإفراده بالإلوهية وأنه لا معبود - بحق - سواه.
ويضيف فضيلته: ورسول الله صلي الله عليه وسلم قد أوصي المسلمين بالمسيحيين وغيرهم من أهل الذمة فقال 'اتركوهم وما يدينون', وتوعد عليه الصلاة والسلام 'من آذي ذميا فقد آذاني' وقال صلي الله عليه وسلم 'من آذي ذميا فأنا خصمه يوم القيامة'.. ومن أجل ذلك فإن أصحاب الأديان الأخري لم يشعروا بالأمن والطمأنينة إلا في أحضان الإسلام. فالمسلمون وغير المسلمين في البلاد العربية والإسلامية يعيشون في مساواة تامة دون تفرقة أو تحيز بين هذا وذاك, وأعتقد أن إثارة مثل هذا الموضوع لا يخدم الحق ولا الصالح العام.
وبعد, فإن الناظر في أهداف الإخوان وأفكارهم, لا بد له أن يلحظ أنها ليست دينية ولا يمكن أن تكون, فهم سياسيون يراودون السلطة, ويتذرعون بكل الوسائل للوصول إليها, ولا يبالون في سبيل ذلك بالخسائر الفادحة التي تلحق بالأمة المصرية, الأمة التي يجتمع تحت لوائها المسلمون والمسيحيون دون تمييز.
**كلمة أخيرة :
عقب زيارة وفد جماعة الإخوان المسلمين لحزب التجمع, منذ ثلاثة أسابيع ماضية, التي تمت في إطار سعي الجماعة لتحسين صورتها, وقف د. محمد علي بشر عضو مجلس شوري الجماعة وعضو الوفد الزائر للتجمع, ليعلن بوضوح أمام جمهرة الصحفيين أن صوت المسلم للمسلم, وأن الإخوان لا يرشحون ولا يدعمون ولا ينتخبون في أي انتخابات عامة, سوي المسلم .. وهو تأكيد لما سبق أن أعلنه د. محمد حبيب في عام 1987 عندما رفض أن يأتي في قائمة مرشحين لمجلس الشعب وقتها يتقدمها القبطي الأستاذ جمال أسعد قائلا 'لا ولاية لقبطي علي مسلم' !!
أربعة أشهر مرت علي انتخاب جماعة الإخوان المسلمين لمكتب إرشاد جديد في يناير 2010 , ومنذ انتهاء الانتخابات , وما صحبها من أزمة, لا زالت توابعها مستمرة حتي الآن , لم يخل اجتماع للإخوان من تأكيد علي ضرورة استغلال حالة الحراك السياسي الذي تمر به البلاد للوصول الي السلطة. وانطلاقا من تلك الاستراتيجية راح الإخوان يجهزون أنفسهم عبر ثلاثة توجهات رئيسية : الأول,جولات من الحوار مع الأحزاب الرئيسية تارة, ومغازلة لجبهة التغيير التي يقودها الدكتور محمد البرادعي تارة أخري , في محاولة للفت أنظار صناع القرار داخل النظام.
والثاني , سعي محموم للتواجد المكثف علي الساحة الإعلامية من أجل تحقيق هدف رد الإعتبار لسيد قطب باعتباره المفكر الذي يدين له بالولاء قادة الجماعة الآن , مع ما يرتبط به من غسل أيدي الجماعة (وسمعتها) من حوادث العنف التي قامت بها في أربعينيات وخمسينيات وستينيات القرن الماضي , والتي ما زالت تدرس كمنهج تربوي داخل صفوفها , حتي الآن , الأمر الذي بدا واضحا في أكثر من حوار للمرشد العام الجديد الدكتور محمد بديع ونوابه. أما التوجه الثالث فيخص الأقباط , فقد تقدم الدكتور عصام العريان عضو مكتب الإرشاد ,بتكليف من قيادة الجماعة, في 27 يناير الماضي , بخطة عمل تهدف إلي تغيير صورة الجماعة في أذهان أكبر عدد من المسيحيين المصريين وفق خطة تضمنت ,تكليف كوادر الجماعة القيام بزيارات للتعرف علي جيرانهم من الأقباط وزملائهم في العمل , والتخطيط لتهنئتهم في الأعياد ومواساتهم في المصائب والأمراض. تتضمن الخطة أيضا تكليف الدكتور عبد الرحمن البر , الأستاذ بجامعة الأزهر, وعضو مكتب إرشاد الجماعة , بإعداد بحث فقهي يتضمن اختيارات فقهية تناسب وضع الإخوان في المرحلة الحالية (مرحلة عدم التمكين- أو الإستضعاف), تهدف الدراسة إلي إزالة الحرج عن كوادر الجماعة, وبث روح الطمأنينة في نفوس الأقباط , كجزء من إطار الحركة السياسية للجماعة في مرحلة ( عدم التمكين ) ,وهي المرحلة التي يجوز فيها - لدي الإخوان المسلمين- وفق فقه الاستضعاف, تبني رؤي تحول دون الصدام مع أي فريق في المجتمع, علي أن يتم تركيز المعركة مع فريق السلطة . لكن هذه الرؤي سرعان ما تتغير تلقائيا بعد الوصول لمرحلة التمكين , أي أن الأمر لا يعدو أن يكون هدنة تقوم بها الجماعة, لكسب مزيد من الأرض, ومزيد من الوقت , وسد الذرائع التي ينفذ منها منتقدوها .
لذا رأينا من الواجب علينا أن نعرض لتصورات الإخوان ( الشرعية ) الحقيقية , حتي يتعرف عليها القاصي والداني , فيكون تصحيحها من جانبهم عبر وضع وثيقة جديدة تحمل اعتذارا فقهيا , بتوقيع الجماعة ومفتيها الشيخ محمد عبد الله الخطيب , هو المطلب الذي لا جدال فيه عوضا عن حملة العلاقات العامة , التي لن تسمن ولن تغني من جوع .
الإخوان وحرية الاعتقاد :
أهم قضيتين تشغلان كل دعاة الدولة المدنية في مصر, بما في ذلك الأقباط , :الأولي مفهوم الإخوان المسلمين لحرية الاعتقاد, وحق غير المسلمين في ممارسة شعائرهم الدينية وبناء دور العبادة والثانية أوضاع غير المسلمين وفي مقدمتهم الأقباط ,في حال وصول الإخوان للسلطة في مصر, وهو طموح سياسي مشروع, يعمل الإخوان _ كما غيرهم - علي بلوغه. ونجد رؤية الإخوان لهاتين القضيتين في كثير من تصريحات وبيانات زعماء وقادة الجماعة, وكثير من هذه الإجابات مراوغة مزدوجة لا تشفي غليلا , وذلك لأنها مزيج من السياسي والديني, وفيها قدر من التوازن المحسوب, لكن الفتاوي التي تقدمها مجلة 'الدعوة' في إصدارها الثاني, تبدو أكثر وضوحا وسفورا, وهي بمثابة الإعلان الأيدلوجي الصريح عن رؤية الجماعة من منظور فكري لا يراعي الحسابات السياسية, وأخطر ما في هذه الفتاوي أنها تقدم اجتهادات الإخوان كأنها الرأي الإسلامي الوحيد الصحيح, تعبيرا عن برنامج سيتم تفعيله عند الوصول إلي الحكم.
حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام
ثلاثة أسئلة عن الرأي الإسلامي في مجموعة من القضايا التي تتعلق بغير المسلمين, أجاب عليها جميعا الشيخ محمد عبد الله الخطيب مفتي الجماعة في القضايا الشرعية والسياسية وأول هذه الأسئلة كان عن حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام, ويجيب مفتي الإخوان إن حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام علي ثلاثة أقسام:
الأول: بلاد أحدثها المسلمون وأقاموها... كالمعادي والعاشر من رمضان وحلوان.. وهذه البلاد وأمثالها لا يجوز فيها إحداث كنيسة ولا بيعة, والثاني: ما فتحه المسلمون من البلاد بالقوة كالإسكندرية بمصر والقسطنطينية بتركيا.. فهذه أيضا لا يجوز بناء هذه الأشياء فيها. وبعض العلماء قال بوجوب الهدم لأنها مملوكة للمسلمين, والثالث: ما فتح صلحا بين المسلمين وبين سكانها. والمختار هو إبقاء ما وجد بها من كنائس وبيع علي ما هي عليه في وقت الفتح ومنع بناء أو إعادة ما هدم منها .
المفهوم من الفتوي, في غير لبس, أن البلاد التي أحدثها المسلمون وأقاموها لا تتسع لغير المسلمين. والمغالطة الأولي أن الأحياء المصرية المشار إليها قد بناها المصريون جميعا, مسلمين ومسيحيين, وأن حقوق المواطنة التي يقرها الدستور المصري لا تحول دون إقامة المواطن المصري في أي مكان يتناسب مع مكانته الاجتماعية وظروفه الاقتصادية وطبيعة عمله.. وبالتبعية, فإن من الحقوق الراسخة للمصريين المسيحيين القاطنين في المعادي والعاشر من رمضان وحلوان أن يمارسوا شعائرهم الدينية في حرية تامة, لكن هذا الحق البدهي يبدو مستحيلا في ظل التحريم القاطع الصارم الذي يقدمه الشيخ, فكأنه يطالب _ موضوعيا _ بجيتو مسيحي مغلق, في مكان محدد محدود, لا يجوز الخروج منه أو التطلع إلي غيره.
كيف وأين يتعبد المسيحيون إذن؟!
تزداد صعوبة الإجابة بالانتقال إلي القسم الثاني من الفتوي, حيث يجزم الشيخ بأنه لا تجوز إقامة دور العبادة غير الإسلامية في البلاد التي فتحها المسلمون, بل إنه لا يجوز الاحتفاظ بما كان قائما قبل الفتح!.
سؤال بسيط لابد من طرحه هنا, ونريد بالطبع إجابة مقنعة عنه من جماعة الإخوان: أين وكيف يتعبد المصري المسيحي المقيم في مدينة الإسكندرية مثلا؟!. وهي مدينة وفقا لفتوي الجماعة لا يحق للمسيحيين فيها بناء الكنائس, بل لابد من هدم القائم منها, فإلي أين يذهبون؟! النتيجة المنطقية هي أن يغادروا الإسكندرية كلها, وأن يكون ملاذهم في الأماكن التي يسمح الإخوان ببناء الكنائس فيها.
هل نجد مثل هذه الكنائس في القسم الثالث من الفتوي, حيث الأماكن التي فتحت صلحا بين المسلمين وبين سكانها؟! التنازل الوحيد الذي يقدمه الإخوان هو الإبقاء علي ما كان موجودا من دور العبادة غير الإسلامية, لكنهم يجعلون من هذا التنازل سرابا يمنع بناء ما تهدم, ولابد أن الزمن كفيل بالقضاء علي ما كان موجودا عند الفتح, فأي بناء يقاوم القرون الطوال ولا ينهار؟!
المحصلة النهائية المستخلصة من الفتوي الإخوانية هي حتمية غياب الكنائس في ديار الإسلام, ويترتب علي ذلك منطقيا ألا مكان لغير المسلمين في مصر!. وكأنما يخشي فضيلة الشيخ المفتي من أن تغيب رسالته, فهو ينهي فتواه مؤكدا وضوح أنه لا يجوز إحداث كنيسة في دار الإسلام.
أليست الترجمة العملية لكلامه أنه لا معني لوجود غير المسلمين في الديار الإسلامية؟!
أهذا ما يهدف إليه الإخوان المسلمون أم أنه استنتاج جانبه الصواب؟
إذا لم يكن الاستنتاج الذي وصلنا إليه صحيحا, فإن جماعة الإخوان مطالبة بتكذيب وتسفيه وإنكار ما نشرته مجلتهم الرسمية, وأن يأتي التكذيب علي لسان كبار قادتهم وفي مقدمتهم الشيخ محمد عبد الله الخطيب,لأنه صاحب الفتوي والمسئول عنها. ولابد أن يكون التكذيب مصحوبا باعتذار للمصرين جميعا, فلا شك أن مثل هذه الآراء الشاذة التي تهدد الوحدة الوطنية للمصريين وتثير قلق إخواننا في الوطن وشركائنا في المصير, قد تم استخدامها من قبل فتية صغار راحوا يهاجمون الكنائس ويقتحمون بيوت العبادة للمسيحيين في تسعينيات القرن الماضي مطلقين النار علي المصلين من الخلف لأنهم مؤمنون _ كما قال الشيخ _ بعدم جواز وجود هذه الأشياء وفق تعبير الشيخ في ديار المسلمين.
قبل أن نفيق من آثار الفتوي الأولي عن حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام, يعاجلنا الشيخ الخطيب برأي آخر أشد عنفا وحدة من السابق.
7 يجب علي أهل الكتاب بمقتضي أنهم مواطنون يحملون جنسية الدولة المسلمة ويعيشون علي أرضها وبين أهلها أن يلتزموا بالنظام الإسلامي. وجانب هذا الالتزام في المسائل التي لا تمس عقائدهم أو حريتهم الدينية. فمثلا لا يطلب منهم أداء الصلاة ولا دفع الزكاة ولا أداء الحج ولا الجهاد وكذا كل العبادات ذات الصبغة الدينية. أما غير هذه الأمور فلابد من النزول علي حكم الشريعة الإسلامية. فمن سرق يقام عليه حد السرقة كما يقام علي المسلم وكذلك من زنا أو قطع الطريق أو ارتكب جريمة من الجرائم وهذه غاية العدل والمساواة.
لابد من وقفة متأنية أمام المفردات اللغوية في الفتوي, فهي تلقي الضوء ساطعا علي مضمونها الخطير:
*مواطنون يحملون جنسية الدولة المسلمة*
* النزول علي حكم الشريعة *
لماذا ينكر الإخوان المسلمون إذن نيتهم في تطبيق الشريعة الإسلامية علي غير المسلمين؟! الشيخ الخطيب صارم في تحديده أن غير المسلم يحمل جنسية الدولة المسلمة, ولابد من نزوله علي حكم الشريعة, ولا يصح له أن يمارس سلوكا أي سلوكا يتنافي مع مبادئ الشريعة الإسلامية.
ويبدو الشيخ كأنة يقدم تنازلا ينم عن المرونة والتسامح عندما يقرر أن المسيحيين ليسوا مطالبين بالصلاة والزكاة والحج!, وسرعان ما يصل إلي الكارثة الحقيقية بإعفائهم أيضا- وكأنها مكرمة- من 'الجهاد'.
الكلمة الأخيرة بالغة الخطورة, فهي تعني- بلغة العصر ومفاهيم المواطنة - أن المسيحيين المصريين ليسوا مطالبين بأداء الخدمة العسكرية, فهي قاصرة علي المسلمين وحدهم! المفهوم عند الجميع أن الخدمة العسكرية 'الوطنية' حق لكل مصري وواجب عليه, ولا مجال للإعفاء منها إلا وفق شروط يحددها القانون لأسباب كثيرة لا علاقة لها بالدين. الإخوان المسلمون يحولون الخدمة العسكرية 'الوطنية' إلي واجب 'ديني' جهادي لا ينال المسيحيون شرف أدائه. وإذا لم يكن هذا الرأي الخطير هو اللعب بالنار, فأي شيء إذن يكون؟!
لقد حارب المصريون, المسلم والمسيحي, جنبا إلي جنب في 1948و1956و1973, وكان اللواء 'المسيحي' فؤاد عزيز غالي من أبطال حرب أكتوبر المرموقين, وفي الحروب السابقة. جميعا اختلطت دماء المصريين في سبيل تحرير هذا الوطن, لكن الإخوان لا يعترفون بالوطن والوطنية, ولا يتعاملون مع الآخر الديني علي أنه مواطن مصري, له حقوق المصريين وعليه واجباتهم. إنه مسلوب الحق في إقامة الكنائس, ومقيد فيما يلبسه ويأكله ويشربه, وممنوع من الدفاع عن وطنه!
الإخوان المسلمون مطالبون بالرد علي شيخهم أو تأييد أفكاره, فهل يوافقون علي أن أداء الخدمة العسكرية 'الجهاد' واجب علي المسلمين وحدهم؟لأنهم غير قادرين بالضرورة علي إنكار ما يمثل جزءا أصيلا من نسيج أفكارهم, فلا أقل من أن يتسلحوا بالشجاعة ويعلنوا علي الملأ أنهم ينظرون إلي المسيحي المصري علي اعتبار أنه مواطن من الدرجة الثانية, لا حقوق له ولا واجبات عليه.
*تسفيه عقائد الآخرين *
هل يليق الحديث عن أصحاب الديانات الأخري, وهم مواطنون مصريون يتمتعون بالأهلية ويدفعون الضرائب ويحاربون في سبيل الدفاع عن الوطن, بالاستهانة التي تتجلي في مقولة 'وعلي هؤلاء الناس'؟. وهل يليق أن ينتقل الشيخ إلي التهديد الصريح والتحريم الصارم بألا يعلنوا عن عقيدتهم؟ وكيف يعتبر المفكر الإخواني أن الوحدة الوطنية هي التنازل عن الدين, وأن التسامح هو بتجميد أحكام الدين؟. سيبادر ملايين المسلمين إلي إدانة الوحدة الوطنية ونبذ التسامح إذا كان هذا هو المعني المراد بهما. لماذا لا يعلنها الرجل في صراحة إذن أنه ضد الوحدة الوطنية والتسامح؟!
المقدمات تقود إلي النتائج, واشتعال الحرائق حتمي بعد هذا العبث والتلاعب وإطلاق صيحات الحرب.
ما الذي يريده الإخوان المسلمون؟ وما الذي يراد بمصر وشعبها إذا حكموا وتحكموا؟!
الفتوي التي بدأنا بها حديثنا عن 'حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام' ليست بالفعل الاستثنائي, الأمر بمثابة العقيدة الراسخة في فكر الإخوان المسلمين, وهم يتكئون علي التاريخ القريب ليبرهنوا علي صحة موقفهم المتعنت القائل بأن الأرض الإسلامية 'لا يجوز إحداث هذه الأشياء عليها'!.
دور العبادة المسيحية تتحول إلي 'هذه الأشياء', فيا له من تسامح, ويا له من خير عميم ينتظر المسيحيين المصريين, وينتظر الوطن, عندما يصل الإخوان المسلمون إلي السلطة, متسترين وراء شعارات التسامح الديني ونبذ العنف وإدانة الإرهاب ومنح الحرية الكاملة لغير المسلمين!.
إن موقف الإخوان من المسيحيين سياسي لا علاقة له بالدين, وهم لا يحتكرون الإسلام ولا يتحدثون باسمه, فما أكثر وأعظم العلماء المسلمين الذين يقدمون خطابا مغايرا مضيئا, يجسد ما يدعو إليه الإسلام الصحيح من تسامح وإخاء.
لا يتسع المجال هنا لتقديم الآراء المستنيرة المضادة المعبرة عن جوهر الرؤية الإسلامية, لكن من الضروري أن نشير في إيجاز إلي بعض هذه الرؤي والاجتهادات العصرية.
يقول فضيلة الإمام الأكبر المرحوم الدكتور محمد محمد الفحام, في حوار مع الأستاذ حسنين كروم, نشرته مجلة 'الهلال' في عدد سبتمبر سنة 1970: إن المسيحية واليهودية وغيرهما من الأديان السماوية دعت في أصولها إلي ما يدعو إليه الإسلام من توحيد الخالق عز وجل وإفراده بالإلوهية وأنه لا معبود - بحق - سواه.
ويضيف فضيلته: ورسول الله صلي الله عليه وسلم قد أوصي المسلمين بالمسيحيين وغيرهم من أهل الذمة فقال 'اتركوهم وما يدينون', وتوعد عليه الصلاة والسلام 'من آذي ذميا فقد آذاني' وقال صلي الله عليه وسلم 'من آذي ذميا فأنا خصمه يوم القيامة'.. ومن أجل ذلك فإن أصحاب الأديان الأخري لم يشعروا بالأمن والطمأنينة إلا في أحضان الإسلام. فالمسلمون وغير المسلمين في البلاد العربية والإسلامية يعيشون في مساواة تامة دون تفرقة أو تحيز بين هذا وذاك, وأعتقد أن إثارة مثل هذا الموضوع لا يخدم الحق ولا الصالح العام.
وبعد, فإن الناظر في أهداف الإخوان وأفكارهم, لا بد له أن يلحظ أنها ليست دينية ولا يمكن أن تكون, فهم سياسيون يراودون السلطة, ويتذرعون بكل الوسائل للوصول إليها, ولا يبالون في سبيل ذلك بالخسائر الفادحة التي تلحق بالأمة المصرية, الأمة التي يجتمع تحت لوائها المسلمون والمسيحيون دون تمييز.
**كلمة أخيرة :
عقب زيارة وفد جماعة الإخوان المسلمين لحزب التجمع, منذ ثلاثة أسابيع ماضية, التي تمت في إطار سعي الجماعة لتحسين صورتها, وقف د. محمد علي بشر عضو مجلس شوري الجماعة وعضو الوفد الزائر للتجمع, ليعلن بوضوح أمام جمهرة الصحفيين أن صوت المسلم للمسلم, وأن الإخوان لا يرشحون ولا يدعمون ولا ينتخبون في أي انتخابات عامة, سوي المسلم .. وهو تأكيد لما سبق أن أعلنه د. محمد حبيب في عام 1987 عندما رفض أن يأتي في قائمة مرشحين لمجلس الشعب وقتها يتقدمها القبطي الأستاذ جمال أسعد قائلا 'لا ولاية لقبطي علي مسلم' !!
0 comments:
إرسال تعليق