أيها الصليب المجتث من شجرة السقوط، والمرتفع إلى حد القيامة، والخلود!
كم كنت أود أن أكون من جنود الملكة هيلانة، وأنتشلك من تحت الركام!
وأن أكون في يوم اكتشافك المبارك،
واحداً ممن اشعلوا النار فوق قمم الجبال من أورشليم إلى روما،
اعلاناً، وفرحاً، وابتهاجاً بظهورك المجيد!
ولكن عزائي، أيها المشرئب نحو السماء،
وذراعيك تنفرجان لتعانقان أكبر عدد من البشر،
أن أراك مرفرفاً فوق اللجج الفاغرة،
فأري فيك سلم يعقوب، وشجرة الحياة في الفردوس!
وأرى فيك أطمئنان الحب، وسلامه، وهناءه، ومورده...
فتنبسط آمال المؤمنين تحت ظلالك الدافئة،
تشرب النور بألف فم وعين!
وتلمس بيدها الفداء العجيب!
وتتمتع بهوية تمتد إلى ما هو أبعد من الذات، والعائلة!
أيها المذبح المقدس!
يا من عصبتك النبوّات..
حتى آخر قطرة في كأس آلام المسيح.
وحتى آخر حرف في آخر كلمة من كلماته السبع المباركة.
إلى متى يركع عليك الطاهرون،
ويصلبون..
بايدي الاثمة المجرمين..
الذين لايعرفون أن اقتبال الصليب شرف، وكرامة.
وأن الذين ينزفون عليه لن يعيشوا على حافة الموت أبداً!
إلى متى يجهلك الذين جعلوا أنفسهم أنبياء كذبة على حياتهم،
فيهيلون على هالتك المضيئة والمشعة تراب التعصب الأعمى، والحقد الكفيف!
فلا يروا في تقاطع خطيك ليشمل الكون،
قطعاً لشرورهم وخطاياهم، وفي التقائهما مصالحتهم مع الله!
أيها العلم الإلهي المرفرف في سمائنا،
وفي قلوبنا،
وعلى صدورنا: علامة التقوى، والخشية، والفداء، والخلاص الأبدي..
اليوم آتي إليك ،
راكعاً تحت قاعدتك المضمخة بدم ذلك الذي انسدل شعره بخطوط اقتداره،
باسطاً يديه كجناحي نسر،
ليحمل كل مريديه،
ويرتفع بهم إلى العرش السماوي.
معلناً خضوعي لسلطانه، ومحبته..
وراسمك في كل مناسبة باسم الآب والابن والروح القدس..
ففيك تذوب الكراهية، ويحل محلها الحب والغفران.
وفيك ينتهي الكبرياء، وتظهر وداعة الحبيب الذي لم يفتح فاه.
وفيك ينتهي الخوف، ويحل محله حياة التسليم الكامل.
وفيك تنتهي كل طياشة، وترتفع إلى الأفكار السماوية!...
0 comments:
إرسال تعليق